في إطار التحالف العالمي العريض لضمان استمرارية التعليم، أصدرت منظمات تابعة للأمم المتحدة إرشادات جديدة لمساعدة الحكومات على اتخاذ قرارات في شأن فتح المدارس بأمان، وإتاحة عودة 1.3 مليار تلميذ وتلميذة تأثروا بعمليات الإغلاق بسبب وباء «كوفيد 19».
ويهدف التحالف الذي أنشئ في نهاية مارس (آذار) الماضي، ويضم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «الأونيسكو» وصندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» و«برنامج الأغذية العالمي» و«البنك الدولي»، إلى دعم الدول في توسيع نطاق أفضل لـ«حلول التعلم عن بُعد» ومساعدتها للوصول إلى الأطفال والشباب الأكثر عرضة للخطر. ومع توسع إغلاق المدارس، اتجهت العديد من الحكومات إلى تعميم «حلول التعلّم عن بعد» ومحاولة التغلب على الطابع المعقد لعملية توفيره لمواطنيها، بدءاً من تقديم المحتوى ودعم المدرّسين وانتهاءً بتقديم الإرشادات للأُسَر ومعالجة صعوبات الاتصال بالإنترنت.
وأصدرت هذه الهيئات الدولية، اليوم (الخميس) توجيهات لإعادة فتح المدارس، محذّرة من أن إغلاق المرافق التعليمية على نطاق واسع لاحتواء الجائحة «ينطوي على خطر غير مسبوق يحدق بتعليم الأطفال وضمان عافيتهم ورفاههم».
وقالت المديرة التنفيذية لـ«اليونيسف» هنرييتا فور إن «تزايد عدم المساواة وتردّي الأوضاع الصحية وتوّلد العنف وعمالة القاصرين وزواج الأطفال ليست سوى بعض التهديدات طويلة الأمد التي تحدّق بالأطفال بسبب انقطاعهم عن المدارس». وأضافت: «ما لم نضع إعادة فتح المدارس كأولوية، عندما يكون ذلك آمناً، فمن المحتمل أن نشهد انعكاساً مدمّراً في مكاسب التعليم».
وبما أنه في أشدّ البلدان فقراً، يعتمد الأطفال كثيراً على المدارس في الحصول على وجبة الطعام الوحيدة خلال اليوم، لفت المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي إلى أنه مع إغلاق الكثير من المدارس، فإن 370 مليون تلميذ ونلميذة يفوّتون هذه الوجبات ويفوّتون الحصول على الخدمات الصحية التي يحصلون عليها في المدارس مثل التطعيم. وقال: «عندما يُعاد افتتاح المدارس، فمن المهم استعادة برامج تقديم الطعام والخدمات الصحية».
وتحض المنظمات الأممية الحكومات على تقييم فوائد التدريس في الفصول المدرسية مقارنة بالتعلم عن بُعد، وعوامل الخطر المرتبطة بإعادة فتح المدارس. وعند إجراء هذه الحسابات، أشارت تلك المنظمات إلى أن الأدلة غير الحاسمة حول أخطار انتقال العدوى المتعلقة بالالتحاق بالمدرسة. ودعت المنظمات إلى وضع اتخاذ قرار بإعادة فتح المدارس أو إبقائها مغلقة كأولوية، وقالت المديرة العامة لـ«الأونيسكو» أودري أزولاي إنه «عندما يُمنح الضوء الأخضر على الجبهة الصحية، يجب وضع طائفة من الإجراءات لضمان ألا يتخلف أي طالب عن الركب». وأضافت: «نتشارك في هدف واحد: حماية الحق في التعليم لكل طالب وتعزيزه».
وفي ما يتعلق بالسياسات، توصي الإرشادات بوجود توجيهات واضحة تُعنى بفتح المدارس وإغلاقها أثناء الطوارئ الصحية العامة، وتوسيع نطاق الوصول العادل للأطفال المهمشين وغير الملتحقين بالمدارس، والجهود المبذولة لتوحيد ممارسات التعلّم عن بُعد. كما يُوصى بالتطرق إلى آثار كوفيد 19 على التعليم والاستثمار في أنظمة التعليم لتحفيز الانتعاش والمرونة.
الماء والصابون
في مجال السلامة، تنصح المنظمات بتوفير الظروف المناسبة للحد من انتقال الأمراض وتعزيز السلوك الصحي. وهذا يشمل الحصول على الصابون والمياه النظيفة لغسل اليدين بأمان ومعرفة البروتوكولات بشأن الحفاظ على التباعد الاجتماعي. كما تطرقت الإرشادات إلى الممارسات التي تعوّض عن الوقت التعليمي الضائع، وتعزز طرق التعليم الفعالة، والبناء على نماذج التعليم المطوّرة، وإيجاد طرق لضمان سلامة التلامذة وحمايتهم، بما في ذلك من خلال توفير الخدمات الأساسية في المدرسة مثل الرعاية الصحية.
وتمنح المبادئ التوجيهية الأولوية للمهمشين. فهي تغطي سبل توسيع سياسات وممارسات فتح المدارس إلى أولئك الذين يتم استبعادهم غالباً، حصةصاً النازحين والأطفال المهاجرين، من خلال إتاحة سبل التواصل المهمة بجميع اللغات ذات الصلة وبأشكال يسهل الوصول إليها.
وأكد المدير العالمي للتعليم في ـ«البنك الدولي» جيمي سافيدرا أنه «بمجرد أن تبدأ المدارس في إعادة فتحها، ستكون الأولوية لإعادة دمج الطلاب في الخدمات التعليمية للمدرسة بأمان وبطرق تسمح للطلاب بمتابعة الدروس». وأشار إلى أنه من أجل إدارة إعادة الافتتاح، ستحتاج المدارس لأن تكون مستعدة، وأن تكون القوى العاملة التعليمية جاهزة. ويتضمن ذلك وضع خطط خاصة لمساعدة الطلاب الأكثر حرماناً على استعادة تعليمهم.
في النهاية، يجب على المدارس أن تنظر في طريقة «إعادة فتحها بشكل أفضل». وتقول الوكالات إن المصالح الفضلى للأطفال، وبشكل عام، اعتبارات الصحة العامة، التي تستند إلى تقييم الفوائد والأخطار المرتبطة بالتعليم والصحة العامة والعوامل الاجتماعية والاقتصادية، يجب أن تكون محورية في هذه القرارات.
وانضمت إلى التحالف مجموعة واسعة من المنظمات، ومنها منظمة العمل الدولية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والاتحاد الدولي للاتصالات والشراكة العالمية من أجل التعليم وصندوق «التعليم لا يمكن أن ينتظر»، وغيرها من الجهات الممولة والفاعلة.