بعد الشفاء منه... ما هي آثار «كورونا» الصحية على المدى البعيد؟

فريق طبي ينقل مريضاً مصاباً يفيروس «كورونا» من سيارة إسعاف إلى مستشفى في مانهاتن بنيويورك (رويترز)
فريق طبي ينقل مريضاً مصاباً يفيروس «كورونا» من سيارة إسعاف إلى مستشفى في مانهاتن بنيويورك (رويترز)
TT

بعد الشفاء منه... ما هي آثار «كورونا» الصحية على المدى البعيد؟

فريق طبي ينقل مريضاً مصاباً يفيروس «كورونا» من سيارة إسعاف إلى مستشفى في مانهاتن بنيويورك (رويترز)
فريق طبي ينقل مريضاً مصاباً يفيروس «كورونا» من سيارة إسعاف إلى مستشفى في مانهاتن بنيويورك (رويترز)

بعد فترة طويلة من رفع الإغلاق وانحسار وباء «كورونا»، قد تظل الخدمات الصحية في المملكة المتحدة ودول أخرى حول العالم تعالج أعداداً كبيرة من ضحايا الفيروس التاجي على المدى الطويل، وفقاً لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية.
وظهرت أدلة مقلقة من الدراسات المبكرة للمرضى الذين يعانون من «كوفيد - 19» تشير إلى أن العدوى قد تترك وراءها آثارا تتراوح من فقدان الحواس إلى تلف القلب والرئة.
وقد يصيب ذلك نسبة صغيرة فقط من المرضى، لكن نظرا لتزايد أعداد المصابين بـ«كورونا» حول العالم، قد يرتفع عدد أولئك الذين قد يكون لديهم آثار صحية على المدى الطويل أيضا.
وتم الإبلاغ بالفعل عن أن فيروس «كورونا» يسبب إصابات مزمنة للرئتين والقلب، على سبيل المثال، لكن قد تكون هناك عواقب أخرى أيضا.
وقالت لورا سبيني، مؤلفة كتاب «بيل رايدر: ذا فلو رايدر... كيف غيرت الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 العالم» إن «العديد من المرضى الذين تعافوا من الإنفلونزا حينها عانوا من الاكتئاب والخمول المستمر على المدى الطويل». وأضافت «أبلغ الناس أيضا عن شعورهم بالدوار والأرق وفقدان السمع أو الرائحة وتشوش الرؤية».
ويعتقد البعض أن تفشي مرض «كورونا» سيؤدي إلى انفجار مماثل في الشعور بالاكتئاب بعد التعافي من الفيروس.
بدورها، حذرت الجمعية الإيطالية لأمراض الأعصاب مؤخرا من أنه «تم الإبلاغ عن مضاعفات نفسية وعصبية خلال تفشي وباء سارس في عام 2003».
كما أشارت إلى إمكانية المعاناة من «تغيرات المزاج، والقلق والأفكار الانتحارية، وحالات الهلوسة البصرية والسمعية، والاضطرابات السلوكية، وأوهام الاضطهاد والارتباك».
وفي عام 2011، كشف باحثون كنديون عن حالة أطلقوا عليها متلازمة ما بعد مرض سارس المزمنة في 22 مريضا، حيث عانوا من التعب والألم والضعف والاكتئاب المستمر.
وتم دعم العلاقة بين فيروسات الجهاز التنفسي واضطرابات المزاج من قبل خبراء الأمراض المعدية في مستشفى «رويال فري» وقسم الطب بكلية لندن الجامعية عام 2016.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين أصيبوا بعدوى الإنفلونزا لديهم خطر أعلى بنسبة 57 في المائة للإصابة بالاكتئاب، مقارنة بالأشخاص الذين لم يصابوا بها.
ويمكن أن تؤدي أي عدوى فيروسية إلى حدوث متلازمة ما بعد الفيروس، مما يؤدي إلى استمرار الشعور بالضعف والإرهاق. ويمكن أن تشمل الأعراض الصداع والأوجاع والآلام وتصلب المفاصل وتورم الغدد وصعوبة التركيز، ويمكن أن تستمر أسابيع أو حتى شهورا.
ومن غير الواضح سبب استمرار هذه الأعراض، ولكن قد يكون ذلك نتيجة الالتهاب الذي تركه الفيروس، أو الوجود المستمر للفيروس نفسه.
وقد يؤدي «كوفيد - 19» إلى مشاكل أخرى طويلة المدى أيضا. ويقول ستة من كل عشرة أشخاص أثبتت إصابتهم بالفيروس إنهم فقدوا حاسة الشم والذوق.
وقد تكون فقدان الحاستين مؤقتاً، لكن الأدلة البريطانية تشير إلى أنه قد يكون دائما في كثير من الحالات، وهي حالة تسمى فقدان حاسة الشم بعد الفيروس (بي.في.أو.إل).
في غضون ذلك، يحذر خبراء أمراض القلب والأوعية الدموية من أن الإصابة بـ«كوفيد - 19» قد تسبب ضررا دائما للقلب، حتى لدى الأشخاص الذين لم تكن لديهم مشاكل قلبية أساسية سابقة.
وحذر تقرير في دورية «جاما كارديولوجي» من جامعة تكساس في الولايات المتحدة من أن الفيروس التاجي يمكن أن يسبب التهاب عضلة القلب، وقد يكون الضرر دائما.


