القرفصاء... الحل الأمثل للجلوس الطويل

القرفصاء... الحل الأمثل للجلوس الطويل
TT

القرفصاء... الحل الأمثل للجلوس الطويل

القرفصاء... الحل الأمثل للجلوس الطويل

إذا كنتم جالسين لقراءة هذا المقال، قد تكون الوضعية التي اتخذتموها للراحة خاطئة، بحسب دراسة جديدة تناولت سلوك قبائل مجتمعات الصيد وجمع الثمار وأسلوب الاستراحة الذي يعتمدونه. وقد وجدت الدراسة، أن هؤلاء يميلون إلى الاستراحة شأنهم شأن مواطني العالم الحضري، إلا أن منطلقاتهم للتوقف عن الحركة مختلفة: إنها خالية من الكراسي وتعتمد على الكثير من القرفصاء.

دراسة علمية
إن هذا التغيير في طريقة الجلوس قد يكون له تأثير على عملية التمثيل الغذائي وصحة القلب، فضلاً عن أنه قد يثير بعض الأسئلة حول وضعية الجلوس الشائعة التي نعتمدها وعدم صحتها.
إنها لمفارقة أن يتبين أخيراً وجود علاقة بين الامتناع عن الحركة وبين المتاعب الصحية في أماكن كثيرة من العالم، ولا سيما أن الهدف الأساسي من الراحة هو مصلحة البشر. لكن دراسات متتابعة باتت تربط إمضاء المزيد من الوقت جلوساً باضطرابات في معدل الكوليسترول، وأمراض القلب والسكري، وغيرها من الحالات المرضية حتى بين الناس الذين يمارسون الرياضة.
بدأت هذه المعضلة التي تقول، إن الجلوس يسبب الأمراض تحوز على اهتمام مجموعة من العلماء الذين عملوا ودرسوا مجتمعات الصيد وجمع الثمار العصرية، آملين الحصول على فهم أوضح لتطور النشاط الجسدي المرافق للتطور البشري.
وفي البعض من أبحاثهم الماضية، وجد هؤلاء العلماء أن أبناء قبيلة «هادزا» Hadza في تنزانيا نشيطو الحركة، ويخصصون ساعات عدة يومياً للنشاطات المختلفة. ويتمتع هؤلاء بصحة قلبية وأيضية ممتازة ومعدلات ضغط دم وكوليسترول صحية.
ولكن ساعات عدة من النشاط الجسدي في اليوم تترك ساعات أخرى فارغة. لذا؛ بدأ الباحثون أخيراً بالتساؤل ما إذا كانت الوسائل التي يعتمدها أبناء قبيلة الهادزا في إمضاء وقت فراغهم تساهم بشكل أو بآخر في الحفاظ على صحتهم.
في دراستهم التي نُشرت حديثاً في دورية «بروسيدنغز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينس» (Proceedings of the National Academy of Sciences)، طلب الباحثون من 28 رجلاً وامرأة من القبيلة، تتراوح أعمارهم بين 18 و61 عاماً، أن يرتدوا أجهزة لمراقبة النشاط لنحو أسبوع. وثُبتت الأجهزة على منطقة الفخذ لتقيس الأوقات التي يمضونها في الحركة والراحة.
وأظهرت النتائج أنهم كانوا في معظم الوقت لا يتحركون. وفي بحث سابق، بينت القياسات أن رجال ونساء هذه القبيلة يتحركون لنحو ساعتين أو ثلاث في اليوم، لكنهم في المقابل يمضون 10 ساعات دون نشاط.
في تعليق له على نتائج الدراسة، قال دايفيد رايتشلن، أستاذ محاضر في التطور البشري في جامعة كاليفورنيا الجنوبية والباحث الرئيسي في الدراسة، إن معدل غياب النشاط لدى هؤلاء «يطابق بشكل شبه تام» المعدلات المرصودة في دراسات شملت نساءً ورجالاً في دول متطورة.

