تونس: اتهام شخصيات نافذة بخرق قانون «الحجر الصحي»

تساؤلات حول مدى التزام رجال السلطة بالقوانين

TT

تونس: اتهام شخصيات نافذة بخرق قانون «الحجر الصحي»

انتقدت أطراف سياسية تونسية معارضة استغلال شخصيات نافذة في السلطة موقعها ومركزها الاجتماعي لتهريب رجال أعمال وأشخاص ممنوعين من السفر بين المدن التونسية، بعد إعلانها بؤراً لوباء «كورونا» المستجد، وهو ما اعتبر مخالفة صريحة لقانون الحجر الصحي وحظر التجوال، ودعت الحكومة، التي يقودها إلياس الفخفاخ، إلى تطبيق القانون على الجميع، وبالصرامة المتبعة مع عامة الناس، خصوصاً بعد تداول فيديو يظهر أحد نواب البرلمان ينتمي إلى الائتلاف الحاكم وهو يلعب كرة القدم مع عدة أشخاص، والإعلان عن تهريب رجل أعمال وزوجته، إثر اكتشاف إصابته بفيروس «كورونا»، علاوة على عمليات تهريب أخرى لأشخاص نافذين إلى مدن أخرى، بعد إعلان مدنهم بؤرة لانتشار الوباء وإقفالها تماماً أمام الزوار.
وقال محسن مرزوق، رئيس «حركة مشروع تونس» (معارضة)، إن تحايل بعض الشخصيات على قانون الحجر الصحي، وعدم إعلام السلطات بعودتهم من إيطاليا، التي انتشر فيها الوباء، ثم سفرهم إلى فرنسا بعد تعطل الرحلات في إيطاليا، «يمثل خرقاً واضحاً للقانون، لا يمكن التغافل عنه»، ودعا إلى تطبيق الحجر الصحي الكامل على الجميع حتى «لا يكون على رؤوس البعض قرون»، على حد تعبيره. في إشارة إلى تمتع الأشخاص الذين خرقوا الحجر الصحي بالنفوذ والسلطة.
وخلفت مشاركة سالم الأبيض، النائب البرلماني عن «حركة الشعب»، المنتمية إلى الائتلاف الحاكم، في مباراة لكرة القدم في وضح النهار، في خرق واضح للحجر الصحي العام ومبدأ التباعد الاجتماعي المفروض، جدلاً واسعاً بين التونسيين، وتساؤلات حول مدى حرص النخبة السياسية على الالتزام بالقانون مثل بقية المواطنين العاديين، خصوصاً أن وزارة الداخلية أعلمته قبل أيام بوجود تهديدات لحياته من قبل تنظيمات إرهابية. وردّ الأبيض على الانتقادات التي طالته بأنه فعل ذلك من مبدأ حرصه على ممارسة الرياضة التي يزاولها بشكل منتظم منذ أكثر من 35 عاماً، وقال بنبرة اعتبرها البعض مليئة بالتهكم: «لو مارسنا الرياضة جميعاً لكان واقعنا الصحي أفضل بكثير»، وهو ما زاد من حدة الانتقادات الموجهة إليه.
يُذكر أن الداخلية التونسية حذرت خلال الأيام الأخيرة من تفشي وباء «كورونا» في جل المدن، وهددت بمعاقبة من يخفي إصابته بالفيروس، وعدم إبلاغ السلطات، أو مَن يتعمد نشر الوباء بتهمة «القتل على وجه الخطأ».
في السياق ذاته، أكدت نصاف بن علية، مديرة المعهد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة، التابع لوزارة الصحة، أن شخصيات رفيعة المستوى بأجهزة الدولة أخفت عن المصالح الطبية سفرها إلى إيطاليا ضمن رحلات بحرية منظمة، مع بداية تفشي الفيروس القاتل، وأوضحت أن هذه الشخصيات عادت إلى تونس عبر باريس، بعد إغلاق الحدود مع إيطاليا، دون الإفصاح عن وجودها بها، ودون ملء استمارة البيانات الطبية المتوفرة بالمطارات الجوية والموانئ البحرية.
في غضون ذلك، خلفت اتهامات وجهت لأحد أعضاء البرلمان بتسهيل هروب رجل أعمال تونسي وزوجته من مدينة سوسة (وسط شرقي)، تساؤلات حول مدى التزام النخبة السياسية ورجال السلطة بالقوانين الصارمة، التي أقرتها رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة التونسية.
وفي هذا السياق، دعا رضا شرف الدين، النائب عن حزب «قلب تونس» المعارض، إلى ضرورة فتح تحقيق في عملية تهريب رجل أعمال وزوجته من الحجر الصحي الإجباري من فندق سياحي في شط مريم (سوسة). وقال في تصريح إذاعي إن «أجهزة الدولة ومن يملكون سلطة القرار مسؤولون عن تمكنه من الهروب»، مشدداً على أنه «كان بإمكان الدولة أن تفرض هيبتها بإعادته في اليوم ذاته إلى النزل المخصص للعائدين من الدول الموبوءة. لكن هذا الأمر لم يحدث».
وكان شرف الدين من بين نواب جهة سوسة المتهمين بالضلوع في تهريب رجل الأعمال وزوجته، وهو الأمر الذي نفاه.
يُذكر أن الهيئة التونسية لمكافحة الفساد (هيئة دستورية) تلقّت عدة شكاوى، أكد أصحابها عدم تقيد بعض المسؤولين بإجراءات الحجر الصحي العام وحظر التجول، إضافة إلى مخالفات تهم شبهات انحراف السلطة واستغلال نفوذ. وضمن هذه الشكاوى تهم تهريب أشخاص، والتسلل من ولايات (محافظات) إلى أخرى، بمساعدة بعض عناصر الأمن. علاوة على الحصول على مبالغ مالية تتراوح ما بين 10 و20 ديناراً تونسياً (ما بين 3 و6 دولارات) على شكل رشوة من المواطنين لمنحهم المساعدات الحكومية الموجهة للفئات المتضررة من الوباء القاتل.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».