كير ستارمر... المحامي الاشتراكي أمام تحدي إعادة {العمّال} إلى الحكم

بعد سنوات ضائعة في تيه الحياة السياسية البريطانية

كير ستارمر... المحامي الاشتراكي أمام تحدي إعادة {العمّال} إلى الحكم
TT

كير ستارمر... المحامي الاشتراكي أمام تحدي إعادة {العمّال} إلى الحكم

كير ستارمر... المحامي الاشتراكي أمام تحدي إعادة {العمّال} إلى الحكم

اختار حزب العمال البريطاني المعارض السير كير ستارمر، يوم السبت الماضي، زعيماً جديداً له حلفاً لزعيمه السابق جيريمي كوربن. وكان كوربن قد شغل المنصب منذ سبتمبر (أيلول) 2015، وقاد اتجاه الحزب يساراً وسط انقسامات داخلية تفجرت بين التيار الحركي اليساري الراديكالي المدعوم من العديد من التنظيمات المحلية الراديكالية وبعض النقابات العمالية (بقيادة كوربن) من جهة، والتيار المعتدل الاشتراكي الديمقراطي الذي قاد الحزب إبان توليه السلطة تحت رئاستي توني بلير وغوردون براون للحكومة بين 1997 و2010.
ولقد كسب ستارمر، وهو محامٍ ومرجع قانوني مرموق، الذي دعمه المعتدلون، انتخابات الزعامة ضد مرشحة اليساريين الراديكاليين ريبيكا لونغ - بايلي، والمرشحة الثالثة التي تقف بين الجانبين، ليزا ناندي.

يقال إن الأزمات تصنع القادة، أو تحطّمهم. ولا أزمة أكبر في بريطانيا اليوم من جائحة «كورونا» أو (كوفيد - 19)، التي شلّت البلاد وأصابت عشرات الآلاف، وزجّت برئيس الوزراء في غرفة العناية المركزة إلى جانب الآلاف من مواطنيه.
في هذه الظروف غير المسبوقة في زمن السلم، وجد السير كير ستارمر نفسه يقود أهم حزب في المعارضة البريطانية، بعد أيام قليلة من انتخابه زعيماً لحزب العمال.
لقد كان في طليعة أولويات ستارمر المُعلنة إعادة توحيد صفوف الحزب بعد هزيمة فادحة أمام محافظي بوريس جونسون، ومكافحة ظاهرة معاداة السامية في صفوف حزبه، فضلاً عن الكفاح للحفاظ على أقرب علاقات ممكنة مع الاتحاد الأوروبي بعد انتهاء فترة «بريكست» الانتقالية. لكن ما لم يكن يتوقّعه ستارمر، هو أن تُختبر إمكانياته القيادية في نفس أسبوع انتخابه، وأن تتغيّر أولوياته بشكل جذري، لتُختصر في كلمة واحدة «كورونا».

محامٍ... برتبة «فارس»

وُلد كير رودني ستارمر قبل 57 سنة في حي ساذرك بالعاصمة البريطانية لندن للزوجين جوزيفين ورودني ستارمر، الداعمين لحزب العمال. وسُمّي كير تيمّناً بالسياسي الاشتراكي البارز ومؤسس حزب العمال كير هاردي. في المدرسة، تلقى ستارمر دروساً على عزف آلة الكمان مع نورمان سميث، عازف الباس السابق ضمن فرقة «هاوسمارتنز» الموسيقية. ومما يُعرف عنه أنه من أنصار نادي آرسنال اللندني لكرة القدم، على غرار سلفه جيريمي كوربن. وهو لا يزال يلعب كرة القدم كل أسبوع.
إبان سنواته الدراسية المتوسطة والثانوية، انضمّ ستارمر إلى «اشتراكيي إيست ساري الصغار»، قبل أن يلتحق بجامعة ليدز التي تخرج فيها حاملاً إجازة في الحقوق. ثم تابع دراسته العليا في القانون وحصل على شهادة في الدراسات القانونية العليا المعمّقة في جامعة أوكسفورد (كلية سانت إدموند هول).
عمل ستارمر محامياً في قضايا حقوق الإنسان، ودافع عن النقابات والناشطين. كما شارك في القضية المعروفة بـ«ماك ليبل» التي رفعتها سلسلة مطاعم «ماكدونالدز» ضد هيلين ستيل وديفيد موريس لتوزيعهما منشورات تنتقد ممارسات الشركة. وفي التسجيل المصوّر المرتبط بحملته لزعامة الحزب، قال ستارمر: «أمضيت عمري وأنا أدافع عن العدالة وعن المغلوب على أمرهم في وجه أصحاب النفوذ».

التقدير... والبرلمان

وفي 2003، بدأ ستارمر انخراطه في المؤسسات الرسمية عبر وظيفة تضمن امتثال الشرطة في آيرلندا الشمالية بشكل كامل لقوانين حقوق الإنسان. وبعد خمس سنوات، بات مدير النيابة العامة لإنجلترا وويلز. وأشرف بين عامي 2008 و2013 على ملاحقات قضائية لنواب استغلوا نظام النفقات وصحافيين اتُّهموا بعمليات قرصنة للهواتف وشباب على صلة بأعمال شغب 2011، وتقديراً لهذا الأداء ومكافأة له على خدماته للبلاد، منحته الملكة إليزابيث الثانية لقب «سير» (فارس). ثم في عام 2015، انتُخب نائباً في البرلمان (مجلس العموم) عن حزب العمال ليمثّل دائرة هولبورن وسانت بانكراس الانتخابية في وسط لندن.

كفاءة... لا شعبوية

«الرجل يمثل قطيعة مع الماضي، مع أنه لا يوجد شعار بارز أو سياسة خاصة يمكن فك شيفرتها لفهم مشروع ستارمر. وهذا يجعل من الصعب تحديد ما يمثله السير كير سياسياً. لكن ما هو واضح أنه ليس شعبوياً». بهذه الكلمات رحّبت صحيفة «الغارديان» بانتخاب ستارمر على رأس حزب العمال الذي تميل إليه. وأضافت الصحيفة في افتتاحية نشرتها الاثنين الفائت: «إنه يقدّم العمل الدؤوب والخبرة، لا توجيه أصابع الاتهام»، مشيدةً بتعييناته لـ«حكومة الظل»، بالقول «إن رمزية وظائف حزب العمال الثلاث الكبرى، التي سيشغلها سياسيون من الشمال وويلز واسكوتلندا، تبعث برسالة قوية مفادها أن الحزب يهدف إلى تمثيل البلاد بأكملها». أيضاً رحّبت الصحيفة بعودة إد ميليباند، الزعيم الأسبق للحزب، إلى الخط الأمامي عبر منصب وزير الظل للتجارة والطاقة والصناعة.
واقع الحال، أنه كان لا بد من التغيير بعد الهزيمة المريرة الأخيرة التي مُني بها حزب العمال في ديسمبر (كانون الأول) 2019. كذلك تولّدت قناعة من أن رهانات كوربن لم تؤتِ أُكُلها. وبالفعل، انتُخب ستارمر، المعتدل والمؤيد لأوروبا، زعيماً يشكل عملياً نقلة كبيرة عن الراديكاليين والمؤيدين لـ«بريكست».
لقد فاز هذا المحامي اللامع الذي كان كُلّف منذ ثلاث سنوات بإدارة ملف «بريكست» في حزبه، بنسبة 56,2% من أصوات أعضاء الحزب على منافستيه ريبيكا لونغ - بايلي وليزا ناندي. وفي كلمة متلفزة بعد انتخابه، وعد ستارمر، على الفور، بتجاوز الانقسامات التي يعانيها الحزب والمتمحورة حول الخط الذي يجب أن يتبعه بين التشدد أو الانفتاح، لكن أيضاً الخلاف بين المشككين بالمؤسسات الأوروبية والمؤيدين للاتحاد الأوروبي في قضية «بريكست»، وكذلك بشأن إدارة مسألة معاداة السامية داخل الحزب التي يرى البعض أن كوربن تهاون في معالجتها.
وحقاً، كان لافتاً أن ستارمر عبّر مباشرة بعد إعلان انتخابه عن «اعتذاراته» عن معاداة السامية داخل أكبر حزب معارض في بريطانيا. وفي كلمة بثها، قال: «باسم حزب العمال أعتذر»، متعهداً «بنزع سم» معاداة السامية. وانهالت التعليقات الإيجابية على ستارمر، الذي تزامنت اعتذاراته مع احتفالات عيد الفصح اليهودي. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الزعيم الجديد متزوّج من يهودية ويتربى ولداهما كيهود.

