ضغوط شعبية واقتصادية لتخفيف تدابير العزل في إسبانيا وإيطاليا

الشرطة الإيطالية لجأت إلى طائرات دون طيار لمراقبة تحركات السكان في بلدة قرب ميلانو (إ.ب.أ)
الشرطة الإيطالية لجأت إلى طائرات دون طيار لمراقبة تحركات السكان في بلدة قرب ميلانو (إ.ب.أ)
TT

ضغوط شعبية واقتصادية لتخفيف تدابير العزل في إسبانيا وإيطاليا

الشرطة الإيطالية لجأت إلى طائرات دون طيار لمراقبة تحركات السكان في بلدة قرب ميلانو (إ.ب.أ)
الشرطة الإيطالية لجأت إلى طائرات دون طيار لمراقبة تحركات السكان في بلدة قرب ميلانو (إ.ب.أ)

تتعرّض الحكومتان الإسبانية والإيطالية لضغوط هائلة من أجل تخفيف تدابير الحظر، وإعادة الحركة إلى العجلة الاقتصادية، في الوقت الذي تحذّر الأوساط العلمية من عواقب وخيمة في حال التسرّع لإنهاء إجراءات العزل، التي قد تؤدي إلى موجة ثانية من انتشار الوباء أخطر بكثير من الأولى، كما قالت منظمة الصحة العالمية، التي بدأ خبراؤها بدراسات حالات أشخاص تعافوا من إصابات بـ«كوفيد - 19» ثم أصيبوا بالفيروس مجدداً.
في المراحل الأولى من العزل، كانت الضغوط تأتي في الحالتين الإسبانية والإيطالية، كما في معظم الحالات الأخرى، من القطاعات الإنتاجية والخدماتية التي تخشى الانهيار التام إذا طال الشلل الذي فرضته تدابير الحظر على الحركة الاقتصادية. لكن مع مرور الوقت والارتفاع الكبير في عدد العاطلين عن العمل، خصوصاً في صفوف أصحاب المهن الحرة الصغيرة، بدأت تظهر في البلدين طبقة جديدة من الفقراء تعتمل فيها عناصر الانفجار الاجتماعي، التي تتبدّى منذ أسابيع في حوادث السطو والسرقات وأعمال التمرّد في أسواق المواد الغذائية.
ومع ازدياد الحوادث الأمنية في أقاليم الجنوب الأندلسي الإسباني، وفي المقاطعات الجنوبية الإيطالية، التي تسجّل نصف العاطلين عن العمل في البلدين، تدرس الحكومتان برنامجاً لتقديم مساعدات إضافية في شكل راتب أساسي شهري حتى نهاية الأزمة، لمن فقدوا فرص عملهم بسببها. وفي إيطاليا، شكّلت وزارة الداخلية خليّة خاصة لمكافحة نشاط تنظيمات المافيا، التي بدأت تستغلّ الأزمة لاستقطاب عناصر جديدة وتوسيع شبكة الرِبا وتبييض الأموال عن طريق شراء مؤسسات صغيرة تعجز عن سداد ديونها أو مواصلة نشاطها.
كانت منظمة الصحّة قد وجّهت تحذيراً خاصاً إلى إسبانيا وإيطاليا، حيث بدأ يتراجع عدد الإصابات الجديدة، ودعتها إلى التريّث والحيطة قبل الشروع باستئناف النشاط في العجلة الاقتصادية، وشدّدت على ضرورة استيفاء ستة شروط قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة، في الوقت الذي ما زال الوباء ينتشر بسرعة في بلدان أخرى عديدة. هذه الشروط هي التالية: احتواء انتشار الوباء، وأن تكون المنظومة الصحّية جاهزة وخدماتها متاحة لجميع المواطنين، والسيطرة على الوباء في دور العجزة ومراكز الخدمات المخصصة للمسنّين، وتشديد تدابير الوقاية في الأماكن العامة المكتظة مثل المدارس، ومراقبة الوافدين من الخارج منعاً لظهور حالات مستوردة، وأن يكون المواطنون على وعي كافٍ بخطورة الوضع وملتزمين الامتثال التام لتدابير الوقاية والمكافحة.