القرفصاء الصحية
لكن على عكس معظمنا، لا يسترخي هؤلاء بالجلوس على الكراسي. لذا؛ انتقل الباحثون إلى تقييم نوعية الراحة التي يحصل عليها أبناء القبيلة، وعمدوا إلى تدوين ملاحظات تفصيلية ومطولة كل أربع ساعات لأيام عدة في واحد من مخيمات القبيلة، وجدوا بعدها أن أبناء الهادزا يجلسون غالباً على الأرض، ويختارون القرفصاء في أحيان كثيرة، حيث إنهم يمضون 20 في المائة من وقت راحتهم يجلسون وركبهم مطوية.
وأخيراً، لتحديد تأثير منطلقات الراحة هذه على الرجلين والعضلات، طلب العلماء من عدد من أفراد القبيلة الجلوس، والمشي، والقرفصة وهم يرتدون أجهزة استشعار تسجل التقلصات العضلية. وعندما كان هؤلاء يجلسون القرفصاء، كان قراءاتهم تسجل ارتفاعاً كبيراً، مشيرة إلى تقلص أكبر بكثير في العضلات من وضعية الجلوس العادي، وأكثر بنحو 40 في المائة من وضعية الوقوف. (لم يقارن الباحثون جلوس القرفصاء بالوقوف، لكنهم يعتقدون أن القرفصاء تتطلب نشاطاً عضلياً أكبر من الوقوف).
قد تنطوي هذه التغييرات في النشاط الحركي على معطيات صحية قيّمة، بحسب رايتشلن، الذي تحدث عن دراسة أخرى أجريت على الحيوانات، أظهرت أن العضلات تجمدت ولم تنقبض بعد استخدام قوالب لتثبيتها، وأن الأنسجة أنتجت كمية أقل من بعض الأنزيمات التي تكسر الدهون وتسبب تراكم الكوليسترول وغيرها من مؤشرات مشاكل القلب والأوعية الدموية لدى الحيوانات.
بمعنى آخر، تساهم الاستراحة بالجلوس على الكرسي، التي يعتمدها معظمنا في معظم الأحيان، في زيادة مخاطر المشاكل الصحية التي نادرا ما تظهر لدى أبناء قبيلة الهادزا.
يقول براين وود، أستاذ في علم الأنثروبولوجيا والأحياء التطورية في جامعة كاليفورنيا والباحث المشارك في هذه الدراسة، إن هذه الطريقة بالجلوس توسع الهوة بين العالم العصري المريح والفيزيولوجيا البشرية التطورية. وترجح البيانات التي تم جمعها من أبناء الهادزا أن أجسادنا، وحتى خلال أوقات الراحة، «تعتاد غالباً على نشاط عضلي متناسق» لا نحققه أثناء الجلوس على الكرسي.
لكن تجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة تغطي جانباً واحداً من أسلوب حياة الهادزا ولفترة زمنية محددة؛ ما يعني أنها لا تثبت دوراً للقرفصاء في تعزيز الصحة الأيضية، بل مجرد وجود علاقة بينهما. كما أنها تظهر الفرق بين تأثيرات النشاط الجسدي المتكرر والراحة، لكن دون مراعاة أنظمتهم الغذائية وتركيبة الجسم.
من جهته، اعتبر وود، أن هذه النتائج ترجيحية، وقال «نحن هنا لا نشجع على اعتماد أسلوب حياة يشبه حياة القبائل، لكن يجب أن نعلم المزيد عن تاريخنا التطوري ودراسة كيف يمكن لهذا التاريخ أن يؤثر على صحتنا». ووافق رايتشلن وود الرأي، وقال «تشدد هذه الدراسة على حاجة معظمنا إلى إعادة النظر بالوقت الذي نمضيه في الراحة وقلة النشاط الجسدي. وفي حال كان نظام عملكم يسمح، انهضوا بشكل متكرر واجثموا مرات عدة (القرفصاء)».
- خدمة «نيويورك تايمز»



تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟

تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟
TT

تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟

تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟

لسنوات عديدة، كانت أجهزة التجميل في المنزل تقتصر على مجفف للشعر أو ربما فرشاة أسنان كهربائية.

