جمود سياسي وتراشق إعلامي بين مصر وإثيوبيا

تشكيك في إقدام أديس أبابا على «خطوة أحادية»

TT

جمود سياسي وتراشق إعلامي بين مصر وإثيوبيا

ضاعف انشغال العالم بأزمة «كورونا» حالة الجمود السياسي التي يشهدها نزاع «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، منذ تعثر اتفاق «واشنطن» نهاية فبراير (شباط) الماضي، وإعلان أديس أبابا عزمها ملء خزان السد في يوليو (تموز) المقبل دون اتفاق، إلا أن البلدين تباريا مؤخراً في تراشق الاتهامات، وسرد الحجج التي تدعم موقف كل منهما أمام العالم، من خلال خبراء يفندون ادعاءات كل فريق، عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وعقب توقف جولات مكوكية مكثفة أجراها دبلوماسيو البلدين حول العالم، على مدار شهر (مارس) الماضي، إثر أزمة كورونا، بدا لافتاً انتشار صفحات ومنتديات إثيوبية على مواقع «تويتر» و«فيسبوك»، وباللغات العربية والإنجليزية، تروج للسد، وتكذب المخاوف المصرية، فضلاً عن استكتاب الوكالات الإثيوبية خبراء ودبلوماسيين للعمل في هذا الاتجاه، وهو ما قوبل برد مصري مماثل.
وتخشى القاهرة أن يقلص السد المقام على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل إمداداتها الشحيحة أصلاً من المياه، التي يعتمد عليها سكانها، البالغ عددهم أكثر من 100 مليون نسمة، بأكثر من 90 في المائة في الشرب والزراعة. وتستند القاهرة في مطالبها لاتفاقيات دولية تشير لـ«حقوق تاريخية لها في النهر الدولي». وفي الجهة المقابلة، تقول أديس أبابا إن المشروع، الذي تبنيه بالقرب من الحدود السودانية منذ عام 2011، حيوي لنموها الاقتصادي، وسعيها لأن تصبح أكبر مصدر للطاقة الكهربائية في أفريقيا، بطاقة تقدر بأكثر من 6 آلاف ميغاوات.
وتنظر إثيوبيا للنيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل) باعتباره مورداً طبيعياً تمتلكه، كما يشير زريهون ابب، الدبلوماسي في وزارة الخارجية الإثيوبية، إلى أن «استخدام إثيوبيا مواردها الطبيعية من دون أن تلحق ضرراً على الآخرين حقٌ طبيعي... لديها حق في تحسين مستوى معيشة مواطنيها». ويضيف في مقابلة مع هيئة الإذاعة الإثيوبية، ضمن حملة إعلامية بارزة مؤخراً، أن إثيوبيا لديها خطة لبناء سدود لتوليد طاقة كهرومائية على نهر النيل الأزرق بعد الانتهاء من بناء سد النهضة.
وتحت وسم (#سنكمل_بناء_مشروعنا_القومي)، كثفت صفحة «إثيوبيا» على «فيسبوك» منشوراتها لتبرير موقف أديس أبابا، معددة فوائد المشروع على إثيوبيا والسودان، وعدم إضراره على مصر. ونشرت مقالاً للكاتب الإثيوبي عبد الرحمن يوسف، اتهم فيه الأجهزة الإعلامية المصرية بـ«شن حملات تشويه ممنهجة على مختلف الوسائل الإعلامية بأقلام لا علاقة لها بالأمور الفنية للسدود، وتجاهلت كل الأصوات المعتدلة المتخصصة في هندسة المياه والسدود... من أجل إجبار المفاوض الإثيوبي على التوقيع، وضمان حصة مائية لمصر».
ودعا الكاتب الإثيوبي نور الدين عبدا الحكومة المصرية لعدم الاعتماد على سياسات «الحرب الباردة»، مهدداً بأن «تسييس قضية سد النهضة يعود بنتائج سلبية جداً على الشعب المصري».
وكان من المقرر إبرام اتفاق نهائي بين مصر وإثيوبيا والسودان بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد، برعاية وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي، في فبراير (شباط) الماضي، لكن إثيوبيا انسحبت قبل الاجتماع الأخير رافضة التوقيع، ومتهمة الولايات المتحدة بالانحياز لصالح مصر.
وبعد انسحاب إثيوبيا، انجرف إعلامها بـ«أسلوب غير لائق مليء بالأكاذيب لتبرير تصرفات غير مبررة للإدارة الإثيوبية، بالتوازي مع كتائب إلكترونية للسب والقذف لأي رأى مخالف أو كاشف لأكاذيبهم»، كما يشير نصر الدين علام، وزير الموارد المائية المصري الأسبق.
ورد علام، من خلال صفحته على «فيسبوك»، على ما اعتبره «ادعاءات الإعلام الإثيوبي»، ومنها أنّ مصر تستند في مطالبها لاتفاقيات استعمارية سابقة (1929، 1959) مشيراً إلى أن «اتفاقية 1929 كانت مع دول الهضبة الاستوائية أوغندا وتنزانيا وكينيا، بالإضافة للسودان، وتنص على عدم إنشاء أي مشاريع مائية إلّا بعد موافقة مصر». وإثيوبيا ليس لها أي علاقة مائية مع أي من هذه الدول، ولم تشر إليها الاتفاقية من قريب أو بعيد. بينما اتفاقية 1959 كانت بين مصر والسودان، لتقاسم العائد المائي للسد العالي، ومنع إهدار مياه النهر في البحر المتوسط. وتشمل بنداً يدعم تحقيق الأمن المائي لأي دولة من دول الحوض، إذا تقدمت بطلب لحصة مائية لسد احتياجاتها الأساسية، فيتم خصم هذه الاحتياجات مناصفة من حصتي مصر والسودان».
وأضاف: «من الغريب أنّ إثيوبيا دائماً ما تتجاهل ذكر اتفاقية 1902، بينها وهي مستقلة مع مصر والسودان المحتلتين وقتذاك، التي صدق عليها البرلمان الإثيوبي، وتعهد فيها الملك مينلك الثاني بعدم إقامة أي منشآت على النيل الأزرق ونهر السوباط إلا بعد موافقة كل من السودان ومصر»، علماً بأن مصر لم تطالب بتفعيل أي من هذه الاتفاقيات في مفاوضات واشنطن، بل طالبت بما ينص عليه القانون الدولي للأنهار المشتركة من بندي «الإخطار المسبق» الذي لم تلتزم به إثيوبيا، و«عدم الإضرار الجسيم» الذي ما زالت إثيوبيا تراوغ لتجنب تحقيقه، على حد قول علام. وتضمن الرد المصري صفحات (غير رسمية) على مواقع التواصل تدعو إلى رد فعل حاسم، منها (نعم لتدمير سد النهضة) التي تدعوا لـ«ضربة جوية تنهي على السد تماماً».
وعلى جانب أخرى، شكك بعضهم في جدية إقدام أديس أبابا على ملء خزان السد في يوليو (تموز) المقبل من دون اتفاق، وبما يؤدي لاستفزاز مصر. يقول فيصل صالح، وزير الثقافة والإعلام المتحدث الرسمي باسم الحكومة السودانية، إن «إثيوبيا ليس لها الحق في ملء الخزان دون اتفاق مع القاهرة والخرطوم»، مستبعداً في حوار مع قناة «سودانية 24»، الأربعاء الماضي، إقدامها على هذه الخطوة.



