روسيا تنفق مدخرات «صندوق الثروة» لتغطية عجز الإيرادات النفطية

استهلكت ثلث الوفورات في العام الحالي

الحكومة الروسية ستنفق خلال الفترة المتبقية من العام الحالي أكثر من ثلث مدخرات صندوق الثروة الوطني المتحصلة من فوائض العوائد النفطية خلال الأعوام الماضية (أ.ف.ب)
الحكومة الروسية ستنفق خلال الفترة المتبقية من العام الحالي أكثر من ثلث مدخرات صندوق الثروة الوطني المتحصلة من فوائض العوائد النفطية خلال الأعوام الماضية (أ.ف.ب)
TT

روسيا تنفق مدخرات «صندوق الثروة» لتغطية عجز الإيرادات النفطية

الحكومة الروسية ستنفق خلال الفترة المتبقية من العام الحالي أكثر من ثلث مدخرات صندوق الثروة الوطني المتحصلة من فوائض العوائد النفطية خلال الأعوام الماضية (أ.ف.ب)
الحكومة الروسية ستنفق خلال الفترة المتبقية من العام الحالي أكثر من ثلث مدخرات صندوق الثروة الوطني المتحصلة من فوائض العوائد النفطية خلال الأعوام الماضية (أ.ف.ب)

قال وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف إن مدخرات صندوق الثروة الوطني تكفي لتغطية عجز الإيرادات النفطية للميزانية الفيدرالية حتى عام 2024. وأشار في حديث لقناة «روسيا-1»، إلى أن مدخرات الصندوق، بعد أخذ النفقات الجارية للميزانية بالحسبان، ستتراجع نهاية العام الحالي حتى 7 تريليونات روبل (نحو 94 مليار دولار). ما يعني أن الحكومة الروسية ستنفق خلال الفترة المتبقية من العام الحالي فقط، أكثر من ثلث مدخرات الصندوق، وهي عبارة عن فائض العائدات النفطية (أعلى من المستوى المحدد في الميزانية)، التي توفرت لروسيا بفضل اتفاق «أوبك بلس» الأول لتخفيض الإنتاج النفطي، الذي أسهم خلال فترة العمل به منذ نهاية 2016 وحتى مارس (آذار) الماضي، في ارتفاع الأسعار في السوق العالمية حتى مستوى أعلى من المعتمد في الميزانية الروسية.
ووفق بيانات وزارة المالية الروسية «بلغ حجم الأصول السائلة لصندوق الثروة الوطني حتى تاريخ 1 أبريل (نيسان) الحالي، ما يعادل 11 تريليوناً و65 ملياراً و228.3 مليون روبل، أو 142.736 مليار دولار، وهو ما يعادل 9.8 من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا». وأعادت الوزارة للأذهان أن «حجم تلك المدخرات بتاريخ الأول من مارس (آذار) الماضي كان قد بلغ 8 تريليونات و249.6 مليار روبل، أو 7.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعادل 123.145 مليار دولار»، موضحة أن نمو مدخرات الصندوق في مطلع أبريل نحو 1.6 مرة، جاء نتيجة «تحويل 57.232 مليار دولار، و49.484 مليار يورو، و9.616 مليار جنيه إسترليني، و1.494 تريليون روبل، إلى حسابات الصندوق في بنك روسيا المركزي».
قبل ذلك تم خلال شهر مارس إيداع عملات على تلك الحسابات بمبلغ 20.631 مليار دولار، و18.431 مليار يورو، و3.589 مليار جنيه إسترليني، تم الحصول عليها من الميزانية الفيدرالية في إطار قاعدة فائض عائدات النفط والغاز لعام 2019. وقالت الوزارة في بيان رسمي إنه بعد إيداع تلك المبالغ، بلغ حجم الأصول السائلة للصندوق بحلول الأول من أبريل 11.095 تريليون روبل، أو 142.736 مليار دولار، أي حتى ما يعادل 9.8 من الناتج المحلي الإجمالي. إلا أن الحجم الفعلي لمدخرات الصندوق تراجع في النصف الأول من أبريل حتى نحو 9 تريليونات روبل؛ إذ قامت الحكومة الروسية في 10 أبريل بإنفاق 2.139 تريليون روبل من تلك المدخرات لتمويل صفقة شراء 11.296 مليار سهم عادي (نصف رأس المال الأساسي) لمصرف «سبير بنك».
وكان الوزير سيلوانوف قال في تصريحات الأسبوع الماضي، إن الحكومة ستنفق تريليوني روبل للتعويض عن الإيرادات التي لن تحصلها الميزانية، على خلفية هبوط سعر النفط أدنى من المستوى المعتمد فيها (42 دولاراً للبرميل). وأشار حينها إلى أن هذا المبلغ الضروري للتعويض عن تلك الإيرادات، تم حسابه انطلاقاً من سعر 20 دولاراً للبرميل في السوق. وبالتالي يصل إجمالي الإنفاق المعلن عنه حتى الآن من مدخرات الصندوق للعام الحالي نحو 4.139 تريليون روبل، وهو ما يعادل نحو 36 بالمائة من إجمالي تلك المدخرات.
وفي وقت سابق، قالت وزارة المالية إن مدخرات الصندوق ستكون كافية لضمان استقرار الميزانية خلال 6 أو 10 سنوات، مع سعر نفط ضمن حدود 25 أو 30 دولاراً للبرميل. ومع أن أكثر من مسؤول روسي أكدوا خلال السنوات الماضية أن هذا الصندوق سيتم استخدامه بصورة رئيسية كـ«وسادة أمان»، يتم الإنفاق منه لتغطية عجز الإيرادات النفطية، بحال تراجع سعر الخام في السوق حتى مستويات أدنى من السعر المعتمد في الميزانية، يقول محللون إن الحكومة الروسية قد تضطر لإنفاق أكبر من المخطط له من تلك المدخرات، لافتين إلى أن «فيروس كورونا» لم يكن بحسبان أحد حين تم وضع خطة الإنفاق من صندوق الثروة، ولا يستبعدون أن تلجأ الحكومة للإنفاق منه في تمويل تدابير الحد من تداعيات «كورونا» الخطيرة على النشاط الاقتصادي ومعيشة المواطنين.



كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأحد، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفعالية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس يون سوك-يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت.

وأكدت الوزارة أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، دعا زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي-ميونغ، إلى تشكيل «مجلس استقرار وطني» يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية وسبل تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن التحدي الأكثر إلحاحاً هو تراجع الاستهلاك بسبب الطلب المحلي غير الكافي، وتقلص دور الحكومة المالي. وأضاف لي أن معالجة هذا الأمر تتطلب مناقشة عاجلة لموازنة إضافية يمكن أن تشمل تمويلاً لدعم الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى استثمارات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، لمواجهة تحديات نقص الطاقة.

وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب المعارض، قد مرر مشروع موازنة 2025 بقيمة 673.3 تريليون وون، متجاوزاً اقتراح الحكومة الذي بلغ 677.4 تريليون وون، وذلك دون التوصل إلى اتفاق مع حزب «قوة الشعب» الذي ينتمي إليه الرئيس يون والحكومة.

من جهته، أعلن بنك كوريا -في بيان- أنه سيعتمد على كافة الأدوات السياسية المتاحة بالتعاون مع الحكومة، للرد على التحديات الاقتصادية، وتفادي تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق العملات الأجنبية. وأكد البنك ضرورة اتخاذ استجابة أكثر نشاطاً مقارنة بالفترات السابقة من الإقالات الرئاسية، نظراً للتحديات المتزايدة في الظروف الخارجية، مثل تصاعد عدم اليقين في بيئة التجارة، وازدياد المنافسة العالمية في الصناعات الأساسية.

كما أكدت الهيئة التنظيمية المالية في كوريا الجنوبية أن الأسواق المالية قد تشهد استقراراً على المدى القصير، باعتبار الأحداث السياسية الأخيرة صدمات مؤقتة؛ لكنها ستوسع من الموارد المخصصة لاستقرار السوق إذا لزم الأمر.

من جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم في كوريا الجنوبية ارتفاعاً للجلسة الرابعة على التوالي يوم الجمعة؛ حيث بدأ المستثمرون يتوقعون تراجع حالة عدم اليقين السياسي بعد تصويت البرلمان على إقالة الرئيس يون. كما لم يتوقع المستثمرون الأجانب أن تؤثر الاضطرابات السياسية الأخيرة بشكل كبير على نمو الاقتصاد أو تصنيفه الائتماني لعام 2025، إلا أنهم أشاروا إلى تأثيرات سلبية محتملة على معنويات السوق، مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي، واستمرار عمليات بيع الأجانب للأسواق المحلية.

غرفة تداول بأحد البنوك في سيول (رويترز)

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ»، أفاد 18 في المائة فقط من المشاركين بأنهم يعتزمون تعديل توقعاتهم بشأن نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي لعام 2025، بسبب الأحداث السياسية الأخيرة، بينما أكد 82 في المائة أن توقعاتهم ستظل دون تغيير. كما توقع 64 في المائة من المشاركين أن يظل التصنيف الائتماني السيادي كما هو، في حين توقع 27 في المائة خفضاً طفيفاً. ووفقاً للاستطلاع، يُتوقع أن يتراوح سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي بين 1.350 و1.450 وون بنهاية الربع الأول من 2025.

أما فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فقد زادت التوقعات بتخفيضات مسبقة من قبل بنك كوريا؛ حيث توقع 55 في المائة من المشاركين عدم حدوث تغييرات، بينما توقع 27 في المائة تخفيضاً في الأسعار قريباً. وتوقع 18 في المائة تخفيضات أكبر. وأشار كيم سونغ-نو، الباحث في «بي إن كي للأوراق المالية»، إلى أن تحركات السوق ستعتمد بشكل كبير على قرارات لجنة السوق الفيدرالية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث قد يسهم أي تخفيض لأسعار الفائدة من جانب الولايات المتحدة في تعزيز توقعات تخفيض الفائدة في كوريا الجنوبية في الربع الأول من 2025.

وقد أكد كيم أن العوامل السياسية ليست المحرك الرئيسي للأسواق المالية؛ مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية عادة ما تكون لها تأثيرات قصيرة الأجل على الأسواق. وأضاف أن الركود الاقتصادي -وليس الأحداث السياسية- هو المصدر الرئيس للصدمات المالية الكبيرة.

كما أشار كثير من المسؤولين الماليين إلى أن إقالة الرئيس يون قد تعود بالفائدة على الاقتصاد الكوري الجنوبي. وفي مقابلة إعلامية، أكد محافظ هيئة الرقابة المالية، لي بوك هيون، أن عزل الرئيس سيكون خطوة إيجابية للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معرباً عن اعتقاده بأن القضاء على حالة عدم اليقين السياسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق استقرار الاقتصاد، وفق صحيفة «كوريا تايمز».

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية من المتوقع أن يصل إلى 2.2 في المائة في 2024 بدعم من صادرات أشباه الموصلات، في حين يُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 2 في المائة في 2025 مع اقتراب الاقتصاد من إمكاناته الكاملة. وأكد الصندوق أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والمخاطر تميل إلى الاتجاه السلبي.

وبينما يظل التضخم قريباً من هدف بنك كوريا البالغ 2 في المائة، شدد الصندوق على ضرورة تطبيع السياسة النقدية تدريجياً في ظل هذه الظروف، مع الحفاظ على تدخلات محدودة في سوق الصرف الأجنبي لمنع الفوضى. كما أشار إلى أهمية تعزيز التوحيد المالي في موازنة 2025 لمواجهة ضغوط الإنفاق الطويلة الأجل، مع التركيز على السياسات المتعلقة بمخاطر العقارات.

كما أشار إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل لدعم النمو وسط التحولات الهيكلية؛ مشيراً إلى ضرورة معالجة تراجع القوة العاملة من خلال تحسين الخصوبة، وزيادة مشاركة النساء في العمل، وجذب المواهب الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز تخصيص رأس المال، وتحسين مرونة المؤسسات المالية.