سولومون أوتابور... لاعب عزلته العنصرية في بلغاريا

مباراة المنتخب الإنجليزي أمام بلغاريا في صوفيا قلبت حياته رأساً على عقب

سولومون أوتابور مع سيسكا صوفيا في إحدى المباريات المحلية
سولومون أوتابور مع سيسكا صوفيا في إحدى المباريات المحلية
TT

سولومون أوتابور... لاعب عزلته العنصرية في بلغاريا

سولومون أوتابور مع سيسكا صوفيا في إحدى المباريات المحلية
سولومون أوتابور مع سيسكا صوفيا في إحدى المباريات المحلية

عندما نزل فيف سولومون أوتابور من الطائرة، بعد عودته من أول مشاركة دولية له مع منتخب بلاده، لم يتوقف هاتفه عن الرنين. ولم تكن الرسائل التي يستقبلها عبارة عن رسائل تهنئة لمشاركته مع المنتخب النيجيري أمام البرازيل، لكنها كانت عن الهتافات العنصرية التي شهدتها مباراة المنتخب الإنجليزي أمام بلغاريا في تصفيات كأس الأمم الأوروبية 2020.
وكان سولومون أوتابور، المولود في العاصمة البريطانية لندن، ويحمل الجنسية الإنجليزية، قد انتقل من برمنغهام سيتي إلى سيسكا صوفيا البلغاري الصيف الماضي، بحثًا عن مغامرة جديدة بعد 7 سنوات مع النادي الإنجليزي. وكانت التجارب الأولى للاعب في بلغاريا ممتعة، وكان يقدم مستويات جيدة أهلته للانضمام لصفوف منتخب نيجيريا في هذه المباراة الودية أمام البرازيل في سنغافورة. لكن منذ المباراة التي لعبها المنتخب الإنجليزي في صوفيا، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أصبح اللاعب البالغ من العمر 24 عامًا يواجه هتافات عنصرية، للدرجة التي جعلته معزولاً هناك.
خلال تلك المباراة، كان الجمهور البلغاري يطلق أصوات القردة، ويردد هتافات عنصرية ضد لاعبي المنتخب الإنجليزي، وهو الأمر الذي أدى إلى توقف المباراة مرتين، وطرد مجموعة كبيرة من جمهور بلغاريا. وفرض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على بلغاريا غرامة مالية قدرها 65 ألف جنيه إسترليني، على أن يلعب المنتخب البلغاري مباراتين من دون جمهور. ومنذ ذلك الحين، يتعرض سولومون أوتابور لهتافات عنصرية من جمهور سيسكا صوفيا، والأندية البلغارية الأخرى، من خلال تقليد أصوات القردة، وتوجيه رسائل عنصرية له عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
يقول سولومون أوتابور عن ذلك: «لم أشاهد تلك المباراة، لكن في اللحظة التي نزلت فيها من الطائرة، بدأ هاتفي في الرنين. وكان الجميع يطالبني بالعودة إلى الوطن، وعدم البقاء في بلغاريا. لقد تفاجأت من حدوث ذلك، لكنني لم أكن أعاني من مثل هذه الأشياء حتى إقامة تلك المباراة، بل إنني لم أكن قد سمعت أو رأيت هذه الأشياء على الإطلاق. عندما جاء المنتخب الإنجليزي إلى بلغاريا، كان الأمر يقتصر على وجود بعض الأشخاص الأغبياء والمتعصبين والجهلاء الذين لم يحصلوا على قدر جيد من المعرفة أو التعليم. لكن قبل ذلك، لم أتعرض لأي هتافات عنصرية، ولم أكن ألاحظ ذلك حتى».
وخلال إحدى مباريات الكأس، في أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كان جمهور الفريق المستضيف للمباراة يقلد أصوات القرود في كل مرة يلمس فيها سولومون أوتابور الكرة. وطالب المذيع الداخلي للمباراة الجمهور بالتوقف عن ذلك، قائلاً إن المباراة قد تلغى، في حال استمرار الهتافات العنصرية. وتم تغريم نادي أردا الذي كان يستضيف تلك المباراة 18 ألف يورو. يقول سولومون أوتابور: «كنت أقوم بعمليات الإحماء عندما تعرضت لهتافات عنصرية من جمهور نادي أردا، لذلك كان الأمر صعبًا للغاية. وما زلت أستقبل باستمرار رسائل مسيئة، وهو أمر ليس جيداً. لقد طالبني أحد المشجعين بالعودة إلى بلدي، ولا أستطيع أن أذكر الكلمات التي قالها لي».
