بن جعفر لـ («الشرق الأوسط»): نجحت رئيسا للبرلمان.. والترويكا أوصلت تونس لبر الأمان

أكد أن الاستقطاب الثنائي والمال السياسي يشكلان خطرا على الانتخابات

مصطفى بن جعفر رئيس البرلمان التونسي
مصطفى بن جعفر رئيس البرلمان التونسي
TT

بن جعفر لـ («الشرق الأوسط»): نجحت رئيسا للبرلمان.. والترويكا أوصلت تونس لبر الأمان

مصطفى بن جعفر رئيس البرلمان التونسي
مصطفى بن جعفر رئيس البرلمان التونسي

قال مصطفى بن جعفر، رئيس البرلمان التونسي (المجلس الوطني التأسيسي) وأحد المرشحين للانتخابات الرئاسية التي تشهدها تونس الأحد المقبل، إنه نجح رئيسا للبرلمان بفضل حسن إدارته للأزمات التي شهدها المجلس في السنوات الـ3 الماضية، كما أكد لـ«الشرق الأوسط» أن حكومة الترويكا التي كان حزبه (التكتل) جزءا منها إلى جانب حركة «النهضة» وحزب «المؤتمر»، الذي كان يترأسه المنصف المرزوقي، نجحت في إيصال تونس إلى بر النجاة.
وحول الانتخابات الرئاسية الحالية انتقد بن جعفر بشدة ما وصفه بـ«خطر» المال السياسي، وشيطنة الآخر الذي اعتبر أنها قد تؤدي لعواقب أمنية خطيرة، مثل تقسيم المجتمع إلى قسمين، وقال إن على المرشحين التركيز على أولويات وحاجيات البلاد، وأهمها، حسب رأيه، المشكلات الاجتماعية والبطالة التي تعد الهم الأول للمواطن التونسي.
«الشرق الأوسط» التقت رئيس البرلمان التونسي والمرشح للرئاسة مصطفى بن جعفر في تونس، وكان لها معه هذا الحوار:
* ما الأولويات التي تحتاج إليها تونس اليوم حسب رأيكم؟
- تونس تحتاج اليوم إلى لم شملها والخروج من الانقسامات المفتعلة، لأن الدستور حل المشكلات التي كانت تبدو عويصة ووقع استغلالها إلى أبعد الحدود: مسألة الهوية، وضمان الحريات، واستقلالية المؤسسات التي ستؤسس للحرية، لكن تبقى المسألة الرئيسة هي المشكلات الاجتماعية التي أعتبرها التحدي الأكبر، لأنها تشكل تطلعات المواطنين على كل المستويات، وخاصة الطبقة الوسطى والفقيرة، ولأنها تمس شرائح من المجتمع التونسي. الناس ينتظرون حلولا لهذه المسائل، بعد أن اطمأنوا على مسألة الحريات، ويمكن ضمان التقدم في هذا الاتجاه إذا وفقنا في جمع صفوفنا، والاتفاق على استراتيجية للتقسيم لتوظيفها والاستفادة منها انتخابيا.
* طرحت في هذه الفترة، وخاصة في الحملة الرئاسية، ظاهرة الاستقطاب الثنائي، التي أثارت جدلا بين المرشحين ومختلف الأطياف السياسية في تونس، وأنتم شخصيا تحدثتم عنها في أكثر من مناسبة، ما المشكل في الاستقطاب الثنائي؟
- الاستقطاب الثنائي ظاهرة تكونت وبدت سطحية، لأن شقا من الأطراف السياسية اعتبر واقتنع وعمل على إقناع الشعب التونسي اليوم بأن هناك خطر العودة إلى العصور البدائية.. وهذا خطر افتراضي وغير حقيقي إطلاقا، والغاية منه جلب الأصوات، ورأينا نتيجة تجربة ذلك في الانتخابات النيابية، حيث فاز حزبان أحدهما يتقدم نسبيا على الثاني، وبقية الأحزاب والعائلات الفكرية والسياسية، التقدمية منها والمعتدلة أو الاجتماعية، محيت تماما من الخريطة السياسية، أو بقي بعضها لكن بتمثيل ضعيف جدا. وهذا يشكل خطرا بالنسبة للتوازنات الاجتماعية وللاستقرار في البلاد، والطبقة المعتدلة التي تؤمن بالإسلام المستنير وتريد مواطن الشغل المضمونة، هي التي تمثل فعليا الأغلبية الساحقة في المجتمع التونسي، وهي مغيبة كليا في الانتخابات، لأن الذي حكم هو التصويت على الخوف، بمعنى التخويف من الآخر، حيث استعمل هذا الأسلوب في الانتخابات التشريعية الشهر الماضي، وهو يستعمل الآن في سباق الرئاسيات، وهو أسلوب ملخصه أنه «إذا لم تصوت لي فإنك تصوت للشيطان».
