يبدأ الأردن اليوم تنفيذ حظر شامل في البلاد، يمتد حتى فجر يوم الأحد المقبل، وذلك بعد نفي الحكومة على لسان الناطق باسمها الوزير أمجد العضايلة، أن يكون هناك توجه لفرض الحظر على أيام متتالية.
وتسبب إعلان الحكومة المفاجئ ليل أول من أمس إلى تدافع جديد للمواطنين نحو الأسواق أمس، في مشهد أعاد المخاوف من الاختلاط مع مصابين محتملين، والعودة إلى مربع اكتشاف بؤر جديدة والتعامل معها، وسط تساؤلات طرحها خبراء عن جدوى التمسك بالإجراءات الرسمية مقابل استمرار تراجع الإعلان عن حالات يومية، وعدم تسجيل محافظة إربد شمال البلاد، أولى البؤر المعلن عنها، والتي تعيش ظروف العزل الكامل، أي حالات جديدة خلال الأيام الخمسة الماضية وفق ما نشرته صحيفة «الرأي» اليومية المقربة من الحكومة. فيما تبقى أزمة تناقض التصريحات الرسمية مبعث شك وعدم يقين في التنبؤات المحلية حيال مستقبل الأزمة.
- إغلاق مستشفى
وفي الوقت الذي حذرت فيه الحكومة الأردنية، من تداول أسماء المصابين ونشر صورهم، وملاحقة وحدة الجرائم الإلكترونية التابعة لجهاز الأمن العام لمن يتداول المعلومات بشأنهم، أعلنت الحكومة ليلة الأربعاء في بيان لوزارة الصحة عن إغلاق مستشفى خاص في العاصمة بعد اكتشاف حالات من المرض تعود لطبيب وممرضين يعملون في قسم الطوارئ.
وفي زاوية أخرى، تسبب إعلان الحكومة عن أمر الدفاع رقم 6 الصادر بموجب قانون الدفاع بمخاوف واسعة لدى العاملين في القطاع الخاص، بعد توسع القرار في منح الصلاحيات الكاملة لأرباب العمل في تحديد حجم العمالة المطلوبة، في حين خفض القرار ما نسبته 30 بالمائة من دخل المستمرين في العمل، وفق شروط العمل الجزئي أو الكلي، أو تطبيق نظام العمل المرن، و50 بالمائة للعاملين الملتزمين بقرار الحظر، ومنح الشركات حق الطلب من وزارة العمل بالتوقف التام وتعليق عقود العاملين فيها.
- تهمة الانحياز
وفيما انتقدت منظمات عمالية القرار الحكومي، واعتبرته انحيازا صارخا لرأس المال على حساب العاملين، طالب بعضهم بتعديل اسم قانون العمل ليصبح «قانون أصحاب العمل» بعد التوسع في صلاحياتهم على حساب حقوق العاملين، في حين أن تعطل قطاعات اقتصادية واسعة خلال الفترة الماضية كان قرارا حكوميا، وأن أزمة التصاريح يتحملها وزراء الخدمات في الحكومة الذين عجزوا عن تعريف احتياجات السوق المحلية وأوضاع العاملين فيه. وهو ما جرى تداوله على نطاق واسع على مجموعات يشترك فيها حقوقيون وإعلاميون.
واستهجن مواطنون تكييف القرار لصالح مؤسسات القطاع الخاص، وتجاوزه لفكرة التحصين الاجتماعي، فالخصم من أجور العاملين سينعكس على مستوى الأمان المعيشي في تأمين أجور السكن وأقساط المدارس، وتسديد الفواتير والأقساط البنكية. فيما ذهب القرار الحكومي لإلزام العاملين بأجر يومي بالاشتراك بمؤسسة الضمان الاجتماعي كشرط لتلقيهم المساعدات، وهو ما أثار استهجانا واسعا لدى جمهور المراقبين.
- أزمة التصاريح
إلى ذلك، لا تزال أزمة تصاريح المرور لبعض القطاعات عقدة رسمية، لم توضحها الحكومة حتى الآن بعد إعلانها العودة المتدرجة لعمل قطاعات جديدة، فيما يتنافس على إدارة أزمة التصاريح، وزير العمل الأردني نضال البطاينة الذي علت أصوات مطالبة باستقالته لتعثر أدائه، فيما ينافسه اليوم وزير الصناعة والتجارة طارق الحموري الذي يشتكي القطاع الصناعي والتجاري من إدارته لأولويات منح تصاريح الحركة للعاملين عبر نقاط التفتيش الأمنية في البلاد.
وتندر فاعلون على مواقع التواصل الاجتماعي من بنود أمر الدفاع 6 الذي أعلنه رئيس الحكومة عمر الرزاز الأربعاء، معتبرين أنه يحتاج لفقهاء قانونيين لتفسيره، في وقت تداول مواطنون فيديوهات ساخرة لحديث الوزراء، حيث اعتبروا أنه طال شرائح واسعة من الناس، من دون توضيحات كافية، خصوصا في ظل استعداد أرباب العمل لتطبيق القرار من دون الإمعان في تداعياته الاجتماعية على الأسر، والذي يتزامن تطبيقه مع نهاية الشهر الحالي ودخول موعد شهر رمضان.
واعتبر مراقبون، أن قرب حلول شهر رمضان وما سبقه من قرارات تتعلق بالعاملين في القطاع الخاص، يضع شعبية الحكومة على المحك مجددا بعد نشرها لنتائج استطلاع رأي نفذه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية (مركز رسمي) تحدث عن ارتفاع رصيدها من ثقة العينة الوطنية خلال أزمة «كورونا».
وفي الوقت الذي تتوسع فيه الحكومة بالإجراءات لمواجهة أخطار «كورونا»، ما زال مصير صندوق همة وطن الذي تلقى مساعدات تقدم بـ67 مليون دينار أردني نحو (100 مليون دولار)، مثار أسئلة حول طريقة توزيعها على الأسر المتضررة والعاملين بأجر يومي الذين سيدخلون شهرهم الأول دون عمل.
وتقدم بحسب ما أعلنت الحكومة حتى تاريخه، نحو نصف مليون متضرر من عمال اليومية بطلبات مساعدة عبر الضمان الاجتماعي، ما يؤشر على اتساع الشرائح الأكثر تضررا من الإغلاق الرسمي إذا ما طال أيضا أمد الأزمة.