كيف خاضت السعودية الحرب ضد «كورونا»؟

قدّمت نموذجاً في إدارة الأزمات عبر اتخاذ إجراءات وقائية صارمة

كيف خاضت السعودية الحرب ضد «كورونا»؟
TT

كيف خاضت السعودية الحرب ضد «كورونا»؟

كيف خاضت السعودية الحرب ضد «كورونا»؟

ما إن يبدأ منع التجول عند الساعة الثالثة، إلا وتجد أن كل السعوديين على موعد مع الإعلان عن أرقام جديدة للمصابين والمتعافين من كورونا، ثم تضج وسائل التواصل الاجتماعي بتبادل تلك الأرقام. الأهم من عرض تلك الأرقام هو البحث عما خلفها من دلائل ومؤشرات وقراءات وتنبؤات لمستقبل هذه الجائحة.
في علم الوبائيات، هناك رقم دلالي لمعرفة سرعة انتشار الفيروس في المجتمع، يقيس هذا الرقم «معدل انتشار العدوى»، ويجيب عن سؤال مهم، وهو: كم عدد الأشخاص الذين ستنتقل لهم العدوى من شخص واحد؟ ويستخدم الرمز (R0) للتعبير عن معدل انتشار العدوى. ويحسب هذا المعدل كل 5 أيام، وهي وقت حضانة الفيروس داخل الجسم؛ المدة من زمن التقاط العدوى إلى بداية ظهور الأعراض في اليوم الخامس. فكل خمسة أيام تعد دورة وبائية جديدة للفيروس.