مقالات ذات صلة

22 عالماً وباحثاً يحصدون جائزة الشيخ زايد العالمية للطب التقليدي والتكميلي «الثالثة»

صحتك جانب من الحضور

22 عالماً وباحثاً يحصدون جائزة الشيخ زايد العالمية للطب التقليدي والتكميلي «الثالثة»

تُختتم في العاصمة الإماراتية أبوظبي، مساء الخميس 12 ديسمبر، أعمال مؤتمر جائزة الشيخ زايد العالمية، بالإعلان عن الفائزين بالجائزة في دورتها الثالثة.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (أبوظبي)
صحتك بهدف تكوين صورة بصرية ذات معنى لمشهد ما تقوم أعيننا بسلسلة من الحركات السريعة المنسقة (رويترز)

خلل بسيط في حركة العين قد يشير إلى إصابتك بألزهايمر

تبرز مؤخراً طريقة جديدة للكشف المبكر عن مرض ألزهايمر ترتبط بالاستماع إلى حركة عيون المرضى عبر ميكروفونات في آذانهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك شعار «شات جي بي تي» يظهر أمام شعار شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

هل يساعد «شات جي بي تي» الأطباء حقاً في تشخيص الأمراض؟ الإجابة مفاجئة

يتساءل الكثير من الأشخاص حول ما إذا كان برنامج الدردشة الآلي الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي قادراً على مساعدة الأطباء في تشخيص مرضاهم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يرفع العلاج الجديد مستويات البروتين في الخلايا الحساسة للضوء بشبكية العين (هارفارد)

علاج جيني يُعيد القدرة على السمع ويعزّز الرؤية

طوّر باحثون بكلية الطب في جامعة «هارفارد» الأميركية علاجاً جينياً للمصابين بمتلازمة «آشر من النوع 1F»، وهي حالة نادرة تسبّب الصمم والعمى التدريجي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

كشفت دراسة حديثة أن استهداف العصب الذي غالباً ما يكون مبهماً يؤدي إلى تحسين معدل نجاح العلاج بالتبريد والعلاج بالترددات الراديوية لالتهاب الأنف المزمن.


محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
TT

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

في جلسة حوارية مع المخرج المصري محمد سامي، استضافها مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» في دورته الرابعة، تحدَّث عن مسيرته الإبداعية التي أسهمت في تجديد الدراما التلفزيونية العربية، مستعرضاً دوره، مخرجاً ومؤلّفاً، في صياغة أعمال تلفزيونية لاقت نجاحاً واسعاً. أحدث أعماله، مسلسل «نعمة الأفوكاتو»، حصد إشادة جماهيرية كبيرة، ما عزَّز مكانته واحداً من أبرز المخرجين المؤثّرين في الساحة الفنّية.

في بداية الجلسة، بإدارة المذيعة جوزفين ديب، وحضور عدد من النجوم، مثل يسرا، ومي عمر، وماجد المصري، وأحمد داش، وشيماء سعيد، وبشرى؛ استعرض سامي تجربته مع بدايات تطوُّر شكل الدراما التلفزيونية، موضحاً أنّ المسلسلات في تلك الفترة كانت تُنتج بطريقة كلاسيكية باستخدام كاميرات قديمة، وهو ما رآه محدوداً مقارنةً بالتقنيات السينمائية المتاحة.

