يجب عدم إجبار اللاعبين على تخفيض أجورهم... والأسباب كثيرة

تخفيض رواتبهم لا يفيد إلا الأندية وينبغي احترام بنود التعاقد بين الطرفين

هندرسون قائد ليفربول كان وراء إنشاء صندوق خيري لمساعدة هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا (إ.ب.أ)
هندرسون قائد ليفربول كان وراء إنشاء صندوق خيري لمساعدة هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا (إ.ب.أ)
TT

يجب عدم إجبار اللاعبين على تخفيض أجورهم... والأسباب كثيرة

هندرسون قائد ليفربول كان وراء إنشاء صندوق خيري لمساعدة هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا (إ.ب.أ)
هندرسون قائد ليفربول كان وراء إنشاء صندوق خيري لمساعدة هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا (إ.ب.أ)

تأثرت كرة القدم بشدة بتداعيات تفشي فيروس كورونا، حيث لم يعد من الممكن إقامة المباريات، وهناك الكثير من الشك وعدم اليقين بشأن ما إذا كان يمكن استئناف الموسم الحالي للدوريات المختلفة أم لا. وتواجه جميع الدوريات والأندية في أوروبا تحديات مالية مماثلة. ويزعم الدوري الإنجليزي الممتاز أن خسائره المحتملة لهذا الموسم قد تصل إلى 1.14 مليار جنيه إسترليني. وتطلب معظم الأندية في أوروبا من جميع الموظفين (بما في ذلك اللاعبون) قبول تخفيض كبير في أجورهم. ومنحت بعض الأندية بعض الموظفين من غير اللاعبين إجازة غير مدفوعة الأجر. أما بالنسبة للاعبين، فهناك الكثير من الأسباب التي تجعل هذه التخفيضات في الأجور غير مقبولة.
وكان داني روز لاعب نيوكاسل يونايتد المعار قال، إن لاعبي دوري إنجلترا الممتاز لكرة القدم في موقف لا يحسدون عليه بسبب ما يتعرضون له من ضغوط في ظل الدعوات المطالبة بتخفيض رواتبهم خلال أزمة فيروس كورونا. أول هذه الأسباب هو أن هناك تعاقداً بين هؤلاء اللاعبين وبين أنديتهم، ويجب احترام بنود هذه التعاقدات؛ نظراً لأن هذا هو أحد الأركان الأساسية لكرة القدم الحديثة. ويفصل المبدأ المعروف بـ«الاستقرار التعاقدي» بين وضع لاعب كرة القدم ووضع أي عامل عادي آخر. ويمكن للعامل «العادي» الرحيل عن المؤسسة التي يعمل بها مقابل دفع تعويض بسيط أو إخطار هذه المؤسسة قبل رحيله بفترة محددة. كما يحق لصاحب العمل إنهاء العلاقة بينه وبين العامل في أي وقت، بشرط احترام فترة إخطار العامل بإنهاء التعاقد أو دفع تعويض. أما إذا تعاقدت الأندية مع لاعب، فإنها تخاطر بدفع رسوم الانتقال ودفع أجور كبيرة.
وفي مقابل هذه المخاطر، لا يمكن للاعبين الرحيل عن النادي قبل نهاية العقد، إلا في حالة واحدة، وهي اتفاق جميع الأطراف المعنية على خلاف ذلك. ويعلم اللاعبون أيضاً أن الأندية التي يلعبون لها سوف تمنحهم أجورهم كاملة خلال فترة التعاقد.
وبالتالي، فإن مطالبة الأندية للاعبين الآن بتخفيض رواتبهم تعد بمثابة تقويض لمبدأ الاستقرار التعاقدي هذا. وإذا أصرت الأندية على تخفيض الأجور، فيجب وضع اللاعبين في نفس وضع أي عامل عادي. وبالتالي، فإن الأندية التي تخفض أجور لاعبيها يجب أن تقبل بأنه يمكن للاعبين إنهاء عملهم مجاناً، وأنه لا يمكن لهذه الأندية أن تطلب رسوم انتقال عندما يرغب اللاعب في الرحيل إلى ناد آخر.
