اجتماع «أوبك بلس» فرصة تستدعي تعاوناً دولياً لتأسيس «كارتل» نفطي جديد

اقتصاديون لـ «الشرق الأوسط»: الاتفاق ضرورة لاستقرار الاقتصاد العالمي في ظل الظرف الاستثنائي

يرى كثيرون أن الاجتماع الذي دعت إليه السعودية الخميس فرصة نادرة ومهمة (رويترز)
يرى كثيرون أن الاجتماع الذي دعت إليه السعودية الخميس فرصة نادرة ومهمة (رويترز)
TT

اجتماع «أوبك بلس» فرصة تستدعي تعاوناً دولياً لتأسيس «كارتل» نفطي جديد

يرى كثيرون أن الاجتماع الذي دعت إليه السعودية الخميس فرصة نادرة ومهمة (رويترز)
يرى كثيرون أن الاجتماع الذي دعت إليه السعودية الخميس فرصة نادرة ومهمة (رويترز)

ينظر محللون اقتصاديون إلى الاجتماع الذي دعت له السعودية لأعضاء «أوبك بلس» وأصدقائها بعد غد الخميس في الرياض كفرصة نادرة ومهمة، تستدعي تعاونا دوليا رفيعا، خاصة من قبل واشنطن وموسكو، مع الرياض لتأسيس «كارتل» جديد، لضبط أسواق الطاقة العالمية، لا سيما مع الظروف الاقتصادية الجارية بتداعيات تفشي فيروس (كوفيد - 19) على الاقتصاد الدولي.
وقال الدكتور محمد القحطاني أستاذ الإدارة الدولية بجامعة الملك فيصل لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع سيحمل معه هموم المنتجين في «أوبك+» وباقي منتجي دول العالم المنتظمين، مشيرا إلى أنه في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق فستهوي أسعار النفط مجددا، وسيبعث ذلك على القلق مجددا، كما سيدفع منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» أمام امتحان صعب الفترة المقبلة.
وشدد القحطاني على ضرورة أن تأخذ دول «أوبك+» عملية التخفيض على مرحلتين: تخفيض الإنتاج إلى 10 ملايين برميل يوميا خلال شهر أبريل (نيسان) وبعدها تخفيض خمسة ملايين برميل خلال شهر مايو (أيار) ليصبح الإجمالي 15 مليون برميل حتى تستوعب الأسواق العالمية هذا النهج الجديد، ويأخذ في الاعتبار مخزونات الدول الاستراتيجية من النفط. وأفاد القحطاني بأن هناك دولا كالصين نجحت في السنوات القليلة الماضية باستثمار أكثر من 11 مليار دولار في تأسيس مخزون استراتيجي للنفط الخام في ظل غياب الاتفاق بين المنتجين واستغلال فترة انخفاض الأسعار لمستويات مشجعة كما هو الحال اليوم.
وقال القحطاني: «أنا أدعو الدول الثلاث الكبار المنتجة للنفط السعودية وأميركا وروسيا، لتأسيس كارتل جديد تحت أي اسم ليكن (Big 3) يكون دوره ضبط أسواق العالم لحظة بلحظة ويراعي كافة الظروف الاقتصادية والأزمات والأحداث وحاجات الدول»، مفيدا بأن «أوبك» تمثلها السعودية، بينما شمال أميركا تمثله الولايات المتحدة الأميركية وشمال آسيا وشرق أوروبا تمثلهما روسيا، وبهذا الفكر سيكون مستوى أسعار النفط مرضيا للجميع بحيث تضمن أسعار النفط لتكون عند مستويات ما بين 55 دولارا إلى 70 دولارا خلال الخمس سنوات المقبلة.
من ناحيته، يرى الأكاديمي الاقتصادي إبراهيم العمر أن الأهمية البالغة لهذا المؤتمر الذي دعت له المملكة والذي يتطلع الجميع لعقده كأهم المؤتمرات الدولية الاقتصادية، تكمن أن من شأنه في حال نجاحه تحقيق أمور من أهمها وقف النزيف في صناعة النفط خصوصا المنتجين الحديين ومرتفعي التكلفة، ووقف الانهيار الممكن حدوثه في الإنتاج الصخري.
وبحسب العمر، من شأن الاجتماع أيضا استعادة الاستقرار لسوق النفط ولو في الأجل المتوسط كما سيعيد الاعتبار لمنظمة «أوبك» وتحالف «أوبك+».

وقال العمر في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «بكل تأكيد فإن عدم تعاون الجميع مع دعوة السعودية سيعمل على إغراق السوق بالنفط مع مزيد من التخفيض الكفيل بإحداث خسائر وخروج من السوق لجميع منتجي النفط الصخري والمنتجين مرتفعي التكلفة بما فيهم الروس أنفسهم وهم المتسببون أساساً بانفجار الوضع». وتأتي الأهمية البالغة لدعوة المملكة - بحسب العمر - للتفاوض حيال وضع آلية عادلة لإعادة التوازن لسوق النفط، لكن يجب الأخذ في الحسبان أيضا - وفقا للعمر - بالقدرة الإنتاجية للمنتجين الأميركيين، خاصة وأن هناك أصواتا منطقية بدأت تظهر من داخل أميركا تنادي بضرورة تعاون المنتجين الأميركيين أيضا لإعادة التوازن للسوق، منوها أن المهم أن يتحمل الجميع مسؤوليته في هذا الوضع الحرج لإعادة التوازن للسوق وصناعة الطاقة برمتها.
وأفاد العمر، بأن السعودية يهمها بالدرجة الأولى كفاءة تسعير منتجها الرئيسي والحصول على العوائد التي تكفل لها تحقيق تنمية حقيقية في الإنسان والوطن في نفس الوقت الذي يهمها إيجاد أرضية لاستقرار سعري للنفط يضمن مصالح المنتجين والمستهلكين، بينما اهتم الروس بزيادة قدرتهم التسويقية ولو على حساب السعودية رائدة سياسة التوازن في سوق النفط.
وزاد «في المقابل فإن الولايات المتحدة، تتبعها كندا، يهمها بالمقام الأول المحافظة على استراتيجيتها الحديثة والمتمثلة بأسعار مرتفعة تكفل بقاء الإنتاج من النفط الصخري مرتفع التكلفة». وأبان العمر أن هذه المعادلة المتقابلة تحتاج لما تنادي به السعودية دوما وأبدا من ضرورة التعاون بين المنتجين والمستهلكين، مستدركا أن المنحى الأناني للروس ومحاولتهم السيطرة على السوق لوحدهم وإبداء الأمريكيين لعدم المبالاة بكمية الإنتاج ذات التأثير الكبير في فائض السوق جعل السعودية تقدم على الدفاع عن مصالحها المشروعة وأسواقها التقليدية.
وبين العمر أن سوق النفط مرت بمرحلتين أساسيتين ما قبل 1973، وما بعده، أو فترة الأسعار المنخفضة وفترة الأسعار المصححة، مضيفا «في كلتا الحالتين حرصت الدول الغربية المنضمة تحت وكالة الطاقة الدولية على الاستفادة القصوى من حالة السعر المنخفض وحالة السعر المرتفع». وفي هذا السياق، اتفق المحلل الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة، مع ما ذهب إليه القحطاني في رؤيته نحو الحاجة لـ«كارتل» جديد، منوها أن الاجتماع المرتقب لا بد أن يخرج بنتائج ملموسة على صعيد حصص الإنتاج لكل من الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط أو الأصدقاء في تجمع«أوبك+»، مشيرا إلى أن هذه الحصص مهمة لأنها تؤثر على العرض والطلب على النفط وبالتالي على سعره، ما ينعكس جليا على أسواق الطاقة العالمية المتهاوية حاليا جراء ضغوطات تباطؤ الاقتصاد العالمي من ناحية، وتفشي تداعيات فيروس «كورونا» من ناحية أخرى.
واستنادا إلى هذا الواقع، يؤكد باعجاجة في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن اجتماع الخميس سيكون له أهمية كبيرة، وخاصة بعد التوصل إلى اتفاق موحد على التخفيض، مشيرا إلى أن السعودية تلعب دورا رئيسيا في إيجاد توازن في أسعار النفط العالمية لتحقيق مصالح المنتجين والمستهلكين للنفط، وحرص المملكة على العمل الجماعي الذي يحقق قدراً من التوافق والتفاعل.
وأضاف باعجاجة بالقول: «لا بد من اتفاق روسيا ودول منظمة (أوبك) بأي شكل لتخفيض حصص الإنتاج، من أجل إيجاد نقطة اتزان تضبط أسواق النفط العالمية».