ومن الأمور التي حذّرت منظمة الصحة من خطورتها، بشكل خاص، تفشّي الوباء بين الطواقم الصحّية، حيث تجاوز 10 في المائة في إسبانيا، وقارب 14 في المائة في إيطاليا، التي فقدت حتى الآن أكثر من 100 طبيب بسبب فيروس كورونا. وقال الناطق بلسان المنظمة، إن ما نشهده في إسبانيا والصين وإيطاليا والولايات المتحدة يبيّن الحاجة الملحّة لحماية الأطباء والممرضين والمسعفين بمعدات كافية للوقاية، حفاظاً على أرواحهم ومنعاً لانهيار النظام الصحي أو فقدان فعاليته.
وفي إسبانيا، أعلنت الحكومة عن قرارها استئناف بعض الأنشطة الاقتصادية، اعتباراً من مطلع الأسبوع المقبل، مثل قطاع البناء الذي يعتبر حيوياً، خصوصاً بعد الانهيار التام لموسم السياحة الذي يشكّل أحد المحركات الأساسية في الاقتصاد الإسباني. وقد أثارت هذه الخطوة جدلاً واسعاً، خصوصاً وأن الحكومة أقدمت عليها من غير موافقة اللجنة العلمية التي تستند عادة إلى توجيهاتها ومقترحاتها عند اتخاذ تدابير مواجهة الأزمة. وكان أحد أعضاء هذه اللجنة قد صرّح، أمس، بقوله: «الحكمة تقضي بتمديد الحظر التام بعد نهاية هذا الأسبوع»، فيما قال رئيس اللجنة فرناندو سيمون: «مهمتنا هي تقديم المشورة وقرار التمديد يعود للحكومة».
وقال وزير الصحة الإسباني سالفادور إيليا، إن الحركة ستستأنف في الخدمات غير الأساسية، مع الإبقاء على إقفال المتاجر وأماكن اللهو، وطلب من المؤسسات أن تسمح لموظفيها بالالتحاق بأعمالهم بصورة تدريجية منعاً لازدحام وسائل النقل التي ستوزّع الكمّامات على مستخدميها.
وفي إيطاليا، ارتفعت، أمس، حرارة المواجهة السياسية إلى ذروتها، في الوقت الذي تستعدّ الحكومة لإعلان الجدول الزمني والتدابير المرافقة لمرحلة استعادة النشاط الاقتصادي بعد التراجع المتواصل في عدد الوفيات والإصابات الجديدة، خلال الأيام العشر المنصرمة. وتقول أوساط رسميّة إن الحكومة تميل إلى التمهّل حتى مطلع الشهر المقبل لاستئناف النشاط الاقتصادي، رغم الضغوط الشديدة التي تتعرّض لها من المؤسسات والشركات الكبرى المتوقفة عن العمل منذ خمسة أسابيع.
وكانت المواجهة السياسية قد احتدمت أمس بين الحكومة والمعارضة، وداخل الائتلاف الحاكم، بعد الاتفاق الذي توصل إليه المجلس الأوروبي لوزراء المال حول آليّة تمويل خطة الإنقاذ المشتركة بعد الأزمة، الذي قال وزير الاقتصاد الإيطالي بأنه كان انتصاراً للموقف الإيطالي لعدم تضمين الآلية أي شروط تقشفّية. لكن رئيس الوزراء، من جهته، صرّح بعد ذلك بقوله إن الاتفاق ليس كافياً، وإنه لن يتخلّى عن المطالبة بإصدار سندات «كورونا» في القمة الأوروبية الأسبوع المقبل. وجاءت تصريحات كونتي بعد أن أعلن زعيم حركة «النجوم الخمس» المشاركة في الائتلاف الحاكم رفضه للاتفاق الذي وصفته المعارضة اليمينية بأنه «خيانة عظمى».


