تونس: اتهام حكومة الفخفاخ بـ«تبييض الفساد»

TT

تونس: اتهام حكومة الفخفاخ بـ«تبييض الفساد»

تعرّض إلياس الفخفاخ، رئيس الحكومة التونسية، لموجة انتقادات واسعة إثر انتصاره ليوسف بن صالح، وزير الصناعة في حكومته، الذي اتُّهم بـ«صفقة مشبوهة» بين وزارته ونائب برلماني حول تصنيع مليوني كمامة طبية دون الرجوع إلى قانون عقد الصفقات العمومية.
ولم تشفع للفخاخ وسائل الدفاع التي اعتمدها أثناء حوار تلفزيوني بُثّ الليلة قبل الماضية، مثل قوله إن اختيار المصنع المذكور كان اجتهاداً من قبل وزير الصناعة، وتأكيده على تكليف أعضاء الحكومة منذ بداية الشهر الحالي بالبحث عن مصنع يؤمّن تصنيع الكمامات الطبية، نظراً لـ«حالة الحرب التي تعيشها البلاد في مواجهة الوباء»؛ على حد تعبيره.
وقال الفخفاخ إنه أول من يتحمل مسؤوليته إذا كان في الأمر فساد. ودعا في السياق ذاته، إلى ضرورة الكفّ عن التشكيك في كل إجراء تقوم به الإدارة التونسية؛ إذ إن ذلك يعطل القرارات المستعجلة التي يجب اتخاذها في ظل الوضع الاستثنائي، ويحبط من عزائم المسؤولين المطالبين اليوم أكثر من أي وقت مضى بالقيام باجتهادات في سبيل التغلب على فيروس «كورونا» وحماية التونسيين، على حد قوله.
واتهمت قيادات سياسية معارضة الحكومة بـ«تبييض الفساد» و«تضارب المصالح»، رغم حصولها منذ 4 أبريل (نيسان) الحالي على تفويض برلماني يتيح لها إصدار مراسيم استثنائية لتجاوز حالة الأزمة.
وفي هذا الشأن، انتقد عصام الشابي، رئيس «الحزب الجمهوري» المعارض، بشدة موقف رئيس الحكومة حول صفقة الكمامات الطبية المشبوهة، مؤكداً أن «تسرع الحكومة في اختيار مؤسسة لأحد نواب البرلمان ينمّ عن عمل حكومي صادر عن مسؤولين هواة». ودعا إلى ضرورة التمسك بالقانون، مؤكداً أن «المعارك والحروب التي أعلن عنها رئيس الحكومة لا يمكن أن تغفل أعيننا عن احترام القانون، وأن المسألة لا بد من أن تدار بمراسيم حكومية واضحة، والحال أن الفخفاخ حصل قبل مدة على تفويض من البرلمان التونسي يمكنه من العمل في إطار احترام القانون».
ولم تشذّ هيئة مكافحة الفساد عن هذا الموقف، ونبّه رئيسها شوقي الطبيب إلى أن «الدستور التونسي يمنع من حيث المبدأ، تعاقد الدولة مع نواب البرلمان لغايات تجارية والاستفادة المادية المباشرة من وظائفهم، لما في ذلك من تضارب صريح للمصالح، وهو ما سيزيد في إحراج حكومة الفخفاخ».
وجاء موقف الهيئة على خلفية الجدل الحاد الذي أثير مؤخراً حول علاقة بعض النواب في البرلمان بملفات أثيرت حولها شبهات تضارب مصالح.
من ناحيتها، قدمت كلثوم كنو، الرئيسة السابقة لجمعية القضاة التونسيين، حواراً كاريكاتورياً حول ما دار بين وزير الصناعة والنائب في البرلمان، وانتهت إلى أن الاتفاق هذا ليس الأول من نوعه الذي يتجاوز السلطة ويستغل النفوذ؛ بل «هكذا كانت تدار الأمور قبل هذا التاريخ وبعده»، على حد تعبيرها.
على صعيد غير متصل، نظمت «نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل»، أمس، وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة الداخلية التونسية في العاصمة التونسية، للمطالبة بتفعيل إحدى الاتفاقيات التي لها صلة ببعض المطالب المهنية والامتيازات المالية، وهي اتفاقية يعود تاريخها إلى سنة 2016.
ودعا المحتجون وزير الداخلية إلى التدخل الشخصي للتعجيل بالحسم نهائيّاً في هذا الملف، وفق عدد من القيادات الأمنية النقابية. وقبل أيام؛ دعت «نقابة موظّفي الإدارة العامة للأمن العمومي» إلى «استثناء المؤسسة الأمنية من قرار اقتطاع يوم عمل بعنوان شهر أبريل لدعم ميزانية الدولة»، مشيرة إلى «وجود حالة احتقان لدى مختلف التشكيلات الأمنية».
وأكدت أنها «لن تتوانى في رفع دعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية التي تنظر في قضايا خرق القانون وتجاوز السلطة، من أجل إيقاف تنفيذ المرسوم الصادر عن رئاسة الحكومة، والمتعلّق باقتطاع يوم عمل، في حال عدم التوصل إلى حل مُرض». وتمسكت بضرورة «استثناء القوات الحاملة للسلاح من هذا الاقتطاع الإجباري»، لافتة إلى أن «المؤسسة الأمنية تواجه كمّاً هائلاً من الأعمال اليومية الشاقة المناطة بعهدتها في مكافحة الجرائم الإرهابية وكانت في الصفوف الأمامية لمحاربة فيروس (كورونا) وتداعياته رغم نقص تجهيزات الوقاية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.