* تتردد في تونس اليوم عبارة «التصويت المفيد»، وهذا شيء جديد لم يشهده العالم العربي من قبل، ولا تشهده الدول الغربية الحديثة أيضا.. لماذا التوجه إلى هذا الخيار؟ أو لماذا يتم توجيه الشعب في هذا الاتجاه؟
- لأن الديمقراطية في تونس في بدايتها، وبدا أنه من مصلحة البعض التوجه في هذا الاتجاه، وخطر استعمال التصويت المفيد أضر ببعض الأحزاب التي كانت في حكومة الترويكا مثلا، مثل حزب التكتل (الحزب الذي تزعمه بن جعفر قبل الوصول لرئاسة البرلمان ووصل للمشاركة في الحكم بفوز حزبه في انتخابات تونس 2011)، والتي تراجعت بشكل كبير في انتخابات الشهر الماضي.
* ألا ترى أن استعمال طريقة «التصويت المفيد» ستؤدي بالتأكيد إلى تقسيم الخريطة السياسية إلى قوتين كبيرتين، وبالتالي سينعكس هذا على المجتمع التونسي الذي سينقسم إلى قوتين: واحدة ليبرالية أو علمانية وأخرى إسلامية؟
- هذا الانقسام موجود في البلدان الديمقراطية العريقة، لكن على أساس برامج ومشاريع، لكن في تونس ليس موجودا على أساس برامج ومشاريع، بل على أساس التخويف من الآخر، بمعنى كأنه تهديد أو تحذير شديد اللهجة مفاده: إذا لم تصوت لي فإنك ستأخذ البلاد نحو الكارثة، وهذا خطر.
الآن إذا وجدت نقاشا مثلا بين حزب المحافظين في بريطانيا وحزب العمال فإنه يكون حول البرامج، والبرامج البديلة، وإمكانيات تفعيلها، لكن ليس هناك خطاب تخويف من الآخر لدرجة أن تتحول الأمور إلى حرب أهلية.
* ذكرتم في المؤتمر الصحافي الذي عقد أول من أمس في تونس أنكم لن تغضبوا حركة «النهضة»، ولا حزب «نداء تونس»، وكأن في خطابكم هذا طلب ودهم والبحث عن رضاهم؟
- لا، أنا لم أقصد هذا بشكل مباشر، لكن ما أردت قوله هو أني سأجمع بين الحزبين إذا وصلت للرئاسة، وأنا لم أقصد أني أتوجه للأحزاب، لكن أردت القول إني منفتح لمؤيدي الحزبين، ولا أريد التصادم مع أي طرف كان، وقد سبق أن أثبت هذا في تجربة التصويت على الدستور، ولكم أن تتساءلوا كيف نجحت بوصفي رئيس برلمان في جمع توافق 200 صوت صوتوا لصالح الدستور التونسي. فكيف فعلت ذلك؟ هل سحرتهم؟ بالتأكيد لا، أنا نجحت في جمعهم بإدارة نقاشات بيننا، ولجنة التوافقات عقدت 50 جلسة للتوصل لتوافقات، وفي آخر الأمر صادقنا على الدستور بهذه النسبة التي تكاد تكون إجماعا.
الأسلوب نفسها والطريقة نفسها، وإقامة جلسات عمل ونقاش، هذا ما أطمح إليه في منصبي إذا توصلت للرئاسة، أنا أرى أنه ليس من المصلحة تقسيم التونسيين، بل أرى في هذا خطرا يهدد مصلحتهم، ويهدد حتى الاستقرار الاجتماعي ككل.
* بدأ في تونس جدل كبير خلال الانتخابات التشريعية التي جرت الشهر الماضي حول ظاهرة المال السياسي، وأصبحت الظاهرة أكثر انتشارا في الحملة الانتخابية الرئاسية. هل هذا يعني أنه من السهل شراء التونسي؟
