السعودية مستعدة لـ «إجراءات إضافية» لاستقرار أسواق النفط بمشاركة «أوبك بلس»

مختصون يطرحون فكرة وقف الإنتاج شهراً لتجفيف الفوائض وتعديل مسار الأسعار

أكدت السعودية حرصها على تحقيق الاستقرار للسوق البترولية والتزامها مع روسيا على تنفيذ التخفيضات المستهدفة للعامين المقبلين (رويترز)
أكدت السعودية حرصها على تحقيق الاستقرار للسوق البترولية والتزامها مع روسيا على تنفيذ التخفيضات المستهدفة للعامين المقبلين (رويترز)
TT

السعودية مستعدة لـ «إجراءات إضافية» لاستقرار أسواق النفط بمشاركة «أوبك بلس»

أكدت السعودية حرصها على تحقيق الاستقرار للسوق البترولية والتزامها مع روسيا على تنفيذ التخفيضات المستهدفة للعامين المقبلين (رويترز)
أكدت السعودية حرصها على تحقيق الاستقرار للسوق البترولية والتزامها مع روسيا على تنفيذ التخفيضات المستهدفة للعامين المقبلين (رويترز)

أكدت السعودية أمس أنها تراقب من كثب أوضاع سوق النفط مبدية استعدادها لاتخاذ أي إجراءات إضافية لتحقيق استقرار أسواق النفط، في وقت دعا مختصون سعوديون لمقترح يفترض وقف الإنتاج لمدة شهر لتجفيف فوائض السوق وإعادة أوضاع مسار الأسواق إلى مسار أكثر منطقية.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن مجلس الوزراء السعودي ما نصه: «نؤكد حرص المملكة على تحقيق الاستقرار للسوق البترولية، والتزامها مع روسيا على تنفيذ التخفيضات المستهدفة للعامين المقبلين، واستمرارهما في مراقبة أوضاع السوق والاستعداد لاتخاذ أي إجراءات إضافية بالمشاركة مع أعضاء (أوبك بلس) والمنتجين الآخرين».
من جهة أخرى، دعا مختصون في مجال النفط، إلى ضرورة أن تكون أولى خطوات معالجة التهاوي لأسعار النفط والتي جسدتها بوضوح أول من أمس عقود خام القياس الأميركي تسليم مايو (أيار) المقبل، والتي يجب أن تذهب إليها مجموعة (أوبك بلس)، هي وقف إنتاج النفط لمدة شهر في مغزى لتجفيف المنابع وتفريغ الفائض في كثير من المستودعات حول العالم، موضحين أن اتخاذ هذا القرار سيكون له آثار إيجابية لن تظهر بشكل عاجل في الأشهر الأولى، إلا أنها ستكون نقطة تحول في وقف هذا النزف السعري والهدر النفطي.
وقال الدكتور راشد أبانمي، الخبير في مجال النفط لـ«الشرق الأوسط» إن الآلية التي حدثت عند شراء النفط في العقود الآجلة تكون بعد شهر، وآخر تسليم لها كان في شهر مايو أمس الثلاثاء، موضحا بالقول: «كان لزاما أن يحدد يوم الاثنين إلى أين تتجه السفن، وعند وصول اليوم النهائي لقرار التسلم أو تحديد مشتر آخر من المضاربين، لم يجدوا المشتري لأن القوة التخزينية فائضة، فكان لزاما تسلمها أو دفع تكاليف تخزينها في السفينة لتضاف تكاليف إضافية إلى الشراء فيكون التخلص منها الخيار الأفضل».
وأشار أبانمي إلى أن ما حدث يوم الاثنين في العقود الآجلة سيضغط على العقود المقبلة، إذ سيكون هناك إحجام في الشراء خوفا من عدم تسويقه من قبل المشترين بعد شهر، لعدم القدرة على التخلص منها قبل 20 يونيو (حزيران) المقبل، موضحا أن ما حدث كان لأسباب موضوعية لا تزال قائمة، منها فيروس كورونا الذي كان تسبب في تهاوي الطلب، ما يفسر ردة الفعل غير الطبيعية للسوق، متوقعا أن يصل سعر البرميل إلى قرابة 5 دولارات في الأسواق العالمية مع استمرار تراجع الطلب، في وقت تبلغ تكلفة احتفاظ النفط في السفن 60 دولارا شهريا للبرميل.
ويقول أبانمي: «يشهد العالم حالة استثنائية، من الضروري في حال اتخاذ أي سياسة أن تكون قائمة على هذا الظرف التاريخي بالتحديد من جميع أطراف منظمة (أوبك) أو حلفائها في (أوبك بلس)، حيث إذا استدعت كل دولة مصلحتها فقط فسيكون القرار خاطئا وكارثيا سيرتد عليها عاجلا أم آجلا»، مطالبا باتخاذ قرار سريع بوقف إنتاج النفط لمجموعة (أوبك) وحلفائها لمدة شهر من تاريخه لتقليص الفائض في المستودعات.
إلى ذلك، قال الدكتور فيصل الفاضل، رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى السعودي لـ«الشرق الأوسط» إن هبوط عقود خام غرب تكساس مؤشر خطير على العديد من اقتصادات العالم منها الولايات المتحدة التي تواجه جائحة فيروس كورونا، الأمر الذي سيغير الخارطة الاقتصادية العالمية إن استمر هذا الهبوط.
وأضاف الفاضل، أن اقتصادات 170 دولة معرضة للانكماش مع تفشي الوباء ما سيكون الأكثر تأثيرا على المدى البعيد على هذه الدول خاصة الدول النامية والناشئة، موضحا أن من أبرز أسباب هذا الانخفاض في أسعار النفط يعود إلى ارتفاع المخزونات الحالية نتيجة لكثرة العرض وقلة الطلب على وجه الخصوص ووجود مخزون كبير لدى الولايات المتحدة يفوق حاجة السوق المحلية بعد توقف العديد من القطاعات، وفي مقدمتها شركات الطيران وشركات كبرى تعتمد على النفط في إنتاجها.
واستبعد رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة، أن يكون هناك تأثيرات سلبية مباشرة على مجموعات (أوبك) و(أوبك بلس)، حيث لا تعتمد تعاملاتها على العقود الآجلة وإنما على قاعدة العرض والطلب، موضحا أن ذلك لا يلغي التأثيرات السلبية على اقتصاديات العديد من الدول في حال استمر النزف السعري، مطالبا باستمرار التعاون بين جميع دول العالم وتضافر جهودها والثبات على ذلك من أجل توازن الأسواق واستقرارها بما يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء.