ويقضي سولومون أوتابور معظم وقت فراغه في منزله في صوفيا بسبب تعرضه المستمر للإساءات العنصرية، ويركز بشكل كامل على التدريب والمشاركة في المباريات، قبل أن يعود إلى منزله ليبقى بداخله بقية اليوم. ورغم أنه لا يتعرض لإساءات عنصرية في أثناء تجوله في شوارع المدينة، فإنه لا يريد أن يعرض نفسه للخطر.
يقول سولومون أوتابور: «أصعب شيء هو أنني بمفردي. إنني لم أعش في بلد آخر من قبل، ولا أشعر بالراحة في أثناء الخروج من المنزل بسبب ما حدث لي على أرض الملعب. هذا هو أصعب شيء بالنسبة لي. إنني أفضل الجلوس مع نفسي، والبقاء في المنزل»، ويضيف: «إنني لم أواجه أي مشكلات في الشوارع، أو أي شيء من هذا القبيل. وفي النادي، يتسم سلوك الجميع هناك بأنه رائع؛ إنه ناد عظيم وله تاريخ عظيم، والجميع في النادي فخورون به، ويحترمون النادي كثيراً. الجميع هناك لطيفون، ويعاملونني بطريقة رائعة، لكن هناك بعض الأشخاص الأغبياء الذين يفسدون هذه الأشياء، وهذا ليس جيدًا بالنسبة للاعب صغير قادم من إنجلترا. إنني لم أتعرض لشيء مثل هذا من قبل، لذلك لا أشعر بالراحة».
ويشعر سولومون أوتابور بأنه أصبح هدفاً للجمهور المحلي، بغض النظر عن موقفه أو أدائه داخل الملعب. ويتلقى اللاعب كثيراً من الرسائل المسيئة على مواقع التواصل الاجتماعي، بما في ذلك رسائل تصفه بالزنجي، وأخرى بها رموز تعبيرية للقرد. ونظراً لأنه لاعب إنجليزي من أصحاب البشرة السمراء يلعب في بلغاريا، فيبدو أنه أصبح هدفًا لأولئك الذين يسعون للانتقام من العقوبة التي فرضت على المنتخب البلغاري، في أعقاب ما حدث في مباراة إنجلترا أمام بلغاريا في التصفيات المؤهلة لكأس الأمم الأوروبية 2020.
يقول سولومون أوتابور: «أتلقى رسائل سخيفة وعنصرية على موقع (فيسبوك). إنني أحاول ألا أنظر إليها، وأقوم في بعض الأحيان بفتح الرسائل، وحظر من أرسلوها لي». ولم يتوانَ نادي سيسكا صوفيا في تقديم الدعم اللازم لسولومون أوتابور، وأصدر النادي بياناً في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال فيه: «إننا نقف بقوة خلف لاعبنا فيف سولومون أوتابور الذي تعرض للهجوم والإهانة في مبارياتنا الأخيرة». ومع ذلك، تم تغريم النادي 19 ألف يورو في بداية مارس (آذار) بسبب قيام جمهوره بتوجيه إساءات عنصرية للاعب خط وسط نادي تساركو صوفيا، ديلان باهامبولا، خلال المباراة التي جمعت الفريقين.
وكان من المفترض أن تكون العودة من سنغافورة وقتاً للاحتفال من قبل سولومون أوتابور، بعد أن أثبت أن قراره الجريء بالانتقال إلى بلغاريا كان صحيحاً، لأنه ساعده على المشاركة بصفة أساسية في المباريات، وتقديم مستويات أهلته للانضمام لصفوف منتخب بلاده. ومن المؤكد أن الوجود أمام منتخب البرازيل يعد شيئاً رائعاً بالنسبة لأي لاعب، حتى لو اكتفى هذا اللاعب بالجلوس على مقاعد البدلاء، ولم يشارك في المباراة.
يقول سولومون أوتابور عن ذلك: «إنه لأمر رائع أن أكون ضمن قائمة منتخب بلادي، وأشارك معه في التدريبات. لقد كنت سعيداً للغاية، لكن بمجرد انضمامي لمعسكر الفريق، أدرك أن الأمر يتطلب العمل بكل قوة وتركيز. لقد تدربت وقدمت مستويات جيدة في التدريبات، لكن كان من المؤسف ألا أشارك في المباراة. غير أنني أعتقد أنني سأحصل على فرصة أخرى خلال الفترة المقبلة. من المؤكد أن رؤية لاعبين من الطراز العالمي مثل نيمار وكوتينيو، إلى جانب مجموعة من اللاعبين الشباب الموهوبين مثل جيسوس وكاسيميرو، كانت بمثابة لحظة مثيرة للغاية بالنسبة لي شخصياً، ولحظة فخر كبير لعائلتي».
وفي بلغاريا، وكما هو الحال في معظم الأماكن الأخرى، توقفت المباريات والمسابقات الرياضية بسبب تفشي فيروس كورونا، لكن سولومون أوتابور يأمل بأن تستأنف المباريات قريباً، ويقول: «أتطلع الآن لمواصلة العمل بكل قوة من أجل اللعب بشكل أساسي، ورؤية ما سيحدث. إنني أريد فقط أن أتقدم للأمام، وأصل إلى مستويات أفضل».


مقالات ذات صلة

«الأجندة السياسية» تفرض حضورها في قرعة أوروبا المؤهلة للمونديال

رياضة عالمية من مراسم قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم 2026 (رويترز)

«الأجندة السياسية» تفرض حضورها في قرعة أوروبا المؤهلة للمونديال

أسفرت قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم 2026، التي سحبت في زيورخ بسويسرا، الجمعة، عن مواجهة جديدة بين إنجلترا وصربيا.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
رياضة عالمية الجماهير الصربية تسببت في عقوبات من «يويفا» (رويترز)

«يويفا» يعاقب صربيا بسبب سوء سلوك مشجعيها

قرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، الجمعة، معاقبة الاتحاد الصربي للعبة، بسبب تصرفات عنصرية من قبل المشجعين في مباراتين ببطولة دوري أمم أوروبا.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
رياضة عالمية فولر في حديث مع مدرب المنتخب الألماني ناغلسمان (الشرق الأوسط)

ألمانيا تستضيف إيطاليا في دورتموند بدوري الأمم

أعلن الاتحاد الألماني، في بيان، أن مدينة دورتموند سوف تستضيف مباراة منتخب ألمانيا ضد ضيفه الإيطالي، في إياب دور الثمانية لبطولة دوري أمم أوروبا.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
رياضة عالمية جمال موسيالا (أ.ف.ب)

موسيالا أفضل لاعب في المنتخب الألماني لهذا العام

اختير جمال موسيالا، لاعب وسط فريق بايرن ميونيخ الألماني لكرة القدم، اليوم الخميس، أفضلَ لاعب في منتخب ألمانيا للرجال لهذا العام.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (د.ب.أ)

«يويفا»: الأدوار النهائية ستقام في بلد الفائز بين ألمانيا وإيطاليا 

من المقرر أن تقام الأدوار النهائية لبطولة دوري أمم أوروبا لكرة القدم في ألمانيا أو إيطاليا، حسبما أفادت صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (برلين)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.