صحيح أن فترة حضانة الفيروس تتراوح من 2 إلى 14 يوماً، ولكن المعدل الدقيق لفترة الحضانة هو 5 أيام. ويعد مرض الحصبة، على سبيل المثال، أكثر الأمراض الميكروبية في سرعة انتشار العدوى (R0=15)، فالمصاب الواحد يستطيع نقل العدوى إلى 15 شخصاً آخرين في كل دورة من فترة حضانة الفيروس. وهكذا، كل الفيروسات الأخرى تحمل معدل انتشار للعدوى مختلف، حسب طريقة انتقالها بين البشر (بالهواء، بالرذاذ، بالأكل، عبر الجروح، بالاتصال الجنسي، وغيرها). ويتحكم أيضاً في معدل انتشار العدوى مجموعة عوامل ديموغرافية، مثل عدد السكان والمناخ والأعمار والعادات الاجتماعية، والأهم من هذه العوامل الديموغرافية عوامل الضراوة التي اكتسبها الفيروس، مثل قدرته على التشبث على مستقبلات خلايا الرئة، وسرعة انقسامه، وقصر فترة حضانته، والاستجابة المناعية ضده، والكمية المعدية من الفيروس، والطفرات الجينية التي جعلت منه أكثر إمراضية عن غيره من الفيروسات السابقة، وغيرها.
المعدل العالمي لانتشار فيروس الكورونا هو (R0=3)، وهذا يعني أن المريض الواحد قادر على نقل العدوى لـ3 أشخاص كل 5 أيام. في 18 من فبراير (شباط) الماضي، أعلنت إيطاليا عن 3 حالات. وبعد 20 يوماً، في 9 مارس (آذار) الماضي، وصل العدد إلى 7300 مصاب. وهذا يعني أن معدل الانتشار صار (R0=6)، بمعنى أن المصاب الواحد بات يعدي 6 أشخاص. ومتى ما أصبح المعدل (R0<1)؛ أي أقل من 1، فهذا يعني أن المصاب لا يستطيع نقل العدوى لشخص آخر، وهنا تتناقص أعداد المصابين، وتبدأ بوادر (تسطيح المنحنى)، كما هو الحال في الصين هذه الأيام.
مراحل الاستجابة الوبائية للأمراض المعدية، بحسب منظمة الصحة العالمية، تبدأ بمرحلة الاحتواء، وهي التي تمر بها المملكة الآن، وفيها الاستمرار في منع انتشار الفيروس، وملاحقة ومتابعة كل مصادر العدوى. ويتأكد فيها دعم الأبحاث والتجارب السريرية لإيجاد علاجات أو لقاحات جديدة. والمرحلة الثانية هي مرحلة التأخير أو (تسطيح المنحنى)، وتستمر فيها محاولات الدول لإبطاء انتشار الفيروس. فبدلاً من حصول ذروة قوية للمرض في شهر واحد مثلاً، تحاول الدول تسطيح المنحنى من أجل توزع المرضى على أشهر متفاوتة، لضمان قدرة النظام الصحي على استيعابهم. وأخيراً، تأتي مرحلة التعافي. فإذا لم يتغير سلوك الفيروس، ولم يكتشف له علاج أو لقاح، فإن خيار التعايش معه قد يكون هو الخيار المؤلم، ويكون المجتمع حينها أكثر وعياً بإمراضية الفيروس، وتصبح المستشفيات أكثر كفاءة في التعامل مع المرض، وقد تستمر هذه المرحلة لعدة أشهر أخرى.
وبغض النظر عن عدد السكان في أي دولة، فمعدل (R0) يعطي الدلالة الصحيحة لقياس كفاءة الإجراءات التي تتخذها الدول في منع انتشار العدوى. وكشفت السعودية مبكراً قدرتها العالية على إدارة الأزمة، واتخذت حزمة من الإجراءات الصارمة لجعل المعدل يتراجع من الرقم (R0=7) بعد 5 أيام من تسجيل أول حالة في السعودية، بتاريخ 2 مارس، إلى معدل انتشار عدوى (R0=1.04) في دورة الفيروس السادسة، بتاريخ 1 أبريل (نيسان) الماضي.
ومن أهم دلالات معدل انتشار العدوى في السعودية الهبوط المتزايد في المعدل التراكمي. وقد اقترن الهبوط في المعدل باثنين من القرارات المهمة: عندما كان المعدل (R0=5.43) في الدورة الثانية، جاء منع الطيران الدولي، فنزل المعدل إلى (R0=3.32). ثم استمر المعدل في تسجيل هبوط طفيف خلال الدورة الثالثة، فجاء حظر التجول في الدورة الرابعة ليسجل هبوطاً في المعدل إلى (R0=1.74) في الدورة الخامسة. وكانت المفاجأة وصول معدل انتشار العدوى إلى (R0=1.04) في الدورة السادسة، في 1 أبريل (نيسان)، حيث كنا قريبين جداً من الدخول لمنطقة الأمان، ولكن هذا سيضعنا أمام تحدٍ جديد، بعدم تسجيل إصابات في 6 أبريل أكثر من تلك المسجلة في الدورة الحالية (616 حالة).
جدير بالذكر أن المعدل التراكمي لانتشار العدوى في هذه الدورة أشار إلى أن العدد المتوقع لتسجيل الحالات الجديدة سيكون 4483، ولكن فعلياً لم تسجل سوى 1720 حالة، مما يعني أن إجراءات حظر التجول والعزل المنزلي والحجر الصحي ومنع السفر وغيرها تنجح في حماية 2763 من المواطنين من التقاط العدوى. هذا الرقم لا يستخدم لقياس انتشار العدوى فحسب، بل هو مؤشر حقيقي لقياس كفاءة الاحتياطات الوقائية. وعلى سبيل المثال، حماية 2763 شخصاً من تلقي عدوى كورونا خلال هذه الدورة يعني أن إجراءات حظر التجول ومنع السفر وغيرها تنجح بنسبة (61 في المائة)، مقارنة بنسبة (54 في المائة) في الأسبوع الماضي.
ولو افترضنا الدخول في مرحلة تسطيح المنحنى مبكراً من الدورة المقبلة (رقم 7)، بتسجيل معدل انتشار العدوى الحالي نفسه (R0=1)، بعدد 616 حالة، فستستمر هذه المرحلة بتأخير انتشار الفيروس لمدة 7 دورات، وتحديداً في الدورة الثالثة عشرة، في تاريخ 6 مايو (أيار)، سندخل في مرحلة التعافي، إذا استمر تسجيل معدلات الشفاء بعدد مائة حالة إضافية كل دورة.
وسيعني هذا أن أعلى رقم ستسجله المملكة من حالات الإصابة بكورونا، في ظل هذه الاحتياطات المشددة هو 6032 حالة، ثم سيأخذ هذا الرقم بالنزول، ولا يمكن هنا التنبؤ كم ستستمر مرحلة التعافي التي قد تمتد لعدد من الأشهر التي لا بد أن تكون أعداد المتعافين فيها أكثر من المصابين.
ولا يمكن التنبؤ لأنه من المبكر جداً استعجال الفرح بدلالات بعض الأرقام، وفي الوقت نفسه هذه ليست دعوة للهلع والحزن مع كل دورة وبائية. نحن في المرحلة الأولى من مراحل الاستجابة الوبائية، وهي احتواء العدوى، والتناقص هو السلوك الطبيعي للمعدل، كما أن هناك اعتبارات (غير رقمية) أخرى قد تسبب نكسات وبائية جديدة، مثل تغير سلوك الفيروس بطفرة جينية، أو تأثر الفيروس بتغير المناخ، أو وجود من لا يلتزم بتعليمات حظر التجول، أو احتمالية انتشار الفيروس المفاجئة في المستشفيات أو في أماكن العزل، أو أي قرارات قد تتخذها الدولة، مثل إرجاع مجموعات من السعوديين الذين هم في الخارج، وغيرها كثير.
المملكة العربية السعودية تقدم الآن أروع الأمثلة في إدارة الأزمات، إذ اتخذت سلسلة من الإجراءات الصارمة لمنع وفادة الفيروس، ثم أثبتت للعالم أنها الأكثر عزماً وحزماً في احتواء المرض. وانطلقت كل أجهزة الدولة ومؤسساتها في التعامل بحكمة لاحتواء الأزمة، واتخذت كامل الاحتياطات والتدابير الاستباقية للتعامل مع الحالات الطارئة. وأرسلت الرياض في أزمة كورونا رسالة لمن في الداخل أو العالم الخارجي: إنها لن تتهاون بصحة المواطن، وإنه حجر الزاوية والركن الأهم في معادلة الدولة. كما أثبتت أنها ستتعامل بحزم مع الموقف، ولو تطلب مزيداً من القرارات الصارمة والإجراءات الاحترازية.