محافظ جنوب سيناء: نتطلع لجذب الاستثمارات عبر استراتيجية التنمية الشاملة

اللواء الدكتور خالد مبارك محافظ جنوب سيناء (الشرق الأوسط)
اللواء الدكتور خالد مبارك محافظ جنوب سيناء (الشرق الأوسط)
TT

محافظ جنوب سيناء: نتطلع لجذب الاستثمارات عبر استراتيجية التنمية الشاملة

اللواء الدكتور خالد مبارك محافظ جنوب سيناء (الشرق الأوسط)
اللواء الدكتور خالد مبارك محافظ جنوب سيناء (الشرق الأوسط)

تتطلع محافظة جنوب سيناء المصرية إلى تعزيز موقعها كمركز جذب سياحي، سواء على مستوى الاستثمارات أو تدفقات السياح من كل أنحاء العالم، وذلك من خلال تعزيز مكامن القوة التي تمتلكها، عبر استراتيجية داعمة تواكب مساعي مصر في مسيرة التنمية الشاملة.

وجاءت تلك التأكيدات بحسب ما ذكره اللواء الدكتور خالد مبارك، محافظ جنوب سيناء، الذي قال إن تلك الجهود تتماشى مع توجيهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتعظيم إمكانات المنطقة عبر قطاعات متعددة.

نمو الاستثمارات والمبادرات الجديدة

وكشف المحافظ عن تشكيل مجموعة عمل تضم قادة السياحة وممثلي الأعمال والمجتمع المدني والجامعات، ممثلة في جامعة الملك سلمان الدولية وجامعة السويس، وشيوخ المجتمع المحلي لضمان التنفيذ الناجح لهذه الاستراتيجيات، ومن الأهداف الرئيسية دعم ريادة الأعمال بين الشباب من خلال تطوير مشاريع ناشئة في جميع أنحاء المحافظة.