التجديد في الدراما

وبيَّن أنّ أول تحوُّل حدث بين عامي 2005 و2008، عندما برزت مسلسلات أثَّرت فيه بشدّة، من بينها «بريزن بريك» و«برايكينغ باد». ومع إطلاق كاميرات «رِدْ وان» الرقمية عام 2007، اقترح على المنتجين تصوير المسلسلات بتقنيات سينمائية حديثة. لكنَّ الفكرة قوبلت بالرفض في البداية، إذ ساد اعتقاد بأنّ الشكل السينمائي قد يتيح شعوراً بالغرابة لدى الجمهور ويُسبِّب نفوره.

رغم التحفّظات، استطاع سامي إقناع بطل العمل، الفنان تامر حسني، بالفكرة. وبسبب الفارق الكبير في تكلفة الإنتاج بين الكاميرات التقليدية وكاميرات «رِدْ»، تدخَّل حسني ودعم الفكرة مادياً، ما سرَّع تنفيذ المشروع.

وأشار المخرج المصري إلى أنه في تلك الفترة لم تكن لديه خطة لتطوير شكل الدراما، وإنما كان شاباً طموحاً يرغب في النجاح وتقديم مشهد مختلف. التجربة الأولى كانت مدفوعة بالشغف والحبّ للتجديد، ونجحت في تَرْك أثر كبير، ما شجَّعه على المضي قدماً.

في تجربته المقبلة، تعلَّم من أخطاء الماضي وعمل بوعي أكبر على تطوير جميع عناصر الإنتاج؛ من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي. هذه الرؤية المُبتكرة ساعدت في تغيير نظرة الصناعة إلى التقنيات الحديثة وأهميتها في تطوير الدراما.

وأكمل سامي حديثه بالتطرُّق إلى العلاقة بين المخرج والممثل: «يتشاركان في مسؤولية خلق المشهد. أدائي بوصفي مخرجاً ركيزته قدرتي على فهم طاقة الممثل وتوجيهها، والعكس صحيح. بعض الممثلين يضيفون أبعاداً جديدة إلى النصّ المكتوب، ما يجعل المشهد أكثر حيوية وإقناعاً».

متى يصبح المخرج مؤلِّفاً؟

عن دورَيْه في الإخراج وكتابة السيناريو، تحدَّث: «عندما أتحلّى برؤية واضحة للمشروع منذ البداية، أشعر أنّ الكتابة تتيح لي صياغة العمل بما يتوافق تماماً مع ما أتخيّله. لكن هذا لا يعني إلغاء دور الكاتب؛ إنه تعاون دائم. عندما أكتب وأُخرج، أشعر بأنني أتحكّم بشكل كامل في التفاصيل، ما يمنح العمل تكاملاً خاصاً».

ثم تمهَّل أمام الإشارة إلى كيفية تحقيق التوازن بين التجديد وإرضاء الجمهور: «الجمهور هو الحَكم الأول والأخير. يجب أن يشعر بأنّ العمل له، وأنّ قصصه وشخصياته تعبِّر عن مشاعره وتجاربه. في الوقت عينه، لا بدَّ من جرعة ابتكار لتحفيز عقله وقلبه».

وبيَّن سامي أنّ صناع السينما حالياً يواجهون تحدّياً كبيراً بسبب تطوُّر جودة الإنتاج التلفزيوني، ولإقناع الجمهور بالذهاب إلى السينما، ينبغي تقديم تجربة مختلفة تماماً، وفق قوله، سواء على مستوى الإبهار البصري أو القصة الفريدة.

في ختام الحوار، عبَّر عن إعجابه بالنهضة الثقافية والفنّية التي تشهدها السعودية: «المملكة أصبحت مركزاً إقليمياً وعالمياً للإبداع الفنّي والثقافي. مهرجان (البحر الأحمر السينمائي)، على سبيل المثال، يعكس رؤية طموحة ومشرقة للمستقبل، وأشعر بالفخر بما تحقّقه من إنجازات مُلهمة».

محمد سامي ليس مخرجاً فحسب، وإنما مُبتكر يعيد تعريف قواعد الدراما التلفزيونية، مُسلَّحاً برؤية متجدِّدة وجرأة فنّية. أعماله، من بينها «نعمة الأفوكاتو»، تُثبت أنّ التجديد والإبداع قادران على تغيير معايير النجاح وتحقيق صدى لا يُنسى.