نيويورك تطلق نداء استغاثة... والأميركيون يستعدون لمرحلة «مروّعة»

تقرير عن خلافات في الإدارة أخّرت قرار منع السفر من الصين

عامل صحة ينقل معدات طبية في نيويورك أول من أمس (رويترز)
عامل صحة ينقل معدات طبية في نيويورك أول من أمس (رويترز)
TT

نيويورك تطلق نداء استغاثة... والأميركيون يستعدون لمرحلة «مروّعة»

عامل صحة ينقل معدات طبية في نيويورك أول من أمس (رويترز)
عامل صحة ينقل معدات طبية في نيويورك أول من أمس (رويترز)

حذّر الرئيس دونالد ترمب الأميركيين من أن عليهم مواجهة «مرحلة مروعة» ستشهد «موت كثيرين» مع انتشار فيروس كورونا المستجد، الذي أودى بحياة أكثر من 63 ألف شخص في العالم، بينما تجاوز إجمالي الإصابات مليوناً و169 ألفاً و210 في 190 بلداً ومنطقة في العالم.
وبلغت الإصابات في الولايات المتحدة، التي أصبحت خط الجبهة الأول للمرض، 300 ألف، بينما سجل أكبر عدد من الوفيات خلال 24 ساعة تجاوز 1399 شخصاً، كان لنيويورك التي تعدّ مركز وباء «كوفيد - 19» في البلاد القسم الأكبر منها بـ594 وفاة جديدة خلال يوم واحد.
وحذّر ترمب الأميركيين من أن بلدهم «يدخل مرحلة ستكون مروعة فعلاً» مع «أرقام سيئة جداً». وقال في المؤتمر الصحافي اليومي، في البيت الأبيض، مساء أول من أمس: «سيكون أقسى أسبوع على الأرجح»، و«سيموت كثيرون».
لذلك يستعد الأميركيون للأسوأ، ويبنون مستشفيات ميدانية من لوس أنجليس إلى ميامي، تضم آلاف الأسرّة الإضافية المخصصة للإنعاش، فيما رست سفينة طبية عملاقة في نيويورك، التي ناشد رئيس بلديتها بيل دي بلازيو تقديم المساعدة لها. وقال: «نحتاج إلى كل الذين لم يدخلوا المعركة بعد من أطباء وممرضين ومتخصصين... نحتاج إليكم جميعاً».
في غضون ذلك، تعززت موجة الانتقادات الموجّهة لإدارة ترمب للأزمة. ودأب الرئيس الأميركي في معرض دفاعه عن استراتيجيته لمكافحة فيروس كورونا القاتل على القول إنه أبطأ دخول الفيروس إلى الولايات المتحدة بأخذ خطوات حاسمة لمنع دخول المسافرين القادمين من الصين في 31 يناير (كانون الثاني).
غير أن تقريراً لوكالة «رويترز» ذكر أن الإدارة استغرقت شهراً منذ علمت بانتشار الفيروس في أواخر ديسمبر (كانون الأول)، قبل فرض أي قيود مبدئية على السفر، وسط خلافات داخلية شديدة. ويقول مسؤولان حكوميان مطلعان على ما دار من مداولات، للوكالة، إن العاملين في مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية ووكالات اتحادية أخرى ظلوا خلال تلك الفترة يتجادلون في كل شيء، بدءاً من أفضل السبل لفحص المسافرين المرضى، إلى الأثر الاقتصادي لأي قيود تفرض.
وقال أحد المسؤولين إن العاملين في مجلس الأمن اقترحوا في النهاية على كبار المسؤولين في الإدارة فرض قيود مشددة على السفر، غير أن الرئيس استغرق أسبوعاً آخر على الأقل قبل إقرارها. وقال مسؤولان سابقان في مجلس الأمن القومي، وأحد المسؤولين الحكوميين المشاركين في المداولات، إن ماثيو بوتينغر نائب مستشار الأمن القومي والخبير في الشأن الصيني واجه معارضة في الاجتماع من وزيري الخزانة ستيفن منوتشين ومدير المجلس الاقتصادي القومي لاري كدلو.
ونقلت «رويترز» عن المصادر إن المسؤولين أبديا قلقهما من التداعيات الاقتصادية لمنع المسافرين القادمين من الصين. وتبين أرقام استشهدت بها إدارة ترمب أن كل يوم تدور فيه المداولات حول إجراءات السفر، يصل إلى الولايات المتحدة نحو 14 ألف مسافر قادمين من الصين. وكان من بينهم مسافر قادم من ووهان إلى سياتل في منتصف يناير، اتضح أنه أول حالة إصابة بالفيروس تتأكد في الولايات المتحدة.
وفي 22 يناير، هوّن ترمب من خطر الفيروس، وقال لقناة «سي إن بي سي» من المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا: «نحن نسيطر على الوضع سيطرة كاملة». واستمرت المعركة داخل البيت الأبيض على كيفية منع المسافرين المصابين من الصين، وما إذا كان من الضروري اتخاذ مثل هذا الإجراء 9 أيام أخرى.
وفي 31 يناير، أصدر ترمب قراراً بمنع دخول أي مسافرين غير أميركيين ممن سافروا إلى الصين خلال الأسبوعين السابقين. واستثنى من الحظر أفراد أسر المواطنين والحاصلين على إقامة دائمة. وتم بعد ذلك توسيع نطاق القيود، لتشمل دولاً أخرى كثيرة. ولم يتضح متى علم الرئيس باقتراح مجلس الأمن القومي، وما دفعه للتحرك، غير أن القرار جاء بعد إعلان منظمة الصحة العالمية في اليوم السابق أن الوباء أصبح «حالة طارئة في الصحة العامة تدعو للقلق على المستوى العالمي».
وقال مسؤولون في مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة لـ«رويترز» إنهم كان لهم دور في القرار، في إطار مجموعة العمل المكلفة بمكافحة الفيروس في الإدارة الأميركية.
وقال متحدث باسم وزارة الخزانة إن منوتشين «لم يعترض قط على قرار تقييد الرحلات من الصين». وقال جود بي دير، المتحدث باسم البيت الأبيض: «أي إشارة إلى أن لاري كدلو اعترض على تقييد الرحلات من الصين لاحتواء (كوفيد - 19) وحماية صحة الشعب الأميركي كاذبة تماماً. لاري أيّد بالكامل القرار الشجاع الذي اتخذه الرئيس».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

