مستقبل أسواق النفط في ظل تدهور الطلب

مستقبل أسواق النفط  في ظل تدهور الطلب
TT

مستقبل أسواق النفط في ظل تدهور الطلب

مستقبل أسواق النفط  في ظل تدهور الطلب

يواجه الاقتصاد العالمي صعوبات عدة إثر تداعيات فيروس «كورونا» المستجدّ. ومن أهم هذه التحديات تدهور الطلب على النفط. فهو؛ من ناحية، مؤشر على مدى تقلص النمو الاقتصادي على اتساع الكرة الأرضية، كما أنه عامل مهم في تدهور أسعار النفط.
يشير تقرير منظمة «أوبك» عن أسواق النفط لشهر أبريل (نيسان) الحالي إلى أن أسواق النفط تمر حالياً بـ«صدمة تاريخية» مفاجئة وغير متوقعة، وعلى صعيد العالم برمته. تصادف انتشار فيروس «كورونا» المستجدّ مع نهاية الربع الأول من العام، حيث تقوم مصافي التكرير بتفريغ مخزوناتها من المنتجات البترولية والقيام بالصيانة اللازمة للمصافي عند نهاية فصل الشتاء.
يضيف التقرير أن تدهور الطلب بلغ في بداية الربع الثاني من العام بسبب الفيروس نحو 12 مليون برميل يومياً (مجمل الطلب العالمي نحو 100 مليون برميل يومياً) مقارنة بالطلب في الوقت نفسه من العام الماضي. وأن نحو 60 في المائة من هذا الانخفاض هو بسبب تقلص استهلاك وقود المواصلات (البنزين والديزل ووقود الطيران). لقد أدت خطوات الوقاية من الفيروس بالانكفاء في المنازل لأسابيع عدة في كثير من دول العالم والتباعد الاجتماعي والإغلاق التام تقريباً للأسواق والدوائر، باستثناء الصيدليات ومحال بيع الأغذية، إلى شلّ حركة نحو 40 في المائة من سكان العالم. وأدت هذه الخطوات التي فرضتها الحكومات إلى تقليص الانتشار الكثيف للفيروس، كما أدت في الوقت ذاته لزيادة معدلات الفقر.
وتتوقع «أوبك» أن يؤدي هذا التدهور في الطلب العالمي على النفط إلى استمرار تدني الطلب 12 مليون برميل يومياً خلال الفصل الثاني من عام 2020، وأن ينكمش الطلب 6 ملايين برميل يومياً خلال الفصل الثالث من عام 2020، أي طوال فصل الصيف، ومن ثم إلى تقلص 3.5 مليون برميل يومياً في الفصل الرابع من عام 2020... بمعنى أن تقلص الطلب سيستمر طوال هذا العام، لكن مع تحسنه تدريجياً بنهاية العام.
هناك عاملان مهمان يؤثران على هذه التوقعات؛ أولاً: ما مدى انتشار الفيروس وأبعاده حتى نهاية العام؟ وما تأثير الانكماش التاريخي للطلب على مصافي التكرير، وما مدى تأثير تقليص العمالة للمصافي على استعادة عملها لاحقاً خلال هذا العام؟
ونشرت أيضاً وكالة الطاقة الدولية، ممثلة الدول الصناعية الغربية المستوردة للنفط الخام، توقعاتها لعام 2020، وهي الإحصاءات والتوقعات الأولى للوكالة منذ انتشار الفيروس وقرارات «أوبك بلس» لتخفيض الإنتاج. وتتوقع الوكالة في تقريرها الشهري الأخير عن أسواق النفط أن إمدادات النفط خلال النصف الأول من عام 2020 ستنخفض من فائض ضخم بـ12 مليون برميل يومياً إلى نقصان 4.7 مليون برميل يومياً خلال النصف الثاني من عام 2020.
وصفت الوكالة السنة التجارية لعام 2020 بأنها «ذات قطبين»؛ حيث افترضت الوكالة في توقعاتها هذه تخفيض 10.7 مليون برميل يومياً بداية من 1 مايو (أيار) من قبل منظمة «أوبك» ومجموعة المنظمة وحلفائها من الدول المصدرة غير الأعضاء في المنظمة (أوبك بلس)، بالإضافة إلى انخفاضات تدريجية بنحو 3.5 مليون برميل يومياً من قبل دول منتجة أخرى كالولايات المتحدة وكندا والبرازيل. وتتوقع الوكالة انهيار الطلب العالمي بنحو 29 مليون برميل يومياً في شهر أبريل، و26 مليون برميل يومياً في شهر مايو، و15 مليون برميل يومياً في شهر يونيو (حزيران) المقبل.
- كاتب عراقي مختص في شؤون الطاقة



السعودية: التعدين العالمي يحتاج إلى استثمارات بـ6 تريليونات دولار لتلبية الطلب

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريّف يتحدث في مستهل الاجتماع الوزاري الدولي (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريّف يتحدث في مستهل الاجتماع الوزاري الدولي (الشرق الأوسط)
TT

السعودية: التعدين العالمي يحتاج إلى استثمارات بـ6 تريليونات دولار لتلبية الطلب

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريّف يتحدث في مستهل الاجتماع الوزاري الدولي (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريّف يتحدث في مستهل الاجتماع الوزاري الدولي (الشرق الأوسط)

يحتاج العالم إلى استثمارات بقيمة 6 تريليونات دولار على مدى السنوات العشر المقبلة لتلبية الطلب في قطاع التعدين، وهو ما يُمثل تحدياً للقطاع، بحسب ما أعلنه وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريّف في اجتماع دولي للوزراء المعنيين بشؤون التعدين.

وهو ما يشير إلى تعطش القطاع للاستثمارات، في وقت يشهد اهتماماً متزايداً في السعودية التي تعمل على أن يصبح قطاع التعدين الركيزة الثالثة للصناعة الوطنية.

وجاء هذا الاجتماع من ضمن أعمال المؤتمر الدولي للتعدين الذي تستضيفه المملكة تحت شعار «تحقيق الأثر»، الذي تشارك فيه نحو 90 دولة وأكثر من 50 منظمة، مما يعكس دور قطاع التعدين الحيوي في المملكة والعالم.

ويبحث مؤتمر التعدين الدولي زيادة القيمة المضافة في الدول المنتجة للمعادن وإنتاج المعادن الخضراء باستخدام التقنيات الحديثة والطاقة المتجددة.

وكان الاجتماع الوزاري مناسبة لعقد العديد من مذكرات التفاهم التي تستهدف تعزيز الشراكات الدولية وتطوير قطاع التعدين والمعادن في المملكة.

وكانت المملكة رفعت العام الماضي تقديراتها لإمكانات الثروات المعدنية غير المستغلة فيها من 1.3 تريليون إلى 2.5 تريليون دولار، ما من شأنه أن يدعم رحلة تنويع اقتصادها.

الخريّف متحدثاً خلال الاجتماع الوزاري (واس)

قطاع المعادن العالمي

وقال الخريّف في مستهل الاجتماع إن قطاع المعادن العالمي يحتاج إلى استثمارات تقدر بـ6 تريليونات دولار، لتلبية الطلب على مدى العقد المقبل، مشدداً على أن المعادن تمثل جوهر سلسلة التوريد، وهي مهمة لتلبية الطلب المتزايد المدفوع بالتحول في مجال الطاقة.

وأشار إلى أهمية استكمال المبادرات الثلاث التي تم إطلاقها خلال الاجتماع الدولي نفسه في العام الماضي، وهي: الإطار الدولي للمعادن الحرجة، والاستمرار بإنشاء شبكة من مراكز التميز لبناء القدرات التعدينية في الشرق الأوسط، وتعزيز منهجية أولويات التوريد.

واقترح إنشاء مجموعة توجيهية على مستوى الوزراء تكون مهمتها الإشراف على هذه المبادرات والدفع نحو إشراك الحكومات، داعياً المنظمات المتعددة الأطراف للعمل على وضع خريطة طريق للحد من مخاطر الاستثمار وتعزيز التعاون. وقال: «نطمح إلى صياغة اتفاق عام بشأن المعادن للنظر فيه في المائدة المستديرة المقبلة».

صورة جماعية للمشاركين في الاجتماع الوزاري (الشرق الأوسط)

التكامل بين الدول

وعلى هامش الاجتماع، أكد الخريّف لـ«الشرق الأوسط» أن المملكة تعمل من كثب مع جميع الدول العربية، لا سيما تلك التي تمتلك تجارب في قطاع التعدين مثل المغرب والأردن ومصر. وأشار إلى التشابه الكبير في الجيولوجيا بين المملكة ومصر، حيث يتقارب كل من الدرع العربي والدرع النوبي بشكل كبير.

الوزير الخريّف متحدثاً في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع (الشرق الأوسط)

وأبان أن قطاع التعدين يتطلب تكاملاً بين الدول، حيث تعمل شركات التعدين في أكثر من منطقة، لافتاً إلى أن الدول العربية قد دعمت هذا المؤتمر منذ انطلاقه.

وأضاف أن قطاع التعدين يشكل جزءاً حيوياً من «رؤية المملكة»، خاصة في ظل توجهات العالم نحو حلول الطاقة المستدامة والتقنيات الحديثة التي تتطلب كميات كبيرة من المعادن.

الصناعات المحلية

بدوره، كشف وزير الطاقة والموارد الطبيعية الجيبوتي، يونس علي جيدي، لـ«الشرق الأوسط» عن توقيع بلاده اتفاقية تعاون جديدة مع السعودية في إطار تعزيز التعاون بين البلدين في قطاع التعدين، ولتبادل الخبرات التدريبية. وأوضح أن الاتفاقية تشمل أيضاً مشاركة الإمكانات في هذا المجال الحيوي بين البلدين، فضلاً عن حاجة جيبوتي للاستثمارات السعودية، مشيراً إلى ما حققته بلاده من تقدم في تطوير العديد من الصناعات المحلية.