ترويج أجهزة التجميل المنزلية

أما اليوم، فإنها أضحت موجودة في كل مكان أو أكثر تقدماً من أي وقت مضى، مع تسويق منتجات يتم ترويجها بكثافة تتراوح من أقنعة مصابيح «ليد» LED التي تكلف 500 دولار التي تعد بتخفيف الخطوط الدقيقة في الوجه و تقليل التبقّع والاحمرار... إلى عصي الليزر التي تزيل الشعر غير المرغوب فيه من الجسم بشكل دائم (أو هكذا يزعمون).

تجميل منزلي أرخص

تكمن جاذبية هذه الأدوات، جزئياً، في فكرة القدرة على إحضار الرعاية الذاتية الطبية إلى المنزل دون الحاجة إلى الذهاب إلى عيادة طبيب الأمراض الجلدية (أو جراح التجميل). ففي سلسلة مراكز المنتجعات الطبية Ever/Body، على سبيل المثال، تبلغ تكلفة إزالة الشعر بالليزر ما يصل إلى 300 دولار لكل جلسة؛ وتنصح الشركة بستة إلى عشرة علاجات بالإضافة إلى ضرورة «الصيانة» السنوية.

زيادة حادة في أدوات العناية المنزلية

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قدر تقرير صادر عن Beauty Tech Group وPricewaterhouse Coopers أن أجهزة التجميل المنزلية تنمو بمعدل أربعة أضعاف في فئة العناية بالبشرة، وتوقع أن تصل المبيعات إلى 92.55 مليار دولار بحلول عام 2028.

وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي، تقدم أجهزة «اصنعها بنفسك» نوعاً آخر من «العملات المرئية» أيضاً: فهي تميل إلى أن تكون براقة ومكلفة وفي صور السيلفي تجعلك تبدو رائعاً أو مخيفاً، مثل بطل خارق صغير أو شخصية من أفلام الخيال العلمي.

قبعات ضوئية وعصي ليزرية

وتنبع جاذبية هذه الأدوات جزئياً من الصفقات الأرخص نسبياً التي يبدو أنها تقدمها، عندما يتعلق الأمر بأحدث الابتكارات التكنولوجية في الرعاية الشخصية.

* قبعة الضوء الأحمر من Higher DOSE تكلف 449 دولاراً. وتتعهد القبعة كما يذكر موقع الشركة على الإنترنت: «بتنشيط فروة رأسك ودعم نمو الشعر الصحي بقوة الضوء الأحمر (بطول موجي) 650 نانومترا»

* مجموعة أولية لأدوات الليزر من LYMA تكلف 2695 دولاراً: «تعالج العصا LYMA وهي على شكل مصباح يدوي كل شيء من ندبات الجسم وطبقات السيلوليت والأوردة العنكبوتية إلى حب الشباب وترهل الجلد ووردية الوجه rosacea».

تحول ثقافي للاستخدام المنزلي

وتقول ليلي تويلفتري من Barefaced، وهي شركة تحليل تجميل أسترالية لها حساب شهير على «تيك توك» أن ظهور جراحة الوجه التجميلية والاستخدام الواسع النطاق للمرشحات وأدوات التجميل مثل «فايستيون» Facetune أدى إلى إعادة تعريف معايير الجمال.

وأضافت: «لقد أدى هذا التحول الثقافي إلى رفع توقعات المستهلكين، حيث أصبح الناس على استعداد لدفع أسعار باهظة مقابل منتجات التجميل التي تقدم نتائج مرتفعة. ومن المتوقع الآن أن تكرر منتجات التجميل نتائج الإبرة أو السكين (التي يستخدمها الجراحون). والمستهلكون على استعداد لدفع أعلى سعر للحصول على هذه النتائج في المنزل».

منتجات بأسس علمية

لم يعد إخفاء البثور بالمكياج كافياً؛ تتابع تويلفتري: «إذ يريد المستهلكون الآن القدرة على إزالتها بالليزر بالكامل». ومقابل 19.50 دولار، تدعي رقعة علاج حب الشباب بالضوء من «l.a.b». أنها تفعل ذلك تماماً.

