«هنا أكثر أماناً»... مواطنون أميركيون في لبنان يرفضون العودة إلى بلدهم

لبنانيان يمشيان على الكورنيش البحري في بيروت الذي يظهر خالياً من الناس بسبب الخوف من فيروس كورونا (أ.ب)
لبنانيان يمشيان على الكورنيش البحري في بيروت الذي يظهر خالياً من الناس بسبب الخوف من فيروس كورونا (أ.ب)
TT

«هنا أكثر أماناً»... مواطنون أميركيون في لبنان يرفضون العودة إلى بلدهم

لبنانيان يمشيان على الكورنيش البحري في بيروت الذي يظهر خالياً من الناس بسبب الخوف من فيروس كورونا (أ.ب)
لبنانيان يمشيان على الكورنيش البحري في بيروت الذي يظهر خالياً من الناس بسبب الخوف من فيروس كورونا (أ.ب)

كانت كارلي فوغلي برفقة مجموعة من أصدقائها الدنماركيين في بيروت الشهر الماضي، عندما فكرت في العودة إلى الولايات المتحدة. وكانت المجموعة تستعد لمغادرة لبنان، وسط مخاوف من تفشي فيروس كورونا هناك، وحاولوا إقناعها بالقيام بالشيء نفسه.
لكن المستشارة بالقضايا الإنسانية، البالغة من العمر 28 عاماً، من مونتانا، قررت البقاء. وبعد أن أغلق لبنان حدوده في 19 مارس (آذار) لوقف انتشار الوباء العالمي، بدأت في وضع المفروشات على شرفة منزلها، حيث أدركت حينها أن مدة بقائها في بيروت ليست معروفة بعد، وقد تمتد، وفقاً لشبكة «سي إن إن».
وتقول فوغلي: «لقد اتخذت هذا القرار لمجموعة من الأسباب الشخصية والحسابات حول الفيروس... أعتقد أن الوضع أكثر أماناً هنا».
وفوغلي ليست الوحيدة من الجالية الأميركية في لبنان التي اتخذت هذا القرار، حيث إن كثيراً من المواطنين الأميركيين في بيروت، الذين تحدثت إليهم شبكة «سي إن إن»، أظهروا المخاوف نفسها، مستشهدين بعدد الإصابات والوفيات الذي يرتفع بشكل صاروخي في الولايات المتحدة.
وعندما قالت الحكومة الأميركية، الأسبوع الماضي، إنها ستنقل مواطنيها والمقيمين الدائمين إلى الولايات المتحدة على متن طائرة مقابل 2.500 دولار لكل تذكرة، لجأ بعض الأميركيين إلى «تويتر» لرفض العرض علناً.
وكتبت الصحافية المستقلة في بيروت آبي سيويل، في تغريدة، رداً على إعلان السفارة الأميركية: «لا... أمي وأنا لن نرغب في العودة».
وأخبرت سيويل شبكة «سي إن إن» أنها لم تفكر قط في قبول العرض. وأضافت: «من كل ما أقرأه، فإن الوضع أسوأ في الولايات المتحدة، من حيث عدد الحالات وإجراءات الوقاية، أو الافتقار إليها، ومدى إرهاق النظام الصحي».
وتابعت: «أيضاً، لأنني أعيش في الخارج منذ سنوات، ليس لديّ تأمين صحي في الولايات المتحدة الآن، لذلك إذا أصبت بالفيروس هناك، فسأضطر لدفع كثير من الدولارات لتلقي العلاج».
وفي صباح 5 أبريل (نيسان) الحالي، نقلت السفارة الأميركية 95 مواطناً أميركياً من لبنان، وفقاً لمسؤول في وزارة الخارجية الأميركية. ويقدر أن آلاف الأميركيين يعيشون في لبنان، وكثير منهم يحملون الجنسية اللبنانية.
وقال المسؤول لـ«سي إن إن»: «ليس لدى وزارة الخارجية أولوية أكبر من سلامة وأمن المواطنين الأميركيين في الخارج... نحن نعمل لمواجهة التحدي التاريخي الذي يمثله وباء (كوفيد-19) كل يوم في جميع أنحاء العالم».
وعندما سُئل عن الأميركيين الذين يشيرون إلى أن بيروت أكثر أماناً من الولايات المتحدة، رفض المسؤول التعليق.
وقالت دارين هاولاند، الأميركية البالغة من العمر 27 سنة، المحتجزة في شقتها في بيروت، وهي تغوص في عملها بصفتها مستشارة: «خطتي هي البقاء هنا لوقت غير محدد». وتابعت: «حقيقة أن الأمور سيئة للغاية في الولايات المتحدة تعني أنها واحدة من المرات الأولى التي يكون فيها لبنان أكثر أماناً من الولايات المتحدة».
وأضافت هاولاند: «رغم الوضع السياسي والاقتصادي السيئ في لبنان... أعتقد أن هنا أفضل، لذلك قرر جميع أصدقائي الأميركيين البقاء».


