يجمع معارضو الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومؤيدوه على التأكيد بأنه نجح في تحويل الإحاطة الصحافية المسائية حول وباء فيروس «كورونا» المستجد، إلى منصة إعلامية، سواء للتعبير عن مواقفه أو للدفاع عنها أو لمهاجمة معارضيه، فيما قاربت الإصابات في الولايات المتحدة الـ600 ألف شخص تعافى منهم نحو 40 ألفا وتوفي نحو 25 ألفا.
في إحاطته مساء الاثنين كرر ترمب القول إن استراتيجيته للحد من تفشي الوباء قد نجحت، بدليل «تراجع نسب دخول المستشفيات» للمصابين بـ«كوفيد -19» وعندما سُئل عن السلطة التي يملكها لإعادة فتح البلاد، لم يتردد في القول: «لدي السلطة المطلقة لإعادة فتح الاقتصاد»، قاطعا على الصحافي إكمال كلامه.
وأوضح ترمب موقفه أكثر قائلا: «عندما يكون شخص ما رئيسا للولايات المتحدة، تكون سلطته كاملة. هكذا يجب أن يكون الأمر. إنها سلطة مطلقة والحكام يعرفون ذلك». وأضاف «الحكام لا يمكنهم فعل أي شيء دون موافقة رئيس الولايات المتحدة».
تأكيداته هذه أثارت العديد من الانتقادات، خصوصا من المتخصصين وخبراء القانون والدستور، متسائلين عن مصدر هذه السلطة، في مواجهة سلطة حكام الولايات، على الرغم من أن مواقف هؤلاء ليست موحدة هي الأخرى من كيفية وتاريخ إعادة فتح ولاياتهم.
وقال الخبراء إن السلطة التي أكّدها ترمب ليس فقط أنه لا أساس لها في الواقع، بل إنها أيضا تتعارض تماما مع الدستور، ومفهوم الفيدرالية وفصل السلطات، سواء في أوقات الطوارئ أم لا.
وقال روبرت تشيسني، أستاذ القانون في جامعة تكساس في أوستن، لصحيفة واشنطن بوست: «لن تجد أي تأكيد حول هذا الأمر في أي نص فيدرالي».
وغرد ستيف فلاديك الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة تكساس على تويتر، قائلا: «كلا هذا سيكون التعريف الحرفي للحكومة الشمولية التي ترفضها تقاليدنا ودستورنا وقيمنا بشكل صحيح وحاسم».
فالرئيس ترمب الذي يسعى إلى إعادة فتح الاقتصاد والشركات بحلول 1 مايو (أيار) المقبل، يرغب في تكوين رأي عام يساند دعوته، عبر محاولة تضخيم إنجازات التصدي للجائحة، والتأكيد على أهمية عودة عجلة الاقتصاد، لوقف الشلل وخسارة الوظائف.
وقال ترمب في المؤتمر الصحافي: «تتراجع نسب دخول المستشفيات في نيويورك ونيوجيرسي وهذا يدلل على أننا نتقدم، وأن استراتيجيتنا في مكافحة الفيروس ناجعة، وأن الأميركيين يتبعون الإرشادات وهو أمر ممتاز». وأضاف «كانت الأرقام تشير إلى أنه سيتوفى أكثر من 100 ألف، لكنني أعتقد أننا لن نصل إلى هذه الأرقام».
وقال ترمب إن خطة إعادة فتح البلاد قاربت على الاكتمال «ونأمل في أن يحدث ذلك، حتى قبل الموعد المحدد». وأضاف «سنعرف في الأيام القادمة متى يمكننا أن نفعل ذلك»... «سأتخذ قراري بشأن فتح الاقتصاد في نهاية الأسبوع». وأشار إلى أنه يريد أن ينهي القيود المفروضة على السفر إلى أوروبا في الوقت الصحيح.
حتى العلاقة بين ترمب والدكتور أنتوني فاوتشي مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، تسير على حبل مشدود. وعلى الرغم من بيان البيت الأبيض الذي أعلن أن الرئيس متمسك بالرجل، وتأكيدات فوتشي خلال المؤتمر الصحافي أن تصريحه يوم الأحد، قد «تم فهمه بشكل خاطئ»، إلّا أن تحول فاوتشي إلى إحدى أكثر الشخصيات الموثوق فيها كمصدر للمعلومات حول الوباء، لم يعد يرق للرئيس الذي يسعى إلى أن يكون هو مصدر الثقة.
