ريتشارد برينان لـ«الشرق الأوسط»: نشعر بالقلق من تأثير تعليق التمويل الأميركي

مدير الطوارئ الإقليمي في «الصحة العالمية» يأمل أن يعيد ترمب النظر في قراره

ريتشارد برينان
ريتشارد برينان
TT

ريتشارد برينان لـ«الشرق الأوسط»: نشعر بالقلق من تأثير تعليق التمويل الأميركي

ريتشارد برينان
ريتشارد برينان

أعرب ريتشارد برينان، مدير الطوارئ للمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بشرق المتوسط، عن قلقه من تأثير تعليق التمويل الأميركي المقدم سنوياً للمنظمة، على الدعم الذي يقدمه المكتب الإقليمي للبلدان ذات النظم الصحية الهشة والدول التي تشهد صراعات (ليبيا، سوريا، اليمن، العراق) منذ سنوات.
والولايات المتحدة هي أكبر جهة مانحة للمنظمة، تمولهاً سنويا بمبلغ يتراوح ما بين 400 و500 مليون دولار كل عام، وفق تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترمب في 15 أبريل (نيسان) الحالي.
وقرر ترمب تعليق تمويل بلاده، على خلفية اتهامه للمنظمة بأنها «عززت التضليل الصيني بشأن فيروس كورونا المستجد، ما أدى إلى تفشي الوباء على نطاق أوسع».
وقال برينان، وهو طبيب أسترالي، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «من الواضح أننا قلقون بشأن تأثير هذا القرار على تمويلنا؛ خصوصاً في البلدان ذات النظم الصحية الهشة... ونقوم حالياً بتقييم التأثير على البلدان التي نعمل بها».

وتابع مدير الطوارئ الإقليمي، الذي عمل في أكثر من 35 دولة عبر أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، قبل تقلده هذا المنصب: «نأمل بالتأكيد أن يعيد الرئيس الأميركي النظر في موقفه؛ حيث يُعد دورنا في الاستجابة للطوارئ التي يفرضها فيروس (كوفيد – 19) حيوياً، وخاصة الدعم التقني الذي نقدمه للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل».
وتسعى المنظمة، رغم انتظارها حدوث تغيير في الموقف الأميركي، إلى تأمين البدائل إذا نفذ الرئيس الأميركي تهديداته بوقف التمويل. وقال برينان، الحاصل على شهادة طبية من جامعة سيدني، وماجستير في الصحة العامة من جامعة جونز هوبكنز، وزمالة سريرية وبحثية في الولايات المتحدة: «تقوم المنظمة بمراجعة تأثير أي سحب للتمويل الأميركي على عملنا، وسنعمل مع شركائنا لسد أي ثغرات مالية نواجهها لضمان استمرار عملنا دون انقطاع».
ورفض برينان الاتهامات الموجهة للمنظمة بأنها لم تـأخذ الأمر على محمل الجد منذ البداية، وقال: «بالعكس أخذنا المخاطر المرتبطة بفيروس (كوفيد – 19) على محمل الجد، وهذا موثق جيداً، لقد لعبنا دوراً قيادياً منذ أبلغتنا الصين لأول مرة في 31 ديسمبر (كانون الأول)».
ووفق بيان على الموقع الرسمي للمنظمة، يحمل عنوان «الجدول الزمني لفيروس كوفيد - 19»، أبلغت الصين لأول مره في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2019 عن مجموعة من حالات الالتهاب الرئوي في مدينة ووهان بمقاطعة هوبي، وتم تحديد سببها، وهو فيروس تاجي جديد، وأشار مدير الطوارئ الإقليمي إلى هذا البيان لتبرئة المنظمة من اتهامها بالتحرك المتأخر.
وتابع: «مع ذلك، نحن بالطبع نراجع باستمرار استجابتنا، ونأخذ في الاعتبار كيف يمكن أن تتحسن، وسنقوم أيضاً بإجراء تقييمات رسمية للاستجابة، للخروج بدروس مستفادة، تساعد في التخطيط لحالات الطوارئ في المستقبل».
وعن تخوف بعض المراقبين من تحول المنظمة إلى ساحة صراع بين الصين وأميركا، على خلفية تقارير صحافية نشرتها وسائل إعلام أميركية أشارت إلى أن واشنطن تسعى من خلال قرار تعليق التمويل إلى استعادة نفوذها بالمنظمة الذي تركته للصين، قال برينان: «تفضل المنظمة التركيز على القضايا التقنية والصحية، فليس من دورنا الانخراط في الخلافات السياسية بين الدول».
وكان تقرير نشرته مجلة «نيوزويك» الأميركية أشار إلى أن أميركا تركت نفوذ المنظمة للصين منذ عام 2006، مع تعيين الرئيسة السابقة للمنظمة الدكتورة مارغريت تشان، الطبيبة من هونغ كونغ، في أول 5 سنوات لها.
وقالت المجلة، في التقرير الذي نشرته يوم 14 أبريل الحالي: «في المرة الأولى التي تم فيها تسمية مرشح مدعوم من الصين مديراً عاماً لمنظمة الصحة العالمية، كان لدى جورج بوش، رئيس الولايات المتحدة الأسبق، أشياء أخرى في ذهنه مثل حرب العراق، وخسارة الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه في انتخابات التجديد النصفي بالكونغرس، ورغم أن الصين أساءت التعامل مع مرض شبيه بالإنفلونزا (تقصد فيروس سارس)؛ حيث قامت بالتغطية عليه أولاً، ثم أبلغت بعد ذلك عن نتائج محدودة، فإن الرئيس أراد وقتها إقامة علاقات مستقرة مع بكين، ولم يثر أحد في إدارته أي اعتراضات معينة على اختيار أعلى منصب في منظمة الصحة العالمية».
وتابعت المجلة: «إذا كان ذلك مفهوماً بسبب هذه الأحداث، فلم يكن مفهوماً وقوف إدارة الرئيس الأميركي بارك أوباما إلى جانب تعيين تشان، الموالية لبكين، لفترة رئاسية ثانية، قامت خلالها بتعيين عدد كبير من البيروقراطيين الموالين لبكين». وأضافت: «عندما تقدم الإثيوبي تيدروس غيبريسوس، المدير العام الحالي للمنظمة، للانتخابات عام 2017، لم تهتم إدارة ترمب بالأمر، وكان جدول أعماله عندما يتعلق الأمر بالصين يدور حول التجارة».


مقالات ذات صلة

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

صحتك لا يستطيع بعضنا النوم أحياناً رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

صُمم جهاز طبي مبتكر يُعرف باسم « Genio» يهدف إلى تحفيز الأعصاب في اللسان لتحسين التنفس أثناء النوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي سوريون ينتظرون في طابور للعبور إلى سوريا من تركيا في منطقة ريحانلي في هاتاي بتركيا في 10 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

الصحة العالمية: نزوح مليون شخص منذ بدء هجوم المعارضة في سوريا

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الثلاثاء، إن نحو مليون شخص نزحوا منذ بدء هجوم المعارضة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أن قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)

مصر تعالج الوافدين ضمن مبادرات قومية رغم «ضغوط» إقامتهم

لم تمنع الضغوط والأعباء المادية الكبيرة التي تتكلفها مصر جراء استضافة ملايين الوافدين، من علاج الآلاف منهم من «فيروس سي»، ضمن مبادرة رئاسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».