السودان يستبدل موازنته لمواجهة تداعيات «كورونا»

8 مقترحات لتغطية العجز المتوقع

شرعت وزارة المالية السودانية في إعداد موازنة جديدة مع الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا (أ.ف.ب)
شرعت وزارة المالية السودانية في إعداد موازنة جديدة مع الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا (أ.ف.ب)
TT
20

السودان يستبدل موازنته لمواجهة تداعيات «كورونا»

شرعت وزارة المالية السودانية في إعداد موازنة جديدة مع الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا (أ.ف.ب)
شرعت وزارة المالية السودانية في إعداد موازنة جديدة مع الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا (أ.ف.ب)

توقعت لجنة حكومية في السودان أن تؤثر الإجراءات المتخذة للحد من انتشار فيروس كورونا، بخفض الإيرادات العامة في موازنة الدولة بنسبة أربعين في المائة، فيما أعلنت وزارة المالية الشروع إعداد موازنة جديدة لمواجهة التداعيات الاقتصادية للوباء، وقال مدير إدارة السلع الاستراتيجية بوزارة المالية علي خليفة عسكوري في تصريحات إن الموازنة الجديدة ستجاز الأسبوع المقبل.
وتواجه الموازنة العامة في السودان انخفاضا في الإيرادات والانكماش الاقتصادي، وارتفاع معدلات التضخم والبطالة، وتدهورا في قيمة العملة الوطنية (الجنيه). وتضاعفت مصاعب اقتصاد البلاد، بسبب الإجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار جائحة كورونا، وإعلان حالة الطوارئ الصحية وحظر التجوال وإغلاق المعابر البرية مع دول الجوار.
واقترحت «لجنة تعبئة الموارد المحلية» المكونة من قبل «قوى إعلان الحرية والتغيير» والحكومة، تقديم بدائل لتغطية العجز المتوقع في الموازنة. واقترحت اللجنة ثمانية بنود لسد الفجوة في الإيرادات، تتضمن إنهاء الإعفاءات الضريبية عدا المرتبطة باتفاقيات، وتمثل ما نسبته 47 في المائة من عائدات الضرائب، ونسبة 53 في المائة للإعفاءات الجمركية، فضلا عن زيادة ضريبة الاتصالات إلى 60 في المائة بدلاً من التعرفة الحالية المحددة بنسبة 7 في المائة، وإصدار شهادات استثمار حكومية توظف مدخراتها في شراء عائدات صادر الذهب لتحسين الاحتياطي النقدي لبنك السودان من العملات الأجنبية.
وبحثت اللجنة أربعة محاور لتغطية عجز الموازنة الناجم عن تداعيات مواجهة كورونا، وتتمثل في الضرائب العامة والضرائب الجمركية ومداخيل الهيئات الحكومية، وتأثير الإجراءات المتخذة في مواجهة كورونا على الموازنة وكيفية تغطية العجز المتوقع.
وقال عضو اللجنة الاقتصادية لتعبئة الموارد الدكتور محمد شيخون، لـ«الشرق الأوسط» إن تأثير جائحة كورونا، سيكون كبيراً على الاقتصاد السوداني خاصة في الربع الثاني من العام المالي، وأضاف: «رفعت اللجنة تقريرها لوزير المالية بحضور رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، وأوصت بتغطية عجز الموازنة المرتقب بتكوين صندوق مستقل تديره وزارة المالية لحصيلة عائدات الأموال المصادرة بقانون تفكيك نظام الإنقاذ لمعالجة الاختلالات الاقتصادية»، وتابع: «إضافة لتوسيع نطاق نصيب الدولة من عائدات تعدين الذهب من الشركات، وإعادة فرض ضريبة التنمية المحددة بـ10 في المائة على كل السلع، وتخفيض الإنفاق العام الحكومي».
وأوضح شيخون أن اللجنة أوصت أيضا بإجراء اتصالات سياسية عليا لتنشيط الدعم السعودي الإماراتي الذي خُصص للسودان عقب سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، والمقدر بثلاثة مليارات دولار.
وكانت كل من السعودية والإمارات قد أعلنت عقب سقوط النظام السابق عن تقديم حزمة من المساعدات للسودان يصل إجمالي مبالغها إلى ثلاثة مليارات دولار.
وأعلنت وزارة المالية السودانية أنها بحاجة عاجلة لتوفير نحو 220 مليار جنيه (نحو 4 مليارات دولار) لمواجهة تداعيات انتشار كورونا بالبلاد، ما يلقي بعبء إضافي على الموارد المخصصة للموازنة في ظل عجز يبلغ نحو 160 مليار جنيه (2.9 مليار دولار).
وأقرت الحكومة الموازنة الدولة للعام 2020 بإيرادات إجمالية بلغت 567.3 مليار جنيه، ما يعادل 10.25 مليار دولار، وتبلغ مصروفات الموازنة الجارية حوالى 84.4 مليار جنيه (1.5 مليار دولار)، ويبلغ العجز حوالى 16.1 مليار جنيه (290 مليون دولار)، وخصصت الموازنة للمصروفات الرأسمالية المتعلقة بالتنمية مبلغ 58 مليار جنيه (1.1 مليار دولار).
وطلبت الحكومة السودانية، من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، دعما للبلاد لمواجهة تداعيات جائحة كورونا في ظل هشاشة المؤسسات الصحية بالبلاد. وكان المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء السوداني، آدم حريكة، قال لـ«الشرق الأوسط» بأن السودان لا يمكنه الاستفادة من مبادرة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المقدمة لمجموعة العشرين لدعم الدول الفقيرة والنامية لمواجهة تأثيرات كورونا وذلك بسبب العقوبات الأميركية بإبقائه ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب.
من جهته توقع الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عبد المنعم، لـ«الشرق الأوسط»، أن تنخفض إيرادات الموازنة العامة للدولة بنسبة 80 في المائة نتيجة الإجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار فيروس كورونا، مشيرا إلى أن أزمة انتشار كورونا عطلت العملية الاقتصادية في البلاد بشكل كبير، وستحدث خللا كبيرا في الموازنة العامة المعتمدة بنسبة 85 في المائة على الإيرادات الضريبية والجمركية والتي تعتمد بشكل مباشر على عمليات الاستيراد. واقترح عادل، إجراء تعديل عاجل في الموازنة العامة للدولة لزيادة الإيرادات برفع الدعم عن الوقود ورفع سعر الدولار الجمركي، لتغطية تمويل العجز في الموازنة، مشيرا إلى أن تأثيرات انتشار فيروس كورونا الكبيرة على الاقتصاد السوداني تحتاج معالجات قوية لمواجهة تداعياتها.
ويواجه السودان أزمة اقتصادية تتمظهر في ارتفاع معدلات التضخم التي تجاوزت 71 في المائة لشهر فبراير (شباط) الماضي، وانخفاض مستمر في قيمة العملة الوطنية التي بلغ سعرها في السوق الموازي 140 جنيه مقابل الدولار الواحد، كما تعاني البلاد نقصا حاداً في المشتقات البترولية نتيجة انعدام موارد النقد الأجنبي للاستيراد من الخارج.



