دعوات للالتزام بإجراءات الوقاية مع تجدد المظاهرات في لبنان

تردي الأوضاع الاقتصادية أجبر لبنانيين على اللجوء إلى التسول في طرابلس (إ.ب.أ)
تردي الأوضاع الاقتصادية أجبر لبنانيين على اللجوء إلى التسول في طرابلس (إ.ب.أ)
TT

دعوات للالتزام بإجراءات الوقاية مع تجدد المظاهرات في لبنان

تردي الأوضاع الاقتصادية أجبر لبنانيين على اللجوء إلى التسول في طرابلس (إ.ب.أ)
تردي الأوضاع الاقتصادية أجبر لبنانيين على اللجوء إلى التسول في طرابلس (إ.ب.أ)

مع تجدد التحركات الشعبية إلى الشارع اللبناني وبدء المرحلة الأولى من تخفيف إجراءات التعبئة العامة، ارتفعت الأصوات المحذرة من إمكانية عودة انتشار وباء «كورونا» مع التأكيد على ضرورة عدم تجاهل إجراءات الحماية اللازمة، وأكدت كل من نقابة الأطباء ونقابة الممرضين من أن لبنان لم يتخط مرحلة «كورونا» الحساسة كما أنه ليس هناك قدرة على مقاومة الوباء إذا عاد وتفشى.
جاء ذلك في وقت سجّل يوم أمس 4 إصابات جديدة، ثلاثة من المقيمين وإصابة واحدة من الوافدين، وذلك من أصل 1509 فحوصات أجريت في الـ24 ساعة الأخيرة، ما رفع العدد الإجمالي إلى 721 حالة.
وعبّر الدكتور عبد الرحمن البزري، عضو اللجنة الوطنية للأمراض المعدية التي تعمل مع وزارة الصحة، عن تخوفه من عودة انتشار وباء «كورونا» مع التظاهرات التي تجددت في لبنان، مؤكدا في الوقت نفسه أن هذا لا يعني الوقوف ضد التعبير عن الرأي إنما المطلوب هو الحرص على الحماية.
ويوضح لـ«الشرق الأوسط» «لا شك أن اللبناني بات اليوم يعيش صراعا بين خيار الموت من (كورونا) والموت من الجوع، لكن ما نطلبه منه أن يلتزم بالتوصيات عبر وضع الكمامة والقفازات بحيث يكون قادرا على حماية نفسه وعائلته من الوباء، ويبقى قادرا على المطالبة بحقوقه التي كان قد رفع الصوت لأجلها قبل انتشار الوباء وتفاقمت في مرحلة التعبئة العامة». ويضيف «مع مرحلة تخفيف الإجراءات، حيث لا يزال الخطر موجودا، باتت المسؤولية أكبر على المواطن فيما دور الدولة هو مراقبة مدى الالتزام، كي نستمر في السيطرة على الوباء التي قطعنا فيها شوطا كبيرا لكنها لا تزال تتطلب إجراء المزيد من الفحوصات اليومية».
والموضع نفسه كان يوم أمس محور مؤتمر صحافي لنقيب الأطباء شرف أبو شرف ونقيبة الممرضات والممرضين الدكتورة ميرنا ضومط، حيث تحدثا عن المخاطر الناجمة عن التجمعات التي تشهدها مختلف المناطق اللبنانية وخطر عودة انتشار فيروس «كورونا»، مشددين على ضرورة الالتزام بالإجراءات.
وجاء في بيان مشترك لهما «قد نجح لبنان من خلال تجاوب المواطنين مع التعبئة العامة والتوعية والوقاية والتجهيز، والدليل على ذلك أعداد الحالات التي أصيبت وعولجت وتبلغ حوالى 720 حالة، والوفيات القليلة وتبلغ 24 حالة. لكن نجاحنا لا يعني أننا تخطينا مرحلة المرض الحساسة».
وشدّد البيان أنه «ومع بداية مرحلة الانتقال مجددا وتدريجيا إلى الحياة الروتينية والطبيعية، على ضرورة المضي في تطبيق الإجراءات الوقائية، لأن عدم الالتزام يشكل خطرا ويهدد بعودة انتشار فيروس (كورونا) من جديد، ويطيح بنجاح الخطة التي اعتمدت للحفاظ على صحة المواطن، وعلى صحة أهلنا وأبنائنا أيضا».
وأوضح أن «العلاج يكمن باتباع التدابير الوقائية وتحاشي التجمعات، إذ لا قدرة لنا على مقاومة الوباء إذا عاد وتفشى بسرعة وبأعداد كبيرة»، داعيا «الجميع، مواطنين ومسؤولين وأحزابا وهيئات، الالتزام بوعي ومسؤولية، بالتقيد بتطبيق التدابير الوقائية وتحاشي التجمعات والاحتكاكات القريبة»، مؤكدا «نحن مع حرية إبداء الرأي شرط ألا يعرضنا ذلك إلى مخاطر صحية، ونحن نتحدث هنا علميا لا سياسيا». من هنا شدد البيان على «أن خطر (كورونا) لا يزال حاسما أمامنا وتداعياته السلبية تضاهي الوضع المعيشي والاقتصادي المأزوم. جميعنا مسؤولون عن هذا الوضع الخطير، لأنه إذا انفجر بشكل مفاجئ وسريع فسيجرف الجميع ولن يترك أحدا».
وفي كلمة لها شددت النقيبة ضومط «ما نطلبه هو موقف علمي لا سياسي، وإبداء الرأي يحفظه الدستور»، داعية الجميع إلى وضع الكمامات والقفازات والتزام المسافات الآمنة»، وقالت: «إذا عاد وباء (كورونا) بأعداد كبيرة فنحن غير قادرين على إنقاذ حياتكم. صحة المجتمع اللبناني بأيديكم. نطلب منكم التعاون».
وتشهد مناطق لبنانية عدة في الأيام الأخيرة عودة للتحركات الشعبية احتجاجا على الأزمة المعيشية الصعبة وغلاء الأسعار غير المسبوق مع فوضى ارتفاع سعر صرف الدولار، الذي ترافق مع صرف آلاف الموظفين او اقتطاع جزء من رواتبهم.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.