حملة انتخابات الزعامة

من جهة أخرى، لم تكن انتخابات العمال اعتيادية هذه المرة، إذ لم يعلن اسم الفائز خلال مؤتمر استثنائي كما كان مقرّراً، بل عبر موقع الإنترنت الخاص بالحزب احتراماً لإجراءات مكافحة وباء «كوفيد - 19»، في حين سجل كل من المرشحين الثلاثة خطابات معدة مسبقاً تُبّث في حال الفوز. وفي خطابه تعهّد ستارمر بإنهاض الحزب وقيادته مجدداً نحو تولي السلطة، بعد الهزيمة المدوّية في انتخابات ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أمام المحافظين بقيادة رئيس الوزراء بوريس جونسون، وشهدت خصوصاً خسارة حزب العمال معاقل تقليدية له. تلك كانت ثاني هزيمة انتخابية لجيريمي كوربن منذ انتخابه رئيساً للعمال في عام 2015 بفضل دعم قوي من حركيي قاعدة الحزب، وكانت الأسوأ للعمال منذ 1935.
ستارمر، من جانبه، قال بصراحة: «أنا مدرك لحجم المهمة... مهمتنا هي إعادة الثقة في حزبنا. وسأقود هذا الحزب الكبير إلى حقبة جديدة بشكل تخوّلنا حين يكون الوقت مناسباً أن نخدم بلادنا مجدداً من خلال حكومة». وللعلم، من المتوقع أن تجرى الانتخابات التشريعية المقبلة عام 2024 لكن مهمة توحيد الحزب تمثّل أصعب تحدٍّ أمام ستارمر بسبب الانقسامات العديدة والعميقة التي أنهكته خلال السنوات الماضية.

تحدي وباء «كورونا»

لكن في الوقت الحالي، وكحال معظم ساسة العالم، تشكّل جائحة «كوفيد - 19» (كورونا) التحدي الأكبر أمام الزعيم الجديد لحزب العمال. وهنا نشير إلى أن ستارمر كان من أولى الشخصيات السياسية التي تمنّت لرئيس الوزراء جونسون تعافياً سريعاً وكاملاً، بعد إدخاله العناية المركزة في اليوم العاشر من إصابته بـ«كورونا».
كذلك كان ستارمر داعماً لإجراءات الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي التي فرضتها حكومة جونسون، في مسعى لإبطاء تفشي الوباء... وإن كان لم يتوانَ عن توجيه انتقادات قاسية لإدارة الأزمة، خصوصاً بعد تأخر هذه الإجراءات. ونقلت صحيفة «صنداي تايمز» (المحافظة) عن زعيم حزب العمال البريطاني الجديد قوله إن الحكومة البريطانية ارتكبت «أخطاء خطيرة» في التعامل مع تفشي فيروس الوباء، ولم تقدم معدات حماية كافية للعاملين الذين يتعاملون بشكل مباشر مع الجمهور، والتباطؤ في إجراء الفحوص.
ومما قاله ستارمر إن الوزراء «استغرقوا وقتاً طويلاً لشرح سبب تأخرهم في إجراء الفحوص»، ودعا إلى «برنامج لقاح وطني» ضد الفيروس. وأضاف أنه بوصفه زعيماً لحزب العمال، سيقوم بواجبه لعرض حلول. وطبقاً لدراسة، صادرة عن كلية الأطباء الملكية يوم الأحد الماضي، لا يتوجه نحو 20% من موظفي الصحة في بريطانيا، إلى عملهم نظراً لأنهم يخشون من احتمال إصابة زميل أو هم أنفسهم بالفيروس. وقال نحو ربع الأشخاص الذين استُطلعت آراؤهم -وفق وكالة الأنباء الألمانية- إنهم لا يحصلون على معدات حماية كافية لتنفيذ عملهم.
في هذا السياق، فرضت حكومة جونسون، بدعم من المعارضة، عزلاً عاماً للسكان في إطار محاولاتها احتواء تفشي الوباء الذي أودى بحياة أكثر من 7 آلاف شخص في بريطانيا. وأصدرت الحكومة المحافظة كذلك تدابير دعم اقتصادي غير مسبوقة للموظفين والشركات الذين تضرّروا بشكل كبير من الإغلاق.
ويسعى ستارمر الآن إلى لعب دور أكبر في الاستجابة الوطنية لهذه الجائحة، لا سيما أنه حزبه كان غائباً عن الساحة ولم يشارك في بلورة القرارات الأخيرة. وعلى غرار رؤساء الأحزاب الأخرى في المعارضة، تلقى ستارمر دعوة من رئيس الوزراء للمشاركة خلال الأسبوع المقبل في استعراض الوضع المتعلق بانتشار الوباء.
وبعدما كتب جونسون السبت الماضي، على «تويتر»: «بصفتنا رؤساء أحزاب، علينا واجب العمل معاً في فترة الطوارئ الوطنية هذه»، ردّ ستارمر بإيجابية على الدعوة، خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الذي هنّأه بفوزه. وتعهد بالتعاون «بشكل بنّاء» مع الحكومة «بما فيه المصلحة الوطنية»، قائلاً إنه لن يتوانى عن الإشارة إلى ضعف السلطة في الحالة المعاكسة.

«متمرد» بارز

على صعيد آخر، برز نجم كير ستارمر خلال السنوات الماضية، وصار حديث الإعلام عندما انضمّ في عام 2016، بعد التصويت لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، إلى النواب العماليين «المتمردين» على ما رأوه غياب دور كوربن القيادي خلال الحملات التي سبقت استفتاء «بريكست». وانضم ستارمر في وقت لاحق من العام ذاته إلى كبار شخصيات الحزب كمتحدّث باسم العمال بشأن «بريكست»، وظل في هذا الموقع حتى الأسبوع الماضي. كما برز من خلال انتقاداته الدقيقة والذكية لنهج المحافظين خلال جلسات النقاش في البرلمان التي كثيراً ما طغى عليها التوتر. ثم إنه يُعزى إليه كذلك الدفع بحزب العمال لتبني سياسة داعية لاستفتاء ثانٍ، وهي خطوة رحّب بها الكثير من أنصار الاتحاد الأوروبي. لكنّ آخرين رأوا أن هذه السياسة همّشت ناخبي الحزب السابقين في شمال إنجلترا وويلز المدافعين المؤيدين للخروح من الاتحاد الأوروبي.

إعادة توحيد الحزب

الراصدون يرون اليوم أن عودة العمال للعب دور معارضة فعال في بريطانيا مرهون بقدرة ستارمر على توحيد صفوفهم، وبالذات، بعدما خسروا مقاعد كانت مضمونة لهم فيما كانت معاقل عمالية تقليدية. ويُذكر أنه على مدى السنوات الماضية، شهد العماليون انقسامات حيال أجندة كوربن اليسارية وكيفية التعامل مع «بريكست» والخلاف بشأن أسلوب التعاطي مع تهمة وجود نزعات معادية للسامية داخل صفوف الحزب. لهذا تعهد ستارمر بتوحيد صفوف الحزب، وإعادته إلى السكة التي من شأنها أن توصله إلى السلطة. وسعى أيضاً لكسب أنصار كوربن عبر التشديد على سجلّه كمدافع عن حقوق الإنسان، وتأكيد «اشتراكيته» والدفاع عن بيان حملة انتخابات ديسمبر (كانون الأول) الذي تعهد ببرنامج استثمارات ضخم وعمليات تأميم.
وفي المقابل، حظي بدعم الوسطيين في الحزب الذين يرون أنه أكثر براغماتية من سلفه ومواقفه مدروسة بشكل أفضل. وقال ستارمر لـ«الغارديان» عبر بث صوتي هذا الأسبوع: «يمكننا قول ما نريده بشأن الكيفية التي نرغب من خلالها تغيير العالم... لكننا إذا خسرنا الانتخابات، فلن تكون لدينا فرصة للقيام بذلك».
في هذه الأثناء، يرفض ستارمر الإفصاح عن السياسات الحالية التي ينوي إبقاءها على حالها، خصوصاً في الوقت الحالي في أوج أزمة تفشي «كوفيد - 19»، واكتفى بتأكيد أنه «ستكون هناك حاجة للقيام بأمور جذرية».


مقالات ذات صلة

هل اقتربت أميركا من تغيير هوية «الجيل» الذي يحكم واشنطن؟

حصاد الأسبوع لقطة من مناظرة الثلاثاء الرئاسية (رويترز)

هل اقتربت أميركا من تغيير هوية «الجيل» الذي يحكم واشنطن؟

يُجمِع خبراء المناظرات الرئاسية الأميركية على أن الانتصارات فيها لا تُترجم بالضرورة فوزاً في الانتخابات، والمرشحون الذين يتألقون في المناظرات لا يفوزون دائماً

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع يقدّم بارنييه نفسه على أنه رجل ينتمي إلى اليمين لكن ليس اليمين البورجوازي القومي المتعصّب بل اليمين الاجتماعي

ميشال بارنييه رئيس الحكومة الفرنسية الجديد... هل يكون الرجل المعجزة الذي ينقذ عهد ماكرون؟

بعد 25 سنة أمضاها ميشال بارنييه في بروكسل (1999 – 2021) مفوضاً أوروبياً متنقلاً في مناصب عديدة، منها مسؤول عن السوق الأوروبية الداخلية ونائب لرئيس المفوضية،

ميشال أبونجم (باريس)
حصاد الأسبوع الرئيس الموريتاني ولد الغزواني يستقبل رئيس الوزراء الإسباني سانتشيز ورئيسة المفوضية الأوروبية فون در لاين في نواكشوط 
(آ فب)

إسبانيا تحاول التحكّم بهاجس التعامل مع المهاجرين

عندما فازت إسبانيا بكأس الأمم الأوروبية لكرة القدم، أواسط يوليو (تموز) الفائت، كان النجم الأبرز في الفريق الوطني الأمين جمال، وهو لاعب من أب مغربي وصل قبل 19

شوقي الريّس (مدريد)
حصاد الأسبوع الرئيس عبد المجيد تبّون (رويترز)

فوز منتظر للرئيس عبد المجيد تبّون في انتخابات الرئاسة الجزائرية

يتوجه الجزائريون اليوم إلى مراكز الاقتراع لاختيار رئيس جديد. وهذه هي ثاني استحقاقات رئاسية بعد الحراك الذي طال سنتين تقريباً، وشهد خروج ملايين الجزائريين إلى

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع  تأتي رئاسة تراوري في فترةٍ تواجه خلالها بوركينا فاسو تحديات أمنية وإقليمية بعدما فقدت السيطرة على نحو 40 في المائة من مساحتها، للجماعات المسلّحة

إبراهيم تراوري... رئيس بوركينا فاسو وقائد حربها الشرسة ضد «الإرهاب»

رغم تعهّد النقيب إبراهيم تراوري، رئيس بوركينا فاسو، بألا يبقى في السلطة، فإنه مدّد فترة الحكم الانتقالي خمس سنوات إضافية، راهناً إجراء الانتخابات التي كان من

فتحية الدخاخني (القاهرة)

هل اقتربت أميركا من تغيير هوية «الجيل» الذي يحكم واشنطن؟

لقطة من مناظرة الثلاثاء الرئاسية (رويترز)
لقطة من مناظرة الثلاثاء الرئاسية (رويترز)
TT

هل اقتربت أميركا من تغيير هوية «الجيل» الذي يحكم واشنطن؟

لقطة من مناظرة الثلاثاء الرئاسية (رويترز)
لقطة من مناظرة الثلاثاء الرئاسية (رويترز)

يُجمِع خبراء المناظرات الرئاسية الأميركية على أن الانتصارات فيها لا تُترجم بالضرورة فوزاً في الانتخابات، والمرشحون الذين يتألقون في المناظرات لا يفوزون دائماً في الانتخابات. هكذا خسر دونالد ترمب أمام هيلاري كلينتون عام 2016، وخسر جورج بوش الإبن أمام جون كيري عام 2004، لكنهما مع ذلك فازا بالبيت الأبيض. وقد يحتاج الأمر لعدة أسابيع لمعرفة تأثير نتائج مناظرة مساء الثلاثاء، بين نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق ترمب، على الناخبين «المتردّدين». لكن مع ذلك، أشارت النتائج الأولية إلى أن هاريس ربما تكون نجحت في تقديم رسالة أعمق بكثير من مجرّد كونها «منافسة جدّية» لترمب، تسعى إلى تقديم «أوراق اعتمادها» للناخبين بسرعة قياسية.

وسط عجز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عن وقف تحدّي كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالي، مساء الثلاثاء، تمكنت الأخيرة من تكرار الخطاب الذي ألقته في مؤتمر الحزب الديمقراطي، الشهر الماضي. وفيه قالت إنها تمثل «جيلاً» جديداً في السياسة الأميركية، آتياً «إلى واشنطن» من أصول سياسية واجتماعية وثقافية وعِرقية وعُمرية، يعكس التغيير الديمغرافي الكبير الذي تشهده الولايات المتحدة، بدأت تداعياته بانتخاب باراك أوباما أول رئيس من غير البِيض.

ولعلَّ انضمام المغنية الأميركية الشهيرة، تايلور سويفت، التي أُثيرَ حولها كثير من «قصص المؤامرات»، بما فيها الكلام عن «مخطّط» تورّط به «البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية)» لدعم هاريس، عبر منصة «إنستغرام» التي يتابعها فيها أكثر من 280 مليون شخص، يعكس هذا الجيل، الذي تُراهن عليه المرشحة الديمقراطية لإحداث التغيير.

سويفت كتبت أنها ستُصوّت لهاريس؛ «لأنها تُناضل من أجل حقوق وقضايا أعتقد أنها بحاجة لمحاربٍ يدافع عنها». وأضافت: «أعتقد أنها شخصية واثقة من نفسها وزعيمة موهوبة، وسيكون بإمكاننا أن نحقق كثيراً في هذه البلاد، إذا كان الزعيم الذي يقودنا هادئاً وليس فوضوياً». وجاء رد ترمب عليها سريعاً بأنه «لم يكن من المعجبين بتايلور سويفت... إنها شخص ليبرالي جداً، ويبدو أنها تؤيد دائماً المرشح الديمقراطي، وستدفع، على الأرجح، ثمن ذلك في السوق».

«تحييد» ترمب

منذ اللحظات الأولى للمناظرة، توجهت هاريس إلى منصة ترمب، وأجبرته على مصافحتها، فارضةً شروطها في إدارة الحوار، الذي سيحكم سلوكها من الآن وحتى يوم الانتخابات، بعد أقل من ثمانية أسابيع.

