دليل الجمهور الذكي لمتابعة «كورونا»

دليل الجمهور الذكي لمتابعة «كورونا»
TT

دليل الجمهور الذكي لمتابعة «كورونا»

دليل الجمهور الذكي لمتابعة «كورونا»

يرى باحثون بارزون مثل هارولد لازويل، وولبور شرام، ولازرسفيلد، أن تأثير وسائل الإعلام في الأفراد والمجتمعات يعد «حقيقة من الحقائق الثابتة»، بل إنها «تؤثر في مجرى تطور البشر»، كما يؤكد هؤلاء الباحثون أن هناك علاقة سببية بين التعرض لوسائل الإعلام والسلوك البشري.
ويتفق خبراء الإعلام الغربيون على أن التغطية الإعلامية للعمليات السياسية والاجتماعية المختلفة تلعب دوراً كبيراً في تشكيل اتجاهات الجمهور تجاه تلك العمليات، بشكل ربما يفوق تأثير بعض المؤثرات الأخرى.
وفي هذا الصدد يؤكد الخبير الأميركي غراهام رامسدين، أن «الدراسات العلمية أثبتت أن التغطية الخبرية للعمليات الاجتماعية والسياسية المختلفة تؤثر في اتجاهات الجمهور، وربما تقوده إلى اتخاذ قرارات، ودعم أو رفض سياسات بعينها».
وهو الأمر ذاته الذي يوضحه المفكر الأميركي بول كروغمان، بقوله: «كان يمكن للكثير من العمليات السياسية والاجتماعية والحروب أن تتخذ مساراً مختلفاً لو لم تتعرض لتغطيات إعلامية تتخذ اتجاهاً معيناً».
ولا يختلف هذا كثيراً عما توصلت إليه دراسات عديدة في علم الاجتماع من أن التعرض بكثافة للتغطيات الإعلامية للقضايا ذات الطبيعة السلبية يزيد من معدلات الاكتئاب، ويشوّش على أفكار الجمهور، ويعزّز الميل إلى اتخاذ القرارات الخاطئة، إلى حد أن بحوثاً عديدة وجدت رابطاً بين نشر أخبار القتل والانتحار بكثافة وبين ارتفاع معدلات وقوع هاتين الجريمتين.
لهذه الأسباب مجتمعة، تتزايد أهمية تقييم الأداء الإعلامي المواكب لكارثة «كورونا» من جانب، ومراجعة آليات التلقي التي يعتمدها الجمهور الراغب في متابعة الأزمة، وفهم تطوراتها وتداعياتها، وتكوين الرأي المناسب، واتخاذ القرارات الصحيحة إزاءها، من جانب آخر.
ويمكن إجمال أهم تلك السلبيات في خمس؛ أولاها كثافة التعرض بما يعزز الميل للاكتئاب والتشوش، وثانيتها عدم القدرة على تنويع مصادر المعلومات، وثالثتها الإخفاق في تحري الدقة، ورابعتها المشاركة، بوعي أو بغير وعي، في ترويج الأخبار المضللة، وخامستها عدم لعب الدور المناسب حيال مروجي الإشاعات والأخبار الزائفة.
ثمة فرصة للجمهور الذكي لتعزيز قدراته على تجاوز التداعيات السلبية لحالة التلقي السائدة في مواكبة «كورونا»، والتي يبدو أنها لا تساعدنا على الحد من مخاطر تلك الأزمة، لكن هذه الفرصة تظل رهناً بالتزام نمط تعرُّض مدروس وفعال، على النحو التالي:
أولاً: لأن الحضور الدائم على المنصات يؤطّر إلى درجة كبيرة تصورات الجمهور عن «كورونا» في سياق التشاؤم والكآبة والرهاب؛ فالأفضل أن تقنِّن حضورك، وأن توازنه مع بعض الاهتمامات الأخرى.
ثانياً: لا تقصر حضورك على مواقع التواصل الاجتماعي فقط، أو وسائل «الإعلام التقليدي» فقط، أو منصات بعينها فيهما، ولكن اجعل قائمة التعرض الخاصة بك متنوعة، تعكس مصالح متباينة، وتوجهات مختلفة؛ وهو الأمر الذي سيبقيك مطلعاً ومدركاً، لأن كثيراً من هذه المنصات منحازة أو ذات توجهات معينة، والتعدد الذكي سيُقوّم انحيازاتها.
ثالثاً: دقِّق في الإفادات الواردة إليك، ابحث عن مصادرها، وابذل جهداً في تحري صدقها ووجاهة المصادر المنقولة عنها. ليس هذا ترفاً أو اختياراً، لأنك تعلم الآن أن ما تحصل عليه من معلومات زائفة قد يكون سبباً في قرارات خاطئة وتداعيات خطيرة.
رابعاً: قنِّن مشاركاتك وتفاعلاتك. لا ترسل إفادات أو مواد مصورة أو مسموعة لآخرين إلا بعد تدقيقها، والتأكد من سلامتها، ووجاهة مصدرها، وأهمية توسيع نطاق نشرها، كي لا تكون ترساً في آلة التضليل الضخمة السائدة.
خامساً: لا تكتفِ بتجاهل الأخبار الزائفة ومجهولة المصدر والدافعة إلى إشاعة اليأس والاكتئاب، بل العب دوراً إيجابياً، وفنِّدها، كي تلفت أنظار الآخرين إلى كذبها وخطورتها.



تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)

أثار قرار شركة «ميتا» بحذف أكثر من مليونَي حساب على منصات «فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«واتساب»، خلال الأشهر الماضية، تساؤلات بشأن سياسات الشركة حول حماية بيانات المستخدمين، لا سيما أن القائمين على القرار برّروا الخطوة بأنها جاءت بهدف «مواجهة عمليات الاحتيال الرقمي». ووفق خبراء تحدَّثوا مع «الشرق الأوسط» فإن «الخطوة تعد تطوراً في سياسات (ميتا) لحماية البيانات».

«ميتا» ذكرت، في تقرير صدر نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن السبب وراء حذف الحسابات هو «رصد عمليات احتيال رقمي كانت قد قامت بها تلك الحسابات». ويُعدّ هذا التقرير الأول الذي تكشف من خلاله «ميتا» عن تفاصيل استراتيجيتها للتصدي للأنشطة الاحتيالية العابرة للحدود. وعدّ مراقبون هذه الخطوة تعزيزاً لاتباع سياسة واضحة تجاه أي اختراق لحماية المستخدمين. وكتبت الشركة عبر مدونتها «لا مكان على (فيسبوك) أو (إنستغرام) أو (واتساب) للمجموعات أو الأفراد الذين يروّجون للعنف، والإرهاب، أو الجريمة المنظمة، أو الكراهية».

هيفاء البنا، الصحافية اللبنانية والمدرّبة في الإعلام ومواقع التواصل، رأت في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «ميتا» تعمل على تحديث أدواتها لحماية المستخدمين. وأضافت: «تركز سياسات (ميتا) على الحدِّ من الجريمة المنظمة عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) المتطورة، وتعمل هذه التقنيات على تحليل النشاطات المُريبة على المنصات واكتشاف المحتويات المرتبطة بالجريمة المنظمة».

ووفق البنا فإن «(ميتا) تُراجع وتحدّث سياساتها بشكل دوري، كي تتفادى أي تهديدات تلاحق المستخدمين، وكانت الشركة قد أوضحت أن خوادمها الـ(Servers) المنتشرة في الدول يتم تحديثها بشكل دوري؛ لضمان مواكبة أي تغييرات، ولضمان بيئة أكثر أماناً لمستخدمي منصاتها حول العالم».

وأردفت: «التزاماً بلائحة حماية البيانات العامة، تتعامل (ميتا) مع الأشخاص الذين تُحلّل بياناتهم عبر رموز مشفّرة، وليس عبر أسمائهم الحقيقية، ما يضمن الحفاظ على خصوصياتهم»، مشيرة إلى أن حماية بيانات المستخدمين لا تتوقف على «ميتا» فقط.

إذ شدّدت الإعلامية والمدرّبة اللبنانية على تدابير يجب أن يتخذها المستخدم نفسه لحماية بياناته، إذ توصي مثلاً «بتفعيل خاصية (التحقق بخطوتين/ Two-Factor Authentication)؛ لضمان أمان الحسابات، ويمكن أيضاً استخدام تطبيقات مثل (Google Authentication)، التي تولّد رموزاً سرية تُستخدم للدخول والتحقق من هوية المستخدم، وكذا يمكن استخدام خاصية الإبلاغ التي توفّرها (ميتا) بسرية تامة، حيث يصار إلى التعامل مع هذه البلاغات من خلال فرق مختصة أو تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لضمان بيئة آمنة للجميع».

معتز نادي، المدرّب المتخصص في الإعلام الرقمي، عدّ خلال حوار مع «الشرق الأوسط» تحرّكات «ميتا» الأخيرة انعكاساً لـ«تفاقم مشكلة الاحتيال عبر الإنترنت وزيادة التهديدات السيبرانية التي تواجه المستخدمين». ورأى أن «تحديات (ميتا)» تصطدم بتطور الاحتيال، وازدياد عدد المستخدمين بما يتجاوز نحو مليارَي مستخدم، وتشديد الرقابة الرقمية التي تضعها في مرمى نيران الانتقادات، خصوصاً مع انتقاد خوارزمياتها الكثير من الأحداث السياسية التي شهدها العالم أخيراً.

وحول جدية «ميتا» في حماية بيانات المستخدمين، قال معتز نادي: «بنظرة إلى المستقبل، سيكون الأمان الرقمي بحاجة إلى مجاراة التطور من حيث تقنيات الذكاء الاصطناعي، والعمل على تثقيف المستخدمين عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية لمنع أي اختراق لخصوصياتهم».