توقيع مذكرة تعاون بين الوزير الخريّف ووزير الطاقة والموارد الطبيعية الجيبوتي يونس علي جيدي (واس)

ولفت إلى أن جيبوتي تحتاج إلى مستثمرين من المملكة في التعدين، حيث توجد الآن كبرى الشركات السعودية التي من الممكن أن تلعب دوراً مهماً في تطوير هذا القطاع في بلاده.

وعلى الصعيد الإقليمي، لفت جيدي إلى النمو الذي يشهده قطاع التعدين في أفريقيا، مع تأكيده ضرورة أن تواصل القارة تقدمها في هذا المجال لمواكبة الطلب العالمي المتزايد.

المعادن الحيوية

من جانبه، قال وزير المناجم والموارد المعدنية في سيراليون، جوليوس ماتاي، لـ«الشرق الأوسط»، إن التحدي الأكبر الذي يواجه قطاع التعدين في بلاده هو التمويل.

ولفت إلى أن استكشاف المعادن الحيوية يتطلب استثمارات ضخمة ذات مخاطر عالية، وهو ما يعاني منه معظم الدول الأفريقية. كما أكد أهمية تحسين البنية التحتية وقدرات سلسلة القيمة المعدنية في سيراليون، من الاستكشاف إلى المعالجة، مشيراً إلى تطلع بلاده للاستفادة من الخبرات السعودية في هذا المجال.

وأوضح أن سيراليون تسعى لتعزيز التعاون الدولي لضمان إطار شامل للمعادن الحيوية، مشيراً إلى أهمية تطوير مراكز التميز التي تركز على الاستدامة في قطاع التعدين.

أما وزير الموارد الطبيعية والبيئة والتغير المناخي الماليزي، نظمي أحمد، فقد شدد على أن أبرز التحديات التي تواجه بلاده في مجال التعدين هي الفجوة التكنولوجية، مشيراً إلى أن بعض الدول الكبرى هي التي تمتلك التكنولوجيا المتقدمة في إنتاج ومعالجة المعادن النادرة. وأكد أن هذه الفجوة تؤثر بشكل كبير على قدرة ماليزيا التنافسية في الأسواق العالمية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن التوترات الجيوسياسية تؤثر أيضاً على سلاسل الإمداد العالمية، مما يزيد من تعقيد الوضع بالنسبة للدول مثل ماليزيا، التي تعتمد بشكل كبير على التجارة مع الصين والولايات المتحدة. وعلى الرغم من هذه التحديات، أكد أحمد أن ماليزيا تعمل على تعزيز قدرتها على معالجة المعادن النادرة محلياً، بدلاً من تصديرها كمواد خام، وذلك في إطار استراتيجيات تعزيز القطاع المحلي.

نقص البنية التحتية

وفي تصريح لـ«الشرق الأوس»، أشار وزير المعادن اليمني، الدكتور سعيد الشماسي، إلى أن بلاده تمتلك موارد معدنية قيمة يمكن استخدامها في صناعة البطاريات والطاقة المتجددة. وأوضح أن اليمن يملك احتياطيات من الليثيوم، وهو معدن حيوي يستخدم في إنتاج البطاريات والألواح الشمسية، بالإضافة إلى معادن أخرى مثل النحاس. وأكد أن هناك حاجة ملحة للاستثمارات الأجنبية في هذه المجالات، خصوصاً في ظل نقص البنية التحتية المتطورة في قطاع التعدين.

كما لفت إلى أن اليمن يتطلع إلى تعزيز التعاون مع السعودية في هذا المجال، موضحاً أن بلاده قد بدأت مؤخراً في تشكيل مجلس لرجال الأعمال السعودي اليمني بهدف تيسير التعاون الاستثماري بين البلدين في القطاعات المختلفة.

هذا، وشهد الاجتماع الوزاري توقيع وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون مع 6 دول، وهي: جيبوتي، والمملكة المتحدة، والأردن، وزامبيا، والنمسا، وفرنسا، في خطوة نوعية تستهدف تعزيز الشراكات الدولية وتطوير قطاع التعدين والمعادن في المملكة.

كم تم افتتاح المعرض المصاحب بالمؤتمر بمشاركة نخبة من الشركات والجهات الدولية، لعرض أحدث التقنيات والابتكارات في قطاع التعدين، ودعم التعاون لتحقيق استدامة القطاع على المستوى العالمي.

وتوازياً، فازت شركتان وتحالفان، من بينهم شركات عالمية ومحلية، برخص استكشاف في 6 مواقع تعدينية في المملكة، ضمن الجولة السابعة للمنافسات التعدينية، بحسب بيان لوزارة الصناعة والثروة المعدنية يوم الثلاثاء.