ومع محاولة هاريس أن تبدو نشيطة ومُفعمة برؤية مستقبلية إيجابية، فهي نجحت عملياً في «تحييده» وتجريده من أسلحته الهجومية، ومنعته من إهانتها بأسلوبه المعروف. لا، بل تمكنت من تأكيد الرسالة التي أرادت، من خلالها، مع عشرات النساء «العاملات» في مؤتمر الحزب الديمقراطي، القول للأميركيين: «إنه لاستعادةِ التوازن السياسي والاقتصادي والاجتماعي، الذي اختلّ في أميركا، يجب أن نعيد بناء الطبقة الوسطى، التي تَراجع دورها ووزنها لمصلحة فاحشي الغنى والفقراء».

وفي المقابل، وقف ترمب محدّقاً وصارخاً بصوت عالٍ، منتقداً وضع أميركا، واصفاً إياها بأنها «دولة فاشلة». ومع تكراره خطاباته وشعاراته المعروفة، بدا أنه «خارج لعبته»، التي كان يعتقد أنه سيتمكن من مواصلتها في المناظرة معها، فأُصيبَ بالذهول من اللكمات التي تلقّاها من هاريس، من دون أن يتمكن من توجيه سوى قليل منها في المقابل.

هاريس لطيّ الصفحة

استطلاعات الرأي السابقة للمناظرة كانت تشير إلى أن ما يقرب من ثلث الناخبين «يريدون معرفة المزيد» عن هاريس. ولقد بدا أن رفضها الخضوع لضغوط الجمهوريين وانتقاداتهم إياها بسبب امتناعها عن عقد مؤتمرات صحافية مفتوحة، كان مقصوداً لمنع ترمب من الحصول على «داتا» من المعلومات عنها يستطيع استخدامها في مهاجمتها، بعدما أصبحت مرشحة الحزب الديمقراطي.

ومقابل نجاح هاريس في تقديم أداء موجّه؛ ليس فقط لتوسيع ائتلافها من الأقليات، بل النساء والفئات الطموحة لتغيير وضعها الاجتماعي، فشل ترمب في تقديم خطاب مماثل. وبدلاً من أن تردّ هاريس على الضغوط «للتعريف عن نفسها» بشكل أكبر أمام الناخبين، من خلال تحديد مواقفها بشأن السياسات، اختارت الرد عبر تقديم نفسها بصفتها سياسية قوية نشطت بلا هوادة في مهاجمة ترمب.

وهكذا لعبت دور المدَّعي العام منذ بداية المناظرة إلى نهايتها، ولا سيما عندما دعت «إلى طي صفحة ترمب»، ووصفته بأنه تهديد لمستقبل البلاد إذا عاد إلى المكتب البيضاوي، وصوّرته على أنه مهووس بنفسه، وليس بالأشخاص الذين يسعى لخدمتهم.

كذلك قدمت تفاصيل عن إداناته الجنائية، ولوائح الاتهام الموجّهة إليه، حتى إنها استهزأت بشأن أحجام الحشود في مهرجاناته الانتخابية، وصولاً إلى «الانتقادات» التي «سمعتها» من القادة الأجانب والعسكريين، الذين قالت إنهم وصفوه بأنه «عار». وبدا أداؤها مهيمناً ومباشراً وثابتاً لمستوى لم يعهده ترمب من قبلُ في حياته السياسية.

قاعدة ترمب هي الأساس

في المقابل، وبدلاً من أن يبذل ترمب جهداً لتوسيع قاعدته الانتخابية، فإنه حافظ على خطابه وتصوّراته الموجّهة لقاعدته الأكثر ولاءً، ما أدى إلى تآكل قدرته على مخاطبة الناخبين الأكثر اعتدالاً، وبالأخص إحجامه عن توضيح نياته تجاه الناخبين الأساسيين في الولايات المتأرجحة الذين سيقرّرون نتيجة الانتخابات. ثم إن الرئيس السابق بدا، في كثير من الأحيان، أنه يتمنى لو كان لا يزال يناقش مُنافسه السابق، الرئيس جو بايدن. وفي تفسيرها ارتباك ترمب، خاطبته هاريس قائلة: «أنت لا تترشح ضد جو بايدن، أنت تتنافس ضدي».

لقد كان طبيعياً أن يشعر الديمقراطيون بالارتياح من أداء مرشحتهم، مقابل تقليل الجمهوريين من أهمية «فشل» أداء زعيمهم. ومع ذلك، فإنه من السابق لأوانه القول ما إذا كان أداء هاريس القوي سيُترجَم إلى زخم جديد. لذا اكتفي الديمقراطيون بالقول إنها حسّنت فرصها، وسط استطلاعات رأي فورية أجْرتها وسائل إعلام رئيسة كبرى، تشير إلى احتمال أن يكون عدد الناخبين في الولايات المتأرجحة، الذين قد يقرّرون نتيجة الانتخابات المقبلة، وقاموا بتغيير رأيهم، قد وصل إلى 200 ألف شخص.

بدلاً من أن يبذل ترمب جهداً لتوسيع قاعدته الانتخابية... فإنه حافظ على خطابه الموجّه لقاعدته

قوة ترمب... ملفا الاقتصاد والهجرة

غير أن عدداً كبيراً من المعلّقين أشار إلى أن خسارة ترمب المفترضة للمناظرة لم تُفقده «الأفضلية» التي لا يزال يتمتع بها منذ فترة طويلة في أهم قضيتين في الانتخابات: الاقتصاد والهجرة.

ومع استمرار انتظار كثير من الناخبين تحقيق الوعود بانتعاش اقتصادي - الذي لن يأتي خلال الأسابيع الثمانية المقبلة - من غير المؤكَّد أن تُشكّل المناظرة عاملاً حاسماً في تغيير اتجاهات تصويتهم. ومن ناحية ثانية، وإنْ بدت رسائل ترمب «الشعبوية» المتشائمة بشأن الهجرة والجريمة مُبالَغاً فيها، فإنها أثبتت فاعليتها في بلدٍ يعيش انقساماً عميقاً تَغذَّى من انهيار كثير من شبكات الأمان الاجتماعية نتيجة اتساع الهوة بين طبقات المجتمع الأميركي، والتغييرات البنيوية التي أصابت الإنتاج الاقتصادي. وعليه، يحذّر خبراء من أن بعض الأحداث غير المتوقعة، داخلياً وخارجياً، قد تسهم، خلال الشهرين المقبلين، في ترجيح كفة أحد المتنافسين على مُنافسه.

وحقاً، تَعِد الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية بأن تكون مثيرة للجدل، مثل المناظرة التي استمرت 90 دقيقة بين ترمب وهاريس. إذ أظهرت استطلاعات الرأي غياب «الزعيم» الواضح لشعب متوتر حائر. ورغم تمكن هاريس من التصدّي لصدامية شخصية ترمب و«ذكوريته» - على الأقل جزئياً بأدائها القوي والثابت - ففي سباق متقارب... لا يستطيع أي من المرشحين تحمّل العثرات أو الأخطاء.

وبالفعل، حذّر عدد من الجمهوريين من أن استخفاف ترمب بهاريس جعله يُقبِل على مناظرة لم يتوقعها. وكان سبق له أن استخفَّ بها شخصياً، وشكَّك في ذكائها وهويتها. وعندما حُوصر في المناقشة، استخدم قضية الهجرة لشنّ الهجوم المضاد، لكنه كرر أيضاً كثيراً من الادعاءات غير المثبَتة... التي لم تُسعفه كثيراً.

سباق متقارب رغم كل شيء

تكراراً، استراتيجية ترمب كانت تهدف، إلى حد ما، إلى جذب قاعدته المُوالية فقط، التي يراهن على أنها هي كل ما سيحتاج إليه للفوز في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وحتماً، كانت تلك القاعدة راضية عن هجماته المتواصلة على سِجلّيْ بايدن وهاريس، خاصة فيما يتعلق بالاقتصاد والهجرة والسياسة الخارجية. لكن مع منافسة شديدة بينهما، بدت هاريس، بجاذبيتها التي فتحت صفحة جديدة، أكثر اهتماماً منه بتوسيع دعمها بما يكفي لتجاوزه في نوفمبر.

ومع هذا، لا بد من القول إنه على الرغم من كل الاضطرابات والتغييرات التي جرت، الشهرين الماضيين، وكل ما قاله ترمب وفعله، بما في ذلك إدانته بارتكاب جريمة، وهجماته الشخصية على هاريس، لا تزال استطلاعات الرأي تشير إلى أن انتخابات عام 2024 متقاربة بشكل شديد، وكأنها نزالٌ أخير في معركة بين «جيلين» ستُغيّر؛ ليس فقط مستقبل الحزبين الديمقراطي والجمهوري، بل أميركا نفسها.

قبل المناظرة، ركز معظم التعليقات على ما يتوجب على هاريس فعله، والأخطار التي تهددها إذا كان أداؤها ضعيفاً. بَيْد أنها بعد العرض المشجِّع الذي قدمته، ستحاول، الآن، الحفاظ على الزخم الذي حققته في الأسابيع المقبلة.

كذلك مع انسحاب بايدن، تحوّلت هاريس من مرشحة بديلة إلى مرشحة ديمقراطية رائدة بين ليلةٍ وضحاها، مستفيدة من موجة الحماسة التي سبقت مؤتمر الحزب، في شيكاغو، الشهر الماضي، وتخلَّلته وتَلَتْه.