مقالات ذات صلة

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا على نحو مطرد (أ.ف.ب)

الصحة العالمية تعلن عن حدوث تراجع مطرد في وفيات كورونا

بعد مرور نحو خمس سنوات على ظهور فيروس كورونا، تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بهذا الفيروس على نحو مطرد، وذلك حسبما أعلنته منظمة الصحة العالمية في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

الأرجنتين: توجيه الاتهام لخمسة أشخاص في قضية وفاة المغني ليام باين

صورة للمغني السابق ليام باين محاطة بالزهور والشموع بينما يتجمع المعجبون خارج الفندق الذي عُثر عليه فيه ميتاً بعد سقوطه من شرفة في بوينس آيرس... الأرجنتين 17 أكتوبر 2024 (أ.ب)
صورة للمغني السابق ليام باين محاطة بالزهور والشموع بينما يتجمع المعجبون خارج الفندق الذي عُثر عليه فيه ميتاً بعد سقوطه من شرفة في بوينس آيرس... الأرجنتين 17 أكتوبر 2024 (أ.ب)
TT

الأرجنتين: توجيه الاتهام لخمسة أشخاص في قضية وفاة المغني ليام باين

صورة للمغني السابق ليام باين محاطة بالزهور والشموع بينما يتجمع المعجبون خارج الفندق الذي عُثر عليه فيه ميتاً بعد سقوطه من شرفة في بوينس آيرس... الأرجنتين 17 أكتوبر 2024 (أ.ب)
صورة للمغني السابق ليام باين محاطة بالزهور والشموع بينما يتجمع المعجبون خارج الفندق الذي عُثر عليه فيه ميتاً بعد سقوطه من شرفة في بوينس آيرس... الأرجنتين 17 أكتوبر 2024 (أ.ب)

وجّه القضاء الأرجنتيني الاتهام لخمسة أشخاص في قضية وفاة المغني البريطاني ليام باين Liam Payne إثر سقوطه من شرفة غرفته بالفندق في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأمر بحبس اثنين منهم احتياطيا، على ما أفادت النيابة العامة الاثنين.

وقالت النيابة في بيان إن «ثلاثة من المتهمين وُجّهت إليهم تهمة القتل غير العمد من دون حبسهم احتياطياً، بينما وُجّهت إلى اثنين آخرين تهمة تزويد مخدرات مع حبسهما بشكل احتياطي»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقضى باين في 16 أكتوبر إثر سقوطه من شرفة غرفته في أحد فنادق بوينس آيرس عاصمة الأرجنتين. وكانت النيابة العامة الأرجنتينية أعلنت أن باين تعاطى الكحول والكوكايين وتناول مضادات للاكتئاب قبل وفاته. وأشارت النيابة إلى المتّهمين مستخدمة الأحرف الأولى من أسمائهم.

المغني وكاتب الأغاني البريطاني ليام باين لدى وصوله إلى حفل توزيع جوائز بريت 2019 في لندن... 20 فبراير 2019 (أ.ف.ب)

وذكرت أنّ «آر إل إن، وهو ممثل الضحية وكان يرافقه في هذه الرحلة إلى بوينس آيرس لتجديد تأشيرة دخوله إلى الولايات المتحدة، ومديرة الفندق جاي إيه إم والمسؤول عن الاستقبال في الفندق إيه آر جاي، هم المتهمون الثلاثة بالقتل غير العمد... وهي تهمة يُعاقَب عليها بالسجن بين سنة وخمس سنوات».

ووُجه الى موظف في الفندق هو المدعو إيه دي بي وإلى نادل التقاه باين في بوينس آيرس هو بي إن بي تهمة «تزويد المخدرات» التي يعاقَب عليها بالسجن بين أربعة وخمسة عشر عاما. ووُضعا في الحبس الاحتياطي.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلنت النيابة العامة الأرجنتينية أن باين تعاطى الكحول والكوكايين وتناول مضادات للاكتئاب قبل وفاته، مشيرة إلى أن ثلاثة أشخاص اتُّهموا بتوفير مواد مخدّرة له، من دون التطرق إلى أسمائهم.

والقرار الصادر الاثنين يعني أنّ الأشخاص الخمسة سيمثلون أمام المحكمة.

وأثارت وفاة باين موجة حزن لدى معجبيه حول العالم.

المغني ليام باين (يمين) وهاري ستايلز يؤديان في برنامج «صباح الخير أميركا» على قناة «إيه بي سي» في نيويورك... 4 أغسطس 2015 (أ.ب)

واشتهر المغني عام 2010 بفضل فرقة «وان دايركشن» التي تشكلت من خلال برنامج «ذي إكس فاكتر» للمواهب، قبل أن تصبح إحدى فرق الفتيان الأكثر تحقيقا للأرباح في العالم.

وأصدرت الفرقة عام 2016 ألبومها الخامس والأخير «ميد إن ذي ايه ام» Made in the A.M، وأعلنت في السنة نفسها فترة استراحة.

ثم انصرف كل عضو في الفرقة إلى مسيرته الفنية الخاصة منفرداً، وحققوا درجات متفاوتة من النجاح. وأصدر ليام باين ألبومه الأول «إل بي 1» (LP1) سنة 2019. وفي العام المنصرم أعلن أنه يعدّ لألبوم ثانٍ، وأصدر أغنية جديدة في مارس (آذار) 2024. وكان أباً لطفل يبلغ راهنا سبع سنوات.