حكومة نتنياهو ـ غانتس تواجه هجوماً من اليمين واليسار والصحافة

دعوى جديدة أمام القضاء لمنع رئيس الوزراء من الاحتفاظ بمنصبه

TT

حكومة نتنياهو ـ غانتس تواجه هجوماً من اليمين واليسار والصحافة

في الوقت الذي شعر فيه الجمهور الإسرائيلي بالراحة حيال تشكيل حكومة ستمنع انتخابات رابعة، خرج قادة اليمين الراديكالي واليسار على حد سواء بهجوم شديد على كل من رئيس الوزراء وزعيم تكتل اليمين، بنيامين نتنياهو، وحليفه الجديد رئيس الكنيست (البرلمان) ورئيس حزب «كحول لفان» بيني غانتس. وخرج جميع وسائل الإعلام العبرية لانتقاد الاتفاق على تشكيل الحكومة لكثرة عيوبه. لكن ناطقين بلسان كل منهما خرجوا يطمئنون بأن القطار انطلق إلى الأمام ولا مجال للعودة إلى الوراء بتاتاً.
وعادت «الحركة من أجل نزاهة الحكم» لتقديم دعوى من جديد إلى المحكمة العليا، تطلب فيها منع نتنياهو من ترؤس الحكومة، بسبب مثوله المقرر أمام المحكمة كمتهم بثلاث قضايا فساد. وقال رئيس الحركة، رجل القانون إيعاد شراغا، إنه لا يفهم كيف يكون مقبولاً في إسرائيل أن يبدأ رئيس حكومة دوامه في قفص الاتهام في المحكمة التي تحاكمه بالفساد وينتقل من هناك إلى مقر الحكومة ليعين القضاة ومسؤولي النيابة العامة!! فمن تكون ضده لائحة اتهام لا يستطيع أن يكون رئيس حكومة.
وكانت الانتقادات في اليمين قد تناولت مسألة توزيع الحقائب في الأساس، التي بسببها يمكن أن يبقى حزب «يمينا» المتطرف خارج الحكومة. فقد عرض نتنياهو عليهم وزارتين، علماً بأنهم ممثلون في الكنيست فقد بستة مقاعد. لكنهم اعتبروا هذا العرض مهيناً وطلبوا 3 وزارات. واتهموا نتنياهو بدفعهم بشكل متعمد إلى خارج الحكومة.
وفي حزب الليكود يتبين أن عدد الوزارات سيؤدي إلى وضع يكون فيه نصف عدد الوزراء في الحكومة الحالية، خارج الحكومة الجديدة. وسرب عدد من هؤلاء الوزراء إلى الصحافة، اتهامات مثل: «نتنياهو اهتم بمقعده وحده»، و«لو أنه أصر على الحصول على مقاعد وزارية في الحكومة مثلما أصر على الطلبات التي تتعلق بمحاكمته، لكان قد حصل اتفاق أفضل».
وخرجت حركة «رجبيم» اليمينية المتطرفة بحملة ضد بنود الاتفاق التي تتحدث عن المساواة للمواطنين العرب وعن تجميد قانون كامنتس الذي جاء ليمهد هدم عشرات ألوف البيوت العربية. وطالب مئير دويتش، رئيس الحركة، في رسالة إلى نتنياهو، بإلغاء هذا البند والتعهد بهدم البيوت الفلسطينية في المنطقة «ج» في الضفة الغربية.
وأما في اليسار، فقد اعتبروها حكومة ضم واحتلال وتغطية على الفساد ودعم لنتنياهو في حربه ضد المؤسسة القضائية. ومع أنهم رأوا أن هناك أمراً إيجابياً في تشكيل الحكومة، وهو تحديد موعد لأول مرة يعرف فيه متى ينزل نتنياهو عن كرسي رئيس الحكومة، فإنهم اعتبروا الاتفاق مكسباً صافياً لليمين عموماً ولنتنياهو بشكل شخصي.
ونشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، مقالاً افتتاحياً لمحررها يوفال كارني، جاء فيه: «انتهى أمس فصل طويل ومضنٍ في حياة الساحة السياسية في إسرائيل. الحقيقة، لم يكن هناك خيار سياسي أفضل لدولة إسرائيل. لا حكومة أقلية برئاسة غانتس، ولا حكومة ضيقة مع نواب فارين من أحزابهم برئاسة نتنياهو. وبالتأكيد لا حملة انتخابات للمرة الرابعة. فالجمهور الإسرائيلي على أي حال تعب من زعمائه ومن المشكوك به أنه قد يعطي ثقة بساحة ديمقراطية تجبره على أن يجرّ أقدامه أربع مرات نحو صندوق الاقتراع. لكنها حكومة مضخمة بعدد وزرائها ومعقدة في سير عملها. إنها مخلوق عجيب ولد من بطن فوضى سياسية. وهي تستوجب تشريع قانون أساس يغير الأنظمة الأولية ويحدد أنظمة حكم جديدة لم تكن معروفة لنا من قبل (مثل اللقب الزائد «لرئيس وزراء بديل» وتحديد منازل فاخرة لرئيس الوزراء والقائم بأعماله). هي حكومة مبذرة على نحو مخيف مع وظائف زائدة ليست فيها قدوة للجمهور في إسرائيل الذي يختنق تحت عبء أضرار كورونا.
وكتب رئيس تحرير صحيفة «هآرتس»، الوف بن، أن «غانتس وقع أمس على كتاب البراءة العلني لنتنياهو. وبموافقته على أن يشغل منصب ولي العهد لنتنياهو، أوضح غانتس للجمهور أن تهم الفساد الخطيرة لرئيس الحكومة لا تهمه. وليس لديه أي تحفظ قيمي أو مبدئي أو غيره من التعاون مع متهم بتلقي الرشوة والخداع وخيانة الأمانة، الذي يسعى إلى تقويض الديمقراطية. وبدلاً من خطة تعافٍ حيوية لدولة في أزمة، حصلنا على وثيقة من شخصين انتهازيين ينشغلان بتوزيع الغنائم السياسية».
أما في صحيفة اليمين؛ «يسرائيل هيوم»، فكتب ماتي توخفيلد، أن «هناك ثلاث بشائر في هذه الحكومة؛ هي: انتهاء الأزمة الحكومية المتواصلة، وانتهاء حكم نتنياهو، وبشرى الضم التاريخي للمستوطنات وغور الأردن».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.