تقرير حكومي ألماني يؤكد ارتفاع جرائم «اليمين المتطرف»

العام الماضي شهد اغتيالاً سياسياً ومحاولة لارتكاب مجزرة داخل معبد يهودي

استنفار أمني بمدينة هاناو عقب الهجوم الإرهابي العنصري الذي وقع بالمدينة الألمانية في فبراير وخلّف 10  قتلى (د.ب.أ)
استنفار أمني بمدينة هاناو عقب الهجوم الإرهابي العنصري الذي وقع بالمدينة الألمانية في فبراير وخلّف 10 قتلى (د.ب.أ)
TT

تقرير حكومي ألماني يؤكد ارتفاع جرائم «اليمين المتطرف»

استنفار أمني بمدينة هاناو عقب الهجوم الإرهابي العنصري الذي وقع بالمدينة الألمانية في فبراير وخلّف 10  قتلى (د.ب.أ)
استنفار أمني بمدينة هاناو عقب الهجوم الإرهابي العنصري الذي وقع بالمدينة الألمانية في فبراير وخلّف 10 قتلى (د.ب.أ)

مقتل سياسي ألماني برصاصات من الخلف في حديقة منزله، ومحاولة تنفيذ مجزرة داخل معبد لليهود، جريمتان هزّتا ألمانيا العام الماضي، وكان المسؤول عنهما يمينيون متطرفون تدفعهم الكراهية للأجانب، والعنصرية، التي قالت المستشارة أنجيلا ميركل إنها «سم» في المجتمع الألماني.
ولكن هاتان الجريمتان لم تكونا الوحيدتين اللتين سجلتهما ألمانيا العام الماضي، وحدثتا لدوافع يمينية متطرفة، رغم أنهما كانتا الأخطر؛ إذ بلغ عدد الجرائم التي نفذها متطرفون يمينيون العام الماضي أكثر من 22 ألف جريمة، بزيادة ألفي جريمة عن العام الذي سبقه. وبحسب تقرير لوزارة الداخلية الألمانية نشر بناء على طلب من نائب في «حزب الخضر»، فقد سجلت الشرطة الألمانية في أنحاء البلاد 22 ألفاً و337 جريمة دوافعها يمينية متطرفة. وارتفع هذا الرقم مقارنة بالجرائم الذي تم تسجيلها في عام 2018 والتي بلغت 20 ألفاً و431 جريمة، والعام الذي سبقه؛ أي عام 2017 الذي سجل 20 ألفاً و520 جريمة.
وبحسب مجموعة صحف «فونكه» التي نقلت الخبر، فإن معظم الجرائم المسجلة تتعلق بالبروباغندا والتحريض. ولكن نحو الألف جريمة من الجرائم التي جرى إحصاؤها، كانت عنيفة وتضمنت أذية جسدية وحتى جرائم قتل.
وارتفعت كذلك الجرائم التي وقعت بدوافع معاداة السامية؛ إذ سجلت الشرطة أكثر من ألفي جريمة في هذه الفئة موجهة مباشرة ضد اليهود والمؤسسات اليهودية.
وفي العام الماضي، شكل اغتيال عمدة مدينة كاسل في ولاية هسن صدمة في ألمانيا، خصوصاً أن الرجل الذي كان يدعى فالتر لوبكه، قتل في حديقة منزله بعد أن أصيب بطلقات نارية في رأسه أطلقت عليه من الخلف ومن مسافة قريبة. وبعد بضعة أيام اعتقلت الشرطة رجلاً يدعى شتيفان إرنست واتهمته بعملية القتل. واعترف إرنست بقتل لوبكه لأنه، بحسب اعترافات المتهم، كان يدعم اللاجئين وسياسة اللجوء التي اعتمدتها ميركل عام 2015 وسمحت بإدخال نحو المليون لاجئ إلى ألمانيا.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، حاول رجل يدعى شتيفان بالييت، تنفيذ مجزرة داخل معبد لليهود في مدينة هاله، ولكنه فشل في كسر القفل الذي كان موضوعاً على باب المعبد أثناء الصلاة، فقتل اثنين من المارة، أحدهما كان داخل محل كباب تركي، قبل أن تقبض الشرطة عليه.
وقبل محاولته تنفيذ الجريمة، نشر بالييت شريطاً مصوراً على الإنترنت يعلن فيه نيته تنفيذ المجزرة، وكان أيضاً ينقل محاولته دخول المعبد عبر الإنترنت مباشرة، في طريقة شبيهة بالجريمة التي وقعت في مدينة كرايستشيرش في نيوزيلاندا واستهدفت مسجدين للمسلمين.
ورغم هذه الجرائم التي حمّل سياسيون المسؤولية غير المباشرة فيها لـ«حزب البديل لألمانيا» اليميني المتطرف، والذي يعدّ أكبر حزب معارض في البرلمان الفيدرالي، فإن الحكومة الألمانية لم تتخذ خطوات ضد اليمين المتطرف إلا بعد مجزرة استهدفت مسلمين في مقهيين يقدمان النارجيلة في مدينة هاناو. وفور وقوع هذه الجريمة التي انتحر منفذها بعد أن قتل 10 أشخاص بينهم والدته، ألقت ميركل كلمة تحدثت فيها عن العنصرية التي وصفتها بـ«السم» في المجتمع الألماني. وتعهدت الحكومة باتخاذ خطوات لمحاربة اليمين المتطرف، فأعلنت وزارة الداخلية بعد الجريمة وضع جناح متطرف من «البديل لألمانيا» تحت المراقبة، مما دفع بالحزب لحل هذا الجناح. كما أعلنت عن حظر مجموعة شديدة التطرف ضمن ما يعرف بـ«مواطنو الرايخ» الذين يرفضون سلطة الدولة الألمانية ويؤمنون بنظريات المؤامرة ويحملون أفكاراً شديدة التطرف.
ولكن الشرطة تواجه اتهامات دائمة بأنها ليّنة في التعاطي مع جرائم اليمين المتطرف، وما زالت حتى الآن. وقد شكل تقرير التحقيق في جريمة هاناو الذي جرى تسريبه لعدد من الصحف قبل أيام، صدمة بسبب توصل المحققين لاستنتاج بأن المجرم لم يرتكب جريمته التي استهدفت مسلمين بالأساس، بدوافع عنصرية، بل «لأنه أراد أن يلفت أكبر عدد من الأنظار له»، وأنه «كان يؤمن بنظريات المؤامرة». وهذه تحديداً رواية «حزب البديل لألمانيا» التي رفضها معظم الأحزاب السياسية. ولم يصدر التقرير النهائي بعد في جريمة هاناو التي قال خبراء إنها ارتكبت بدوافع يمينية متطرفة واضحة، وإن اختيار الضحايا لم يكن صدفة.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.