«الحشد» العراقي ينأى بنفسه عن استهداف القواعد الأميركية

رغم تداخل الولاءات في هيئته والغموض حول الجماعات المنضوية في إطاره

TT

«الحشد» العراقي ينأى بنفسه عن استهداف القواعد الأميركية

رغم التداخل والغموض الذي يحيط بعمل بعض الفصائل العراقية الموالية لإيران والمناهضة للولايات المتحدة الأميركية لجهة انتسابها الرسمي أو عدم انتسابها إلى «هيئة الحشد الشعبي»، فإن الأخيرة تسعى منذ سنوات إلى النأي بنفسها عن صراع الفصائل مع واشنطن، وتأكيد طابعها الرسمي بوصفها إحدى المؤسسات الأمنية الخاضعة لإرادة الدولة والحكومة العراقية.
وفي هذا السياق، رفضت «هيئة «الحشد الشعبي»، أمس، الاتهامات المتكررة لها باستهداف القوات والقواعد الأميركية في العراق. وقال مدير إعلام الهيئة مهند العقابي في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء العراقية شبه الرسمية (واع)، أمس: «(الحشد) قوة أمنية رسمية تابعة للحكومة العراقية تلتزم وتحترم علاقاتها الخارجية، حتى وإن كان لقيادات (الحشد) بعض الملاحظات على تلك الدول». وأشار إلى أن «أي اتهامات لم توجَّه لـ(الحشد الشعبي) في استهداف القواعد الأجنبية». وشدد على أن «أي تحرك عسكري لـ(الحشد) هو ضمن إطار الدولة العراقية، وهو قوة أمنية تم تشكيلها منذ سنين عدة وأسماء قياداتها معروفة ولديها قاعدة بيانات شاملة تضم جميع أسماء القيادات والمقاتلين».
وأشار العقابي إلى أن «أي شخص يكون اسمه موجوداً في (الحشد الشعبي)، أو قائد، عنده أمر من رئيس الهيئة أو أمر ديواني إن كان يدير مديرية، أو آمر لواء، أو قائد منطقة، هو رسمياً في (الحشد الشعبي)». ورغم تأكيد العقابي على أن «(الحشد الشعبي) لديه هيكلية معروفة، وأسماء قياداته ومقاتليه معروفة أيضاً»، فإن «الحشد الشعبي»، بحسب آراء عدد كبير من المراقبين، يعاني منذ لحظة تأسيسه الأولى التي أعقبت فتوى «الجهاد الكفائي» التي أصدرها المرجع الديني علي السيستاني بعد صعود «داعش» في يونيو (حزيران) 2014، من الغموض والتداخل الواضح بين نشاط العاملين تحت مظلته الرسمية من الفصائل المسلحة وقادتها، وبين المحسوبين العاملين باسمه لكن بطريقة غير رسمية. ويقول العقابي في هذا الصدد: «بعض الذين يدعون الانتماء لـ(هيئة الحشد الشعبي) هم ربما من المحسوبين على جهات سياسية أو جهات أخرى، وهؤلاء هم خارج منظومة (الحشد). ودعا العقابي «الجهات المختصة لمحاسبة من يدعي الانتماء إلى (هيئة الحشد الشعبي) ويصرح ويهدد باسم (الحشد)».
غير أن هذه الدعوة غالباً ما تفقد حدودها وتأثيرها، نظراً لـ«التداخل والغموض» المشار إليه بالنسبة لعمل بعض الفصائل المسلحة المزدوج، بمعنى أن عدداً غير قليل من تلك الفصائل، خصوصاً تلك المحسوبة على «التيار الولائي» الذي يعلن طاعته وتمسكه بـ«ولاية الفقيه» الإيرانية، يوزع عناصره وجنوده على قسمين عادة: الأول يعمل تحت مظلة «الحشد» ويلتزم بأوامرها وتحركاتها ولا يقاتل خارج الحدود العراقية. فيما يعمل القسم الآخر من جنود وعناصر هذه الفصائل خارج وداخل الحدود العراقية ومن الممكن أن ينخرط في تنفيذ الأوامر التي تصدر له لمهاجمة الأهداف الأميركية في العراق. ولا يستبعد بعض الخبراء في شؤون هذا الفصائل، حصول عناصر هذا القسم على مرتبات ثابتة من «هيئة الحشد» الرسمية، إلى جانب مكافآت أخرى من قبل إيران. وهناك من يرى أن هؤلاء يحصلون على مرتباتهم من إيران غالباً وليس من «هيئة الحشد».
ويشير مسؤول إعلام «الحشد» العقابي إلى أن «أي شخص يدّعي أنه من ضمن تشكيلة (الحشد الشعبي) بالإمكان إرسال اسمه إلى الإدارة المركزية للتأكد من وجود اسمه ضمن قاعدة البيانات، والهيئة غير مسؤولة عن أي شخص خارج منظومة (الحشد)، ومسؤولية محاسبته تكون من قبل الجهات المختصة».
ورغم تأكيدات «هيئة الحشد» الرسمية المستمرة على إمكانية محاسبة من يدعي الانتماء إلى تشكيلاتها، فإن الوقائع على الأرض غير مشجعة في هذا الاتجاه، خصوصاً لجهة محاسبة بعض العناصر والفصائل التي تتمتع بالنفوذ والقوة اللازمين، وهما مستمدان أساساً من القرب من قادة «الحرس الثوري» الإيراني. وصحيح أن «هيئة الحشد» قامت في فترة من الفترات بملاحقة بعض المدعين انتسابهم لـ«الحشد» من الشخصيات غير المهمة والضعيفة التي تبحث في الغالب عن مصالح شخصية وتسعى إلى تحقيقها عبر ادعاء الانتماء لـ«الحشد»، فإن فصائل قوية تعمل تحت مظلة «الحشد»، تتحدى الحكومة، وتهدد البرلمان في بعض الأحيان، وهي غالباً بمنأى عن المحاسبة.
ولعل المظاهرات التي قادها وخطط لها كبار القادة في «هيئة الحشد» ضد السفارة الأميركية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تعبّر بوضوح أكبر عن حالة «التداخل والغموض» على المستويين الرسمي وغير الرسمي بالنسبة لعمل عدد غير قليل من الفصائل المسلحة وقادتها. كما تكشف عن «الولاءات الموزعة» لتلك الشخصيات والجهات، بين «الحشد الشعبي» العراقي من جهة؛ ومنظومة «ولاية الفقيه» الإيرانية من جهة أخرى. فقد شوهد كثير من قادة «الحشد»؛ من بينهم نائب رئيس «الحشد» السابق أبو مهدي المهندس (اغتيل على يد القوات الأميركية لاحقاً)، وهم يهتفون ضد الولايات المتحدة أمام أسوار سفارتها في بغداد ويحاولون اقتحامها، فيما الحكومة العراقية ورئيس وزرائها المسؤول عن «هيئة الحشد» ينددون بمحاولات اقتحام السفارة ويرفضون عمليات الحرق التي طالت بعض مداخلها. ونفى رئيس «هيئة الحشد الشعبي» فالح الفياض وقتذاك، الأنباءَ التي ترددت عن مشاركته في المظاهرات أمام سفارة واشنطن.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.