باريس تقطع الطريق أمام تحقيق عالمي في إدارة «الصحة العالمية» لأزمة «كورونا»

الرئيس الفرنسي (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي (إ.ب.أ)
TT

باريس تقطع الطريق أمام تحقيق عالمي في إدارة «الصحة العالمية» لأزمة «كورونا»

الرئيس الفرنسي (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي (إ.ب.أ)

قطع الرئيس الفرنسي الطريق على المساعي الهادفة إلى فتح تحقيق دولي بشأن كيفية تعاطي منظمة الصحة الدولية مع انطلاق وانتشار وباء «كوفيد - 19». كذلك، أبدى إيمانويل ماكرون تحفظات إزاء رغبة مجموعة من الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وأستراليا التي تتبنى موقفاً بالغ الشدة مع الصين، مهد الوباء والدافعة باتجاه إجراء تحقيق من جهات مستقلة حول إدارة بكين لأزمة فيروس كورونا التي تتهمها إما بحجب المعلومات أو التأخر في الكشف عنها، وبـ«تواطؤ» المنظمة الدولية مع الصين والتغطية عليها.
وجاء التعبير عن الموقف الفرنسي بمناسبة الاتصال الهاتفي الذي حصل أمس مع رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون الذي تواصل أيضاً مع الرئيس الأميركي والمستشارة الألمانية. ورغم التحفظات التي عبر عنها ماكرون إزاء الصين في الحديث الذي أدلى به إلى صحيفة «فايننشال تايمز» الخميس الماضي، فإن القراءة الفرنسية، أن الأولوية يجب أن تكون اليوم لمحاربة الوباء وليس لتصفية الحسابات. ونقل عن أوساط القصر الرئاسي قولها، إن ماكرون أبلغ موريسون أن «الأمر الملح اليوم هو المحافظة على التماسك (بين الدول)، وأن الوقت غير مناسب للحديث عن كل ذلك»، في إشارة إلى ما تطالب به أستراليا. وبكلام آخر، فإن باريس ترفض اليوم الخوض في مسائل من شأنها التصويب على منظمة الصحة الدولية، وبالتالي إزاحة الانتباه عن المسألة الرئيسية، وهي كيفية تعبئة الأسرة الدولية لمواجهة الوباء الذي أوقع في فرنسا نحو 21 ألف ضحية.
ويتسم موقف ماكرون، رغم الانتقادات التي ساقها شخصياً وكذلك وزير خارجيته ضد الصين، بالتجانس مع المساعي التي يبذلها لجمع قادة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن من أجل رص الصفوف والدفع باتجاه هدنة في النزاعات عبر العالم لغرض التركيز على محاربة الوباء. وحتى اليوم، لم ينجح الرئيس الفرنسي في التغلب على التحفظات التي عبرت عنها كل من واشنطن وموسكو اللتين لا تريدان أن تغل دعوة كهذه أيديهما في التحرك أو تحد من حريتهما.
وما زالت باريس ترى في منظمة الصحة الدولية الجهة الصالحة لقيادة الجهود من أجل توفير دينامية دولية لمحاربة الوباء، بما في ذلك في أفريقيا. وخلال الأسبوع الماضي، أطلق ماكرون مبادرة تدعو إلى الالتفاف حول المنظمة الدولية لدعم الجهود المبذولة لتوفير اللقاحات والعقاقير و«إمكانات» التشخيص للجميع على مستوى العالم. وتتناقض هذه الدعوة تماماً مع التعاطي الأميركي مع المنظمة وقرار الرئيس ترمب تجميد المساهمة المالية الأميركية فيها.
ووصفت مصادر فرنسية القرار الأميركي بـ«السيئ» و«يجيء في الوقت غير المناسب. ورد تيدروس أدهانوم، مدير عام المنظمة، التحية لـماكرون بأحسن منها؛ إذ كتب في تغريدة له في اليوم التالي، «جزيل الشكر للرئيس ماكرون لقيادته الجهود الصحية العالمية، ودعوته لتسريع المناقشات بشأن (كوفيد – 19)، وهذه حقيقة، هي الطريق البناءة لتبادل الأفكار وتعزيز التعاون من أجل تسريع القضاء على الفيروس».
ليست الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء الأسترالي جديدة؛ فقد سبقته إليها وزيرة الخارجية ماريز باين، يوم الأحد الماضي بدعوتها إلى تحقيق دولي مستقل حول إدارة الصين ملف فيروس كورونا منذ ظهوره في مدينة ووهان، ثم انتشاره وكيفية إدارة منظمة الصحة الدولية لهذه الأزمة. وتؤكد باين، أن السلطات الصينية «ليست الجهة الصالحة» للقيام بهذا التحقيق. ويأخذ الجانب الأميركي على بكين رفضها السماح لخبراء المنظمة الدولية بالوصول إلى ووهان والقيام بتحقيقهم الخاص. وقالت باين «نحن في حاجة إلى نعرف تفاصيل مصدر الفيروس وطريقة مواجهته، ومدى توافر الشفافية في إيصال المعلومات الخاصة به، وهذه كلها لا يمكن توافرها إلا من خلال تحقيق مستقل... ولا أعتقد أن المنظمة (الدولية) قادرة على القيام بذلك». وكما واشنطن ولندن، اعتبرت الوزيرة أن التبعات المترتبة على الوباء «سوف تؤثر بشكل أو بآخر على علاقتنا مع الصين».
هذه الطريقة في التعاطي إن كان مع المنظمة الدولية أو مع الصين لا تريح باريس. فالجانب الفرنسي لا يرفض في المطلق «محاسبة» الجهتين، لكن باريس لا تريد القطيعة مع الصين لأسباب تتعلق بالحاجة إليها لمحاربة الوباء، وللعلاقات المتعددة الأوجه التي تريد المحافظة عليها مع بكين. لذا؛ فإنها رغم اقترابها من واشنطن في توجيه الانتقادات لها، فإنها لا تريد القطيعة معها. أما بالنسبة لمنظمة الصحة الدولية، فإنها تعتبر أن العالم في حاجة إليها، وأن الانتقادات الأميركية تأتي في سياق فلسفة أحادية ترمب وعدائه لكل ما هو متعدد الأطراف. ومن ذلك خروجه من منظمة اليونيسكو وانسحابه من اتفاقية باريس حول المناخ، وانتقاداته المتكررة للأمم المتحدة، وأيضاً للحلف الأطلسي.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
TT

