مشاهير «إنستغرام» يوزّعون النقود على متابعيهم مقابل أن يتابعوا حسابات أخرى

أثر فيروس «كورونا» على صفقات العلامات التجارية والرحلات التي يحصل عليها مؤثرو «إنستغرام»
أثر فيروس «كورونا» على صفقات العلامات التجارية والرحلات التي يحصل عليها مؤثرو «إنستغرام»
TT

مشاهير «إنستغرام» يوزّعون النقود على متابعيهم مقابل أن يتابعوا حسابات أخرى

أثر فيروس «كورونا» على صفقات العلامات التجارية والرحلات التي يحصل عليها مؤثرو «إنستغرام»
أثر فيروس «كورونا» على صفقات العلامات التجارية والرحلات التي يحصل عليها مؤثرو «إنستغرام»

في الصيف الماضي، بدأت الموجة الرئيسية الأولى من الهبات الدعائية في الظهور. في ذلك الوقت، كان معظم النجوم يهدون أشياء مثل حقائب «لويس فويتون»، لكن الجميع الآن يتنازلون عن النقود. قال وارويك: «يحتاج الناس حقاً إلى أموال أكثر مما يحتاجون إلى حقائب اليد، ومن الناحية اللوجيستية، يصعب التقاط صورة ترويجية مع المشاهير والحقيبة عندما يكون الجميع في وضع الإغلاق».
في 18 مارس (آذار)، عندما أمرت الولايات العمال غير الأساسيين بالعودة إلى منازلهم واستعدت الشركات لتخفيض التكاليف، نشرت نجمة برامج اللياقة البدنية على مواقع التواصل الاجتماعي بيغ هاثاواي رسالة لمتابعيها الذين تتخطى أعدادهم أكثر من 4 ملايين على «إنستغرام».
وكتبت: «أعلم أن الأمر صعب في الحجر الصحي خصوصاً بالنسبة إلى أولئك غير القادرين على العمل، لذا أردت أن أقدم هدية بمبلغ 5000 دولار أميركي». وأظهر المنشور الذي أُزيل من منصة «إنستغرام» بعد فترة وجيزة من نشر هذا المقال هاثاواي توزّع كومة من أوراق نقدية فئة 100 دولار.
بدأ معجبوها في وضع علامة (تاغ) على الأصدقاء والتعليق حول رغبة كل منهم في الحصول على هذا المال. وكتبت امرأة تقول: «يمكنني القيام بمعجزة الآن»، فيما نشر العديد من المستخدمين الرموز التعبيرية للصلاة.
ونظراً لأن فيروس «كورونا» استمر في تعطيل حياة الأميركيين وسبل عيشهم، فقد امتلأ «إنستغرام» بهبات نقدية مثل تلك التي قدمتها هاثاواي. وعرض العديد من الشخصيات المعروفة نقداً على معجبيهم مقابل إشراك أصدقائهم والملاحظات والتعليقات، بمن في ذلك هاري جوسي، نجم برنامج الواقع الجديد في حلقات «نتفليكس تو هوت تو هاندل»، ونجوم برامج الموضة ونمط الحياة مثل كايتلين كوفينغتون، ولورا بيفرلين، ومغني الراب ونجم وسائل التواصل الاجتماعي باد بابي.
بالنسبة إلى أكثر من 26 مليون مقيم في الولايات المتحدة تقدموا بطلبات للبطالة على مدى الأسابيع الخمسة الماضية وملايين آخرين يكافحون من أجل تغطية التكاليف غير المتوقعة مثل الفواتير الطبية وأسابيع من الطعام الذي ابتاعوه، قد تبدو هذه العروض النقدية شريان حياة. لكن على الرغم من أنها غالباً ما يتم تأطيرها على أنها أعمال خيرية، فإن الهبات هي جزء من مخطط نمو أصبح منتشراً عبر منصة «إنستغرام».
على سبيل المثال، تلقت هاثاواي آلاف الدولارات من شركة تسويق وسائل التواصل الاجتماعي «سوشيال ستانس» لترويج المنحة المالية عبر صفحتها. وجرى إصدار تعليمات للوافدين المحتملين باتباع قائمة تضم نحو 70 حساباً من متابعي موقع «سوشيال ستانس». تحصل الشركة على 900 دولار مقابل مكان واحد في القائمة، فيما يمكن لأولئك الذين اشتروا حقوقاً كـ«راعٍ» كسب آلاف المتابعين الجدد بين عشية وضحاها.
