إسبانيا تستعد لتحريك اقتصادها وسط آمال حذرة ببلوغ ذروة «كورونا»

متطوع في الصليب الأحمر يوزع أقنعة في محطة حافلات إسبانية (د.ب.أ)
متطوع في الصليب الأحمر يوزع أقنعة في محطة حافلات إسبانية (د.ب.أ)
TT

إسبانيا تستعد لتحريك اقتصادها وسط آمال حذرة ببلوغ ذروة «كورونا»

متطوع في الصليب الأحمر يوزع أقنعة في محطة حافلات إسبانية (د.ب.أ)
متطوع في الصليب الأحمر يوزع أقنعة في محطة حافلات إسبانية (د.ب.أ)

تراجعت حصيلة الوفيات في بعض الدول الأكثر تأثّرا بوباء «كوفيد - 19» بينما تستعد إسبانيا، اليوم (الاثنين) لإعادة فتح بعض أنشطتها الاقتصادية في وقت تحاول الحكومات جاهدة التعامل مع ركود لم يشهده العالم منذ نحو قرن.
وسجّلت كل من إيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة تراجعاً في عدد الوفيات بفيروس كورونا المستجد في الساعات الـ24 الأخيرة، بل إن إيطاليا - البلد الأوروبي الأكثر تأثّرا بالوباء - أعلنت عن أقل حصيلة تسجّل منذ أكثر منذ ثلاثة أسابيع.
ويأتي ذلك بينما ألقى البابا فرنسيس كلمة غير مسبوقة توجّه بها عبر البث المباشر إلى عالم يعيش في ظل إجراءات عزل في عيد الفصح، في حين غادر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون المستشفى شاكراً الفرق الطبية التي «أنقذت حياته».
ويلزم أكثر من نصف سكان العالم منازلهم في إطار الجهود الرامية لمنع تفشي الفيروس الذي ظهر في الصين أواخر العام الماضي وأودى حتى الآن بـ112 ألفاً و500 شخص، بينما أثقل كاهل أنظمة الرعاية الصحية وشل اقتصاد العالم.
وانخفضت حصيلة الوفيات في إسبانيا خلال الأيام الأخيرة، لكن سجّل الأحد ارتفاع ضئيل في العدد، ليخرج رئيس الوزراء بيدرو سانشيز محذّراً من أن الإغلاق الشامل الذي طبّق في البلاد «بعيد عن أن يحقق انتصاراً بعد». وقال: «جميعنا متحمّسون للعودة إلى الشوارع... لكن رغبتنا أكبر بالفوز في الحرب ومنع حدوث انتكاسة». وجاءت تصريحاته بينما تستعد بعض الشركات لاستئناف عملياتها مع انقضاء فترة تعليق جميع الأنشطة غير الأساسية التي استمرت لأسبوعين.
وفي الولايات المتحدة، البلد الأكثر تضرراً بالفيروس (بحسب الأرقام المطلقة ودون حساب نسب الوفيات بناء على عدد السكان)، أثارت تصريحات مدير المعهد الوطني للأمراض المعدية في البلاد أنتوني فاوتشي تفاؤلاً حذراً بأن الوباء قد يكون بلغ ذروته.
وقال فاوتشي إنه قد يكون بإمكان بعض أجزاء البلاد تخفيف القيود اعتباراً من مايو (أيار)، لكنه شدد على أن أكبر قوّة اقتصادية في العالم حيث سجّلت خُمس الوفيات العالمية وأكثر من نصف مليون إصابة مؤكدة لن تعود إلى طبيعتها «بكبسة زر».
وصرّح لشبكة «سي إن إن» قائلاً: «نأمل بأن نتمكن بحلول نهاية الشهر من النظر حولنا والقول: (حسناً، هل هناك أي عنصر هنا يمكننا بأمان وحذر إعادته إلى طبيعته؟)».
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب يأمل في السابق في أن تعود بلاده إلى طبيعتها بحلول عيد الفصح. لكن لا تزال معظم أجزاء البلاد في حالة جمود بينما نقلت الكنائس الاحتفالات إلى العالم الافتراضي.
واحتفل العديد من مسيحيي العالم الذين يبلغ عددهم مليارين بعيد الفصح من منازلهم بينما ألقى البابا فرنسيس من الفاتيكان التي خلت بشكل غير مألوف، كلمته بالبث المباشر عبر الإنترنت.
وقال البابا: «إنه عيد فصح يعيشه العديدون في عزلة، وسط الحداد والمشكلات العديدة التي يثيرها الوباء، من المعاناة الجسدية إلى المشكلات الاقتصادية».
وبارك قس في ريو دي جانيرو المدينة البرازيلية من مروحية بينما توجّه آخر في البرتغال إلى المؤمنين من سقف مركبة مفتوح.
وأما في بريطانيا، حيث سجّلت أكثر من 10 آلاف وفاة، فأكد رئيس الوزراء بوريس جونسون أنه خرج من المستشفى بعد «أسبوع أنقذت فيه هيئة الخدمات الصحية الوطنية حياتي بلا شك».
وباتت الحصيلة اليومية للوفيات في بريطانيا اليوم متطابقة مع تلك التي كانت تسجّل في إيطاليا وإسبانيا بعدما أعلنت البلاد عن نحو ألف وفاة الجمعة والسبت. وتم تسجيل 737 وفاة جديدة الأحد.
وعلى غرار ترمب، قاوم جونسون في البداية الإجراءات الصارمة كإغلاق الأماكن العامة.
ومن المفترض أن يعود بعض عمال المصانع والبناء في إسبانيا إلى عملهم الاثنين، بينما ستوزّع الشرطة الكمامات في محطات القطارات.
وسيعني ذلك اقتراب انتهاء أسبوعين من «السبات الاقتصادي»، مما يثير انتقادات من بعض مسؤولي الأقاليم والنقابات، لكن باقي قيود الإغلاق ستبقى مطبّقة في البلد الذي يعد نحو 47 مليون نسمة.
أما في الصين، حيث بدت السلطات الأسبوع الماضي وكأنها تمكنّت من احتواء الفيروس، أعلن المسؤولون الاثنين تسجيل 108 إصابات جديدة لم تظهر عوارض على أصحابها، في أعلى عدد من الإصابات المؤكدة في يوم واحد منذ أكثر من شهر.
وأشارت لجنة الصحة الوطنية إلى أن معظم الإصابات «مستوردة»، وهو ما يفسّر تركيز الحكومة على منع تفشي الفيروس من القادمين من خارج البلاد.
وفي هذه الأثناء، هناك مؤشرات مثيرة للقلق بأن الفيروس يعزز قبضته حالياً على أجزاء جديدة من العالم أقل قدرة على مواجهته.
وأعلن اليمن الذي تمزّقه الحرب منذ سنوات عن أول إصابة الأسبوع الماضي، مما أثار مخاوف من أن يشهد البلد الفقير أصلاً تفشياً مدمراً للوباء.
وفي حي دارافي الفقير المكتظ في بومباي الذي يعتبر واحداً من أكبر الأحياء العشوائية في آسيا، تم تأكيد أكثر من 43 إصابة.
ورغم أن أفريقيا جنوب الصحراء لم تتأثر بالوباء بالدرجة ذاتها كأجزاء أخرى من العالم، فإن اقتصادها يتدهور.
وتواجه الحكومات ضغوطاً للمحافظة على سلامة السكان مع تجنّب انهيار الاقتصاد في الوقت ذاته، في ظل تحذيرات من تدهور اقتصادي غير مسبوق منذ الكساد الكبير.
لكن منظمة الصحة العالمية حذّرت الدول من رفع تدابير العزل الشامل قبل أوانها.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ثروات ملياديرات العالم زادت تريليوني دولار في 2024