- لا.. مرة أخرى أؤكد أننا ما زلنا في الخطوات الأولى للديمقراطية، التي ما زالت بعيدة عن ثقافة التونسيين، ونحن ما زلنا في بداية الممارسات، صحيح أننا عشنا التجربة في انتخابات 2011 في السياسة، لكن كانت تجربة مختلفة لأن الاستقطاب السياسي وفكرة الانقسام لم تتبلور بالقوة التي ظهرت في السنوات الأخيرة، كما أن الجماهير لم تكن تتمتع بالتكوين السياسي من قبل، وكذلك الشرائح الكبيرة الفقيرة، وكان هناك نحو 700 ألف من الشبان نصفهم من حاملي الشهادات في حالة بطالة، وهذا الوضع الهش فتح المجال لمثل هذه الممارسات الغريبة. لكن اللوم ليس على الشعب الذي يبيع صوته.. اللوم الحقيقي يقع على من يعرض أموالا لشراء الأصوات، وعلى الذين يمتلكون أيضا آليات الترغيب والترهيب، وهنا يأتي دور المؤسسات المشرفة على سير الانتخابات، مثل الهيئة العليا للانتخابات للقيام بدورها، والتشهير بهؤلاء، وكذلك الاستفادة من هذه التجربة لتدارك الثغرات القانونية التي فتحت المجال لمثل هذه الممارسات، ولا أرى حلولا أو خيارات أخرى.
لقد قبلنا بأن البناء الديمقراطي يتطلب قاعدة متينة، لكن ذلك يتم بتدرج، وهذه من أهم الدوافع التي دفعتني للترشح للرئاسة، لأني مقتنع بأن من يكون على رأس الدولة يجب أن يتمتع بروح الديمقراطية وفهم متطلبات المسار، وليست الأمور مجرد شكليات، بل هي أخلاق وثقافة وممارسة.
* من خلال تجربتكم في البرلمان التونسي وكجزء رئيس في حكومة الترويكا، ما أهم الصعوبات التي واجهت عملكم بوصفكم حكومة تشاركية؟
- المناخ العام الذي خلق لم يكن جيدا، وليس ذلك بسبب وجود المعارضة أو عملها، فعلى العكس من ذلك هذا صحي ومطلوب، لكني أتحدث عمن حاولوا شيطنة الآخر، فالترويكا تعرضت لعملية شيطنة، وهذا ما أربك عملها، والنتيجة كانت حدوث التوترات التي بلغت أشدها في صيف 2013 مباشرة بعد اغتيال الحاج محمد البراهمي، وهو زميل ونائب في البرلمان من نواب الشعب، وهذه المشكلة الأساسية التي جعلتنا نعمل بشكل متقطع ومن دون استرسال. لقد مررنا بفترات كانت تهدد حتى استقرار المؤسسة (البرلمان)، حيث طالب عدد من النواب بحل المجلس الوطني التأسيسي، وصمدنا ثم انتبهنا إلى أن التوتر سيؤدي إلى التصادم، وقد علقت أعمال المجلس لنحو شهر، ثم رجعنا بشكل تدريجي للعمل، وخلال ذلك الشهر حاولنا فتح قنوات حوار بين الأطراف المتنازعة، وأنقذنا تونس من السيناريو المصري، ومن أزمة كبيرة كان من الممكن أن تقضي على المسار الديمقراطي برمته.
* يبدو من كلامكم أن المشكل لم يكن داخل أطراف الترويكا وفيما بينكم، لكن كان من أطراف خارجية.
- بالطبع، المشكل الأساسي من الخارج، وكل شيء نسبي، والمحاسبة في السياسة تكون بالنتائج، واليوم يمكن القول إن تونس نجحت في المرور من هذه المرحلة الانتقالية الدقيقة جدا في تاريخ الشعوب بأقل التكاليف، وهذا توصلنا إليه لأننا حققنا نسبة من الانسجام في الفريق الحكومي، ثم لأن «النهضة» وهو الحزب الأقوى في الفريق الحكومي قام في وقت من الأوقات بتقييم الوضع بحكمة، مما دفعه للتخلي عن الحكومة لصالح التكنوقراط، وهذا شيء غير عادي، رغم أن له أغلبية في مجلس الشعب كان يمكن أن تسنح له بالمواصلة إلى آخر المطاف، لكنه أخذ بعين الاعتبار الوضع الإقليمي والوضع الدولي. والنجاح يعود للتشكيل الحكومي، وكما هو معروف فإن تشكيل حكومة ائتلافية يعد من أصعب الأمور حتى في الدول الأكثر ديمقراطية؛ فالتسيير ليس سهلا، لكن كنا متوافقين بيننا على أن من مصلحة تونس السير إلى الأمام حتى نصل بالمركب إلى ساحل النجاة، وقد وصلنا والحمد لله لبناء مؤسسات نتمنى ألا يقع التشكيك فيها. وأرى أني نجحت في أداء دور الحكم وساعدت في الخروج من الأزمات.



تشديد سعودي على إنهاء التوتر وعودة الاستقرار في شرق اليمن

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)
رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)
TT

تشديد سعودي على إنهاء التوتر وعودة الاستقرار في شرق اليمن

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)
رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)

شدّدت السعودية على ضرورة إنهاء التوتر في شرق اليمن، بعد التحركات العسكرية الأخيرة التي قام بها «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتي حضرموت والمهرة.

وقال اللواء محمد القحطاني، الذي كان على رأس وفد سعودي، زار حضرموت، إن المملكة التي تقود تحالف دعم الشرعية تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحلّ الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها في شرق اليمن. وأكّد اللواء القحطاني «موقف السعودية الثابت تجاه اليمن ومحافظة حضرموت وفرض التهدئة، ودعم الأمن والاستقرار، ورفض أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو إدخال المحافظة في دوامة صراعات جديدة».

وجدّد القحطاني التأكيد على موقف الرياض بخصوص «خروج جميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها».

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن اللواء القحطاني أنه «خلال زيارة الوفد الحالية لحضرموت، تم الاتفاق على مجموعة متكاملة من الإجراءات لدعم الأمن والاستقرار والتهدئة مع جميع الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي». وأوضح أن قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع.


تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

على خلفية التحركات العسكرية الأخيرة التي قام بها «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن، أكد رئيس الوفد السعودي الزائر لحضرموت اللواء محمد القحطاني، أن المملكة التي تقود تحالف دعم الشرعية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن الوفد السعودي وصل إلى مديريات الوادي والصحراء، بعد استكمال اجتماعاته في مدينة المكلا ومديريات الساحل، حيث كان في استقباله محافظ حضرموت سالم الخنبشي، وعدد من وكلاء المحافظة، ووجهاء وأعيان ومشايخ وادي وصحراء حضرموت.

وطبقاً لما أوردته وكالة «سبأ» الحكومية، رحب المحافظ الخنبشي بالوفد السعودي، وقال،«إن الزيارة جاءت لتضيف دعامة لأواصر الأخوة والقربى والجوار والعقيدة التي تجمع اليمن بالمملكة»، معولاً على هذه الزيارة في دعم حضرموت وسلطتها المحلية للتخفيف من معاناة المواطنين في المجالات الخدمية والاقتصادية والأمنية.

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)

وفي كلمة له أمام جمع كبير من مشايخ وأعيان ووجهاء وقيادات مديريات الوادي والصحراء، أكد رئيس الوفد السعودي، اللواء الدكتور القحطاني، «موقف السعودية الثابت تجاه اليمن ومحافظة حضرموت وفرض التهدئة، ودعم الأمن والاستقرار، ورفض أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو إدخال المحافظة في دوامة صراعات جديدة».

وجدد المسؤول السعودي، استمرار موقف الرياض بخصوص «خروج جميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها».

وأكد القحطاني، رفض أي محاولات تعيق مسار التهدئة، وقال: «إن حضرموت ركيزة وأولوية أساسية للاستقرار وليست ساحة أو ميداناً للصراع، وإن حضرموت لديها كوادر مؤهلة من أبنائها لإدارة شؤونها ومواردها، ويجب أن تُدار عبر مؤسسات الدولة الرسمية ممثلة بالحكومة والسلطة المحلية».

مصفوفة متكاملة

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن اللواء القحطاني، أنه «خلال زيارة الوفد الحالية لحضرموت، تم الاتفاق على مصفوفة متكاملة من الإجراءات لدعم الأمن والاستقرار والتهدئة مع جميع الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي».

وأكد القحطاني، أن قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وأشار، إلى أن السعودية «تربطها علاقات أخوية تاريخية مع اليمن بأكمله، وأن القضية الجنوبية قضية عادلة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها؛ فهي موجودة في مخرجات الحوار الوطني اليمني، وحاضرة في أي تسوية سياسية قادمة ضمن السعودية، والإمارات لدعم الحل السياسي الشامل في اليمن».