تقلّبات حادة في الأسواق مع بداية رئاسة ترمب الثانية

ترمب يعرض أمراً تنفيذياً وقّعه خلال حدث استعراض تنصيب الرئاسة في صالة «كابيتال وان أرينا» (د.ب.أ)
ترمب يعرض أمراً تنفيذياً وقّعه خلال حدث استعراض تنصيب الرئاسة في صالة «كابيتال وان أرينا» (د.ب.أ)
TT
20

تقلّبات حادة في الأسواق مع بداية رئاسة ترمب الثانية

ترمب يعرض أمراً تنفيذياً وقّعه خلال حدث استعراض تنصيب الرئاسة في صالة «كابيتال وان أرينا» (د.ب.أ)
ترمب يعرض أمراً تنفيذياً وقّعه خلال حدث استعراض تنصيب الرئاسة في صالة «كابيتال وان أرينا» (د.ب.أ)

شهدت الأسواق المالية تقلّبات حادة في بداية رئاسة دونالد ترمب الثانية للولايات المتحدة؛ حيث أبدى موقفاً أكثر مرونة تجاه الصين مما كان يتوقعه الكثير من المراقبين، قبل أن يعلن في وقت لاحق عزمه فرض رسوم جمركية عقابية على جيرانه في أميركا الشمالية في غضون ساعات فقط.

لكن موجة من الارتياح اجتاحت الأسواق بعدما لم تفضِ خطاباته وسلسلة من الأوامر التنفيذية إلى فرض أي رسوم تجارية جديدة، إلا أن هذه الموجة توقفت بشكل مفاجئ عندما أفصح ترمب في تصريح للصحافيين من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض عن تفكيره في فرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة على المكسيك وكندا، بدءاً من الأول من فبراير (شباط) المقبل، وفق «رويترز».

ونتيجة لذلك، عكس الدولار مساره، الذي كان قد تراجع، ليصعد إلى أعلى مستوياته في خمس سنوات مقابل نظيره الكندي. وفي الوقت نفسه، صعدت أسواق هونغ كونغ، في حين شهدت أسهم شركات البطاريات تراجعاً، مما جعل يوم التداول بمثابة تذكير حيوي لكيفية تقلّب الأسواق خلال ولاية ترمب الأولى، وكيف أن المستثمرين الآن يشعرون بتفاؤل أكبر حيال المخاطر المرتقبة.

وفي هذا السياق، قال كبير استراتيجيي السوق في «جيه بي مورغان» لإدارة الأصول في سنغافورة، تاي هوي، في إفادة صحافية: «التصريحات المعدة مسبقاً وما يتمّ إعلانه بشكل ارتجالي، كلاهما سيُسهم في تحريك الأسواق». وأضاف: «بدلاً من أن نؤسّس جميع قراراتنا الاستثمارية على ما يتم التصريح به علناً، علينا أن نتراجع خطوة إلى الوراء ونستوعب التطورات بشكل أفضل».

