تونس تلاحق 4 آلاف موظف استولوا على مساعدات الفقراء

TT

تونس تلاحق 4 آلاف موظف استولوا على مساعدات الفقراء

كشف وزير الدولة التونسي المكلف الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد محمد عبو، أن الحكومة تسعى لاسترداد أموال المساعدات المالية الموجهة للعائلات الفقيرة التي استولى عليها آلاف الموظفين، فور الانتهاء من الإجراءات الإدارية للحصول على قوائم المساعدات، مشيراً إلى توجيه مراسلات إلى أعضاء الحكومة من أجل تطبيق القانون بتفعيل الجانب التأديبي ضد موظفي وأعوان الدولة المتهمين بالفساد.
وكانت منظمة «أنا يقظ» الحقوقية كشفت حصول نحو 4 آلاف موظف على المنحة المخصصة للعائلات المعوزة التي أقرتها الحكومة مؤخراً والمقدرة بمائتي دينار تونسي (نحو 70 دولاراً). وأوضحت أن التلاعب اكتُشف خلال إعداد وزارة الشؤون الاجتماعية قوائم المستفيدين من تلك المساعدات.
وشددت المنظمة على أنها «ستحرص على متابعة آليات استرجاع هذه المنح التي صرفت لغير مستحقيها من موظفي الدولة»، معتبرة أن الطريقة المثلى لاسترجاع هذه الأموال، هي أن يتم اقتطاع مبلغ المنحة من أجور الموظفين الذين استغلوا ثغرة في قاعدة البيانات المتعلقة بالعائلات محدودة الدخل التي لم تحدث إلكترونياً ليحصلوا على الأموال.
يذكر أن الحكومة التونسية أعلنت في إطار «برنامج الإيداع العائلي» عن حزمة من الإجراءات التي شملت العائلات المستفيدة ببرنامج إعانة العائلات المعوزة والعائلات المتكلفة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والعائلات المتكلفة بأطفال من دون سند عائلي.
وفي السياق ذاته، أفاد مدير النهوض الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية محمد بن يوشاع، بأن الوزارة قررت الاقتطاع مباشرة من أجور 600 موظف انتفعوا من دون وجه حق بالمنحة المخصصة للعائلات الفقيرة. كما أكد إيقاف صرف منحة المساعدات لـ3400 موظف وردت أسماؤهم ضمن القائمة، مشيراً إلى أن أوضاعهم الاجتماعية قد تكون تغيرت خلال السنوات الأخيرة. وكشف عن إعداد الحكومة لبنك معطيات حديث يعتمد على نظام نقاط بناء على الفقر متعدد الأبعاد الذي يدخل فيه النفاذ للصحة والتعليم والسكن، وسيكون جاهزاً نهاية السنة.
إلى ذلك، لم يستبعد الوزير عبو إمكانية تقليص أجور أكثر من 650 ألف موظف، يخضع أغلبهم للحجر الصحي. وقال: «إذا تطورت الأمور في ظل الوضعية الصحية الراهنة، سيتم النظر في الموضوع... تم قطع بعض الامتيازات الخاصة بالموظفين، على غرار وصولات البنزين، وسيتم إصدار نص بخصوص سحب وصولات الطعام».
وكانت الحكومة قد قررت خلال الأيام الماضية إيقاف صرف الوقود المجاني لكبار موظفي الدولة خلال فترة الحجر الصحي، كما أقرت إيقاف صرف بدلات الطعام لموظفي القطاع العام الذين لا يباشرون العمل خلال هذه الفترة. وتخشى الحكومة اتهامها من قبل منظمات حقوقية بممارسة الفساد من خلال المحافظة على أجور موظفي القطاع العام كاملة من دون أن يقدموا مقابلاً لها.
وكان المتحدث باسم «الاتحاد العام للشغل» (نقابة العمال) سامي الطاهري، أكد أن «انقطاع عدد كبير من الموظفين عن العمل ليس امتناعاً منهم ولم يكن برغبتهم، بل فرضته القوة القاهرة»، في إشارة إلى وباء «كورونا»، وهو ما قد يخلق توترات إضافية بين الحكومة والنقابة إذا اتخذت الحكومة قراراً بتقليص أجور الموظفين.
وبررت مصادر حكومية هذه الإجراءات الاستثنائية بالسعي إلى التحكم في توازن المالية العمومية وترشيد نفقات الدولة. ومن بين الإجراءات المتخذة تأجيل الانتدابات المبرمجة خلال السنة الحالية في الوظيفة العمومية، والنظر في إمكانية تأجيل انتدابات السنة المقبلة، علاوة على إرجاء برنامج الترقيات المهنية لسنتي2020 و2021، وترشيد منح الإنتاج وربطها بالأداء الفعلي للموظفين، والتراجع عن منح الساعات الإضافية في السنة الحالية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.