شاشة الناقد: American Factory

مشهد من «مصنع أميركي»
مشهد من «مصنع أميركي»
TT

شاشة الناقد: American Factory

مشهد من «مصنع أميركي»
مشهد من «مصنع أميركي»

> الفيلم: American Factory
> إخراج: ستيفن بوغنار
جوليا رايشرت
> تسجيلي | الولايات المتحدة 2020
> تقييم الناقد: (ممتاز)

يحمل «مصنع أميركي» مضامين عديدة مساوية ومتكافئة في أهميّتها من بينها الحلم الأميركي والتباين الثقافي بين الأميركيين والوافدين ووضع العائلة العاملة ومستقبلها كما الاتحادات النقابية ودورها. لكن أهم هذه المضامين هو ما آلت إليه أميركا القوية في منتصف القرن الماضي وإلى اليوم وموقع الطبقة العاملة في زمننا الحاضر قياساً بما كانت عليه قبل ذلك.
«تلك الأجور لن تعود»، يقول أحد عمال مصنع «فيويو للزجاج الأميركي» بحسرة ملاحظاً كيف هبط أجر العامل إلى 14 دولاراً عن كل ساعة عمل واحدة. قبله تقول عاملة: «كنت أتقاضى 29 دولاراً في الساعة، الآن أتقاضى 12 دولاراً». الذي حدث في الواقع، وما يسجله الفيلم أيضاً، هو أن شركات الصناعة الكبرى رغبة في تسجيل المزيد من الأرباح. أغلقت مصانعها وتوجهت إلى الهند والمكسيك وتايلاند وسواها لكي تنتج بضائعها بسعر أرخص. في الوقت ذاته، فتحت أسواقها للمنافسة الصينية الرخيصة فضربت المزيد من أهداف هيمنة الاقتصاد الأميركي الداخلية وتركت آثارها الاجتماعية والاقتصادية على قطاعات الشعب الأميركي.
مصنع «فيويو» كان مصنعاً أميركياً حتى عام 2013 عندما قررت شركة «جنرال موتورز» للسيارات إغلاقه. عمّال المصنع تبعثروا باحثين عن عمل آخر وأغلبهم عانى البطالة من ذلك الحين. في سنة 2015 قام ملياردير صيني اسمه كاو ديوانغ بافتتاح المصنع مرّة أخرى ليس لأجل إنتاج سيارات بل لصنع زجاج سيارات. جلب صينيين للعمل لجانب أميركيين وطلب من الجميع أن يعملوا معاً لتحقيق «نتاج مادي أفضل». يلقي «مصنع أميركي» في ثلث ساعته الأولى مكوّنات ما حدث: بطالة، تحوّل الاستثمار المالي من أميركيين إلى وافدين، لقاء بين ثقافتين من العاملين كل بمرجعيته المختلفة القابلة للتصادم مع الأخرى وتباين الخبرات والأهداف. فبينما يفتخر الأميركي بنوعية ما يصنع شعر بأن التوجه الإداري الجديد يفضّل السرعة على النوعية. وبينما يعمل الأميركيون بروح مواطنية واحدة، وجد أن الصينيين الوافدين يعملون كما لو كانوا شخصاً واحداً ينجزون ما يؤمرون به من دون سؤال، وذلك حسبما تعوّدوا دوماً عليه.
يجوب الفيلم مسائل عديدة متصلة بالقضايا العمّالية وينهي بقراءة مستقبلية قائمة على ما بدأ العمل عليه في كافة شؤون الحياة وهو إحلال الآلات محل البشر. في خاتمته ترد الملاحظة المطبوعة التالية: «نحو 350 مليون شخص سيجد نفسه بلا عمل بحلول 2030 بسبب إحلال العمّال الآليين». توقع حزين لفيلم يتابع بنبرة حزينة موازية حال الطبقة العاملة الأميركية (وهناك ما يشاببها في كل مكان) وما ستواجهه من متاعب في المستقبل غير البعيد.
لا بد أن تصوير هذا الفيلم، الذي استحق الفوز بأوسكار أفضل فيلم تسجيلي مطلع هذا العام، دام لأشهر طويلة لأن الكاميرا دائماً ما تبدو في المكان المناسب في الوقت المناسب. وبفضل توليف جيد يبقى على محك القضايا التي يثيرها ويحافظ على معالجة فاعلة ذات مهارة فنية تهضم كل المطروح من دون نشاز.


