حمدوك: مصالح السودان في مياه النيل محفوظة للأجيال

القاهرة تترقب موقفاً من الخرطوم يوقف «تعنت} أديس أبابا

TT

حمدوك: مصالح السودان في مياه النيل محفوظة للأجيال

أكد رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، أهمية المحافظة على مصالح السودان في مياه النيل من أجل الأجيال الحالية والقادمة، مشيداً بالجهود الكبيرة التي بذلها فريق البلاد التفاوضي في الوصول إلى مسودة اتفاق سد النهضة الإثيوبي، في واشنطن، في وقت تترقب مصر موقفاً سودانياً أكثر حزماً إزاء «التعنت الإثيوبي» حيال نزاع «سد النهضة»، بعد توقف المفاوضات الثلاثية الخاصة بقواعد ملء وتشغيل السد، وإعلان أديس أبابا عزمها ملء الخزان في يوليو (تموز) المقبل، من دون اتفاق مع دولتي مصب نهر النيل (مصر والسودان).
وقال مصدر بوزارة الموارد المائية المصرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتصالات المباشرة الأخيرة مع السودان طرح فيها كل جانب موقفه لتجنب أي سوء فهم. وقد أعلن البلدان تمسكهما بمرجعية واشنطن للمفاوضات.
وأشار المصدر، الذي تحفظ على ذكر اسمه، إلى أن مصر تأمل في أن يترجم السودان موقفه ذلك، بدعوة إثيوبيا للتوافق حول مخرجات اجتماع واشنطن، وعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية تتسبب في الإضرار بحصة مصر من مياه النيل، مشيراً إلى أن مصر لن تستجيب لأي مراوغات إثيوبية جديدة.
واطلع حمدوك، لدى لقائه أمس وزيرة الخارجية أسماء محمود، ووزير الري ياسر عباس، على الملامح العامة لمسودة الملء الأول وتشغيل سد النهضة الإثيوبي التي توصلت إليها الدول الثلاث (السودان ومصر إثيوبيا) خلال جولات المحادثات التي جرت بواشنطن. ووقف رئيس الوزراء على موقف البلاد التفاوضي، والترتيبات التي اعتمدتها اللجنة الفنية، من حيث المعلومات التي توفرها اللجان السبع لدعم الفريق المتفاوض.
وزار الخرطوم، في 9 من أبريل (نيسان) الحالي، وفد مصري رفيع المستوى، ضم مدير المخابرات اللواء عباس كامل، ووزير الري والموارد المائية محمد عبد المعطي. وبحث حمدوك مع الوفد المصري تطورات سد النهضة، والأوضاع على الساحة الإقليمية، والتعاون بين السودان ومصر في مختلف المجالات، كما تطرق اللقاء إلى ترتيبات زيارته المرتقبة إلى القاهرة.
ويعتزم رئيس الوزراء السوداني زيارة القاهرة وأديس أبابا لدفع الطرفين لاستئناف المفاوضات بشأن سد النهضة، واستكمال الحوار في القضايا العالقة المتبقية. واتفق حمدوك مع وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوشين على مواصلة التفاوض حول مسودة الملء الأول وتشغيل السد بعد انحسار جائحة الكورونا.
وكان وزير الري السوداني، ياسر عباس، في حديث سابق، قد دعا الجانب الإثيوبي إلى عدم الإقدام على ملء سد النهضة إلا بعد التوقيع على اتفاق بين الدول الثلاث، مؤكداً أن السودان جزء أصيل في المفاوضات.
وتوقع عباس استئناف المفاوضات بشأن الملء الأول وتشغيل السد في القريب العاجل، مشيراً إلى توافق الدول الثلاث على غالبية البنود في المسودة، وأنه تبقى القليل الذي يحتاج لمزيد من التفاوض.
وتصاعد النزاع بين مصر وإثيوبيا إثر رفض الأخيرة حضور اجتماع في واشنطن، نهاية فبراير (شباط) الماضي، كان مخصصاً لإبرام اتفاق نهائي، مع مصر والسودان، بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد، برعاية وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي، رغم الاتفاق على غالبية بنود الاتفاق الذي وقعته مصر «منفردة» بالأحرف الأولى، في مقابل رفض إثيوبي، وتحفظ سوداني. وأثار الموقف السوداني استياء القاهرة، خصوصاً بعد أن تحفظ السودان ثانياً على قرار صادر من جامعة الدول العربية يدعم حقوق مصر المائية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».