«كوفيد - 19» يحوّل «الصحة العالمية» حلبة صراع أميركية - صينية

شعار منظمة الصحة العالمية على مدخل مقرها في جنيف (أ.ف.ب)
شعار منظمة الصحة العالمية على مدخل مقرها في جنيف (أ.ف.ب)
TT

«كوفيد - 19» يحوّل «الصحة العالمية» حلبة صراع أميركية - صينية

شعار منظمة الصحة العالمية على مدخل مقرها في جنيف (أ.ف.ب)
شعار منظمة الصحة العالمية على مدخل مقرها في جنيف (أ.ف.ب)

على الرغم مما أبداه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، من «تضامن» مع الصين في بداية أزمة فيروس (كوفيد - 19) قبل أن يضرب الفيروس بلاده بقوة، فإن تحولات في موقف واشنطن ظهرت عبر اتهام لبكين بـ«التسبب في انتشار الفيروس عالمياً»، ثم تطور الأمر إلى اتهام «منظمة الصحة العالمية» بمجاملة الصين في هذه الأزمة.
واستخدم الرئيس الأميركي في 23 مارس (آذار) الماضي عبارة «الفيروس الصيني» محملاً الصين المسؤولية عن انتشار الفيروس، قائلاً: «أتمنى لو كانوا أبلغونا بهذه المشكلة قبل 3 أشهر، ربما كان بإمكاننا إنقاذ العديد من الأرواح حول العالم».
كما غيّر ترمب دفة اتهاماته لتتجه لاحقا إلى «منظمة الصحة العالمية»، وكانت الصين حاضرة أيضا في هذا الاتهامات، واتهم المنظمة الدولية في السابع من أبريل (نيسان) بمجاملة الصين، وكتب على حسابه بموقع «تويتر»: «لقد أفسدت المنظمة الأمر بالفعل لسبب ما، ورغم أنها ممولة من جانب الولايات المتحدة، فإنها تركز على الصين... لحسن الحظ، رفضت نصيحتهم بإبقاء الحدود مفتوحة مع الصين في البداية، فلم أعطونا هذه النصيحة المغلوطة؟».
كما صعّد ترمب تجاه المنظمة الدولية، وأعلن، أول من أمس، تعليق المساهمة المالية التي تقدمها لها الولايات المتحدة (تقدر بـ400 مليون دولار سنوياً من أصل 6 مليارات دولار تمثل ميزانية المنظمة)، بسبب «سوء إدارتها»، لأزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، وقال في مؤتمر صحافي: «العالم تلقى كثيرا من المعلومات الخاطئة حول انتقال العدوى والوفيات الناجمة عن الوباء».
وتساهم الصين بـ40 مليون دولار في موازنة المنظمة الدولية.
وتنظر بعض وسائل الإعلام الأميركية إلى قرار ترمب على أنه محاولة لاستعادة السيطرة على المنظمة الدولية التي تم تركها لنفوذ الصين منذ عام 2006 مع تعيين الدكتورة مارغريت تشان، الطبيبة من هونغ كونغ.
وتقول مجلة «نيوزويك الأميركية» في تقرير نشرته أول من أمس: «في المرة الأولى التي تم فيها تسمية مرشح مدعوم من الصين مديرا عاما لمنظمة الصحة العالمية، كان لدى جورج بوش، رئيس الولايات المتحدة أشياء أخرى في ذهنه، ورغم أن الصين قد أساءت التعامل مع مرض شبيه بالإنفلونزا (تقصد فيروس السارس)، حيث قامت بالتغطية عليه أولاً ثم أبلغت بعد ذلك عن نتائج محدودة، فإن الرئيس أراد وقتها إقامة علاقات مستقرة مع بكين، ولم يثر أحد في إدارته أي اعتراضات معينة على اختيار أعلى منصب في منظمة الصحة العالمية».
وكان الحزب الجمهوري لجورج دبليو بوش قد خسر قبل يومين فقط من التصويت في انتخابات التجديد النصفي بالكونغرس، وكانت حرب العراق تتجه جنوبًا بسرعة، فلم تكن واشنطن مهتمة حينها بمن يدير المنظمة.
وتابعت المجلة: «إذا كان ذلك مفهوما بسبب هذه الأحداث، فلم يكن مفهوما وقوف إدارة الرئيس الأميركي بارك أوباما إلى جانب تعيين تشان الموالية لبكين لفترة ثانية، قامت خلالها بتعيين عدد كبير من البيروقراطيين الموالين لبكين».
وأضافت: «عندما تقدم الإثيوبي تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام الحالي لمنظمة الصحة العالمية، للانتخابات في ربيع عام 2017، لم تهتم إدارة ترمب بالأمر، وكان جدول أعماله عندما يتعلق الأمر بالصين يدور حول التجارة، كما أوضح خلال الحملة الانتخابية، فلم يكن أحد يركز بشكل خاص على منظمة الصحة العالمية».
وفاز تيدروس المدعوم بقوة من بكين بالمنصب بسهولة، ليصبح أول أفريقي يفوز بهذا المنصب، وتغلب على «ديفيد نابارو» من المملكة المتحدة، الذي كان مدعومًا من قبل واشنطن، بحصوله على 133 صوتًا مقابل 50 في الاقتراع النهائي.
غير أن اتهامات أميركية طالت أداء المنظمة وغموضها بشأن تفشي فيروس (كوفيد - 19) ما دفع إدارة الرئيس الأميركي إلى إعادة التفكير في موقفها من المنظمة، وقال الرئيس الأميركي مساء الاثنين الماضي في مؤتمر صحافي إن «حقبة عدم اكتراث واشنطن بمنظمة الصحة العالمية قد انتهت، فنحن نريد أن نعرف ماذا تعرف منظمة الصحة العالمية، ومتى عرفت، وماذا قالت بكين لها؟».
وقال مفوض الغذاء والدواء السابق سكوت جوتليب في تصريحات صحافية نقلتها وسائل إعلام أميركية الاثنين الماضي: «هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أنه حتى 20 يناير (كانون الثاني)، كان المسؤولون الصينيون ما زالوا يقولون إنه لم يكن هناك انتقال للفيروس من شخص لآخر، وكان ذلك يدعم التعتيم الذي تمارسه الصين».
ومن بين الأدلة التي يتم ترويجها أنه في 31 ديسمبر (كانون الأول)، اتصلت حكومة تايوان، بمنظمة الصحة العالمية لتقول إن مرضاً غامضاً في ووهان يشبه السارس، وهو المرض الذي حاولت الصين التستر عليه في عام 2003. وكان السارس، مثل كوفيد - 19، قابلاً للانتقال من إنسان إلى إنسان.
ومن جانبها، رفضت «الصحة العالمية» الاتهامات، وطالب المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم غيبريسوس بـ«عدم تسييس أزمة الفيروس، وأن تلجأ دول العالم إلى الوحدة والتضامن الدولي باعتبار ذلك الخيار الوحيد المتاح لهزيمة الفيروس».
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أول من أمس، أميركا بالتراجع عن وقف التمويل للمنظمة، وقال «هذا ليس الوقت المناسب»، وتابع «هذا وقت الوحدة وعلى المجتمع الدولي العمل معا في تضامن لوقف الفيروس وتبعاته المدمرة».


مقالات ذات صلة

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا على نحو مطرد (أ.ف.ب)

الصحة العالمية تعلن عن حدوث تراجع مطرد في وفيات كورونا

بعد مرور نحو خمس سنوات على ظهور فيروس كورونا، تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بهذا الفيروس على نحو مطرد، وذلك حسبما أعلنته منظمة الصحة العالمية في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.