حشد في عدن من أنصار «المجلس الانتقالي» المطالب باستعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)

وأعلن القحطاني، أنه تم التوصل مع أطراف السلطة المحلية، وحلف قبائل حضرموت، «إلى صيغة مبدئية لضمان استمرار تدفق إنتاج النفط في بترومسيلة، وعدم تعطيل مصالح الناس، وتحييد مواقع النفط بعيداً عن الصراع، من خلال خروج القوات المسيطرة الموجودة حالياً في بترومسيلة، على أن تحل محلها قوات حضرمية تحت إشراف مباشر من السلطة المحلية بالمحافظة بما يضمن تطبيع الحياة».

دعوة أممية

وعلى وقع التطورات التي شهدتها حضرموت والمهرة في الأيام الماضية، أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارة إلى الرياض والتقى وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، وسفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر، وسفير الإمارات لدى اليمن محمد الزعابي، وممثلين عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى جانب عدد من الدبلوماسيين.

وحسب بيان لمكتب المبعوث، ركّزت الاجتماعات على التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة، مع الإشارة إلى أن المنطقة الشرقية من اليمن تُعدّ منطقة حيوية سياسياً واقتصادياً.

وفي حين شدد المبعوث الأممي، على ضرورة «ممارسة جميع الأطراف الفاعلة ضبط النفس وخفض التصعيد عبر الحوار»، أكّد على ضرورة الحفاظ على «مساحة للنقاش بين الأطراف اليمنية؛ دعماً للاستقرار وبما يخدم مصلحة الشعب اليمني».

وخلال لقاءاته، جدد غروندبرغ، التزامه بمواصلة العمل مع الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية؛ لدعم خفض التصعيد، وتعزيز آفاق التوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية للنزاع في اليمن.

في السياق نفسه، ذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن وزير الخارجية وشؤون المغتربين، شائع الزنداني، التقى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، وجدد له دعم الحكومة اليمنية الكامل للجهود الأممية، مؤكّداً استعداد الحكومة للتعاون مع الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي بما يسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية، وتعزيز الأمن والاستقرار».

وتناول اللقاء - بسب المصادر الرسمية - التطورات المرتبطة بالاجتماع الخاص بمفاوضات تبادل الأسرى والمحتجزين، حيث شدّد الوزير الزنداني، على «أهمية إحراز تقدم ملموس في هذا الملف الإنساني، وضرورة الالتزام بما يتم الاتفاق عليه، بما يضمن إطلاق سراح جميع الأسرى والمحتجزين دون استثناء».

توالي البيانات الدولية

وبعد بيانات أميركية وبريطانية وفرنسية وألمانية تدعو إلى التهدئة، وتعزيز الاستقرار في اليمن، أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي، «دعمها لمجلس القيادة الرئاسي، والحكومة اليمنية في الجهود المبذولة لتعزيز الأمن والاستقرار».

وثمنت البعثة في تغريدة على منصة «إكس»،«الإيجاز الشامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، حول التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة»، مشددة على ضرورة «تسوية الخلافات السياسية بالوسائل السياسية من خلال الحوار».

ورحبت البعثة، بجميع الجهود الرامية إلى خفض التصعيد من خلال الوساطة، مجددة وقوف الاتحاد الأوروبي إلى جانب الشعب اليمني، «ومشاركة تطلعاته في الحرية والأمن والازدهار».

وكان العليمي، عقد اجتماعاً في الرياض، مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، وأطلعهم على آخر الأحداث السياسية، والميدانية، بخاصة ما شهدته المحافظات الشرقية من تطورات وصفها بأنها «تشكل تقويضاً للحكومة الشرعية، وتهديداً لوحدة القرار الأمني، والعسكري، وخرقاً لمرجعيات العملية الانتقالية».

وأكد العليمي، أن «أحد المسارات الفعالة للتهدئة يتمثل في موقف دولي موحد، واضح وصريح، يرفض الإجراءات الأحادية، ويؤكد الالتزام الكامل بمرجعيات المرحلة الانتقالية، ويدعم الحكومة الشرعية بصفتها الجهة التنفيذية الوحيدة لحماية المصالح العليا للبلاد».

كما جدد التأكيد، على أن «موقف مجلس القيادة الرئاسي واضح من تجاربه السابقة، بعدم توفير الغطاء السياسي لأي إجراءات أحادية خارج الإطار المؤسسي للدولة، متى ما توفرت الإرادة الوطنية، والإقليمية، والدولية الصادقة».


غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)

بالتوازي مع تنديد الأمم المتحدة بإحالة الحوثيين موظفين يمنيين في المنظمة الدولية إلى المحاكمة، شدّد مسؤولون في الحكومة اليمنية على توسيع التنسيق العسكري لمواجهة الجماعة المدعومة من إيران، وتعزيز حضور مؤسسات الدولة، وتحسين البيئة التشغيلية للمنظمات الإنسانية.