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)

انقطعت الكهرباء عن عشرات الآلاف من الأشخاص في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية اليوم (السبت) بعد أن جلب نظام ضغط منخفض رياحاً مدمرة وأمطاراً غزيرة، مما أثار تحذيرات من حدوث فيضانات، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت شركة الكهرباء «أوسجريد» على موقعها الإلكتروني صباح اليوم إن الكهرباء انقطعت عن نحو 28 ألف شخص في سيدني، عاصمة الولاية وأكبر مدينة في أستراليا، كما انقطعت الكهرباء عن 15 ألف شخص في مدينة نيوكاسل القريبة ومنطقة هانتر.

وكشف جهاز خدمات الطوارئ بالولاية على موقعه الإلكتروني أنه تلقى ألفين و825 اتصالاً طلباً للمساعدة منذ أمس (الجمعة)، معظمها يتعلق بأشجار متساقطة وممتلكات تضررت بسبب الرياح.

وذكرت هيئة الأرصاد الجوية في البلاد أن تحذيرات من الفيضانات والرياح المدمرة والأمطار الغزيرة صدرت في العديد من أجزاء الولاية، مضيفة أن من المحتمل أن تهب رياح تصل سرعتها إلى 100 كيلومتر في الساعة فوق المناطق الجبلية.

وأشارت وسائل إعلام محلية إلى أن هذه التحذيرات تأتي بعد أن تسببت العواصف في الأسبوع الماضي في سقوط الأشجار وخطوط الكهرباء وتركت 200 ألف شخص من دون كهرباء في نيو ساوث ويلز.