ناشطة ترفع لافتة تطالب بفرض الضرائب على الأثرياء خلال مظاهرة في لاهور بباكستان (إ.ب.أ)
ناشطة ترفع لافتة تطالب بفرض الضرائب على الأثرياء خلال مظاهرة في لاهور بباكستان (إ.ب.أ)
TT

ثروات ملياديرات العالم زادت تريليوني دولار في 2024

ناشطة ترفع لافتة تطالب بفرض الضرائب على الأثرياء خلال مظاهرة في لاهور بباكستان (إ.ب.أ)
ناشطة ترفع لافتة تطالب بفرض الضرائب على الأثرياء خلال مظاهرة في لاهور بباكستان (إ.ب.أ)

أظهرت دراسة نشرتها منظمة «أوكسفام» التنموية، الاثنين، أن ثروات أغنى أثرياء العالم تزداد بوتيرة أسرع من أي وقت مضى، وذلك قبيل انطلاق المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.

ووفقاً للتقرير، فقد بلغ عدد المليارديرات في العالم 2769 مليارديراً في عام 2024، بزيادة قدرها 204 مقارنات بالعام السابق.

وفي الوقت نفسه، ظل عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر الذي حدده البنك الدولي ثابتاً، بينما ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وتوقعت «أوكسفام» أنه سيكون هناك ما لا يقل عن خمسة ممن ستبلغ ثرواتهم تريليون دولار حول العالم بعد عشر سنوات.

ويعتمد تقرير «أوكسفام» على بيانات من مصادر مختلفة، بما في ذلك تقديرات لثروة المليارديرات التي أجرتها مجلة «فوربس» الأميركية وبيانات من البنك الدولي.

ووفقاً للتقرير، ارتفع مجموع ثروات أصحاب المليارات من 13 تريليون دولار إلى 15 تريليون دولار في عام 2024 وحده، بمعدل نمو أسرع ثلاث مرات من العام السابق.

وفي المتوسط، زادت ثروة الملياردير الواحد بمقدار 2 مليون دولار يومياً. كما أصبح أغنى 10 مليارديرات أكثر ثراء بمقدار 100 مليون دولار يومياً.

ماكينة طباعة النقود تقص أوراقاً نقدية من فئة 1 دولار في واشنطن (أ.ب)

حتى لو فقدوا 99 في المائة من ثروتهم بين عشية وضحاها، فسيظلون من أصحاب المليارات، بحسب «أوكسفام».

وبحسب التقرير فإن مصدر 60 في المائة من أموال المليارديرات تأتي من «الميراث أو السلطة الاحتكارية أو علاقات المحسوبية». ووفقاً لمنظمة «أوكسفام»، فإن 36 في المائة من ثروة المليارديرات في العالم تأتي من الوراثة. ويتضح هذا بشكل أكبر في الاتحاد الأوروبي، حيث يأتي 75 في المائة من الثروة من مصادر غير مكتسبة، و69 في المائة يأتي من الميراث وحده.

وقالت خبيرة الضرائب في «أوكسفام» الاتحاد الأوروبي، كيارا بوتاتورو: «ثروة أصحاب المليارات متزايدة، والخلاصة هي أن معظم الثروة ليست مكتسبة، بل موروثة».

وأضافت: «في الوقت نفسه، لم يتغير عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر في جميع أنحاء العالم تقريباً منذ تسعينيات القرن الماضي. ويحتاج قادة الاتحاد الأوروبي إلى فرض ضرائب أكثر على ثروة شديدي الثراء، بما في ذلك الميراث. ومن دون ذلك، فإننا نواجه خطر رؤية فجوة متزايدة الاتساع بين شديدي الثراء والأوروبيين العاديين».