«حورس ينتصر»... مبادرة افتراضية للحفاظ على التراث المصري

العزل الذاتي دفع مؤسسيها لتكثيف نشاطهم عبر مواقع التواصل

المبادرة تسلط الضوء على جوانب عدة في العصر الفرعوني
المبادرة تسلط الضوء على جوانب عدة في العصر الفرعوني
TT

«حورس ينتصر»... مبادرة افتراضية للحفاظ على التراث المصري

المبادرة تسلط الضوء على جوانب عدة في العصر الفرعوني
المبادرة تسلط الضوء على جوانب عدة في العصر الفرعوني

للتراث المصري عبقه الخاص الذي يدفع الكثيرين من وقت لآخر إلى طرق أبوابه، والغوص في عوالمه السحرية بحثاً عن إجابات لأسئلة تنفض عنه غبار السنين، بهدف استعادة ما فقدته الشخصية المصرية من سمات مميزة، ومحاولات التمسك بالهوية الوطنية الثقافية.
وعبر مبادرة افتراضية عنوانها «حورس ينتصر» يكثف أعضاء «جمعية المحافظة على التراث المصري»، حالياً من نشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعي بعد حالة العزلة التي فرضها فيروس «كورونا» وأجبرتهم على تعليق أنشطتهم الميدانية، مكتفين بعملهم عبر الإنترنت في الفترة الجارية لإحياء الأفكار والتقاليد المصرية القديمة، من خلال حث الأجيال الجديدة على التمسك بالهوية الوطنية واستعادة القيم الإنسانية والثقافية.
«استخدام منصات ومواقع التواصل الاجتماعي أمر حتمي ليس فقط لأنه الوسيلة الأمثل والأسرع للتواصل مع الأجيال الجديدة، لكنه أيضاً يضمن انتشاراً أوسع ويفتح المجال للنقاشات الحرة التي تثري القضية التي نناقشها» وفق رحمة خالد، طالبة بقسم الإرشاد السياحي بكلية الآداب جامعة عين شمس، بالقاهرة، وإحدى عضوات المبادرة.
وعن طبيعة عمل أعضاء المبادرة تضيف رحمة لـ«الشرق الأوسط»: «نختار إحدى القضايا المعاصرة ونربطها بالتراث أو حقب تاريخية معينة على غرار قضية العائلة والأسرة التي لم تعد كما كانت من قبل، وأصبحت العلاقة بين أفراد الأسرة تتسم بقدر كبير من السطحية، لذلك نسلط الضوء على قيمة العائلة والترابط الأسري في العصر الفرعوني على سبيل المثال، ونخوض النقاشات مع المشاركين بحثاً عن رؤى جديدة تعيد للعلاقات الأسرية قدسيتها ومكانتها».
وقبل أجواء «عزلة كورونا» كانت تشكل الرحلات الميدانية لزيارة الأماكن الأثرية مرتكزاً رئيسياً في نشر الوعي بين الأجيال الجديدة، وتعريف الشباب بالتراث وقيمته الثقافية والإنسانية، لكنها تركز نشاطها حاليا على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويعمل برنامج المواهب الشابة الذي دشنته المبادرة على اكتشاف المواهب الفنية للأطفال من عمر 7 إلى 17 عاما في المجالات الفنية المختلفة، وتدريبهم على الفنون التراثية المتنوعة من خلال ورش فنية متخصصة تربطهم بحقب تاريخية ازدهرت فيها هذه الفنون.
واختارت المبادرة اسم «حورس ينتصر» نسبة إلى أحد أشهر آلهة الفراعنة في الدولة المصرية القديمة، والذي ارتبط برمز الصقر واقترنت أسطورته بالانتصارات وحراسة مصر من السماء، وما زال يوجد معبد باسمه، يطلق عليه أيضاً اسم معبد إدفو (جنوب مصر) والذي يُعد أكبر ثاني معبد مصري بعد معبد الكرنك الشهير بالأقصر.
ووفق المهندس ماجد الراهب، رئيس «جمعية المحافظة على التراث المصري»، فإن الاسم يحمل دلالات مقصودة من بينها أن الشخصية المصرية تنتصر في النهاية وتحتفظ بهويتها وتنتصر على الأفكار الدخيلة».
ويشارك في المبادرة عدد كبير من طلاب المدارس الثانوية والجامعات بعد توقيع اتفاقيات وبروتوكولات تعاون بين جمعية المحافظة على التراث والجامعات المختلفة التي تأتي في مقدمتها جامعة عين شمس، كما تعتزم المبادرة توقيع اتفاقيات مماثلة مع الأحزاب السياسية لتوعية شبابها، خلال الفترة المقبلة، بعد توقيعها أول اتفاقية مع «حزب المصريين الأحرار» أخيراً لتنظيم أنشطة ثقافية وفنية في مقراتها، وتخصيص مساحات في صالوناتها الثقافية لتسليط الضوء على التراث، بعد انتهاء أزمة كورونا.
وتُصدر المبادرة خلال الأيام المقبلة، الجزء الأول من كتاب مطبوع يحمل عنوان «حورس ينتصر... رؤى من التراث المصري»، ويتضمن مجموعة من المقالات العلمية المتخصصة تسلط الضوء على جوانب عدة في العصر الفرعوني، منها المرأة في عصر القدماء المصريين، وأدوات ومستحضرات التجميل في مصر القديمة، والعمارة وتطورها في الدولة القديمة، ومقال يرصد «جذور الفلسفة في مصر القديمة»، ومقال آخر عن «الكيمياء عند قدماء المصريين»، وفق الراهب.