وأشار إلى أن هناك فجوة كبيرة بين ما تم قوله خلال الحملة الانتخابية وما تتم دراسته وتنفيذه الآن. وكان ترمب قد تعهّد بفرض رسوم جمركية ضخمة تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على الواردات العالمية إلى الولايات المتحدة، و60 في المائة على السلع القادمة من الصين، إلا أن مذكرة أصدرها بعد توليه منصبه وجّهت الوكالات الفيدرالية فقط إلى دراسة وتحقيق العجز التجاري الأميركي.

وبلغ الدولار أعلى مستوى له في خمس سنوات عند 1.452 دولار كندي، ليعود بعدها إلى الاستقرار حول 1.44 دولار كندي، وارتفع لكن مع ذلك أقل من أعلى مستوياته مقابل البيزو المكسيكي في الشهر الماضي. كما شهدت سندات الخزانة انتعاشاً، في حين ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة، في حين انخفضت العقود الآجلة للأسواق الأوروبية بنسبة 0.4 في المائة. وقد شهدت الأسهم الصينية واليوان تحركات مؤقتة.

من جانبه، قال كبير مسؤولي الاستثمار في «إيست سبرينغ إنفستمنتس» في سنغافورة، فيس ناير: «الرسوم الجمركية تشكل عبئاً إضافياً»، مضيفاً: «على الرغم من التقلبات المتوقعة فإن هناك أملاً في وجود بعض البراغماتية، ومن غير المحتمل أن يتخذ ترمب أي إجراءات قد تؤدي إلى تضخم في الولايات المتحدة دون النظر في تداعيات ذلك».

مؤيّد للأعمال التجارية... ولكن بتكلفة

يبدأ ترمب فترة رئاسته الثانية بأجندة طموحة تشمل إصلاحات في مجالات التجارة والهجرة والتخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية، وهي سياسات قد تعزّز أرباح الشركات الأميركية، لكنها قد تُسهم في إعادة إشعال التضخم ورفع ضغوط أسعار الفائدة. وفي خطاب تنصيبه، تعهّد ترمب بدعم صناعات النفط والغاز والطاقة الأميركية والتصدي لمشكلة الهجرة، كما اتخذ قرارات جريئة بإلغاء بعض السياسات السابقة، مثل الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، وفرض حالة الطوارئ لتعزيز إنتاج النفط والغاز.

وفي المقابل، شهدت أسواق البطاريات في كوريا الجنوبية انخفاضاً بعد أن ألغى ترمب أمراً كان يسعى لضمان أن نصف السيارات الجديدة المبيعة في الولايات المتحدة بعد عام 2030 ستكون كهربائية. ويعكس هذا التحول تأثير السياسة الجديدة في مجالات متنوعة، ما يترتب عليه عدم استقرار في أسواق الأسهم الأميركية التي من المتوقع أن تتفاعل مع هذه القرارات في الأيام المقبلة، خصوصاً بعد العطلة الرسمية، يوم الاثنين.

ووفقاً لكبير مسؤولي الاستثمار في «كريسيت كابيتال»، جاك أبلين: «معظم الإجراءات التي يروّج لها ترمب ستكون مفيدة في تحفيز النمو وأرباح الشركات، لكن هذه المنافع ستأتي بتكلفة. سنحتاج إلى رؤية نمو ملحوظ في الأرباح لتعويض أي زيادات طفيفة في أسعار الفائدة التي قد تترتب على التعريفات الجمركية والسياسات الاقتصادية الأخرى».

أما أسواق العملات المشفرة التي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً قبل تولي ترمب منصبه، فقد تعرّضت لضغوط بعد غياب أي إعلانات فورية تدعم هذه الأسواق، مما أدى إلى بعض خيبة الأمل بين المستثمرين. وتم تداول «البتكوين» التي اقتربت من حاجز 110 آلاف دولار يوم الاثنين، عند مستوى 100 ألف دولار، في حين انخفضت عملة «ميمكوين» المرتبطة بترمب من 75 دولاراً في عطلة نهاية الأسبوع إلى 36 دولاراً.

وعلى الرغم من هذه التقلبات، ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 19.4 في المائة خلال العام الأول من ولاية ترمب الأولى، وسجل زيادة إضافية بنسبة 5 في المائة في أول 100 يوم له. وعلى مدار فترة ولايته الأولى، ارتفع المؤشر بنحو 68 في المائة، رغم التقلبات التي سبّبتها الحرب التجارية مع الصين. ومع بداية ولايته الثانية، يظل السؤال الرئيسي في أذهان المستثمرين هو: كيف سيتمكّن ترمب من خفض التكاليف والتضخم وأسعار الفائدة؟