توقعات بإعلان فترة انتقالية وهيكل تنفيذي مؤقت في ليبيا

وسط ترقب لخطوة حفتر وتفاصيل المرحلة المقبلة

ليبيون يقتنون مواد غذائية لشهر رمضان في سوق شعبية بطرابلس (أ.ف.ب)
ليبيون يقتنون مواد غذائية لشهر رمضان في سوق شعبية بطرابلس (أ.ف.ب)
TT

توقعات بإعلان فترة انتقالية وهيكل تنفيذي مؤقت في ليبيا

ليبيون يقتنون مواد غذائية لشهر رمضان في سوق شعبية بطرابلس (أ.ف.ب)
ليبيون يقتنون مواد غذائية لشهر رمضان في سوق شعبية بطرابلس (أ.ف.ب)

تترقب ليبيا إعلانا وشيكا من المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني»، حول تفاصيل المرحلة المقبلة، وسط استمرار ردود الفعل محليا وإقليميا ودوليا إزاء إعلانه قبول «التفويض الشعبي» لتولي السلطة، وأيضا وسط تساؤلات حول مصير حكومة «الوفاق» المعترف بها دوليا في العاصمة طرابلس، برئاسة فائز السراج، التي احتجت أمس على تحليق طائرتين فرنسيتين في مدينة مصراتة (غرب).
وقالت مصادر مطلعة إنه من المقرر أن يعلن حفتر في بيان رسمي، لاحقا، عن إنشاء هيكل تنفيذي جديد، ممثل في مجلس يترأسه، ويتولى السلطة ضمن مرحلة انتقالية قد تستغرق عامين على أقل تقدير. مشيرة إلى أن إعلان حفتر سيقضي بانتهاء ولاية حكومة السراج باعتبارها غير شرعية، ولم تنل موافقة مجلس النواب الذي يوجد مقره في مدينة بنغازي (شرق)، لكن سيتم الإبقاء عليه إلى حين إجراء انتخابات برلمانية جديدة.
وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، أن حفتر سيطلب من المجتمع الدولي الاعتراف بالمرحلة الجديدة، باعتبارها الصوت الرسمي الوحيد المعبر عن الشعب الليبي.
واستبق عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي المؤيد لحفتر، خطوته المقبلة بالتأكيد على أن قبول حفتر لتفويض الشعب لإدارة البلاد «عملية يجب أن تُدرس جيداً». لكنه تساءل في المقابل عن كيفية التوافق على الآلية الجديدة، وقاعدتها الدستورية، معتبرا أنه «لا بد من دراسة فكرة قيام قوات الجيش بعمل الدولة خلال الفترة المقبلة دراسة جيدة لكي يتم تطبيقها».
من جانبه، بشر اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني، بما وصفه بـ«عصر جديد ستشهده البلاد» مشيرا إلى إعلان يتوقع صدوره من حفتر خلال ساعات، أو أيام قليلة لتحديد ملامحه.
ويبدو أن حفتر ينتظر دعم المجتمع الدولي لخطوته المرتقبة، حيث قال المسماري في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس: «ننتظر من الجميع أن يكون لديهم قدر من المسؤولية، سواء الأشقاء العرب أو الأمم المتحدة، أو المتتبعين للشأن الليبي. فهذا عصر جديد ينطلق، وسينقل البلاد من الدمار والخراب إلى التنمية والإعمار والإصلاح». مبرزا أن خريطة الطريق ستتضمن فترة انتقالية، وملمحا إلى الإبقاء على مجلس النواب، بعدما لفت إلى أن حفتر لم يتطرق للمجلس، أو للإعلان الدستوري المعمول به.
كما قلل المسماري من أهمية اعتراض بعض العواصم على خطوة حفتر، موضحا أن «المشير وجه كلمته للشعب الليبي وليس للمجتمع الدولي، ونحن لا نريد موافقة أو رفضا من أي دولة أخرى، بل النظر بعين الحقيقة وتأييد الرغبة الشعبية»، مشيرا إلى مظاهرات تأييد محتملة لحفتر في كل مدن المنطقتين الشرقية والجنوبية.
في غضون ذلك، احتجت وزارة الخارجية بحكومة السراج، رسميا، لدى فرنسا بعد تحليق طائرتين في سماء مدينة مصراتة، الواقعة على بعد 200 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس. وأعربت وزارة الخارجية في بيان لها أمس عن «انزعاجها وتسجيل احتجاجها لدى الجانب الفرنسي من وجود طائرة (رافال)، وطائرة (تزويد وقود) في سماء مدينة مصراتة ومنطقة أبو قرين (على بعد 120 كلم جنوب مصراتة)، دون أخذ الأذونات اللازمة من السلطات المحلية».
ونقلت عن الخارجية الفرنسية أنها ستتواصل مع وزارة الدفاع الفرنسية، وستبلغ طرابلس بخلفيات الموضوع ونتائجها، من دون الكشف عن أي تفاصيل تتعلق بمكان وتاريخ الحادث.
وفى إطار ردود الفعل إزاء إعلان حفتر قبوله «تفويضا شعبيا» لإدارة شؤون البلاد، وإيقاف العمل باتفاق السلام، الذي وقعه الأفرقاء الليبيون في 17 من ديسمبر (كانون الأول) عام 2015 بمدينة الصخيرات المغربية، وتشكلت بموجبه حكومة السراج، رأت فرنسا أن الصراع في ليبيا لا يمكن حله من خلال القرارات المنفردة، وإنما من خلال حوار تدعمه الأمم المتحدة. وقال أوليفييه جوفين، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان لم يشر بشكل مباشر إلى حفتر، إنه «لا يمكن التوصل لحل للصراع الليبي إلا من خلال الحوار بين الأطراف، تحت رعاية الأمم المتحدة، وليس من خلال القرارات المنفردة».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.