وكان من المتوقع من أصحاب المؤسسات التي تدار بصورة جيدة أن يحافظوا دائماً على احتياطي مالي يمكنهم من الاستمرار في العمل في أي فترة يتعرضون خلالها لأزمة تؤدي إلى انخفاض الإيرادات. لكن الكثير من الأندية لا تملك هذا الاحتياطي المالي، وهو ما يجعلها تواجه ضغوطاً كبيرة في الوقت الحالي، والسبب في ذلك أنها «تفرط» في دفع الأموال للاعبين وفي سوق الانتقالات. وفي بداية كل موسم، تنفق الكثير من الأندية «طواعية» أموالاً أكثر مما لديها، على أمل أن تتمكن من البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز (وبالتالي الحصول على عائدات البث التلفزيوني)، وعلى أمل تحقيق أرباح من خلال بيع بعض اللاعبين بأسعار تفوق المبالغ المالية التي دفعت لهم عند التعاقد معهم.
وحتى تكون هذه الأندية قادرة على المنافسة، فإنها تكون على استعداد للمخاطرة باستخدام جميع مواردها من أجل تدعيم صفوفها بأكبر قدر ممكن. وإذا تغلبت هذه الأندية على كل هذه المخاطر ونجحت في تحقيق أرباح، فإنها لا تعطي جزءاً من هذه الأرباح إلى الموظفين أو اللاعبين. وفي هذا الإطار، دعونا لا ننسى أنه في موسم 2017 – 2018، حققت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز أرباحاً مشتركة بلغت نحو 285 مليون جنيه إسترليني قبل خصم الضرائب، ومع ذلك لم تعط أي جزء من هذه الأرباح للاعبين. وبالتالي، لا يكون من العدل أن تطلب من الموظفين واللاعبين التضحية بأجورهم عندما تعاني هذه الأندية الآن من صعوبات مالية.
وعلاوة على ذلك، هناك تأثير ضار آخر لتخفيض الأجور على اللاعبين؛ لأنه بمجرد أن تعود الأمور إلى طبيعتها وتستأنف المباريات وتذاع على قنوات البث التلفزيونية المختلفة، فإن اللاعبين الذين قبلوا بتخفيض أجورهم سوف يساعدون في تسهيل عملية شراء أنديتهم للاعبين جدد، وبالتالي السماح بإحضار منافسين لهم في مراكزهم. وبالتالي، لا يمكن قبول تخفيض الأجور إلا إذا التزمت الأندية بسداد الأجور قبل دفع أموال أخرى للتعاقد مع لاعبين جدد.
كما أن خفض الأجور سيكون له عواقب ضريبية مهمة على الحكومات المختلفة، في الوقت الذي تحتاج فيه الحكومات إلى جميع الأموال المتاحة. فعلى سبيل المثال، تطلب أندية الدوري الإنجليزي الممتاز من اللاعبين تخفيض رواتبهم بنحو 570 مليون جنيه إسترليني، وهو ما يعني أن الحكومة الإنجليزية ستخسر ضرائب بقيمة تتجاوز 200 مليون جنيه إسترليني. وفي ضوء الأزمة الصحية الحالية، فإن مطالبة الأندية للاعبيها بتخفيض أجورهم تبدو سلوكاً أنانياً للغاية من جانب هذه الأندية التي تضع مصالحها المالية قبل مصلحة الشعب. وبدلاً من تخفيض الرواتب، سيكون من الأفضل بالنسبة للأندية واللاعبين التبرع بجزء من أجورهم للمستشفيات ومؤسسات الرعاية الصحية.
والخلاصة، يجب على الأندية ألا تطلب من لاعبيها تخفيض أجورهم إلا إذا كان ذلك ضرورياً من أجل بقاء هذه الأندية. وإذا كانت الأندية خائفة حقاً من أنها قد لا تستطيع البقاء والالتزام بتعهداتها المالية، فهذا يعني أن هذه الأندية لم تكن حذرة في تعاملاتها السابقة وأنه يتعين عليها التوقف عن دفع رواتب اللاعبين! وإذا وصلت الأمور إلى هذه الدرجة، فيحق للاعبين إنهاء عقودهم مقابل دفع تعويض بسيط مثل الموظفين العاديين.
لكن إذا قرر اللاعبون تقديم الدعم المالي للأندية من خلال تخفيض رواتبهم، فيجب أن يخضع هذا التخفيض لشروط معينة، مثل تعهد الأندية بعدم دفع رسوم انتقال لاعبين جدد حتى تقوم برد المبالغ المالية التي خصمتها من جميع اللاعبين! وفي لفتة من جانب لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز، كان جوردان هندرسون قائد فريق ليفربول وراء اجتماع اللاعبين لبدء إنشاء صندوق خيري لمساعدة هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا في إطار مكافحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19).


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».