مقالات ذات صلة

بـ2.4 مليار دولار... السعودية تعلن عن أكبر مدينة للثروة الحيوانية بالشرق الأوسط

الاقتصاد أكبر مدينة للثروة الحيوانية في منطقة الشرق الأوسط (واس)

بـ2.4 مليار دولار... السعودية تعلن عن أكبر مدينة للثروة الحيوانية بالشرق الأوسط

أعلنت السعودية، الأربعاء، عن أكبر مدينة للثروة الحيوانية في منطقة الشرق الأوسط بقيمة 9 مليارات ريال (2.4 مليار دولار)، لتعزيز أمنها الغذائي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
«كاتريون» للتموين بالسعودية توقع عقداً مع «طيران الرياض» بـ612.7 مليون دولار

«كاتريون» للتموين بالسعودية توقع عقداً مع «طيران الرياض» بـ612.7 مليون دولار

وقّعت شركة «كاتريون» للتموين القابضة السعودية عقداً استراتيجياً مع «طيران الرياض» تقوم بموجبه بتزويد رحلات الشركة الداخلية والدولية بالوجبات الغذائية والمشروبات

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الطاقة السعودي في مؤتمر البترول العالمي في كالغاري (رويترز)

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن «نظام المواد البترولية والبتروكيماوية» يدعم جهود استقطاب الاستثمارات ويضمن بيئة تنافسية عادلة للمستثمرين

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

السعودية تجمع 12 مليار دولار من سندات دولية وسط طلب قوي

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية بأول طرح لها لسندات دولية هذا العام استقطب طلبات بنحو 37 مليار دولار وهو ما يظهر مدى شهية المستثمرين.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

ارتفاع موافقات التركز الاقتصادي في السعودية إلى أعلى مستوياتها

حققت الهيئة العامة للمنافسة في السعودية رقماً قياسياً في قرارات عدم الممانعة خلال عام 2024 لعدد 202 طلب تركز اقتصادي، وهو الأعلى تاريخياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

انخفاض غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية الأميركية

يصطف الناس خارج مركز التوظيف في لويسفيل بكنتاكي (رويترز)
يصطف الناس خارج مركز التوظيف في لويسفيل بكنتاكي (رويترز)
TT

انخفاض غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية الأميركية

يصطف الناس خارج مركز التوظيف في لويسفيل بكنتاكي (رويترز)
يصطف الناس خارج مركز التوظيف في لويسفيل بكنتاكي (رويترز)

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع في الأسبوع الماضي، مما يشير إلى استقرار سوق العمل في بداية العام، رغم أن بعض العمال المسرحين لا يزالون يواجهون صعوبات في العثور على وظائف جديدة.

