ألمانيا تحظر نشاطات «حزب الله» على أراضيها

شرطة برلين داهمت مقرات جمعيات مرتبطة به... وتحذير من توقيف مؤيدين له

الشرطة أمام مدرسة جميعة الإرشاد خلال عملية الدهم في برلين (أ.ف.ب)
الشرطة أمام مدرسة جميعة الإرشاد خلال عملية الدهم في برلين (أ.ف.ب)
TT

ألمانيا تحظر نشاطات «حزب الله» على أراضيها

الشرطة أمام مدرسة جميعة الإرشاد خلال عملية الدهم في برلين (أ.ف.ب)
الشرطة أمام مدرسة جميعة الإرشاد خلال عملية الدهم في برلين (أ.ف.ب)

بعد 5 أشهر من تصويت البرلمان الألماني على قرار عدّ فيه «حزب الله» تنظيماً إرهابياً ودعا الحكومة إلى حظره، تحركت وزارة الداخلية الألمانية أمس وأصدرت قراراً بحظر نشاطات الحزب على الأراضي الألمانية. وتبعت القرار مداهمات في مدن ألمانية عدة شنها عشرات رجال الشرطة، استهدفت مساجد وجمعيات دينية مرتبطة بالحزب.
وقال المتحدث باسم شرطة برلين، تيلو كابلتز، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، من أمام «جمعية الإرشاد» في برلين، إن الشرطة تبحث عن «أدلة» في الداخل تثبت ارتباط القائمين على هذه الجمعية بـ«حزب الله». وداهم عشرات من عناصر الشرطة مبنى الجمعية في منطقة نيوكلن في برلين، وهي منطقة يعيش فيها عدد كبير من المهاجرين والعرب، واستمرت عملية المداهمة أكثر من 8 ساعات، كان يخرج فيها عناصر الشرطة حاملين صناديق أدلة بين فينة وأخرى.
وأشار المتحدث باسم شرطة برلين إلى أنه لم يتم اعتقال أحد أمس، إلا إن الاعتقالات قد تحصل في حال عثرت الشرطة على أدلة كافية خلال مداهماتها. وأضاف أن الشرطة داهمت 4 أماكن في العاصمة الألمانية، فيما نفذت الشرطة في 3 مدن أخرى؛ بريمن ومونستر ودورتموند، مداهمات منذ فجر أمس. وإضافة إلى «جمعية الإرشاد» في برلين، استهدفت المداهمات «جمعية المصطفى» في بريمن و«مركز الإمام المهدي» في مونستر، و«الجالية اللبنانية المهاجرة» في دورتموند. وتراقب المخابرات الألمانية الداخلية هذه الجمعيات الأربع منذ سنوات، وهو ما مهد لهذه المداهمات يوم أمس.
وقالت الداخلية إن الأماكن المستهدفة «يشتبه بأنها جزء من منظمة إرهابية بسبب دعمها المادي للحزب والدعاية التي يقومون بها لصالحه». وجاء أيضاً في بيان الداخلية أن «أنشطة (حزب الله) تخالف قوانين العقوبات وتتعارض ومفاهيم التفاهم والعيش بين الشعوب». وأضاف: «بما أن (حزب الله) منظمة أجنبية، فليس ممكناً حظر المنظمة وحلّها، ولكن بموجب مرسوم الحظر؛ فمن المحظور استخدام شعارات (حزب الله) في الأماكن العامة مثلاً في التجمعات أو في المواد الكتابية والتسجيلات الصوتية والمرئية». كذلك «سيتم حجز ممتلكات (حزب الله) ومصادرتها لصالح الحكومة الاتحادية».
وقال وزير الداخلية هورست زيهوفر لصحيفة «بيلد» إن الحزب يستخدم «الأراضي الألمانية لعملياته الإجرامية وللتخطيط لاعتداءات» في الخارج. كذلك تحدث عن تأثير كبير لقيادة «حزب الله» في لبنان على المؤيدين له في ألمانيا. ورداً على سؤال حول ما إذا كان قرار الحظر الآن سيعرض ألمانيا لخطر هجمات انتقامية، قال زيهوفر: «لا؛ لأن هدفهم إسرائيل وليس ألمانيا».
كما أشار وزير الخارجية هايكو ماس إلى إمكانية صدور مذكرات توقيف بحق أشخاص يشتبه بأنهم يجمعون أموالاً لصالح «حزب الله» أو أنهم منتمون إليه، في حال تمكنت الشرطة من الحصول على أدلة كافية خلال مداهماتها. وتقدر المخابرات الألمانية الداخلية أعداد عناصر «حزب الله» بنحو 1050 شخصاً، إلا إن العدد قد يكون أكبر لأن المخابرات تقول إن «مناصري الحزب عادة لا يدلون بآرائهم بشكل علني ويتحدثون بها فقط في وسائل التواصل الاجتماعي. كما أن الاجتماعات التي يعقدونها سرية، مما يصعب الحصول على أدلة تورط أشخاص معينين».
وفي الرياض؛ نوهت وزارة الخارجية السعودية بأهمية قرار الحكومة الألمانية في إطار جهود مكافحة الإرهاب إقليمياً ودولياً. وجددت التأكيد على المجتمع الدولي «بضرورة اتخاذ موقف مماثل لحفظ الأمن والسلم الدوليين، وتجنيب المنطقة والعالم شرور العمليات الإرهابية المزعزعة للأمن والاستقرار».
ورحبت الحكومة اليمنية، أمس، بقرار الحكومة الألمانية تصنيف «حزب الله» منظمةً إرهابية، وحظر أنشطته على أراضيها. وقالت وزارة الخارجية اليمنية في بيان إن «هذا القرار خطوة في الاتجاه الصحيح، كون ميليشيا (حزب الله) كغيرها من الميليشيات والأذرع الإيرانية؛ معاول هدم ودمار، وعوامل لزعزعة أمن واستقرار المنطقة والتدخل في شؤونها الداخلية خدمة للمشروع الإيراني».
وأضاف البيان أن «(حزب الله) لم يُخفِ تعاونه ودعمه لميليشيا الحوثي في اليمن على كافة المستويات، وهو بذلك شريك لها في جميع الجرائم التي ترتكبها بحق اليمنيين».
كذلك رحب السفير الأميركي في برلين ريتشارد غيرينل بقرار ألمانيا حظر «حزب الله»، وقال في بيان إن هذا القرار يعكس «إصرار الغرب على مواجهة التهديد العالمي الذي يمثله (حزب الله)». وأضاف: «لا يمكن السماح للحزب بأن يستخدم أوروبا ملاذاً آمناً لدعم الإرهاب في سوريا وفي الشرق الأوسط». ودعا الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة مماثلة لحظر «حزب الله» في جميع الدول الأوروبية.
من جهة أخرى، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بقرار الحكومة الألمانية، وطالب كل الدول المحبة للسلام بالامتناع عن تقديم أي مساعدة للحزب مباشرة أو غير ماشرة. وقال نتنياهو: «أرحب بوضع منظمة (حزب الله) الإرهابية خارج القانون. ألمانيا تنضم في هذا القرار إلى دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا ودول في أميركا اللاتينية التي اتخذت سابقاً هذه الخطوة».


مقالات ذات صلة

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.