حكّام ولايات أميركية يتجهون لتخفيف الإجراءات الاحترازية رغم تحذيرات العلماء

حكّام ولايات أميركية يتجهون لتخفيف الإجراءات الاحترازية رغم تحذيرات العلماء
TT

حكّام ولايات أميركية يتجهون لتخفيف الإجراءات الاحترازية رغم تحذيرات العلماء

حكّام ولايات أميركية يتجهون لتخفيف الإجراءات الاحترازية رغم تحذيرات العلماء

بين دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتكررة إلى إعادة فتح الاقتصاد، وتحذيرات خبير الصحة أنتوني فاوتشي من مخاطر تخفيف الإجراءات الاحترازية في مواجهة فيروس «كورونا»، تدور حالة من الجدل وعدم اليقين والمخاوف من تأثيرات اقتصادية فادحة إذا استمرت حالة الإغلاق وارتفعت نسب البطالة وخيّم شبح الإفلاس على عدد مزداد من الشركات والقطاعات. وفي الوقت نفسه تزداد المخاوف والتحذيرات من موجة ثانية من تفشي الفيروس وارتفاع أعداد الإصابات مع استمرار الضغط الشديد على الإمدادات الطبية، في ظل ضغوط إدارة ترمب لإعادة فتح القطاعات الاقتصادية وإعادة أكثر من مليوني موظف حكومي إلى أعمالهم. وحتى صباح الثلاثاء بلغت أعداد الإصابات في الولايات المتحدة أكثر من 788 ألف حالة، وبلغت أعداد الوفيات 42 ألف حالة بزيادة تبلغ 80 في المائة على إجمالي عدد الوفيات قبل أسبوع.
وفي خضم هذا الجدل، اتجه عدد من حكام الولايات إلى إعلان قرارتهم بإعادة فتح القطاعات الاقتصادية في ولاياتهم رغم التحذيرات من خبراء الصحة واستمرار الارتفاعات في أعداد المصابين والوفيات في تلك الولايات. وعبر كثير من الحكام عن مخاوفهم بشأن الحريات المدنية والضغوط الاقتصادية التي تتسبب فيها حالة الإغلاق الواسعة لقطاعات كبيرة من الاقتصاد.
وتأتي تلك التحركات وسط ارتفاعات قياسية في نسب البطالة؛ إذ سجل 22 مليون أميركي طلبات للحصول على إعانة بطالة، فيما تقول تقارير صندوق النقد الدولي إن التراجعات الكبيرة في الاقتصاد العالمي قد تؤدي إلى أسوأ ركود اقتصادي يشهده العالم منذ الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي.
وقال حكام كل من جورجيا وكارولاينا الجنوبية وتنيسي وأوهايو ووسط فيرجينيا وكولورادو إنهم سيبادرون إلى تخفيف القيود المفروضة من تباعد اجتماعي وأوامر البقاء في المنازل، وسيقومون بفتح قطاعات اقتصادية عدة. كما أعلنت شركات عملاقة مثل «بوينغ» استئناف عمليات التشغيل في مواقعها المختلفة.
وقال حاكم ولاية جورجيا برايان كيمت (الجمهوري) إنه سيعيد فتح صالات الألعاب الرياضية والبولينغ، وصالونات التجميل والتدليك والوشم بحلول يوم الجمعة المقبل، كما سيعيد فتح المطاعم والمسارح ودور الترفيه بحلول يوم الاثنين. وهو ما أثار الحيرة لدى رؤساء البلديات في الولاية الذين أشاروا إلى الأعداد المرتفعة في الإصابات والوفيات من فيروس «كورونا» ومعدلات الإصابة بالربو العالية في الولاية.
وخلال الأسبوع الماضي؛ جرى الإبلاغ عن 5 آلاف و700 حالة جديدة من الإصابة بفيروس «كورونا» في ولاية جورجيا، وهو معدل ينخفض بنسبة نحو 6 في المائة عن إجمالي الإصابات بالفيروس خلال الأسبوع الذي سبقه، لكن وفق خبراء الصحة يظل رقماً عالياً. ويبلغ العدد الإجمالي للإصابات بفيروس «كورونا» في ولاية جورجيا أكثر من 19 ألف حالة مؤكدة، وعدد حالات الوفيات الإجمالية 775 حالة. وقد أشار حاكم ولاية جورجيا إلى أن إعادة فتح الاقتصاد خطوة صغيرة إلى الأمام ويجب التعامل معها على هذا النحو. وأشار حاكم ولاية تينيسي بيل لي، إلى أن قيود البقاء في المنازل ستنتهي بحلول 30 أبريل (نيسان) الحالي بما يسمح لمعظم الشركات والمتاجر بإعادة فتح أبوابها بحلول 1 مايو (أيار) المقبل. وتبلغ حالات الإصابة بفيروس كورونا في تينيسي 7 آلاف و238 حالة، وتبلغ أعداد الوفيات 152 حالة، وفقاً لإحصاءات جامعة «جونز هوبكنز».
وأعلن حاكم ولاية كارولاينا الجنوبية هنري ماكماستر إعادة فتح متاجر البيع بالتجزئة، مثل متاجر الكتب ومحال الزهور وأسواق السلع المستعملة؛ بدءاً من يوم الاثنين المقبل مع الالتزام بمتطلبات التباعد الاجتماعي؛ رغم ما أعلنه علماء الأوبئة في الولاية من أن الولاية لم تشهد مساراً منخفضاً في معدلات الإصابة والوفيات خلال الأسبوعين الماضيين، وأبلغت الولاية عن 4 آلاف و439 حالة إصابة و124 حالة وفاة.
