هؤلاء كشفوا معلومات عن كورونا في الصين... ثم اختفوا

تقرير اتهم بكين باستخدام تطبيقات الهاتف الصحية لمراقبة المواطنين

سيدة تمر أمام ملصق لصورة الطبيب الصيني لي وينليانغ الذي توفي بـ«كوفيد-19» في العاصمة التشيكية براغ (رويترز)
سيدة تمر أمام ملصق لصورة الطبيب الصيني لي وينليانغ الذي توفي بـ«كوفيد-19» في العاصمة التشيكية براغ (رويترز)
TT

هؤلاء كشفوا معلومات عن كورونا في الصين... ثم اختفوا

سيدة تمر أمام ملصق لصورة الطبيب الصيني لي وينليانغ الذي توفي بـ«كوفيد-19» في العاصمة التشيكية براغ (رويترز)
سيدة تمر أمام ملصق لصورة الطبيب الصيني لي وينليانغ الذي توفي بـ«كوفيد-19» في العاصمة التشيكية براغ (رويترز)

في مطلع فبراير (شباط) الماضي، دوت طرقات مخيفة على باب منزل رجل الأعمال الصيني فانغ بن، ليفتح ويجد رجلين يقتحمان منزله ويأخذانه إلى الحجر الصحي، ليكتشف فيما بعد أن الرجلين لم يكونا أطباء، ولكنهما من رجال الشرطة يهددانه بعد نشره فيديوهات عبر «يوتيوب» تكشف واقع تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد.
وكان بن بدأ نشر فيديوهات عن انتشار فيروس كورونا في مدينته تحت شعار «ننقل لكم الموقف الراهن هنا»، واعداً متابعيه «ببذل قصارى الجهد» في إفادتهم بكل جديد. والتقط بن فيديو يظهر تكدس أكياس الجثث جراء فيروس كورونا خارج أحد المستشفيات بالصين، وشوهد الفيديو 200 ألف مرة قبل أن تحجبه الرقابة، حسبما ذكر تقرير لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية.
وطلب الضباط تفتيش شقة بن وأخذوه بعيداً للاستجواب، وأمروه بالتوقف عن نشر «شائعات» حول الفيروس قبل مصادرة جهاز الكمبيوتر الخاص به. وقد أُطلق سراحه فيما بعد. ثم ظهر بن في فيديو آخر في التاسع من فبراير (شباط) قال فيه: «فلتكن ثورة من الجميع - أعيدوا السلطة إلى الشعب»، ولم يسمع عنه منذ ذلك الحين لمدة تصل إلى شهرين.

وذكرت الصحيفة البريطانية أن بن واحد من ثلاثة مبلّغين «اختفوا» بعد أن كشفوا معلومات لم ترد الحكومة الصينية إظهارها عن تفشي «كوفيد-19» في البلاد.
ومن بين هؤلاء الثلاثة المحامي والناشط الحقوقي الصيني تشين كيوشي الذي تحول إلى صحافي فيديو معروف في أوساط الناشطين، وعُرف في الفترة الأخيرة بتغطيته احتجاجات هونغ كونغ في أغسطس (آب) الماضي. والآخر هو المراسل التلفزيوني السابق لي زيهوا.
وتزعم جماعات لحقوق الإنسان في بكين أن الثلاثة يتعرضون للتعذيب والإرغام على كتابة اعترافات في مراكز احتجازات خارج نطاق القضاء، بعدما كشفوا قصصاً مأساوية عن تفشي كورونا، وينظر إليهم على أنهم أعداء للدولة.
وكشفت الصحيفة أن هناك ما سمته «الحملة المنظمة» من قبل النظام الصيني لوقف مواطني الدولة البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة حتى عن مناقشة تفشي مرض «كوفيد-19» فيما بينهم. وذكرت الصحيفة في تحقيقها أنه تم القبض على أكثر من 5100 شخص لمشاركتهم معلومات في الأسابيع الأولى من تفشي المرض، كما أنه يتم تصنيف المعارضين بأنهم «مرضى» لتتمكن الحكومة من احتجازهم في الحجر الصحي.
وتابعت الصحيفة أن التطبيقات الصحية التي يستخدمها عشرات الملايين من الصينيين لإظهار أنهم لا يحملون فيروس كورونا تُستخدم من قبل السلطات لرصد تحركات الأشخاص وتشديد السيطرة. كما أنه يتم تغريم مئات من المواطنين بسبب رسائل عبر الإنترنت حول طوابير المستشفيات التي تستقبل مرضى «كوفيد-19» ونقص المستلزمات الطبية أو حتى وفاة الأقارب.
وعدّ التحقيق أن تلك الحملة بدأت بالتنكيل بالطبيب الصيني لي وينليانغ وسبعة أطباء آخرين، بعد أن كان وينليانغ أول من حذر من انتشار فيروس شبيه بالسارس في مستشفى ووهان في الصين في ديسمبر (كانون الأول) وهددته الشرطة حينها ليصمت.
وكان وينليانغ يعمل في مركز تفشي الفيروس في ديسمبر (كانون الأول) عندما لاحظ إصابة سبع حالات ظنّها للوهلة الأولى مصابة بفيروس «سارس» - الذي تفشى كوباء عالمي عام 2003، ويعتقد أن تلك الحالات السبع كانت قادمة من سوق ووهان للمأكولات البحرية، وكان المصابون قيد الحجر الصحي في المستشفى الذي يعمل به وينليانغ.
واضطر الطبيب وينليانغ للتوقيع على وثيقة للشرطة تقول إنه «أخل بالنظام الاجتماعي بشكل خطير وخرق القانون»، قبل أن يعود إلى العمل في مستشفى ووهان المركزي، حيث توفي يوم 7 فبراير (شباط) الماضي، ما أثار الحزن والغضب في جميع أنحاء الصين.