لوائح أميركية للسيطرة على تدفقات رقائق الذكاء الاصطناعي حول العالم... ماذا نعرف عنها؟

تضع اللوائح حداً أقصى لعدد رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن لواشنطن تصديرها (رويترز)
تضع اللوائح حداً أقصى لعدد رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن لواشنطن تصديرها (رويترز)
TT

لوائح أميركية للسيطرة على تدفقات رقائق الذكاء الاصطناعي حول العالم... ماذا نعرف عنها؟

تضع اللوائح حداً أقصى لعدد رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن لواشنطن تصديرها (رويترز)
تضع اللوائح حداً أقصى لعدد رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن لواشنطن تصديرها (رويترز)

أعلنت واشنطن، اليوم (الاثنين)، أنها ستصدر لوائح جديدة تهدف إلى التحكم في وصول الدول الأخرى في جميع أنحاء العالم إلى رقائق وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المصممة في الولايات المتحدة.

ووفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء، ستنظم اللوائح تدفق رقائق الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الأميركية اللازمة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي الأكثر تطوراً، فماذا نعرف عن هذه اللائحة؟

تقسيم العالم إلى 3 مستويات

قالت الحكومة الأميركية، الاثنين، إنها ستفرض المزيد من القيود على صادرات رقائق الذكاء الاصطناعي وتقنياتها بغرض ضمان الحفاظ على الهيمنة في مجال الحوسبة للولايات المتحدة وحلفائها، مع إيجاد المزيد من السبل لحرمان الصين من الوصول إليها.

وتضع اللوائح الجديدة حداً أقصى لعدد رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن تصديرها إلى معظم البلدان، وتسمح بالوصول غير المحدود إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأميركية لأقرب حلفاء واشنطن، مع الإبقاء أيضاً على حظر الصادرات إلى دول أخرى.