وكان فاوتشي، وهو أكبر خبير للأمراض المعدية في الولايات المتحدة، أعلن «أنه كان ممكنا إنقاذ مزيد من الأرواح في البلاد لو اتخذت إجراءات الإغلاق مبكرا خلال تفشي فيروس (كورونا) المستجد».
وقال فاوتشي في المؤتمر الصحافي إلى جانب ترمب: «كانت هناك تفسيرات خاطئة على الرد على السؤال الافتراضي، سألت سؤالا افتراضيا حول ما إذا كنا قد قمنا بالإجراءات مسبقا هل كان يمكن أن تقل عدد الوفيات والإصابات؟ دائما يمكننا عمل ذلك، لكنني أؤكد أنني والدكتورة ديبورا بركس عندما أوصينا الرئيس بالإغلاق، فإنه استمع إلى التوصيات وعمل بها». وأضاف «عندما عدنا إلى الرئيس وقلنا له إن الإغلاق لمدة 15 يوما لا يكفي وإنه يجب أن يكون 30 يوما استمع الرئيس وقام بالتمديد مباشرة».
وأشار إلى أن الرئيس استمع إلى النصائح الطبية حول القيود على السفر، وقال: «طلبنا من الرئيس إغلاق الطيران مع أوروبا ففعل ذلك، ثم طلبنا الإغلاق بعد ذلك مع المملكة المتحدة فكان جوابه بنعم».
من جانبه أكد ترمب مجددا أن وسائل الإعلام والديمقراطيين بشكل خاص يستهدفونه ويروجون بأنه عنصري ومعاد للأجانب، واصفا ذلك بـ«الأخبار الزائفة». وقال: «أنا أسجل كل ذلك لأن الأخبار الزائفة كثيرة، قيل عني أنني أكره الأجانب مثلما قالت بيلوسي (رئيسة مجلس النواب) وجو بايدن (المرشح الديمقراطي)».
وأكد ترمب أنه بدأ باتخاذ إجراءات وقائية حتى قبل وصول الفيروس إلى الولايات المتحدة. وقال: «في 17 يناير (كانون الثاني) بدأت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تطبق بعض القرارات بفحص الداخلين إلى أميركا والقادمين من ووهان منشأ الفيروس، وذلك بتوجيه مني رغم أنه لم تكن هناك أي حالة مسجلة حينها في الولايات المتحدة». وأضاف «عندما لم يكن هناك سوى إصابة واحدة في كل أميركا في 21 يناير، هل أغلق أكبر اقتصاد في العالم لأن هناك حالة واحدة؟ ثم في 31 منه سجلت ثلاث حالات ولم يتوف أي شخص، لم تكن هناك أي وفيات، ورغم ذلك اعتمدت حظرا على السفر من الصين، فاتهمت بمعاداة الأجانب».
وحول تطورات احتياجات المصابين، رغم بلوغ الولايات المتحدة أرقاما قياسية، قال ترمب: «لم يحتج أحد لسرير في مستشفى وحرم منه، ولا أحد احتاج إلى جهاز تنفس ولم يتم توفيره له». كما أكد نائبه مايك بنس أن الولايات المتحدة أجرت أكثر من 2.5 مليون اختبار.
من ناحيته، قال فاوتشي: «كان الأسبوع الماضي سيئا، ستكون هناك المزيد من الوفيات، لكننا سنرى تسطحا للمنحنى ونقاطا ساخنة مثل نيويورك».
وبعد تزايد الحديث عن ارتفاع نسبة الإصابة بالفيروس بين الأميركيين من أصل أفريقي، قال فاوتشي إنه التقى بزعماء منهم «وتحدثنا عما ينبغي عمله على المدى الطويل لناحية عدم التوازن الصحي في العدوى، وأنه يصيب الفقراء، خصوصا الأميركيين من أصول أفريقية، وأكدنا لهم أننا سنوجه الموارد إلى المناطق التي تحتاج إليها، وسنعمل على تعزيز عمليات العزل في المجتمعات التي تعاني أكثر مما ينبغي».
ترمب يؤكد نجاح استراتيجيته في مواجهة الوباء ويتمسك بسلطته المطلقة لإعادة فتح الاقتصاد
ترمب يؤكد نجاح استراتيجيته في مواجهة الوباء ويتمسك بسلطته المطلقة لإعادة فتح الاقتصاد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة