ورق ملوّن يقصي سعف النخيل عن «أحد الشعانين» لدى أقباط مصر

استبدال أوراق ملونة بالسعف في «أحد الشعانين» بمصر بسبب العزل (الشرق الأوسط)
استبدال أوراق ملونة بالسعف في «أحد الشعانين» بمصر بسبب العزل (الشرق الأوسط)
TT

ورق ملوّن يقصي سعف النخيل عن «أحد الشعانين» لدى أقباط مصر

استبدال أوراق ملونة بالسعف في «أحد الشعانين» بمصر بسبب العزل (الشرق الأوسط)
استبدال أوراق ملونة بالسعف في «أحد الشعانين» بمصر بسبب العزل (الشرق الأوسط)

في «أحد الشعانين» من العام الماضي، شهدت الكنائس المصرية والمناطق المحيطة بها أجواءً احتفالية في معظم محافظات الجمهورية، حيث كان يزين سعف النخيل الكنائس والمناطق المحيطة بها، في طقس سنوي شهير بمصر، لكن أمس تبدلت الأحوال، وأغلقت الكنائس أبوابها أمام المصلين، وعزف البائعون عن بيع السعف بسبب العزلة التي فرضها فيروس «كورونا».
ورغم ذلك، فكثيرون من مسيحيي مصر، خصوصاً من الذين يعيشون في المدن، ويصعب عليهم الحصول على سعف النخيل، ابتكروا طرقاً بديلة للاحتفال مع أطفالهم داخل المنزل، لإضفاء أجواء مبهجة تغاير واقع «كورونا» الحالي، فاستبدلوا بسعف النخيل أوراقاً ملونة على شكل سعف، مستفيدين من تجارب تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، حسب كريستين أشرف، المقيمة بمنطقة حدائق الأهرام بالجيزة، التي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «بحثت عن سعف النخيل كثيراً في المنطقة التي أسكن بها، ولم أجده نهائياً، رغم أنّه كان يباع قبل صباح يوم أحد الشعانين بساعات كافية، وربما أيام، في السنوات السابقة، لكنّي بمجرد مشاهدتي لمقطع فيديو يشرح كيفية قص الورق وتلوينه على شكل سعفة، قلّدت ذلك، وقدمت الأوراق لابنتي الصغيرة، وكانت سعيدة، لا سيما أننا اعتدنا الذهاب إلى الكنيسة في مثل هذا اليوم من كل عام».
وأكدت أنّ «عدم توفر سعف النخيل في معظم أحياء القاهرة الكبرى بسبب حظر التنقل مساء، وأجواء العزلة، دفع عدداً كبيراً من أصدقائها من الأمهات إلى تنفيذ الطريقة نفسها، مستفيدين من انتشار الفكرة عبر السوشيال ميديا».
ورغم عدم توفر سعف النخيل أمام الكنائس المغلقة بالقاهرة، وغياب البهجة عن الشوارع، فإن مسيحيي بعض محافظات الوجه القبلي والدلتا استطاعوا الاحتفال بالسعف بسبب توفر أشجار النخيل هناك، والحصول عليه بسهولة. وترأس البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، قداس أمس «أحد الشعانين» من «كنيسة التجلي المجيد»، بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون (شمال غربي القاهرة)، من دون حضور شعبي، كما تنقل الصفحة الرسمية للمتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الصلوات عبر تقنية البث المباشر، إلى جانب نقل بعض القنوات المسيحية الصلوات من دير القديس الأنبا بيشوي.
وأعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أنّ البابا تواضروس الثاني سيصلي صلوات المناسبات الكنسية خلال الفترة المقبلة حتى «عيد القيامة المجيد» بمقره بدير القديس الأنبا بيشوي، من دون حضور شعبي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».