الكتل السياسية العراقية... توافقات على الكاظمي وخلافات حول الحصص الوزارية

توقعات بتقديم التشكيلة الحكومية إلى البرلمان الأسبوع المقبل

مصطفى الكاظمي
مصطفى الكاظمي
TT

الكتل السياسية العراقية... توافقات على الكاظمي وخلافات حول الحصص الوزارية

مصطفى الكاظمي
مصطفى الكاظمي

لا تزال نسبة التوافق على مصطفى الكاظمي، المكلف تشكيل الحكومة العراقية، عالية جداً. ورغم بروز خلافات بشأن الاستحقاقات والحصص في الكابينة الحكومية المزمع تقديمها إلى البرلمان الأسبوع المقبل، فإن غالبية الخلافات لا تطال الكاظمي الذي يتصرف من موقع السيطرة على مجريات الأوضاع، بقدر ما هي خلافات بين الكتل السياسية نفسها. وطبقاً لما يراه المراقبون السياسيون المتابعون لمجريات المشاورات، فإنها خلافات داخل البيوت المكوِّناتية (الشيعية والكردية والسُنّية) مرة، وداخل القوى والأحزاب المنضوية داخل كل مكوِّن مرة أخرى.
فعلى صعيد الخلافات المكوناتية؛ فإنه في الوقت الذي يصر فيه الكرد على إبقاء وزارة المالية ضمن حصصهم الوزارية، فإن قوى شيعية عبرت عن رفضها إبقاء المالية لدى الكرد. وفيما يريد الكرد إبقاء وزير المالية الحالي فؤاد حسين ضمن كابينة الكاظمي؛ فإن كثيراً من النواب الشيعة من كتل مختلفة داخل البيت الشيعي أعلنوا أنهم لن يسمحوا بتمريره عند التصويت، وهو ما يعني خروجهم على إرادة كتلهم حتى في حال جرى التوافق عليه لأسباب سياسية.
الأمر نفسه بالنسبة لوزارة النفط التي هي من حصة البيت الشيعي؛ إذ إن الخلاف حولها شيعي - شيعي.
وعلى صعيد الكتل السُنّية؛ فإنه في الوقت الذي فشلت فيه محاولة تأسيس كتلة جديدة باسم «كتلة نواب المدن المحررة» بزعامة خميس الخنجر بهدف سحب البساط من «كتلة تحالف القوى العراقية» بزعامة محمد الحلبوسي، فإن الحصص الوزارية الخاصة بالسنة لا تزال حصة الأسد فيها لـ«تحالف القوى العراقية» مع وجود مؤشرات على منح كتلة الخنجر إحدى الحقائب المخصصة للسنة وهي 6 حقائب.
القيادي البارز في «تحالف القوى العراقية» محمد الكربولي، عضو البرلمان عن محافظة الأنبار، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف المباحثات مع الكاظمي بأنها حول «الثوابت التي حددناها منذ البداية، والتي تتعلق بالبرنامج الحكومي والانتخابات المبكرة، فضلاً عن وضع مناطقنا (الغربية)؛ سواء لجهة النازحين والمهجرين والمغيبين، أو إعادة إعمارها»، مبيناً أن «هذه الثوابت هي ما تهمنا قبل أي أمر آخر». وحول ما إذا كان وضع «تحالف القوى العراقية» قد تأثر بوجود كتلة جديدة (المدن المحررة)، يقول الكربولي: «هذا الموضوع لا نعير له أي أهمية تذكر». وبشأن السقف الزمني لتقديم الكاظمي كابينته الوزارية إلى البرلمان لغرض نيل الثقة، يقول الكربولي: «من المتوقع أن يقدم الكاظمي الكابينة الأسبوع المقبل».
إلى ذلك، دعا رئيس «كتلة بدر» في «تحالف الفتح» النائب محمد سالم الغبان رئيس الوزراء المكلف إلى الالتزام بالمبادئ التي اتفقت عليها الكتل السياسية معه. وفيما بدا أنها لهجة تحذيرية، قال الغبان في تغريدة على موقع «تويتر»: «إننا رفضنا الزرفي لأنه جاء من خلال آلية مرفوضة مخالفة للدستور والأعراف السياسية». وأضاف أن «الرئيس المكلف الحالي جاء بتوافق الكتل السياسية ليس لأنه الأفضل ولا بفوزه في الانتخابات، وإنما مخرجاً وحلاً للأزمة»، داعياً إياه إلى «الالتزام بالمبادئ التي اتفقت عليها الكتل السياسية معه».
وحول ما إذا كانت الخلافات الحالية بين الكتل السياسية يمكن أن تؤثر في النهاية على حظوظ الكاظمي في تشكيل الحكومة العراقية، يقول السياسي العراقي حيدر الملا، النائب السابق في البرلمان العراقي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الخلافات داخل الكتل حول الوزارات والاستحقاقات أو تلك التي تتعلق بالقضايا السياسية، لن تؤثر إلى حد كبير على حظوظ الكاظمي بالقياس إلى المكلفَين اللذين سبقاه، لأسباب كثيرة؛ قسم منها يتعلق بالمعادلة التي جاء بها من سبقه، والمعادلة التي جاء بها، وفي المقدمة منها جو التوافق الكامل تقريباً الذي ألزمت الكتل نفسها به». وأضاف الملا أن «التأسيس الخاطئ الذي بدأ منذ تكليف رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي هو الذي أدى إلى كل هذه المشاكل التي نعانيها الآن والتي يحاول الجميع الخروج منها»، مبيناً أن «الكاظمي لا يزال يملك كثيراً من أوراق المناورة التي تجعله قادراً على نيل الثقة داخل البرلمان بنسبة تتعدى الـ70 في المائة حتى الآن».



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.