وقالت وزارة العمل الأميركية، الأربعاء، إن طلبات الحصول على إعانات البطالة الأولية في الولايات انخفضت بمقدار عشرة آلاف، لتصل إلى 201 ألف طلب معدلة موسمياً في الأسبوع المنتهي في الرابع من يناير (كانون الثاني). وكان خبراء اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا 218 ألف طلب في الأسبوع الأخير. وقد تم نشر التقرير قبل يوم واحد من الموعد المقرر، حيث تغلق مكاتب الحكومة الفيدرالية، الخميس، تكريماً للرئيس السابق جيمي كارتر الذي توفي في 29 ديسمبر (كانون الأول) عن عمر ناهز 100 عام.

وعلى الرغم من أن طلبات الحصول على الإعانات تميل إلى التقلب في بداية العام، فإنها تتأرجح حول مستويات تدل على انخفاض حالات تسريح العمال، ما يعكس استقراراً في سوق العمل، ويدعم الاقتصاد الأوسع. وقد أكدت البيانات الحكومية التي نشرت، الثلاثاء، استقرار سوق العمل، حيث أظهرت زيادة في فرص العمل في نوفمبر (تشرين الثاني)، مع وجود 1.13 وظيفة شاغرة لكل شخص عاطل عن العمل، مقارنة بـ1.12 في أكتوبر (تشرين الأول).

وتُعد حالة سوق العمل الحالية دعماً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي قد يبقي على أسعار الفائدة دون تغيير في يناير، وسط عدم اليقين بشأن تأثير السياسات الاقتصادية المقترحة من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب. وكان ترمب قد تعهد بتخفيض الضرائب، وزيادة التعريفات الجمركية على الواردات، فضلاً عن ترحيل ملايين المهاجرين غير المسجلين، وهي خطط حذر خبراء الاقتصاد من أنها قد تؤدي إلى تأجيج التضخم.

وفي ديسمبر، خفض البنك المركزي الأميركي سعر الفائدة القياسي بمقدار 25 نقطة أساس إلى نطاق 4.25 في المائة - 4.50 في المائة. ورغم ذلك، توقع بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة مرتين فقط هذا العام، مقارنةً بأربعة تخفيضات كان قد توقعها في سبتمبر (أيلول)، عندما بداية دورة تخفيف السياسة. جدير بالذكر أن سعر الفائدة قد تم رفعه بمقدار 5.25 نقطة مئوية في عامي 2022 و2023 بهدف مكافحة التضخم.

ورغم أن عمليات التسريح لا تزال منخفضة مقارنة بالمعايير التاريخية، فإن عمليات التوظيف شهدت تباطؤاً، مما ترك بعض الأشخاص المسرحين يواجهون فترات طويلة من البطالة. وأظهر تقرير المطالبات أن عدد الأشخاص الذين يتلقون إعانات بعد الأسبوع الأول من المساعدة، وهو مؤشر على التوظيف، قد زاد بمقدار 33 ألف شخص ليصل إلى 1.867 مليون شخص معدلة موسمياً خلال الأسبوع المنتهي في 28 ديسمبر.

ويرتبط جزء من الارتفاع فيما يسمى «المطالبات المستمرة» بالصعوبات التي تتجاوز التقلبات الموسمية في البيانات. ومع اقتراب متوسط مدة البطالة من أعلى مستوى له في ثلاث سنوات في نوفمبر، يأمل الخبراء الاقتصاديون في تحسن الأوضاع مع نشر تقرير التوظيف المرتقب لشهر ديسمبر يوم الجمعة المقبل.

وأظهرت توقعات مسح أجرته «رويترز» أن الوظائف غير الزراعية قد زادت على الأرجح بحوالي 160 ألف وظيفة في ديسمبر، مع تلاشي الدعم الناتج عن نهاية الاضطرابات الناجمة عن الأعاصير والإضرابات التي قام بها عمال المصانع في «بوينغ»، وشركات طيران أخرى. وفي حين أضاف الاقتصاد 227 ألف وظيفة في نوفمبر، فإنه من المتوقع أن يظل معدل البطالة دون تغيير عند 4.2 في المائة.