في خضم المعارك ضد «الفصائل»... الأسد يصدر مرسوماً بإضافة 50 % إلى رواتب العسكريين

صورة للرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
صورة للرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
TT

في خضم المعارك ضد «الفصائل»... الأسد يصدر مرسوماً بإضافة 50 % إلى رواتب العسكريين

صورة للرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)
صورة للرئيس السوري بشار الأسد في العاصمة دمشق (أ.ف.ب)

أوعز الرئيس السوري بشار الأسد، (الأربعاء)، في مرسوم رئاسي، بإضافة نسبة 50 في المائة إلى رواتب العسكريين، في خطوة تأتي في خضم تصدي قواته لهجمات غير مسبوقة تشنها فصائل مسلحة في شمال محافظة حماة.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، نشرت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» نص المرسوم الذي يفيد بـ«إضافة نسبة 50 في المائة إلى الرواتب المقطوعة النافذة بتاريخ صدور هذا المرسوم... للعسكريين»، ولا تشمل الزيادة مَن هم في الخدمة الإلزامية أو المتقاعدين.

وجاء ذلك في وقت يخوض فيه الجيش السوري مواجهات شرسة ضد الفصائل المسلحة، تقودها «هيئة تحرير الشام»، جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها بـ«تنظيم القاعدة»، في ريف حماة الشمالي، لصد محاولات تقدمها إلى مدينة حماة. وكانت الفصائل المسلحة تمكنت من السيطرة على غالبية أحياء مدينة حلب، التي باتت بكاملها خارج سيطرة الجيش السوري للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في عام 2011. واستنزفت الحرب عديد وعتاد الجيش السوري الذي خسر في سنوات النزاع الأولى، وفق خبراء، نصف عديده الذي كان مقدراً بـ300 ألف، جراء مقتلهم في المعارك أو فرارهم. ويضمّ الجيش السوري إجمالاً ثلاث مجموعات رئيسة، وهم: المتطوعون في السلك العسكري، وهم المستفيدون من مرسوم الأسد، والملتحقون بالخدمة العسكرية الإلزامية، والمكلفون بالخدمة الاحتياطية. وكان الجيش السوري أعلن في يوليو (تموز) أنه يعتزم تسريح عشرات الآلاف من الخدمة الاحتياطية حتى نهاية العام الحالي، ومثلهم العام المقبل. وجاء التصعيد العسكري غير المسبوق وهو الأعنف منذ سنوات، بعد أكثر من 13 عاماً على بدء نزاع مدمر استنزف مقدرات الاقتصاد، وانهارت معه العملة المحلية، وبات أكثر من ربع السوريين يعيشون في فقر مدقع، وفق البنك الدولي. ولطالما شكّل الالتحاق بالخدمتين الإلزامية والاحتياطية هاجساً رئيساً لدى الشباب السوريين الذين يرفضون حمل السلاح، خصوصاً بعد اندلاع النزاع الذي أدى إلى مقتل أكثر من نصف مليون شخص، وأسفر عن نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها.