شكوى لدى الأمم المتحدة احتجاجاً على سجن «سياسي» جزائري

انقسام في صفوف الحراك الشعبي بعد تغيير مدير المخابرات

TT

شكوى لدى الأمم المتحدة احتجاجاً على سجن «سياسي» جزائري

أعلن محامٍ جزائري مقيم في كندا عن إيداع شكوى لدى الأمم المتحدة بخصوص «الاحتجاز التعسفي» للمناضل السياسي الجزائري كريم طابو. وفي غضون ذلك، تلقى متظاهرون من مناطق عدة بمدن الجزائر استدعاءات من قوات الأمن لاستجوابهم حول منشورات بشبكة التواصل الاجتماعي، تعدّها الحكومة «مساساً بوحدة الوطن».
وذكر المحامي سفيان شويطر، المقيم في مدينة مونتريال الكندية، عبر حسابه على «فيسبوك» أنه رفع شكوى لدى الفريق العامل حول قضايا الاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة، للاحتجاج على استمرار سجن رئيس حزب «الاتحاد الديمقراطي والاجتماعي»، غير المعتمد، كريم طابو، الذي أدانته محكمة الاستئناف بالعاصمة في 7 مارس (آذار) الماضي بعام سجناً نافذاً، بتهمة «إضعاف معنويات الجيش»، في حين كان غائباً عن المحاكمة، حسب محاميه، وهو ما لا يسمح به القانون.
ويعاني طابو، حسب عائلته ومحاميه، من شلل نصفي، أصابه عندما توترت أعصابه بسبب إصرار القاضي على محاكمته في غياب محاميه. ونقل إلى المستشفى، لكن استمرت محاكمته وتم النطق بالحكم ضده، بينما كان غير موجود بالجلسة. غير أن النيابة نفت أن يكون مصاباً بمرض خطير.
وتعرضت الجزائر في السابق لانتقادات شديدة من طرف «مجلس حقوق الإنسان» في جنيف، التابع للأمم المتحدة، في قضايا مرتبطة بسجن مناضلين وناشطين سياسيين، يعود بعضها إلى تسعينات القرن الماضي.
وفي سياق ذي صلة، أجّلت محكمة الاستئناف بالعاصمة، أمس، الفصل في قضية الكاتب الصحافي فضيل بومالة، المتهم بـ«إضعاف معنويات الجيش». وكانت محكمة الجنح قد برأت بومالة من التهمة، لكن النيابة التي التمست عاماً سجناً نافذاً بحقه، استأنفت الحكم.
من جهتها، أعلنت «اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين» تأجيل محاكمة 8 متظاهرين، أمس، إلى وقت غير محدد، وذلك على أثر قرار من وزارة العدل بإرجاء كل المحاكمات، تماشياً مع إجراءات الحظر الصحي والتباعد الاجتماعي. وأكدت «اللجنة» أن الثمانية تعرضوا للاعتقال في 14 من الشهر الماضي، من دون ذكر الأسباب.
ومنذ تعليق الحراك الشعبي قبل 5 أسابيع، سجنت السلطات العشرات من المتظاهرين بسبب كتابات منتقدة لها على شبكة التواصل الاجتماعي، فيما تم بمدينة عنابة (شرق)، أول من أمس، وضع الناشط البارز زكريا بوساحة في الحجز تحت النظر، ويرتقب أن يعرض على النيابة، اليوم، حسب محاميه.
أما في غليزان (غرب) فقد تلقى الناشط عامر إبراهيم استدعاء من الشرطة عن طريق مكالمة هاتفية. وفي المسيلة (جنوبي شرق)، اعتقلت الشرطة الاثنين الماضي، حمادة خطيبي وفارس كحيوش على أثر إدانتهما غيابياً بعام حبساً نافذاً. وانتقد المحامون «تجاوز قرار وزارة العدل» بخصوص تأجيل كل القضايا بالمحاكم حتى نهاية الحجر الصحي.
وتأتي الاستدعاءات والاعتقالات في سياق تغيير مهم على رأس جهاز الأمن الداخلي، المسؤول عن كل الاعتقالات التي طالت نشطاء الحراك.
فقد عزل الرئيس عبد المجيد تبون مديره الجنرال واسيني بوعزة، واستخلف به الجنرال عبد الغني راشدي الذي نصبه في المديرية رئيس أركان الجيش بالنيابة، اللواء سعيد شنقريحة أول من أمس. واختلفت الآراء في أوساط المتظاهرين حيال هذا التغيير، بين من يرى فيه مؤشراً على إرادة محتملة لوقف المضايقات، التي انتهجها واسيني خلال المرحلة الماضية، وبين من يعتقد أن «توجه المخابرات الداخلية بخصوص الحريات والنضال السياسي من أجل التغيير، لن يتبدل، على أساس أنه يعكس نظرة النظام بشكل عام لهذه القضية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».