اللبنانيون يعودون إلى الشارع

بفعل تنامي الانقسام السياسي والضغوط الاقتصادية... والجيش يمنع إقفال الطرقات

اشتباكات بين متظاهرين والجيش في زوق مصبح شمال بيروت أمس (أ.ب)
اشتباكات بين متظاهرين والجيش في زوق مصبح شمال بيروت أمس (أ.ب)
TT

اللبنانيون يعودون إلى الشارع

اشتباكات بين متظاهرين والجيش في زوق مصبح شمال بيروت أمس (أ.ب)
اشتباكات بين متظاهرين والجيش في زوق مصبح شمال بيروت أمس (أ.ب)

تجددت المظاهرات في الشارع اللبناني ضد الحكومة، أمس، للمرة الأولى منذ أكثر من شهرين، ودخل عليها عامل جديد منحها قوة أكبر مما كانت عليه في الأشهر الماضية، تمثل بالانقسام السياسي، واتساع رقعة المعارضة من داخل النظام للحكومة، إلى جانب الأسباب المعيشية التي تمثلت بارتفاع سعر الدولار إلى 4 آلاف ليرة، ما حرم كثيرين من القدرة على التسوق.
وتحت عنوان «ثورة الجياع»، خرج المئات في مناطق لبنانية عدة ضد الحكومة، وحاولوا إقفال الطرقات، قبل أن يتدخل الجيش لفتحها بالقوة. وقالت قيادة الجيش، في تغريدة عبر «تويتر»، إنها «تؤكد احترامها حق التظاهر، وتدعو المتظاهرين إلى عدم قطع الطرقات أو التعدي على الأملاك العامة والخاصة».
واجتمعت العوامل السياسية والاقتصادية مع الضغوط المعيشية، فإلى جانب فشل الحكومة حتى الآن بإعداد خطة اقتصادية إنقاذية للبلاد، تتنامى الضغوط الاقتصادية مع ارتفاع سعر الدولار، فيما لم يستطع المصرف المركزي حتى الآن إيجاد آلية لضبط سعر السوق. وفي ظل تقلص وجود الدولار في السوق، قال مصدران مصرفيان إن بنوكاً لبنانية حددت سعر صرف عند 3 آلاف ليرة للدولار للسحب من الحسابات بالدولار هذا الأسبوع، وهو ما يقل بنحو 50 في المائة عن القيمة الرسمية المربوطة بها العملة. وقال مصدر في البنك المركزي إن مصرف لبنان حدد سعر صرف الليرة عند 3800 للدولار، على أن تطبقه شركات تحويل الأموال بدءاً من أمس. وبدأ المحتجون منذ الصباح الباكر بقطع طرقات، كان أبرزها أوتوستراد زوق مصبح في شمال بيروت، حيث تجمّع عدد كبير من المتظاهرين على جهتي الأوتوستراد، في محاولة لقطع الطريق مستخدمين إطارات مشتعلة، إلا أن الجيش استطاع مع القوى الأمنية منعهم، بعد تدافع بين الطرفين.
وتسبب التجمّع بزحمة سير على الأوتوستراد بالاتجاهين، بعدما شكّل الجيش حاجزاً بشرياً على طوله. كما قطع عدد من المحتجين الطريق عند جسر يسوع الملك باتجاه بيروت، وحصل تدافع مع عناصر الجيش اللبناني الذين تدخلوا لإعادة فتحها، ما تسبب بزحمة سير خانقة على الأوتوستراد.
وتكررت محاولات قطع الأوتوستراد بالاتجاهين، لكن عناصر الجيش سرعان ما تدخلوا لإعادة فتحه وتفريق المتظاهرين. كذلك قُطع السير على أوتوستراد المنية بالقرب من البلدية، وأقدم محتجون على قطع أوتوستراد الناعمة في الاتجاهين.
وقام عدد من المحتجين، أمس، بقطع الطريق عند مدخل دوحة عرمون والشويفات، جنوب بيروت، بالإطارات المشتعلة، احتجاجاً على الأوضاع المعيشية السيئة، وارتفاع سعر صرف الدولار. وحضرت القوى الأمنية وعملت على إزالة الإطارات المشتعلة من وسط الطريق، وأعادت الوضع إلى طبيعته.
وأقدم عدد من الشبان على قطع الطريق في منطقة البيرة - القبيات ومنطقة جبيل في جبل لبنان. ويطالب المحتجون بـ«إسقاط الطبقة الحاكمة»، وانتخابات نيابية مبكرة، وقضاء مستقل، وإعادة «الأموال المنهوبة». وكانت طرق عدة في بيروت وشرق لبنان وشماله وجنوب العاصمة قد قطعت ليل الأحد، احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار وأسعار المواد الغذائية.
وتزامن ذلك مع ضغوط سياسية إضافية على الحكومة، فقد رأى رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، في حديث تلفزيوني، أن «ما يحصل الآن في لبنان هو مزيد من الإطباق من قبل (حزب الله) و(التيار الوطني الحر) على الدولة اللبنانية، في محاولة منهما لحرف الانتباه عن المشكلات الأساسية التي يعاني منها لبنان، وتنفيذاً لسعي مستمر من قبلهما، ومن قبل حلفائهما، من أجل إيجاد كبش محرقة، وتحميله المسؤولية عما جرى ويجري، وكأن المشكلات كلها تقع على عاتق مصرف لبنان، وهذا أمر غير صحيح».
وقال إن «هناك مشكلات عدة تراكمت على مدى سنوات نتيجة الاستعصاء من قبل الحكومات والمجالس النيابية والأحزاب السياسية عن القيام بالإصلاحات الضرورية لمعالجة المشكلات المالية المتفاقمة، وبالتالي عدم المبادرة إلى خفض العجز في الموازنة والخزينة. وفي مقدم تلك المشكلات تأتي الكهرباء، وبالتالي فقد كان ذلك الاستعصاء، والإصرار على عدم الاستماع لكل النصائح والتنبيهات التي كنا نوجهها من أجل ترشيق الدولة، والحد من الإنفاق، والعمل على تعزيز الإيرادات لخزينة الدولة اللبنانية، هو ما يتسبب بتفاقم العجز».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.