- باحث في الفيروسات التنفسية


مقالات ذات صلة

أكثر من 14 مليار دولار تكلفة الاحتيال المتعلق بـ«كوفيد - 19» في بريطانيا

أوروبا سجّلت بريطانيا أحد أعلى معدلات الوفيات المرتبطة بجائحة كورونا في أوروبا إذ حصد «كوفيد - 19» أرواح نحو 226 ألف شخص (رويترز)

أكثر من 14 مليار دولار تكلفة الاحتيال المتعلق بـ«كوفيد - 19» في بريطانيا

بلغت تكلفة الاحتيال المتعلق ببرامج الدعم الحكومي خلال جائحة كوفيد - 19 في بريطانيا 10.9 مليار جنيه إسترليني (14.42 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق امرأة ترتدي الكمامة خلال فترة انتشار الجائحة في كندا (رويترز)

كيف أثّر وباء «كوفيد» على مرحلة البلوغ لدى الفتيات؟

تسبب الإغلاق الذي فُرض بعد انتشار جائحة «كوفيد - 19» في توقف شبه تام للحياة، وشهد مئات الملايين من الأشخاص تغيُّرات جذرية في أنماط حياتهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك طفلة تتلقى جرعة من لقاح «موديرنا» لفيروس «كورونا» بصيدلية سكيباك في شوينكسفيل - بنسلفانيا (رويترز)

تقرير أميركي: وفاة 10 أطفال بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا»

قال مارتي ماكاري، مفوض إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية، اليوم (السبت)، إن البيانات أظهرت وفاة 10 أطفال؛ بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل في المكسيك يتلقى جرعة من لقاح الحصبة (رويترز)

لقاحات شائعة تمنع الأمراض المزمنة وبعض أنواع السرطان... تعرّف عليها

لا تقتصر فوائد اللقاحات على حمايتك من أمراض معدية محددة أو تخفيف حدة الأعراض عند الإصابة بالمرض، بل يمكنها أيضاً الوقاية من الأمراض المزمنة الشائعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شخص يجهز جرعة من لقاح «كوفيد-19» (رويترز)

