مبعوثو الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط يطالبون بالتفاوض بـ«حسن نية» على وقف للنار

مهجرون سوريون (أ.ف.ب)
مهجرون سوريون (أ.ف.ب)
TT

مبعوثو الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط يطالبون بالتفاوض بـ«حسن نية» على وقف للنار

مهجرون سوريون (أ.ف.ب)
مهجرون سوريون (أ.ف.ب)

دعا مبعوثو الأمين العام للأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط كل الأطراف في المنطقة إلى المشاركة بحسن نية، ومن دون شروط مسبقة، في التفاوض على وقف فوري للأعمال العدائية، والحفاظ على وقف النار الراهن، والتوصل إلى وقف مستدام شامل للنار، وحلول طويلة الأجل للنزاعات المستمرة في أرجاء المنطقة.
وشارك في هذه الدعوة الأممية، التي صدرت في بيان وزع اليوم (السبت) في نيويورك، كل من المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، والمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش، ومبعوثة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس - بلاسخارت، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، والمنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف.
واستهل المبعوثون بيانهم بالتذكير بالنداء الذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أجل «وقف فوري لإطلاق النار في كل أنحاء العالم»، داعياً الأطراف المتحاربة إلى «ترك الأعمال العدائية، ووضع مشاعر عدم الثقة والعداوة جانباً، وإسكات بنادقهم»، ملاحظين استجابة «كثير من الأطراف بإيجابية» لنداء الأمين العام. وأشاروا إلى أنه «لا يزال هناك مزيد لترجمة هذه الكلمات إلى أفعال».
وقالوا: «عانى كثيرون في الشرق الأوسط من الصراعات والحرمان لفترة طويلة جداً. وتتفاقم معاناتهم الآن بسبب أزمة وباء (كوفيد-19)، وآثارها المحتملة على المدى الطويل في المجال الاجتماعي والاقتصادي والسياسي».
ودعوا جميع الأطراف إلى «المشاركة بحسن نية، ومن دون شروط مسبقة، في التفاوض على وقف فوري للأعمال العدائية المستمرة، والحفاظ على وقف إطلاق النار الحالي، ووضع وقف إطلاق نار أكثر ديمومة وشمولاً، والتوصل لحلول طويلة الأمد للصراعات المستمرة في جميع أنحاء المنطقة».
وناشدوا الجميع «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتخفيف حدة التوترات، والعمل على حل الخلافات من خلال الحوار أو التفاوض أو الوساطة أو الوسائل السلمية الأخرى. كما ندعو الجميع إلى الامتناع عن أي نشاطات يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التدهور في الاستقرار والأمن في أي بلد، أو في المنطقة ككل».
وحضوا الأطراف على «التواصل عبر خطوط النزاع، والتعاون محلياً وإقليمياً وعالمياً لوقف الانتشار السريع للفيروس، وتقاسم الموارد، حيثما أمكن، والسماح بالوصول إلى المرافق الطبية عند الحاجة».
وطالبوا كل الأطراف بـ«تسهيل الوصول والمساعدات الإنسانية إلى النازحين داخلياً واللاجئين، والمجتمعات المحاصرة، وجميع الذين دمرتهم الحرب والحرمان، دون تحيز أو تمييز. ويتطلب هذا تتبعاً سريعاً لتنقل العاملين الصحيين والإغاثة على الحدود وداخل البلاد وضمان حمايتهم»، داعين إلى «تسهيل العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين والمشردين داخلياً إلى منازلهم، من خلال إجراءات وتدابير عاجلة وفعالة وذات مغزى».
وطالبوا كذلك بـ«إيلاء اهتمام خاص لمحنة المعتقلين والمخطوفين والمفقودين، وللإفراج الإنساني، ولحرية وصول المنظمات الإنسانية، ولخطوات عاجلة لضمان رعاية طبية كافية، وتدابير وقائية في جميع أماكن الاحتجاز».
وأفادوا بأنه «في وقت يواجه فيه الجميع تحديات وطنية هائلة، ندعو جميع الشركاء للعمل مع الأمم المتحدة على خطط الاستجابة الدولية العاجلة وإجراءات التعافي. لا يمكن لأي دولة أو منطقة أو مجتمع أن يواجه تحدي وباء (كوفيد-19) لوحده».
وقالوا إن «التضامن مطلوب اليوم، وسوف تكون هناك حاجة ماسة إليه غداً»، وأضافوا: «ستواصل فرقنا التركيز على الدبلوماسية الوقائية، وعلى مساعدة جميع الجهود للاستجابة للعواقب الصحية والاجتماعية والاقتصادية للأزمة، ودعم التعاون الشامل لمصلحة السلام ورفاهية الجميع، والعمل بلا هوادة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لأكثر الفئات ضعفاً، والانخراط بحزم في تحقيق هذه الأهداف».
وحذروا من أن «أياً من هذه الجهود لن تنجح إذا لم يتم إسكات أسلحة الحرب والصراع»، معتبرين أنه «في وقت كهذا، يجب أن تتراجع الحزبية والمصالح الضيقة لصالح القضية الأكبر ومصالح الشعب». وكرروا دعوة الأمين العام لجميع الأطراف في الشرق الأوسط للعمل مع الأمم المتحدة «حتى نتمكن من التركيز معاً على المعركة الحقيقية في حياتنا».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.