قال ناثان جونسون، 19 عاماً، الذي يساعد مؤثري «يوتيوب» و«تيك توك» في تنظيم الهبات: «إذا أخبرت شخصاً ما أن بإمكانه كسب 50 ألف متابع في غضون ثلاثة أيام، فسوف يفعلون ذلك». فن العمل الذي يديره مع صديقه كارتر البالغ من العمر 16 عاماً بسيط للغاية، فهم يدفعون لمؤثري الإنترنت مبلغا معيناً من المال مقدماً «لاستضافة» عملية منح الهبة النقدية، ثم يتجهون إلى بيع قوائم المتابعين لجني الربح.
وفي هذا الصدد، قال جونسون: «يشتري رواد الأعمال مواقع لكسب متابعين بغرض بيع دورات أو كتب إلكترونية. بينما يفعل المؤثرون ذلك لكسب متابعين لزيادة التفاعل وتحصيل رسوم أكبر مقابل صفقات العلامات التجارية، فيما يقوم الأطباء بذلك من أجل المصداقية ولتنمية علامتهم التجارية الشخصية».
وفي الإطار ذاته، قامت لويزا وارويك، مؤسسة مجموعة «سوشيال ستانس» بتنسيق عملية توزيع سبع هبات نقدية عبر ««إنستغرام»» مع مؤثرين ومؤثرات، منهم توري سبلينغ، ونتالي هالكرو. يمكن للمهتمين دفع 270 دولاراً فقط لتكون في القائمة، وفي المقابل يمكن توقع كسب آلاف المتابعين، حسب وارويك.
هبات «إنستغرام» كانت موجودة منذ سنوات. فقد ظهرت في البداية عام 2016 عندما بدأت الشركات الصغيرة والمدونون استضافة الهبات. للدخول، يجب عليك متابعة مجموعة من الأشخاص، ثم العودة إلى صفحة الشخص الأصلية والتعليق عليها. غالباً ما تكون هبات الحلقة خالية من «الراعي» وتعتمد على التعاون بين المؤثرين.
لكن في الصيف الماضي، بدأت الموجة الرئيسية الأولى من الهبات الدعائية في الظهور. في ذلك الوقت، كان معظم النجوم يُهدون أشياء مثل حقائب «لويس فويتون»، لكن الجميع الآن يتنازلون عن النقود. قال وارويك: «يحتاج الناس حقاً إلى أموال أكثر مما يحتاجون إلى حقائب اليد، ومن الناحية اللوجيستية، يصعب التقاط صورة ترويجية مع المشاهير والحقيبة عندما يكون الجميع في وضع الإغلاق».
في ظل تعليق العديد من صفقات العلامات التجارية والرحلات بسبب الفيروس، زودت الهبات النقدية المؤثرين الكبار بطريقة لكسب المال السريع من المنزل. وفي هذا السياق، قال جونسون، «كان (كورونا) صارماً مع المؤثرين، وإذا قيل لك إنه يمكنك كسب 20000 دولار لنشر هدية على (إنستغرام) فمن المحتمل أن تقبل».
أصبح شراء حصة ضمن الجهات الراعية للهدايا المجانية أسرع وأرخص طريقة للنمو والانتشار عبر «إنستغرام». وقال الدكتور توماس كونيلي، طبيب الأسنان التجميلي الذي اشترى مكاناً وسط صفحة هدايا كارداشيان: «فجأة تنهال عليك هذه الزيادة من المتابعين. إن ما تفعله حملات الهبات هذه هو الوصول إلى أشخاص حقيقيين، حيث يمكن لهؤلاء الأشخاص أن يختاروا ما إذا كانوا يريدون الاستمرار في المتابعة».
قال كونيلي إنه يتم الترويج له يومياً ليكون راعياً، مضيفاً: «في مجال الإعلان، ليس هناك الكثير من الخيارات هذه الأيام... من خلال هذا، ستدفع في أي مكان ما بين 10000 و20000 دولار، وتصبح واحداً من هؤلاء الـ70 شخصاً الذين تنصح كيم كارداشيان أو كايلي جينر، بمتابعتهم إذا كنت تريد كسب المال».
وقال بريستون ميلون، المؤسس والرئيس التنفيذي لوكالة «إنفلوشنشيال مانجمنت» للتسويق الرقمي، إن الفنانين الصاعدين يشترون في كثير من الأحيان مواقع الرعاة في الهدايا المؤثرة. وقال: «إن ذلك يساعد الجمهور على اكتشافهم عندما يحاولون الإعلان عن أنفسهم بالقرب من ملصقات هؤلاء النجوم... البديل هو شراء الإعلانات من خلال (إنستغرام)، والتي يمكن أن تكون أكثر كلفة. عادةً تبلغ التكلفة نحو عشرة آلاف دولار أو أكثر للحصول على 100 ألف متابع من خلال إعلانات (إنستغرام). لكن من خلال الهبة، يمكنك إنفاق 2000 دولار لتنمو وتنتشر بنفس القدر».
- «نيويورك تايمز»



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)