تقرير: «الغذاء والدواء» الأميركية تربط وفاة 10 أطفال بلقاحات «كوفيد»

كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس (الجمعة) أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية ذكرت في مذكرة داخلية أن 10 أطفال على الأقل لقوا حتفهم على «بسبب» لقاحات «كوفيد-19».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تعويم أول سفينة قتالية سعودية ضمن مشروع «طويق»

جانب من مراسم تعويم سفينة "جلالة الملك سعود" في ويسكونسن (واس)
جانب من مراسم تعويم سفينة "جلالة الملك سعود" في ويسكونسن (واس)
TT

تعويم أول سفينة قتالية سعودية ضمن مشروع «طويق»

جانب من مراسم تعويم سفينة "جلالة الملك سعود" في ويسكونسن (واس)
جانب من مراسم تعويم سفينة "جلالة الملك سعود" في ويسكونسن (واس)

في مراسمَ خاصة جرت في ولاية ويسكونسن الأميركية تم تعويم سفينة «جلالة الملك سعود»، وهي الأولى ضمن أربع سفن قتالية سعودية في إطار مشروع «طويق».

وشهد الفريق الركن محمد الغريبي، رئيس أركان القوات البحرية السعودية، تدشين السفينة، بحضور عدد من كبار الضباط والمسؤولين من الجانبين السعودي والأميركي.

ونوّه الفريق الغريبي بالدعم غير المحدود الذي تحظى به القوات المسلحة بوجه عام، والقوات البحرية بوجه خاص، من القيادة السعودية؛ مما أسهم في تحقيق إنجازات نوعية في مجالَي التحديث والتطوير. وأوضح أنَّ مشروع «طويق» يجسّد توجه السعودية نحو بناء قوة بحرية حديثة واحترافية تعتمد على أحدث التقنيات العسكرية، إلى جانب برامج التدريب والتأهيل المتقدمة لمنسوبيها.


إجماع دولي في جدة على دعم فلسطين... ورفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية

صورة جوية لقبة الصخرة والمسجد الأقصى في القدس (رويترز)
صورة جوية لقبة الصخرة والمسجد الأقصى في القدس (رويترز)
TT

إجماع دولي في جدة على دعم فلسطين... ورفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية

صورة جوية لقبة الصخرة والمسجد الأقصى في القدس (رويترز)
صورة جوية لقبة الصخرة والمسجد الأقصى في القدس (رويترز)

صدر في مدينة جدة السعودية البيان المشترك للاجتماع التشاوري بشأن التطورات في دولة فلسطين المحتلة، بمشارَكة وفود رفيعة المستوى من الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، في اجتماع عكس تصاعد التنسيق السياسي بين المنظمات الـ3 حيال مسار القضية الفلسطينية وتداعياتها الإقليمية والدولية.

وأكد البيان أن خطة السلام التي أعلنها رئيس الولايات المتحدة الأميركية، وجرى التوقيع عليها خلال قمة السلام الدولية التي عُقدت في شرم الشيخ في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، برعاية مصرية - أميركية وبمشاركة قطرية وتركية، واعتمدها مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 2803، تمثل نقطة انطلاق أساسية لوقف نزف الدم، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي، وتهيئة الظروف لعودة الحياة الطبيعية، وصولاً إلى فتح مسار لا رجعة عنه لتجسيد «حل الدولتين».

وفي هذا السياق، شدَّدت المنظمات الـ3 على رفضها القاطع لأي محاولات أو خطط تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، عادّةً ذلك جريمة حرب وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وتهديداً مباشراً للأمن والسلم الإقليميَّين والدوليَّين. كما أدانت بشدة التصريحات الإسرائيلية المتعلقة بفتح معبر رفح في اتجاه واحد، محذِّرة من تداعيات السياسات الرامية إلى جعل قطاع غزة منطقةً غير قابلة للحياة.

وندَّد البيان بسياسة الحصار والتجويع الممنهج، التي تفرضها سلطات الاحتلال على قطاع غزة، مطالباً بإجبار إسرائيل على فتح معبر رفح وجميع المعابر البرية والبحرية بشكل دائم وآمن، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون قيود. كما حذَّر من خطورة الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، من خلال التوسُّع الاستيطاني، والاعتقال التعسفي، ومخططات الضم، وفرض السيادة الإسرائيلية المزعومة، واقتحام المدن والمخيمات، وتدمير البنية التحتية، وتهجير السكان.