ولفت الدكتور خالد مبارك إلى التركيز بشكل خاص على مدينة سانت كاترين وسط شبه جزيرة سيناء، حيث يهدف «مشروع التجلي الأعظم» إلى وضع المدينة كمركز للسياحة الدينية والتراثية والبيئية، ومن المقرر أن يكتمل هذا المشروع الوطني الذي يضم 18 مشروعاً فرعياً، بحلول نهاية عام 2024، مع التخطيط لافتتاحه رسمياً في أوائل العام المقبل خلال مناسبة وطنية.

وأضاف: «يشمل المشروع معالم شهيرة مثل وادي طوى المقدس، وجبل موسى، وجبل التجلي، بهدف جذب السياحة العالمية وجعل سانت كاترين وجهة للسياحة الثقافية والدينية والمستدامة».

وتقع محافظة جنوب سيناء في النصف الجنوبي لشبه جزيرة سيناء، وهي عبارة عن مثلث قاعدته الشمالية بئر طابا على خليج العقبة شرقاً حتى رأس مسلة على خليج السويس غرباً، وضلعاه على امتداد خليجَي العقبة والسويس حتى يلتقيا في رأس محمد جنوباً.

إحصاءات السياحة

وشهدت مصر زيادة كبيرة في أعداد السياح خلال عام 2023 وصلت إلى 15 مليون سائح، في الوقت الذي يُتوقع فيه أن يبلغ عدد السياح في مصر نحو 18 مليون سائح بختام عام 2024؛ مما يعكس نمواً واضحاً في السياحة.

ومع تحقيق تلك الارتفاعات في أعداد السياح إلى مصر، أكد اللواء الدكتور خالد مبارك أن محافظة جنوب سيناء، وخاصة مناطق شرم الشيخ وسانت كاترين وطابا ودهب ونويبع، من الوجهات الرائدة التي تساهم في هذه الزيادة رغم التحديات الإقليمية والعالمية التي أثرت على خريطة السياحة الدولية.

ولفت إلى أنه مع نمو القطاع السياحي في مصر بنسبة تتراوح بين 25 و30 في المائة سنوياً، تسهم جنوب سيناء بشكل كبير في هذه الزيادة من خلال مشاريعها السياحية الجديدة وتنوع مقاصدها وتكامل خدماتها واستقبالها لعدد متزايد من الزوار.

مركز سياحي إقليمي وعالمي

وأكد مبارك أهمية المحافظة ليس فقط للسياحة في مصر، ولكن أيضاً للمشهد السياحي الإقليمي والدولي، حيث أصبحت شرم الشيخ وجهة مفضلة للمؤتمرات والأحداث الرياضية، مستفيدة من بنيتها التحتية الحديثة، والتي تتضمن قرية شبابية كبيرة على استعداد لتصبح منشأة أولمبية، ومركز مؤتمرات دولياً قادراً على استضافة 8 آلاف شخص، بالإضافة إلى عشرات قاعات المؤتمرات القائمة على الفنادق.

وبالإضافة إلى ذلك، تواصل جنوب سيناء جذب الاهتمام الدولي، بما في ذلك من السياح الروس والأوكرانيين، وذلك على الرغم من الصراع الدائر بين بلديهما. وأكد مبارك أن الحياد السياسي لمصر في الصراعات الإقليمية ساعد في استقرار تدفقات السياحة من الأسواق الرئيسية.

مشروع «التجلي الأعظم»

تسهيل الاستثمار

وأنشأت المحافظة مكتباً للاستثمار لتبسيط العمليات وحل التحديات التي تواجه المستثمرين المحتملين، وأفاد مبارك بزيادة في مقترحات الاستثمار الأجنبي والمحلي، وخاصة في السياحة والخدمات اللوجستية والزراعة. وتماشياً مع الأولويات الوطنية، تقسم استراتيجية جنوب سيناء المحافظة إلى خمسة قطاعات تنموية، يركز كل منها على صناعات محددة لتسخير الموارد المحلية بكفاءة.