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
TT

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)

عقب «موافقة مبدئية»، يواصل مجلس النواب المصري (البرلمان)، مناقشة مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، الذي قدَّمته الحكومة، بهدف «توسيع مظلة الدعم النقدي» للفئات الفقيرة.

وأقرَّ «النواب»، مبدئياً مشروع القانون، الأحد الماضي، في حين واصل أعضاؤه مناقشة نصوصه، على مدار يومَي الاثنين والثلاثاء. وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، مايا مرسي، إن «القانون يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، ويستهدف مأسسة منظومة الدعم النقدي، بتحويل المنظومة من مجرد برنامج ومبادرات مثل (تكافل وكرامة) إلى حق ينظمه القانون»، وفق بيان لوزارة التضامن.

وأقرَّت الحكومة المصرية عام 2015، برنامجاً للحماية الاجتماعية باسم «تكافل وكرامة» لتقديم دعم نقدي بشكل شهري للفئات الأكثر فقراً. ويصل عدد المستفيدين منه 21 مليوناً، جرى تخصيص 41 مليار جنيه مصري لهم، في موازنة العام المالي، وفق وزارة التضامن المصرية (الدولار يوازي 49.6 جنيه مصري).

ووفق البيان، عدَّدت وزيرة التضامن، أهداف التشريع الجديد، ومنها «استدامة دعم الفئات الأكثر احتياجاً، وحوكمة الدعم، والتحقق من المستفيدين سنوياً»، إلى جانب «ضمان أن يكون الدعم مقدماً من موازنة الدولة، وليس من خلال قروض ومنح مؤقتة».

وأشارت إلى أن «التشريع الجديد، يلتزم بمعايير حقوق الإنسان، بتوفير الحماية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي لكل شخص بالمجتمع».

ومن المواد التي أقرَّها مجلس النواب، الثلاثاء، أن «لكل مواطن تحت خط الفقر القومي، ولا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي، الحق في التقدم للحصول على دعم نقدي»، كما أقرَّ نصّاً بشأن «درجة الفقر للأفراد والأسر بناء على خريطة الفقر والمؤشرات الدالة عليه»، على أن تحدد اللائحة التنفيذية للقانون درجات الفقر، والإجراءات المتبعة لمَن يستحق الدعم النقدي.

ووفق تقرير للبنك الدولي، في مايو (أيار) الماضي، ارتفع معدل الفقر في مصر، من 29.7 في المائة في العام المالي 2019 - 2020، إلى 32.5 في المائة عام 2022.

ويمثل مشروع القانون، «استحقاقاً دستورياً»، وفق وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي بمصر، المستشار محمود فوزي، الذي أشار إلى أن «التشريع يستهدف مدَّ مظلة الضمان الاجتماعي، واستكمال الاستحقاقات الدستورية المتعلقة بشبكة الأمان الاجتماعي، والتوسع في مفهوم الفئات الأولى بالرعاية والحماية، باستحداث وضم وشمول فئات جديدة، لم تكن مستفيدة»، وفق إفادة لوزارة الشؤون النيابية.