إن أنواع العلاجات التي يتم تسويقها عبر هذه الأجهزة لها جذور حقيقية في العلوم. إذ تم اكتشاف العلاج بالضوء الأحمر، أو التعديل الضوئي الحيوي photobiomodulation (PBM)، من قبل الطبيب المجري إندري ميستر في عام 1967 في جامعة سيميلويس الطبية في بودابست، عندما لاحظ أن ضوء الليزر يساعد في تعزيز نمو الشعر وشفاء الجروح لدى الفئران. ومنذ ذلك الحين، أصبح علاجاً لمشكلات الجلد بما في ذلك الالتهاب والندبات والتجاعيد.

تقييم متأخر للفاعلية

ومع ذلك، فإن تقييم فعالية هذه العلاجات في المنزل لم يبدأ إلا الآن. ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2024، في دراسة نُشرت في JAMA Dermatology، وجد باحثون من كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا أن المرضى يمكنهم تحسين حالات الصدفية لديهم بنفس القدر في المنزل باستخدام أجهزة العلاج الضوئي المصممة لسهولة الإدارة الذاتية.

ولكن كان ذلك على وجه التحديد للصدفية، مع مجموعة محدودة من 783 مريضاً. وقال الدكتور جويل جيلفاند، أستاذ الأمراض الجلدية وعلم الأوبئة في كلية بيرلمان، والمؤلف الرئيسي للدراسة، إن أجهزة العناية بالبشرة الشائعة في المنزل تميل إلى أن تكون خاضعة للتمحيص بشكل أقل من اللازم. وأضاف: «إذا لم تتم دراستها في تجربة تحكم عشوائية، فهذا يجعلني متشككاً».

وتابع جيلفاند: «هل أجريت دراسة من قبل الشركة المصنعة من منطلق الاستفادة مالياً، أم كانت الدراسة كبيرة مع مئات المرضى؟ نظراً لأنه مجال غامض للغاية، فمن الأفضل لمعظم الناس التحدث إلى طبيب أمراض جلدية ومعرفة ما إذا كانت الطريقة الخفيفة سيكون لها بعض التأثير على بشرتهم».

منتجات بين «المسموح» و«المُجاز»

وقال الدكتور إيفان ريدر، وهو طبيب معتمد في الأمراض الجلدية والطب النفسي يمارس في مدينة نيويورك، إن العديد من الأجهزة التي يتم تسويقها للاستخدام المنزلي «مسموحة الاستعمال» cleared من قبل إدارة الغذاء والدواء، وهو ما يختلف عن كونها «مجازة أو مصادق عليها» Approved أي معتمدة من إدارة الغذاء والدواء. وأضاف: «إن كلمة المجاز تعني (مصادق عليه) أي أن الجهاز أو الدواء قد خضع لتجارب سريرية صارمة مقارنة بالدواء الوهمي، وأن النتائج ليست مجرد صدفة وقد تم تكرارها في دراسات أخرى أيضاً».

الترويج لنتائج مضللة

إن «موافقة» إدارة الغذاء والدواء، المسماة 510 (كيه) FDA 510 (k) Clearance هي غالباً ما تراه في المنزل، ما يشير فقط إلى أن الجهاز تم تقييمه من قبل إدارة الغذاء والدواء وليس خطيراً للاستخدام غير المهني.

ورفض رايدر تسمية أجهزة معينة، لكنه قال إن العديد منها تحتوي على صور على مواقعها الإلكترونية لنتائج قبل وبعد «مضللة بشكل صارخ»، مع إضاءة وظلال غير متسقة تجعل النتائج أكثر صعوبة في رؤيتها. وأضاف أن النتيجة التي يمكن للمرء أن يتوقعها خفيفة في أفضل الأحوال، لأولئك الذين لديهم «بشرة جيدة أو مخاوف بسيطة (من تدهور حالتها)».

العيادة أولاً ثم التجميل المنزلي

وتابع أنه قد يكون من الحكمة التعامل مع الرعاية المنزلية كأداة لدعم أو استكمال العلاجات في العيادة.

ومقابل تكلفة جهاز الليزر المنزلي، يمكن للمريض مثلاً - اعتماداً على المكان الذي يعيش فيه والطبيب الذي يزوره - الحصول على اثنين أو ثلاثة علاجات مجزأة بالليزر.

* خدمة «نيويورك تايمز».

حقائق

92.55

مليار دولار: توقعات مبيعات أدوات العناية المنزلية بالبشرة بحلول عام 2028