وفي هذا السياق، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ إزاء استمرار الحوثيين في احتجاز 59 من موظفي الأمم المتحدة، إلى جانب عشرات العاملين في منظمات غير حكومية، ومؤسسات مجتمع مدني، وبعثات دبلوماسية.

وفي البيان، الذي ورد على لسان ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام، ندد غوتيريش بإحالة الموظفين الأمميين إلى محكمة جنائية خاصة تابعة للحوثيين، عادّاً الخطوة «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ولحصانة موظفي الأمم المتحدة، بمن فيهم المواطنون اليمنيون، تجاه أي إجراءات قانونية مرتبطة بمهامهم الرسمية».

وأشار البيان إلى أن هؤلاء الموظفين «يُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، بعضهم منذ سنوات، من دون أي إجراءات قانونية واجبة». ودعا سلطات الحوثيين إلى «التراجع الفوري عن هذه الإحالة، والإفراج عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

سجناء في صنعاء أمرت محكمة حوثية بإعدامهم بتهمة «التخابر» (إ.ب.أ)

كما جدد تأكيد التزام الأمم المتحدة «بمواصلة دعم الشعب اليمني، وتقديم المساعدة الإنسانية رغم التحديات المتصاعدة» في مناطق سيطرة الحوثيين.

وفي سياق متصل، رحّبت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة اليمنية، بقرار منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) نقل مقرها الرئيسي من صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وأوضحت الوزارة في بيان، أن الخطوة تأتي استجابة لدعواتها المتكررة التي طالبت خلالها بنقل مقار المنظمات الدولية والأممية من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، «حفاظاً على سلامة كوادرها وضماناً لعدم خضوعها للابتزاز أو العرقلة».

وأكد البيان أن القيادة الحكومية، ممثلة في وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد الزعوري، «ستوفر كل أشكال الدعم والتسهيلات لتمكين (اليونيسيف) من أداء مهامها بفاعلية أكبر من مقرها الجديد».

تعزيز الجهود العسكرية

وإلى ذلك، شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، اجتماعاً بين عضو «مجلس القيادة الرئاسي» عبد الرحمن المحرمي ووزير الدفاع محسن الداعري. ناقشا خلاله «مستجدات الأوضاع العسكرية في مختلف الجبهات، ومستوى الجاهزية القتالية، وانضباط الوحدات العسكرية، إضافة إلى جهود الوزارة في مجالات التدريب والتأهيل ورفع القدرات الدفاعية»، وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وفي حين نقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن الداعري تأكيده أن القوات المسلحة «تعمل بتناغم وانسجام كاملين في مواجهة الحوثيين»، شدد المحرمي، على «ضرورة تعزيز التنسيق بين التشكيلات العسكرية، وحشد الطاقات نحو العدو المشترك، باعتبار ذلك أساسياً لحماية الأمن والاستقرار في المناطق المحررة».

عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اليمني عبد الرحمن المحرمي مع وزير الدفاع محسن الداعري (سبأ)

ومن مأرب، بعث عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اللواء سلطان العرادة، برسالة وطنية جامعة خلال لقاء موسع ضم أعضاء من مجلسي «النواب» و«الشورى» ومحافظين ومسؤولين ووجهاء من مختلف المحافظات.

وأكّد العرادة أن اليمن «يعيش لحظة فارقة تتطلب رصّ الصفوف وتعزيز التلاحم الوطني». وقال في كلمته: «إن ما يجمع اليمنيين هو إيمانهم الراسخ بأن اليمن لا يُهزم ولا يموت، وأن أبناءه يجددون دائماً قدرتهم على الصمود رغم العواصف» التي تمر بها البلاد.

وأشار العرادة إلى أن التجارب التي مرت بها البلاد «رفعت منسوب الوعي الشعبي بأهمية الدولة وضرورة حماية مؤسساتها»، مؤكداً أن «استعادة مؤسسات الدولة من ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران تُمثل اليوم أولوية وطنية لا بديل عنها».

وشدد على أن «الدفاع عن الوطن مسؤولية مشتركة لا تخص محافظة بعينها، بل هي واجب يتحمله جميع اليمنيين دون استثناء، وأن طريق النصر، وإن بدا طويلاً، يظل واضحاً لمن يمتلك الإرادة والعزيمة ووحدة الهدف».