مقالات ذات صلة

الممثل أدريان برودي يحطم الرقم القياسي لأطول كلمة في الأوسكار

يوميات الشرق الممثل أدريان برودي يحطم الرقم القياسي لأطول كلمة في الأوسكار

الممثل أدريان برودي يحطم الرقم القياسي لأطول كلمة في الأوسكار

ألقى أدريان برودي خلال تسلّمه أوسكار أفضل ممثل الأحد أطول كلمة في تاريخ حفلات توزيع جوائز الأوسكار، محطماً رقماً قياسياً يعود إلى 80 عاماً.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق شون بيكر يحمل أربع جوائز أوسكار نالها شخصيا عن فيلمه "أنورا" (أ.ب)

السينما المستقلة تسطع في ليلة الأوسكار

سطعت السينما المستقلة في ليلة الأوسكار بهوليوود وخرج «أنورا» بجائزة أفضل فيلم، تاركاً الأفلام التسعة الأخرى، من بينها منافِسه الأشد «ذَا بروتاليست»، في حسرة.

محمد رُضا (هوليوود)
يوميات الشرق باسل ويوفال في مشهد من الفيلم (مهرجان برلين)

«لا أرض أخرى» يجدد الجدل حول «التطبيع الفني»

جدد فوز الفيلم الوثائقي الفلسطيني «لا أرض أخرى» بجائزة «الأوسكار» لأفضل فيلم وثائقي طويل الجدل حول «التطبيع الفني» لمشاركة مخرج فلسطيني وآخر إسرائيلي فيه.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق ملصق فيلم «لا أرض أخرى» الحائز على أوسكار أفضل وثائقي (إنستغرام)

«لا أرض أخرى»... الفيلم الفلسطيني - الإسرائيلي الذي خرق جدار الأوسكار

مَن يوفال إبراهام وباسل عدرا مخرجا فيلم «لا أرض أخرى»؟ وكيف اجتمع الشابّان على الشراكة الفنية والصداقة الإنسانية رغم عداوة شعبَيهما؟

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق فريق فيلم Anora الحائز على 5 جوائز أوسكار (أ.ب) وأوسكار أفضل وثائقي للفيلم الفلسطيني الإسرائيلي No Other Land  (أ.ف.ب)

أوسكار 2025: 5 نجوم للسينما المستقلّة ونَصرٌ فلسطيني إسرائيلي مشترك

مفاجأتان في ليلة الأوسكار. الأولى عنوانها «أنورا»، الفيلم الذي حقق انتصاراً للسينما المستقلّة. والثانية فوزٌ فلسطيني إسرائيلي مشترك لفيلم «لا أرض أخرى».

كريستين حبيب (بيروت)

موسم الأوسكار: من سيفوز بالجائزة الأبرز؟

«مجمّع مقدّس» (إنديان بانتبرش)
«مجمّع مقدّس» (إنديان بانتبرش)
TT

موسم الأوسكار: من سيفوز بالجائزة الأبرز؟

«مجمّع مقدّس» (إنديان بانتبرش)
«مجمّع مقدّس» (إنديان بانتبرش)

الدورة السابعة والتسعين للأوسكار على بعد تسعة أيام فقط. تُقام في الثاني من الشهر المقبل وتحمل معها تحديات مثيرة للاهتمام في كل ركن ومسابقة.

المنافسات صعبة في كل قسم، فالعام الحالي شهد أعمالاً فنية غزيرة ومختلفة معظمها من صنع جيل جديد من المخرجين غرز أسنانه في العمل في السنوات العشرين الأخيرة أو ما جاورها.

من سيفوز ومن سيخرج من الحفل بالذكريات وحدها غير معروف، لكن التكهنات مطروحة والاتجاهات النقدية تؤم لعبة التنبؤات كما في كل عام. المختلف هو عناوين وأسماء المشاركين.

«أنا ما زلت هنا» (ڤيديو فيلمز)

الأهم... ولكن

تأتي ترشيحات الأوسكار لأفضل فيلم في المقدّمة بين السباقات الأخرى إن لم يكن بسبب أنها الأهم بين المسابقات فعلى الأقل لكون العديد من الأفلام المطروحة هذا العام توجد في سباقات أخرى مثل السيناريو والموسيقى والتوليف والإخراج والتمثيل. لذا القيام بحصر الاهتمام هنا بالأفلام المتنافسة على القمّة أمر صائب قبل النظر لاحقاً في الأقسام الأخرى.

على صعيد مؤكد الأوسكار هو الجائزة الأولى عالمياً في الأهمية. هو أهم من السعفة الذهبية التي يمنحها «كان» وأهم من الأسد الذهبي في ڤنيسيا أو الدب البرليني الذهبي (تنتهي دورته مساء اليوم). كذلك هو أشهر وأهم من المناسبات السنوية الأخرى التي تمنحها مؤسسات وجمعيات سينمائية مختلفة مثل البافتا والغولدن غلوبز والسيزار وسواها.