وتتجاوز التدابير الجديدة المُسهبة التي تم الكشف عنها في الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن مجرد فرض قيود على الصين، وتهدف إلى مساعدة الولايات المتحدة في الحفاظ على مكانتها المهيمنة في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال التحكم فيه حول العالم.

وتقسم اللوائح العالم إلى 3 مستويات. وسيتم إعفاء 18 دولة من القواعد برمتها. وسوف يكون لنحو 120 دولة أخرى، من بينها إسرائيل، قيود خاصة بكل دولة. فيما سيتم منع الدول الخاضعة لحظر أسلحة مثل روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية من تلقي التكنولوجيا تماماً.

وجاءت الدول التي تم إعفاؤها من هذه القيود كالتالي: أستراليا، وبلجيكا، وبريطانيا، وكندا، والدنمارك، وفنلندا، وفرنسا، وألمانيا، وآيرلندا، وإيطاليا، واليابان، وهولندا، ونيوزيلندا، والنرويج، وكوريا الجنوبية، وإسبانيا، والسويد، وتايوان، بالإضافة إلى الولايات المتحدة.

ما هي الرقائق المحظورة؟

تقيّد اللوائح تصدير الرقائق المعروفة باسم «وحدات معالجة الرسومات» أو (GPUs)، وهي معالِجات متخصصة تم إنشاؤها في الأصل لتسريع عرض الرسومات. وعلى الرغم من أنها معروفة بدورها في الألعاب، فإن قدرة وحدات معالجة الرسومات، مثل تلك التي تصنعها شركة «إنفيديا» الرائدة في الصناعة ومقرها الولايات المتحدة، على معالجة أجزاء مختلفة من البيانات في وقت واحد، جعلتها ذات قيمة للتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي.

على سبيل المثال، تم تدريب «تشات جي بي تي» الخاص بشركة «أوبن إيه آي» وتحسينه على عشرات الآلاف من وحدات معالجة الرسومات. ويعتمد عدد وحدات معالجة الرسومات اللازمة لنموذج الذكاء الاصطناعي على مدى تقدم وحدة معالجة الرسومات، وكم البيانات المستخدمة لتدريب النموذج، وحجم النموذج نفسه، والوقت الذي يريد المطور قضاءه في تدريبه.

هل هناك استثناءات؟

نعم. إذا طلب المشتري كميات صغيرة من وحدات معالجة الرسومات، فلن يتم احتسابها ضمن الحدود القصوى، وستتطلب فقط إخطاراً حكومياً، وليس ترخيصاً.

وقالت الولايات المتحدة إن معظم طلبات الرقائق تقل عن الحد المسموح به، خاصة تلك التي تقدمها الجامعات والمؤسسات الطبية والمنظمات البحثية. وهناك أيضاً استثناءات لوحدات معالجة الرسومات للألعاب.

إدارة ترمب

وسيكون بمقدور الشركات الكبرى المتخصصة في تقديم خدمات الحوسبة السحابية، مثل «مايكروسوفت» و«غوغل» و«أمازون»، الحصول على تراخيص عالمية لبناء مراكز بيانات، وهو جزء مهم من القواعد الجديدة التي ستعفي مشاريعها من حصص رقائق الذكاء الاصطناعي المخصصة للدول. وللحصول على تصاريح الموافقة، يتعيّن على الشركات المصرح لها الالتزام بشروط وقيود صارمة، بما في ذلك متطلبات الأمان ومتطلبات تقديم التقارير، وأن يكون لديها خطة أو سجل حافل من احترام حقوق الإنسان.

ورغم أنه من غير الواضح كيف ستنفذ إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب القواعد الجديدة، فإن الإدارتين تشتركان في وجهات النظر بشأن التهديد الذي تمثله المنافسة مع الصين. ومن المقرر أن تدخل اللوائح حيز التنفيذ بعد 120 يوماً من النشر، مما يمنح إدارة ترمب وقتاً لإعادة تقييمها.

ويمكن أن تتسع استخدامات الذكاء الاصطناعي لتصل بشكل أكبر إلى الرعاية الصحية والتعليم والغذاء وغير ذلك، لكنها يمكن أيضاً أن تُساعد في تطوير الأسلحة البيولوجية وغيرها والمساعدة في شن هجمات إلكترونية ودعم أنشطة التجسس، إلى غير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان.