تعثر المشاورات حول تفاصيل «إيريني» لحظر الأسلحة إلى ليبيا

TT

تعثر المشاورات حول تفاصيل «إيريني» لحظر الأسلحة إلى ليبيا

تواجه المشاورات الأوروبية الجارية حاليا حول تفاصيل مهمة «إيريني» العسكرية لحظر الأسلحة إلى ليبيا، والتي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي نهاية الشهر الماضي، صعوبة في التوصل إلى اتفاق نهائي، بعد أن فشلت المشاورات التي جرت على المستوى الوزاري الأوروبي، مساء أول من أمس، في الخروج بإعلان حول تفاصيل إطلاق المهمة بشكل فعلي وعملي.
وقال المنسق الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية، جوزيب بوريل، في المؤتمر الصحافي حول عملية «إيريني»: «اتفقنا جميعا على أن إطلاقها الأسبوع الماضي كان إنجازا مهما. لكن من الضروري الآن ضمان أن يكون للعملية الوسائل والأدوات، التي تحتاج إليها لتنفيذ العملية بفاعلية».
وأظهرت تصريحات بوريل، عقب انتهاء اجتماع وزراء دفاع الدول الأعضاء عبر دوائر الفيديو، عدم القدرة على حسم بعض الأمور. وحسب تصريح مصادر أوروبية في بروكسل، فضلت عدم ذكرها، ربما يكون انشغال الدول الأعضاء بمواجهة تفشي فيروس «كورونا» «أحد الأسباب الرئيسية في ذلك، كما أن الاجتماعات المباشرة على المستويات المختلفة ألغيت هي الأخرى منذ فترة بسبب وباء (كورونا)، والتي كانت تشكل عاملا مهما لإزالة المخاوف، التي يمكن أن تعرقل الانطلاق الفعلي للعملية».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في بروكسل، قال بيتر ستانو، المتحدث باسم منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن اجتماعات ما يعرف بـ«مجموعة تكوين القوات» لا تزال مستمرة. لكنه تفادى التعليق على حجم مساهمات أو مشاركة الدول الأعضاء في المهمة، التي جرى الإعلان عن إطلاقها، بعد أن انتهت رسميا فترة عمل مهمة «صوفيا» قبالة السواحل الليبية في مياه المتوسط، لتعقب شبكات تهريب الأشخاص.
وكانت اللجنة السياسية والعسكرية الأوروبية، المعنية بتفاصيل العملية، قد انعقدت أكثر من مرة خلال الفترات الماضية، لمناقشة بعض النقاط الشائكة، ومنها مساهمات الدول الأعضاء بالسفن البحرية، وعدد الأفراد المشاركين، وآلية العمل وغيرها من التفاصيل الأخرى.
وفي نهاية مارس (آذار) الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي إطلاق عملية «إيريني»، التي سيكون مركز قيادتها في روما، ووصف بوريل المهمة الجديدة بأنها «أوروبية خالصة، ولا يشارك فيها حلف الناتو». وقال بوريل في مؤتمر صحافي ببروكسل، وقتها، إن الوضع في ليبيا «من أولويات عمل الاتحاد، وبالتحديد من مهام العمل الخارجي الأوروبي». واصفا المهمة، بأنها «خطوة مهمة من الاتحاد الأوروبي لدعم الحل السياسي للأزمة في ليبيا، وإنهاء الصراع. كما يظهر للجميع أنه في الوقت الذي يواجه فيه الجميع خطر كورونا، يتحمل الجانب الأوروبي مسؤوليته للعب دور في تحقيق السلام في دول الجوار»، مشددا على أن عملية الأمم المتحدة بشأن ليبيا «هي الطريق إلى تحقيق السلام... وهذه العملية سوف تساهم في إنجاح الجهود من أجل حل الأزمة ووقف إطلاق النار».
كما تناول بوريل الفروق بين مهمة صوفيا، التي انتهت رسميا نهاية مارس الماضي، وكانت تركز على تعقب شبكات تهريب البشر، وعملية «إيريني» العسكرية التي جاءت «بهدف مراقبة حظر الأسلحة إلى ليبيا، علاوة على مراقبة أنشطة شبكات تهريب البشر».
ولم يفوت بوريل الفرصة للتحذير من تصاعد العنف في ليبيا خلال الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أن هذا التصعيد يتعارض مع الدعوة، التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة لاستغلال هذا التوقيت، قصد وقف العنف والصراعات، والتوحد من أجل إنقاذ الناس من خطر كورونا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».