وأكدت المنظمات عدم قانونية جميع المستوطنات الإسرائيلية، وضرورة تفكيكها وإخلائها، محذِّرة من تصاعد عنف المستوطنين المتطرفين تحت حماية قوات الاحتلال، ومطالِبةً المجتمع الدولي بمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم وفق القانون الجنائي الدولي، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 904، بسحب سلاح المستوطنين.

وفي الشأن المقدسي، رفض البيان كل الإجراءات الإسرائيلية الهادفة إلى تغيير الوضع السياسي والجغرافي والديموغرافي في مدينة القدس المحتلة، مؤكداً ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني للمقدسات الإسلامية والمسيحية، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك.

كما أدان البيان الانتهاكات الجسيمة بحق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، بما في ذلك الإخفاء القسري، والتعذيب، والإعدام، والتنكيل، مشيراً إلى اقتحام الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير زنزانة الأسير القائد مروان البرغوثي وتهديد حياته، وداعياً إلى الضغط الدولي للكشف عن مصير الأسرى وضمان حمايتهم والإفراج عنهم.

ودعت المنظمات المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات عملية لمساءلة إسرائيل عن جميع انتهاكاتها، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب، عبر المحاكم الوطنية والإقليمية والدولية، لا سيما المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، مع التأكيد على ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. كما شدَّدت على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، داعيةً إلى دعم حكومة دولة فلسطين لتولي مسؤولياتها كاملة في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك قطاع غزة، والمطالبة بالإفراج الفوري عن أموال الضرائب الفلسطينية المحتجزة.

ورحّب البيان بالتحالف الطارئ من أجل الاستدامة المالية للسلطة الفلسطينية، الذي أعلنت عنه المملكة العربية السعودية خلال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2025، داعياً الدول كافة إلى الانضمام إليه ودعم الحكومة الفلسطينية مالياً. كما رحّب بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 12 سبتمبر 2025، الذي أقرَّ مخرجات مؤتمر التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، والذي عُقد في نيويورك برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية.

وأشادت المنظمات بالرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما رحبت بتمديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) 3 سنوات، مؤكدة ضرورة توفير الدعم السياسي والقانوني والمالي للوكالة، ورفض أي محاولات تستهدف تقويض دورها أو ولايتها.

وفي ختام البيان، ثمّنت المنظمات مواقف الدول التي اعترفت بدولة فلسطين خلال سبتمبر 2025، داعية بقية الدول إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية ودعم عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، بوصف ذلك ركناً أساسياً لتحقيق «حل الدولتين». وأكدت أن السلام العادل والدائم في المنطقة لا يمكن أن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.


السعودية تُدين مصادقة إسرائيل على بناء وحدات استيطانية جديدة في الضفة الغربية

جندي إسرائيلي يقف لحماية المشاركين في جولة أسبوعية للمستوطنين في الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)
جندي إسرائيلي يقف لحماية المشاركين في جولة أسبوعية للمستوطنين في الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)
TT

السعودية تُدين مصادقة إسرائيل على بناء وحدات استيطانية جديدة في الضفة الغربية

جندي إسرائيلي يقف لحماية المشاركين في جولة أسبوعية للمستوطنين في الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)
جندي إسرائيلي يقف لحماية المشاركين في جولة أسبوعية للمستوطنين في الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة لقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي القاضي ببناء 19 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، مؤكدة أن هذه الخطوة تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

وفي بيان رسمي، شددت الوزارة على أن السعودية تجدّد دعوتها للمجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته تجاه وضع حد لهذه الانتهاكات المتواصلة، التي تقوّض فرص السلام، وتُسهم في تعقيد المشهد السياسي، وتعرقل الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.

وأكدت الخارجية السعودية ثبات موقف المملكة الداعم للشعب الفلسطيني الشقيق، وحقوقه المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمبادرة السلام العربية، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.