وكانت الحكومة المصرية، أحالت التشريع الجديد، إلى البرلمان، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

وحسب تقرير لجنة التضامن بالبرلمان المصري، فإن القانون يستهدف «حماية الأسر الأفقر، والأقل دخلاً»، إلى جانب «كفالة حقوق ذوي الإعاقة، وكبار السن، والأيتام»، بجانب «إلزام الأسر المستفيدة من الدعم، بالاستثمار في صحة الأطفال، وانتظامهم في التعليم»، ولا يتوقف القانون عند تقديم الدعم، ولكنه يهدف إلى «التمكين الاقتصادي لهذه الفئات، للخروج تدريجياً من الفقر».

بدوره، يرى عضو البرلمان المصري ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أيمن محسب، أن «التشريع الجديد سيسهم في تحسين شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع مظلته، لتشمل جميع الفئات الأولى بالدعم، وكفالة حقوقهم»، مشيراً إلى أن «القانون يتسق مع خطوات الإصلاح الاجتماعي التي تسعى لها الحكومة المصرية حالياً».

وينصُّ مشروع القانون على نوعين من المساعدات النقدية: الأول، يشمل دعماً نقدياً مشروطاً (تكافل)، ويُقدَّم للأسر الفقيرة، بما فيها الأسر التي لديها أبناء، أما الدعم الثاني فهو غير مشروط (كرامة)، ويُقدَّم للأفراد الفقراء من ذوي الإعاقة والمرضى وقدامى الفنانين والرياضيين والأدباء، وأسند القانون، لرئيس الوزراء، قرار تحديد قيمة الدعم النقدي، على أن تتم مراجعة القيمة كل 3 سنوات.

وقال محسب لـ«الشرق الأوسط»، إن «التشريع الجديد، يمهِّد الطريق أمام الحكومة المصرية، للتحول إلى نظام الدعم النقدي بدلاً من العيني». وأعاد ذلك إلى أن «القانون ينص على حوكمة برامج الدعم المُقدَّمة للحماية الاجتماعية، ويعتمد على قواعد بيانات دقيقة يتم تحديثها بشكل دوري، وسيتم ربطها بالمتغيرات الاقتصادية مثل معدلات التضخم»، عادّاً أن تلك الإجراءات، «من بين خطوات تطبيق الدعم النقدي».

وتتزامن مناقشات التشريع الجديد، مع مناقشات أخرى أعلنتها الحكومة المصرية، داخل «الحوار الوطني» (الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين)، مع خبراء ومتخصصين، لبحث التحول من نظام الدعم العيني إلى نظام الدعم النقدي للفئات الأولى بالرعاية.

وتتطلع الحكومة المصرية لبدء تطبيق منظومة الدعم النقدي، مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده قد تبدأ في التحول من دعم السلع الأولية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة، للفئات الأولى بالرعاية»، وربط البدء في التطبيق «بالتوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في الحوار الوطني».

وتُطبِّق الحكومة المصرية منظومةً لدعم السلع الضرورية منذ عقود طويلة، بهدف خفض نفقات المعيشة للفئات الأولى بالرعاية، ويحصل المواطن على السلع المدعمة من خلال منظومة البطاقات التموينية، لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لمنظومة الدعم على الموازنة العامة، في ظل التوسع في عدد السلع المدعمة خلال السنوات الماضية.

من جهته، ينظر مدير «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية»، عبد المنعم السيد، إلى مشروع القانون بوصفه «منظماً لسياسات الحماية الاجتماعية في مصر»، مشيراً إلى أن «القانون يختلف في نصوصه عن تشريعات مماثلة في دول أخرى، وفق الأولويات الاقتصادية والاجتماعية في مصر».

ويرى السيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن التشريع «يحقق مرونة أمام الحكومة المصرية في تقديم الدعم النقدي خلال الأزمات والكوارث الطبيعية والأوبئة، كما حدث في جائحة (كورونا)»، مضيفاً أنه «يشمل تحت مظلته، فئات تتضرر بشكل مفاجئ مثل العاملين في القطاعات غير الرسمية، والذين يفقدون وظائفهم».