وأوضح مبارك قائلاً: «جنوب سيناء لديها كل ما يلزم لتكون وجهة سياحية واستثمارية عالمية. طموحاتنا وأحلامنا لا حدود لها»، مسلطاً الضوء على النمو الأخير في الاستثمارات المحلية، بعد اعتماد استراتيجية التنمية الشاملة.

وأضاف: «نتطلع لجذب الاستثمارات العالمية، وبالتحديد الخليجية والسعودية بشكل خاص؛ إذ تتمتع مصر ودول الخليج بتقارب كبير في شتى المجالات، في الوقت الذي نتطلع لتقديم فرص استثمارية فريدة من نوعها والاستفادة مما تقدمه تلك الفرص من عوائد متنوعة».

التعاون الاستثماري السعودي - المصري

وأكد اللواء خالد مبارك عمق العلاقات المصرية - السعودية، منوهاً بالزيارة الأخيرة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى مصر، والتي تعكس عمق الروابط التاريخية والعلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين، والتي تمتد لعقود طويلة من التعاون والتنسيق المشترك.

وقال مبارك: «هذه العلاقات تمثل حجر الزاوية في استقرار المنطقة العربية وتعزيز التضامن العربي؛ إذ يجتمع البلدان على تعزيز الرؤية المشتركة التي تهدف إلى الحفاظ على الأمن الإقليمي والتصدي للتحديات في المنطقة. ومن خلال استمرار التواصل والزيارات المتبادلة على أعلى المستويات، يتم تعزيز هذه الروابط بما يخدم مصلحة الشعبين ويدعم الاستقرار في المنطقة».

وتابع: «على صعيد آخر، تأتي هذه الزيارة ضمن جهود تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين مصر والسعودية؛ إذ تلعب الاستثمارات السعودية في مصر دوراً محورياً في دعم الاقتصاد المصري، وخاصة في قطاعات السياحة والطاقة والبنية التحتية. وفي المقابل، تسهم الاستثمارات المصرية في السعودية في دعم تحقيق أهداف (رؤية 2030)؛ مما يعكس التزام البلدين بتطوير شراكة اقتصادية قوية ومتكاملة تحقق المصالح المشتركة، وتسهم في تعزيز التنمية المستدامة لكلا الشعبين».

وأكد أن العلاقات السعودية - المصرية تشهد تطوراً مستمراً؛ إذ تمتد هذه العلاقات لعقود من التعاون الوثيق في مختلف الأصعدة. وتُعَد العلاقات بين البلدين من أكثر العلاقات قوةً واستقراراً في العالم العربي، مستندةً إلى علاقات استراتيجية تعززها مصالح سياسية واقتصادية، وتعد السعودية ثاني أكبر شريك تجاري لمصر؛ إذ يبلغ ‏حجم التبادل التجاري بين السعودية ومصر 12.8 مليار دولار في 2023.

تأمين الاستقرار لنمو السياحة

وشدد اللواء خالد مبارك محافظ جنوب سيناء على أن موقع جنوب سيناء كوجهة للسياحة الدينية والبيئية والترفيهية، إلى جانب الاستثمارات في البنية التحتية المستدامة، يضعها في طليعة نهضة السياحة في مصر، لافتاً إلى أن المحافظة مهيأة بشكل جيد لجذب المزيد من الزوار والاستثمارات؛ مما يعزز مكانتها كواحدة من أبرز مواقع السياحة في العالم العربي وخارجه.

سانت كاترين

اليونان وتطوير جنوب سيناء

وضمن مساعيه لتطوير منطقة سانت كاترين كوجهة عالمية، بحث محافظ جنوب سيناء اللواء خالد مبارك، مع مطران دير سانت كاترين، ديمتريوس ديميانيوس، بحضور السفير المصري في أثينا، تعزيز التعاون لحماية التراث الديني والثقافي للدير، كما ناقش محافظ جنوب سيناء مع رئيس مجموعة «غولدن بورت» التعاون في السياحة البحرية وتطوير البنية التحتية في شرم الشيخ، ونويبع، وطابا.

إضافةً إلى ذلك، اجتمع مع مارك هاميلتون، مدير الغرفة التجارية المصرية - البريطانية، لبحث فرص الاستثمار التجاري واللوجستي في ميناء نويبع، وجذب الاستثمارات البريطانية لشرم الشيخ ودهب.