بالنسبة للديمقراطيين، فإن مجرد عودتهم إلى السباق جاءت بمثابة دفعة معنوية. وبعدما كانوا يخشون من عجز بايدن عن الفوز في الانتخابات، حرّكت هاريس استطلاعات الرأي بأربع إلى خمس نقاط في جميع ولايات الصراع الرئيسة، وفقاً لاستطلاعات رأي عدة. وبعكس بايدن، أعادت هاريس توحيد الديمقراطيين حول ترشيحها لتُعيد السباق الرئاسي، على الأقل، إلى معركة تنافسية عنيفة بعدما بدا أن ترمب في طريقه إلى فوز محتّم. وبالفعل، قالت، للصحافيين في قاعة مراقبة المناظرة، إن «اليوم كان يوماً جيداً»، إلا أنها حذّرت من سباق «متقارب جداً... وما زلنا الطرف المستضعَف في هذا السباق».

أخيراً، في انتخابات متقاربة الأنفاس للغاية، يرى خبراء الانتخابات أن كل شيء مهم، المناقشات، والرسائل، والإعلانات، والحماس، وأين ومتى يقوم المرشحون بحملاتهم. ومع قول هاريس إنها «المستضعَفة»، وبالنظر إلى المفاجأة التي حققها ترمب عام 2016، من المحتمل أن يكون تحذيرها هذا هو الموقف الصحيح الذي يجب اتخاذه، فهي جاءت إلى المناظرة لإثبات شيء ما، وفعلت ذلك، لكنها لا تستطيع أن تتوقف، ولا يوجد ثمة هامش للخطأ.

 

الولايات السبع المتأرجحة هي الأكثر قسوة في التشدد لحسم السباق الرئاسي

يُنظَر إلى الديمقراطيين على أنهم يتمتعون بقدرات ميدانية قوية لحضّ الناخبين على التصويت، كما أثبتوا ذلك في الانتخابات النصفية عام 2022، عندما كان أداؤهم أفضل بكثير مما أشارت إليه استطلاعات الرأي والتوقعات. لكن الوقع قد يختلف بوجود ترمب على بطاقة الاقتراع، إذ أثبت أنه مُحفّز قوي للقاعدة الجمهورية، حتى في غياب البنية التحتية الضرورية لحملته في كل ولاية على حدة. ومع إدراك الديمقراطيين أن عليهم العمل لدفع ناخبيهم إلى مراكز الاقتراع، فهم يشعرون بالقلق من أن أنصار ترمب الغاضبين والقلِقين لا يحتاجون للتحفيز.ومع بقاء أقل من ثمانية أسابيع على الانتخابات، تبدو المنافسة شديدة الحرارة إحصائياً على الصعيد الوطني. والأهم من ذلك أن ولايات الصراع السبع التي ستقرر النتيجة: ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن ونورث كارولينا وجورجيا ونيفادا وأريزونا، تبدو أيضاً أكثر قسوة، استناداً إلى متوسطات استطلاعات الرأي، التي أجرتها أربع مؤسسات هي: «الواشنطن بوست»، و«النيويورك تايمز»، و«الريل كلير بوليتيكس»، و«538».إذ ارتفع معدل هاريس نقطتين مئويتين في ميشيغان، وتعادلت بنقطة مئوية مع ترمب في جورجيا وأريزونا. وتُظهر بنسلفانيا، التي يرى عدد من المحللين أنها مفتاح الانتخابات، أن هاريس تتقدم بفارق نقطة أو نقطتين مئويتين. أما الولاية الوحيدة التي يتقدم فيها أحد المرشحين بأكثر من نقطتين مئويتين فهي ولاية ويسكونسن، حيث تتمتع هاريس بفارق ثلاث نقاط مئوية في المتوسط. ومع هذا، ففي أربعة من الانتخابات الستة الماضية في ويسكونسن - بما في ذلك عاما 2020 و2016 - كان هامش الفائز نقطة مئوية أو أقل، ما يشير إلى وجود منافسة حامية الوطيس هناك.تقدّم الانتخابات الماضية للديمقراطيين تحذيرات تفرض عليهم التوقف أمام نتائجها، إذ تقدَّم ترمب، في استطلاعات الرأي خلال عامي 2016 و2020، لكنه ربح الأولى، وخسر الثانية. وفي ساحات الصراع الشمالية الثلاث، قلّلت استطلاعات الرأي، قبل الانتخابات، من دعم ترمب النهائي بثلاث نقاط في ميشيغان، وثلاث نقاط في بنسلفانيا، وخمس نقاط في ويسكونسن. وفي الوقت نفسه، تُظهر متوسطات موقع «الريل كلير بوليتيكس»، أن دعم ترمب يتقدّم، هذا العام، مقارنة بما كان عليه قبل أربع سنوات.