مقالات ذات صلة

تابوت مصري قديم يحظى بحياة جديدة في بريطانيا

يوميات الشرق استقبال للتابوت بعد ترميمه (جامعة سوانزي)

تابوت مصري قديم يحظى بحياة جديدة في بريطانيا

حظي تابوت مصري قديم بحياة جديدة في بريطانيا بعد فترة من أعمال الترميم وإعادته إلى «مركز مصر» (متحف للآثار المصرية) بجامعة «سوانزي» في ويلز.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق بعض النقوش في المرصد الفلكي المُكتَشف (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف «أول وأكبر» مرصد فلكي في كفر الشيخ

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الجمعة، اكتشاف «أول وأكبر مرصد فلكي» في محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر)، يعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق المومياء تعود إلى فترة تتراوح بين 2000 و3000 سنة حينما كان تحنيط الحيوانات في مصر القديمة في ذروته (جامعة مانشستر)

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

كشف الباحثون، أخيراً، رؤى جديدة ومثيرة حول حياة ونفوق تمساح مصري قديم محنّط، مسلطين الضوء على وجبته الأخيرة وتفاصيل أخرى مذهلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا إحدى القطع الأثرية التي عرضت بمزادات خارجية (الدكتور عبد الرحيم ريحان)

مصر: تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين»

عادت قضية الاتجار في الآثار المصرية إلى الواجهة من جديد، بعد تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين» عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

محمد الكفراوي (القاهرة )
سفر وسياحة تلسكوب برج القاهرة يمنحك رؤية بانورامية للقاهرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

من أعلى نقطة... إطلالات بانورامية على القاهرة

تتمتع القاهرة بمزيج فريد من التاريخ العريق والحياة العصرية النابضة، ما يجذب إليها ملايين الزوار من حول العالم، الذين يبحثون ويفتشون عن سحرها كل من منظوره الخاص.

محمد عجم (القاهرة )

ضربات أميركية ضد الحوثيين خلال 3 أيام متتابعة

حرائق على سطح ناقلة النفط اليونانية «سونيون» بعد هجمات حوثية (رويترز)
حرائق على سطح ناقلة النفط اليونانية «سونيون» بعد هجمات حوثية (رويترز)
TT

ضربات أميركية ضد الحوثيين خلال 3 أيام متتابعة

حرائق على سطح ناقلة النفط اليونانية «سونيون» بعد هجمات حوثية (رويترز)
حرائق على سطح ناقلة النفط اليونانية «سونيون» بعد هجمات حوثية (رويترز)

نفذ الجيش الأميركي عدداً من الضربات الاستباقية الدفاعية ضد الجماعة الحوثية المدعومة من إيران خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من شهر أغسطس (آب) في سياق السعي للحد من قدرتها على مهاجمة السفن، فيما تبنت الجماعة مهاجمة إحدى السفن في خليج عدن دون أية أضرار.

وتشن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي الجماعة أنها تحاول منع ملاحة السفن ذات الصلة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية بأنها دمرت في 31 أغسطس طائرة دون طيار تابعة للحوثيين المدعومين من إيران، وزورقاً مسيّراً في المناطق التي يسيطرون عليها من اليمن.

وفي اليومين السابقين، أفادت القيادة المركزية بأنها دمرت 3 طائرات من دون طيار ونظاماً صاروخياً في منطقة تسيطر عليها الجماعة الحوثية، وقالت إن هذه الأنظمة تبين أنها تشكل تهديداً واضحاً وشيكاً للقوات الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأنه قد جرى اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة، وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

وكانت واشطن قد أطلقت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي ما سمته «تحالف حارس الازدهار» لمواجهة التهديد الحوثي للملاحة، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير (كانون الثاني) بمشاركة من بريطانيا.

وتلقت الجماعة الحوثية أكثر من 600 غارة منذ ذلك الوقت في مناطق عدة خاضعة لها بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات ضد السفن.

هجوم دون أضرار

في أحدث الهجمات الحوثية تبنت الجماعة الحوثية مساء السبت مهاجمة السفينة «جروتون» في خليج عدن، وقالت إنه الاستهداف الثاني للسفينة بعد هجوم في الثالث من أغسطس الماضي.

وفي حين زعم المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع إصابة السفينة إصابة مباشرة، ذكرت تقارير غربية أن قبطان السفينة أبلغ عن سقوط صاروخين بالقرب من مقدمتها ومؤخرتها دون أضرار.

الجماعة الحوثية سمحت بقطر الناقلة «سونيون» بعد ضوء أخضر إيراني (إ.ب.أ)

من جهته، ذكر «مركز المعلومات البحرية المشتركة» التابع لقوات بحرية متعددة الجنسيات تضمّ الولايات المتحدة ودولاً أوروبية ومقره البحرين، أن السفينة «جروتون» استُهدفت بصاروخين باليستيين على مسافة 130 ميلاً بحرياً شرق عدن.

وأضاف أن الصاروخ الأول سقط على مسافة 50 متراً من مقدّم السفينة، والثاني سقط على مسافة 50 متراً من مؤخرتها، وأن السفينة واصلت مسارها، ولم تلحق بها أضرار.

وكان أحدث هجوم مؤثر ضد السفن قد نفذته الجماعة في البحر الأحمر في 21 أغسطس الماضي ضد ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عبر سلسلة هجمات؛ ما أدى إلى توقُّف محركها وجنوحها قبل أن يجري إخلاء طاقمها بواسطة سفينة فرنسية تابعة للمهمة الأوروبية «أسبيدس».

وبعد إخلاء الطاقم، اقتحم المسلحون الحوثيون الناقلة، وقاموا بتفخيخ سطحها وتفجيرها ما أدى إلى اشتعال الحرائق على متنها، وسط مخاوف من انفجارها، أو تسرب حمولتها من النفط البالغة مليون برميل.

مقاتلة من طراز «إف 22 في منطقة القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

ومع سماح الجماعة بقطر السفينة إثر تلقيها ضوءاً أخضر من إيران، قال وزير خارجية حكومتها الانقلابية غير المعترف بها جمال عامر في تغريدة على منصة «إكس» إنه من المنتظر وصول قاطرات، الأحد، للبدء في سحب الناقلة «سونيون».

يشار إلى أن الجماعة تبنت مهاجمة نحو 182 سفينة منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر الماضي، وأدّت الهجمات إلى إصابة نحو 32 سفينة، غرقت منها اثنتان، البريطانية، «روبيمار» واليونانية «توتور»، كما قرصنت السفينة «غالاكسي ليدر»، وحوّلتها إلى مزار لأتباعها.