وقال حاكم ولاية أوهايو مايك دي واين، إنه سيقوم بما هو صحيح؛ أي إعادة فتح الاقتصاد، لكنه سيفعل ذلك بحذر شديد. فيما قام حاكم ولاية فلوريدا بإعادة فتح الشواطئ العامة التي شهدت إقبالاً كبيراً وانتقادات شديدة.
ولمح حكام ولايات آخرون إلى التحرك نحو تخفيف قيود التباعد الاجتماعي وإعادة فتح القطاعات في وقت لاحق، ولمح حاكم ولاية بنسلفانيا توم وولف (الديمقراطي) إلى نيته إعادة فتح بعض القطاعات في 8 مايو المقبل، وحددت حاكمة ولاية رود آيلاند جينا ريموندو 8 مايو المقبل موعداً لرفع أوامر البقاء في المنازل.
في المقابل، أبدى حكام ولايات أخرى مخاوفهم من نقص الإمدادات الطبية وتخوفهم من تفشي موجه ثانية من العدوى، وأعلنت حاكمة ولاية ميتشغان (الديمقراطية) غريتشن ويتمان معارضتها الشديدة دعوات إعادة فتح الاقتصاد والاعتراض على التظاهرات، وقالت: «إن الأمر لا يتعلق بحق الفرد في التجمع وحريته في الانتقال، وإنما يتعلق بحق أبنائنا في الحياة».
وتأتي إعلانات حكام بعض الولايات تلك الخطوات بعد كثير من المظاهرات التي طالبت بإنهاء أوامر البقاء في المنازل. وانتشرت الاحتجاجات ضد أوامر البقاء في المنزل في ولايات مثل مين وبنسلفانيا، وشهدت ولايات أخرى مثل ميتشغان ومينيسوتا وكولورادو وكارولاينا الشمالية احتجاجات مماثلة بدأت الدعوات إليها على شبكات التواصل الاجتماعي، ووجدت استجابة مع نزول السكان إلى الشوارع بأعداد غفيرة.
وفي مسيرة في ولاية بنسلفانيا التي شهدت أكبر مسيرة احتجاج، رفع المتظاهرون لافتات استياء ضد ما سموه «استبداد حكام الولاية»، وأخرى تؤيد دعوة الرئيس ترمب في إعادة فتح الاقتصاد وشعارات: «ترمب جعل أميركا عظيمة مرة أخرى». وكان واضحاً أن كثيراً منهم لا يرتدون أقنعة واقية للوجه ولا يلتزمون بقواعد التباعد الاجتماعي وإبقاء مسافة 6 أقدام على الأقل فيما بينهم. وانتشرت دعوات الاحتجاج على قيود التباعد والبقاء في المنازل على شبكات التواصل الاجتماعي أيضاً في كاليفورنيا ونيوجيرسي ونبراسكا. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» يوم الأحد أن اليمين المتطرف المريد حمل السلاح وراء تنظيم الاحتجاجات في ولايات مثل بنسلفانيا وويسكنسن وأوهايو.
وخلال المؤتمر الصحافي مساء الاثنين أشارت الدكتورة ديبوا بيركس، منسقة فريق مكافحة الفيروس بالبيت الأبيض، إلى كثير من حالات الإصابة في ولايات مثل ماساتشوستس وشيكاغو ونيويورك. وقدمت عرضاً لتوضيح مواقع المختبرات وأدوات الاختبار للفيروس رداً على شكاوى حكام ولايات عدة من النقص الحاد في أدوات اختبار فيروس «كورونا» والإمدادات الطبية التي تحول دون رفع القيود في ولاياتهم.
في المقابل، لم يخفف الرئيس ترمب من رغبته في إعادة فتح القطاعات التجارية والاقتصادية بسرعة، ودافع بشكل قوي عن قدرة إدارته على توفير اختبارات فيروس «كورونا» وتوفير عينات الاختبار. وأكد نائب الرئيس مايك بنس أن هناك قدرات كافية لتوفير الاختبار لفيروس «كورونا» في كل ولاية داخل أميركا، خصوصاً مع قرارات رفع القيود المفروضة لمنع انتشار الفيروس.
وكان من المقرر أن يلتقي حاكم ولاية نيويورك آندرو كومو مع الرئيس ترمب مساء الثلاثاء في البيت الأبيض، وهو أول لقاء وجهاً لوجه بعد أسابيع من تبادل الاتهامات النارية حول تعامل كل منهما في أزمة جائحة فيروس «كورونا». وقد برز اسم كومو خلال الأسابيع الماضية بسبب تحدّيه في تخفيف القيود في ولايته التي أصبحت منطقة ساخنة لتفشي الوباء وعانت من نحو نصف حالات الإصابات والوفيات في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وقد وجّه كومو كثيراً من الانتقادات للرئيس ترمب في مطالبه لحكام الولايات بقيادة جهود مكافحة المرض دون أن يوفر موارد اتحادية وأجهزة تنفس صناعي مطلوبة بشدة للمستشفيات. وفي الأسبوع الماضي؛ أعلن ترمب أن لديه سلطة كاملة لإعادة فتح الاقتصاد الوطني، وتراجع وسط انتقادات شديدة من حكام الولايات ومن خبراء القانون الدستوري.
من جانب آخر، تشير استطلاعات رأي إلى انخفاض في معدلات الثقة لدى الأميركيين بالطريقة التي تعامل بها ترمب مع أزمة فيروس «كورونا»، وأظهرت أن انخفاضات معدلات الثقة جاءت من خارج صفوف الخصوم الآيديولوجيين التقليديين لسياسات ترمب.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.