لكن حقيقة أن جوائز الأوسكار الأشهر والأهم لا يعني أنها أعلى قيمة من جوائز المهرجانات والمناسبات المذكورة. في الواقع تتوقّف مسألة القيمة الفنية الخالصة على الفيلم الفائز بالأوسكار لأنه كثيراً ما فاز فيلم لم يتجاوز في قيمته الفنية ذاك الذي خرج بجائزة أولى في مناسبة أو مهرجان آخر.

Anora‬ لقطة من «أنورا» المرشّح رقم 1 (فيلم ناشن إنترتاينمنت)

بين البافتا والأوسكار

إلى الآن، يبدو أن الفيلم الأميركي «أنورا» هو المرشّح الأقوى بين الأفلام المتنافسة. وللتذكير هذه الأفلام هي، لجانب «أنورا» «ذَ بروتاليست» لبرادي كوربت، و«أنا لست هنا» لولتر ساليس، و«المادة» لكورالي فارجَت، و«فتيان النيكل» لرامَل روس، و«إميليا بيريز» لجاك أوديار، و«مجمّع مقدس» لإدوارد برغر، و«ديون» لدَني ڤلنييف، و«ويكيد» لجون م. تشو، و«مجهول تماماً» لجيمس مانغولد.

إذ يتقدّم «أنورا»، حسب معطيات عديدة من بينها ارتفاع نسبة تأييده بين النقاد (91 في المائة حسب موقع Metacritic) يجب ألا يغيب عن البال أن فيلم شون بايكر هذا سقط في المواجهة مع فيلم «مجمّع مقدس» في سباق البافتا قبل أيام قليلة. كذلك «ذَ بروتاليست» و«إميليا بيريز» و«مجهول تماماً». هذا، على أهمية دلالاته، لا يؤكد أن «أنورا» (أو أياً من الأفلام المتسابقة) سيخسر حظوظه الأوسكارية. في الواقع تأثير «بافتا» على الأوسكار شبه معدوم لأنه لا يوجد في تاريخ الجوائز فيلم فاز بجائزة «بافتا» وحدها (أي من دون جوائز الغولدن غلوبز أو نقابة المخرجين أو «نقابة المنتجين») وفاز لاحقاً بالأوسكار.

في المقابل، يدعم فيلم «أنورا» أنه نال جائزتي نقابة المنتجين ونقابة المخرجين قبل أسابيع قليلة ما يعزز احتمال فوزه بالأوسكار، استناداً إلى حقيقة أن كل فيلم فاز بجوائز هاتين النقابتين فاز لاحقاً بالأوسكار باستثناء ستة أفلام منذ ذلك منتصف التسعينات.

الفيلم الأجنبي

المنافس الشرس في هذا الإطار هو «ذَ بروتاليست» لبرادي كوربت الذي نال قدراً موازياً من إعجاب النقاد منذ أن عرضه مهرجان ڤنيسيا في مسابقته هذا العام. على الهامش، لا بد من ذكر أن «أنورا» هو الفيلم الفائز في مهرجان «كان»، ما يجعل السباق على أشدّه بين المهرجانين في حفل الأوسكار المقبل.

بالنسبة لفيلم «مجمّع مقدس» الذي هو ثالث الأفلام المدرجة بقوّة في هذا التنافس تبدو حظوظه أقل من الفيلمين الآخرين؛ كون اسم برغر غائب عن قائمة المخرجين المرشّحين للأوسكار. المخرجون المرشّحون هم شون بايكر عن «أنورا»، وبرادلي كوربت عن «ذَ بروتاليست»، وجيمس مانغولد عن «مجهول تماماً»، وجاك أوديار عن «إميليا بيريز»، وكورالي فارجَت عن «المادة». كل واحد من هؤلاء لديه فيلم متنافس.

ولا بد من الإشارة كذلك إلى أن فيلمين فقط من الأفلام العشرة المتنافسة على أوسكار أفضل فيلم موجود في سباق أفضل فيلم أجنبي، وهما «أنا لا زلت هنا» لوولتر ساليس ممثلاً البرازيل و«إميليا بيريز» لجاك أوديار ممثلاً فرنسا. هذا يعني أن أحد هذين الفيلمين سيخطف أوسكار أفضل فيلم عالمي لأنه، على الأرجح، لن يحظى بأوسكار أفضل فيلم.

الأفلام الثلاثة الأخرى في قائمة أفضل فيلم عالمي هي «الفتاة ذات الأبرة» لماغنوس فون هورن (دنمارك) و«بذرة التين المقدّسة» لمحمد رسولوف (ألمانيا) و«فلو»، وهو فيلم رسوم نفّذه ماغويل غوميز (لاتڤيا).