وقبل يوم واحد من وفاة الطبيب وينليانغ، اختفى المحامي تشين كيوشي بعد أن نشر مقاطع فيديو تظهر الفوضى في مستشفيات ووهان وسط وجود ضحايا الفيروس في الممرات. ولدى المحامي أكثر من 400 ألف مشترك عبر موقع «يوتيوب» وأكثر من 250 ألف متابع عبر موقع «تويتر»، وأبلغت عائلته في اليوم التالي لنشر الفيديو بأنه محتجز في الحجر الصحي في مكان لم يكشف عنه.
وقبل اختفائه، أدرك كيوشي أن الشرطة كانت تقترب منه وأخبر متابعيه قائلاً: «طالما أنا على قيد الحياة، سأتحدث عما رأيته وما سمعته. أنا لست خائفاً من الموت. لماذا أخاف منك أيها الحزب الشيوعي؟»، واختفى بعدها بأيام.

وبعد ذلك بثلاثة أسابيع، قام لي زهوا (25 عاماً)، وهو مراسل سابق في التلفزيون الصيني الرسمي الذي أصبح معارضاً بالإبلاغ عن عدد الموتى في ووهان ببث مباشر أثناء اعتقاله عندما وصل ضباط شرطة بملابس مدنية إلى شقته. وفي وقت سابق من ذلك اليوم، قدم لي مجموعة صور وفيديوهات تعرض مشاهد بائسة للمجتمعات التي تعاني من نقص الطعام في المناطق المتوطن بها كورونا في ووهان، كما قدم للمشاهدين تعليقات حول كيفية ملاحقته من قبل الشرطة بعد زيارة معهد علم الفيروسات بمدينة ووهان الصينية، حيث يعتقد أن الوباء قد تسرب منه، وهو ما تنفيه الصين رسمياً.
والشخص المختفي الوحيد الذي أبدت الصين تعليقا رسميا بشأنه هو الملياردير صاحب العقارات رن تشى تشيانغ (69 عامًا)، والذي اختفى في مارس (آذار) بعد أن قال عن الرئيس شي جينبينغ إنه «كالمهرج» لسوء التعامل مع تفشي الفيروس. وبعد أسابيع من اعتقاله، أعلن مسؤولون في بكين أن رن محتجز بسبب «الانتهاكات الخطيرة» للقانون وللوائح الحزب الشيوعي.

ومنتقد آخر أسكتته الصين، وفق الصحيفة، هو أستاذ القانون شو زانغرون، الذي تم وضعه قيد الإقامة الجبرية في بكين وتم قطع اتصاله بالإنترنت بعد كتابة نقد شديد لتعامل الرئيس الصيني مع الأزمة، وقد تنبأ بالقبض عليه حين كتب عقب انتقاد الرئيس الصيني «قد يكون هذا هو آخر ما أكتبه».
وارتبطت العدوى الأولى بالفيروس بسوق للحيوانات في ووهان. ويعتقد الخبراء أن الفيروس يأتي من الخفافيش، وربما يكون انتقل إلى البشر عبر حيوان مضيف آخر.
وقالت فرانسيس إيف، نائبة مدير الأبحاث في منظمة حماية المدافعين الصينيين عن حقوق الإنسان ومقرها هونغ كونغ: «كل شخص اختفى معرض لخطر التعذيب أو على الأرجح محاولة إجباره على الاعتراف بأن أنشطته كانت إجرامية. أو ضارة للمجتمع. وكما رأينا في حالات سابقة، يتم إخضاع الأشخاص المختفين وإجبارهم على الاعتراف أمام شاشة التلفزيون الصيني».
وتنفي الصين علاقتها باختفاء المبلغين عن المخالفات. وعندما سُئل السفير الصيني لدى الولايات المتحدة تسوي تيان كاي، مرتين في مقابلات تلفزيونية عن مصير المحامي تشين كيوشي، أصر بغضب في المقابلة الثانية في مارس (آذار): «لم أسمع بهذا الشخص... لم أكن أعرفه في ذلك الوقت، وأنا لا أعرفه الآن».
وتعكس تلك المعلومات عن اختفاء نشطاء صورة صادمة عن الطريقة التي تعاملت بها السلطات المحلية في ووهان مع تفشي الفيروس في أسابيعه الأولى، فيما نفت الخارجية الصينية أول من أمس (الجمعة)، التعتيم على أي معلومات تخص تفشي فيروس كورونا في البلاد. ويتهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب بكين بالتستر على معلومات حول الفيروس الذي تفشى في مدينة ووهان أواخر عام 2019.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.