طريق الورقة الإصلاحية غير آمنة في البرلمان من دون {تعديلات جوهرية}

المعارضة ترفضها لأنها تشكل {انقلاباً} على النظام المصرفي اللبناني وودائع المواطنين

وزير المال غازي وزني
وزير المال غازي وزني
TT

طريق الورقة الإصلاحية غير آمنة في البرلمان من دون {تعديلات جوهرية}

وزير المال غازي وزني
وزير المال غازي وزني

يقول مصدر سياسي بارز إن الطريق لن تكون آمنة أمام الورقة الإصلاحية الإنقاذية في المجلس النيابي في حال لم تدخل عليها تعديلات جوهرية في مجلس الوزراء الذي يناقش حالياً المسودة الأولية التي أُحيلت إليه، خصوصاً أن المعلومات متضاربة حول الجهة التي أعدتها وما إذا كانت اقتصرت على «لازار» المستشار المالي للحكومة ومعها عدد من المستشارين بالنيابة عن الوزراء المعنيين.
ويسأل المصدر السياسي الذي يتموضع في منتصف الطريق بين المعارضة والموالاة، عن الدوافع التي أمْلت على الأطراف المشاركة في الحكومة عدم التعليق حتى الآن على مضامين المسودة الإصلاحية مع أن مجرد المس بودائع المودعين سيلقى معارضة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي يؤكد باستمرار أنها من المقدّسات ولن يسمح باستهدافها.
كما يسأل عن موقف وزير المال غازي وزني من اقتطاع نسبة من ودائع المودعين في المصارف، بذريعة أن هناك ضرورة لتوزيع الخسائر وقيمتها أكثر من 83 مليار دولار بين المودعين والمصارف واسترداد الأموال المنهوبة؟ وهل يوافق على هذا التدبير الذي يتناقض كلياً مع توجّهات الرئيس بري الذي كان وراء تسميته لشغل منصبه؟
ويلفت لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك ضرورة لاستقراء موقف القوى السياسية الموالية من المسودة الإصلاحية قبل السؤال عن رد فعل قوى المعارضة التي سترفضها بصيغتها الراهنة لأنها تشكل انقلاباً على النظامين المصرفي والمالي وتهديداً للودائع من دون أي تعويض. وقال إن مجرد تسريب الورقة الإنقاذية قوبل بتبادل الاتهامات بين عدد من الوزراء، وبعضهم من اطّلع على تفاصيلها عبر وسائل الإعلام.
ويقول إن مسودة الورقة الإنقاذية تضمّنت مجموعة من النقاط الخلافية التي يُفترض في حال تقرر الإبقاء على بعضها أن تؤدي إلى اشتباك سياسي بين أهل «البيت الواحد» في الحكومة. وسأل: لماذا الإصرار على تحديد قيمة الخسائر قبل الانتهاء من التدقيق في حسابات وأصول مصرف لبنان؟ وما الجهة التي ستتولى النظر فيها؟
ويؤكد المصدر نفسه أن المسودة الإصلاحية وإن كان مَنْ وضعها يدّعي أنها «صُنعت في لبنان» فإنها تعترف من دون مواربة بأنْ لا حل للأزمة المالية - الاقتصادية إلا بالعودة إلى «صندوق النقد الدولي»، وهذا ما أكده لاحقاً رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير السابق جبران باسيل، شرط عدم الرضوخ لشروط الصندوق، وذلك رغبةً من باسيل في مراعاة موقف الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله في هذا الخصوص.
لكن المفاجأة -حسب المصدر- تكمن في أن هذه المسودّة فيها مجموعة من التدابير لا يجرؤ «صندوق النقد» على المطالبة بعدد منها رغم أن التفاوض معه يتوقف على إنجاز الحكومة للورقة الإصلاحية.
ومن أبرز هذه التدابير: وقف التوظيف حتى إشعار آخر وتجميد الرواتب لمدة 5 سنوات تحت عنوان ضرورة عقلنتها، وإعادة النظر في التدبير رقم (3) الخاص بتعويضات نهاية الخدمة للعاملين في الأسلاك العسكرية والأمنية، ووقف الترقيات فيها إلا في حال شغور المراكز.
ويضاف إلى هذه التدابير تحميل المودعين 75% من الخسائر (60 مليار دولار) والباقي منها للمصارف وزيادة الضرائب على الكماليات التي ستبقى حبراً على ورق في ظل الركود الاقتصادي -كما يقول المصدر السياسي- رغم أن وضع الورقة الإنقاذية يغالي في طموحاته التي لن تكون سوى ورقية وليست رقمية في ظل تراجع الاهتمام بالشأن الاجتماعي، وأيضاً في كل ما يتعلق برفع منسوب الإنتاج.
فهل يوافق من يقف وراء الحكومة على هذه التدابير؟ وماذا سيكون رد فعل هؤلاء حيال تجميد الرواتب، فيما انتفضوا في السابق على الرئيس سعد الحريري عندما تقدّمت حكومته بورقة إصلاحية اقترحت فيها تجميد دفع الزيادات المترتبة على إقرار سلسلة الرتب والرواتب؟
كما يتردد أن بعض من هم على رأس «التيار الوطني الحر» ليسوا على توافق حيال المسودّة الإصلاحية، خصوصاً لجهة اقتطاع نسبة عالية من أموال المودعين أكانوا من الكبار أو متوسطي الحال. وينسحب السؤال نفسه على «حزب الله» الذي لم يوقف حملته على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والمصارف بذريعة أنهم رفضوا القيام بأي جهد في مواجهة العقوبات الأميركية المفروضة عليه، لكن الحزب يتردد قبل أن يوافق على المس بأموال المودعين حتى لو كانوا من الكبار أو المتوسطين، ويعود السبب إلى أن الغالبية منهم هم من الشيعة، وبالتالي يتناغم مع الرئيس بري في رفضه لمثل هذا التدبير.
لذلك، فإن رهان بعض من هم في الحكومة على أن المسوّدة الإصلاحية باتت ضرورية للخروج من الأزمة المالية - الاقتصادية لن يكون في محله لأن الإصرار عليها بلا أي تعديل سيولّد أكثر من اشتباك داخل الحكومة، وإلا لماذا يلوذ من يدعمها بالصمت ويتركون لرئيسها حسان دياب أن يجرّب حظه ليكتشف لاحقاً أنه أخطأ في تقديراته لخلوّ الورقة من الوقائع التي استعاض عنها بجرعات من التفاؤل؟
وعليه يسأل المصدر: كيف يمكن للحكومة أن تحقق نسبة من الفائض في الموازنة وأن تزيد من حجم الواردات وأن تأتي الودائع من الخارج إلى المصارف في ظل قيود من شأنها أن تطيح بالنظام المصرفي؟



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.