«اللعبة الإنجليزية»... دراما عن كرة القدم التي أسسها البريطانيون

تجري أحداث المسلسل نهاية القرن الـ19 بصراعه الطبقي المناطقي

فريق داروين العمالي
فريق داروين العمالي
TT

«اللعبة الإنجليزية»... دراما عن كرة القدم التي أسسها البريطانيون

فريق داروين العمالي
فريق داروين العمالي

يعرف كثير من عشاق كرة القدم أن هذه اللعبة انطلقت من إنجلترا تحديداً، لكن ما لا يعرفه أغلبهم، أن كرة القدم التي انطلقت في أنحاء العالم منذ عقود، طورها شخصان، ووضعا لها قواعد الاحتراف، أواخر القرن التاسع عشر، لتتحول من لعبة هواة إلى لعبة يتم التفرُّغ التام لها بقواعد حازمة اعتمدت في كل أنحاء العالم لتصبح أساساً للرياضة الأشهر في زمننا هذا (إذا استثنينا الوقت المستقطع من جائحة «كورونا»).
يتابع المسلسل البريطاني «اللعبة الإنجليزية» المكوَّن الجزء الأول منه من ست حلقات، أحداثاً وقعت في العامين 1982 و1883. من خلال التركيز على اثنين من الرموز التي شكلت كرة القدم كما يعرفها العالم حالياً، هما فيرغوس سوتر وآرثر كيرنيد، الأول اسكوتلندي محسوب على الطبقة العاملة محدودة الدخل في غلاسغو شمال بريطانيا، كان أشهر اللاعبين في زمنه وعرف بتسديداته الدقيقة وبعبارة ملحونة بالإنجليزية يرددها جمهوره: (Suter the Shooter)، وتعني «سوتر الهدّاف».

ملصق مسلسل «اللعبة الإنجليزية» (نتفليكس)

هذا اللاعب هو أول من تلقى راتباً مقابل اللعب وأول من انتقل من فريقه إلى آخر، عندما عرض عليه صاحب معمل النسيج في لانكشاير الذي كان يمول نادي داروين التابع لبلدة بالاسم نفسه، اللعب مع الفريق مقابل مبلغ شهري، هو وصديقه اللاعب الآخر جيمي لاف، شرط ألا يعرف أحد بهذا الاتفاق، فقد كان اللعب في حينها، هواية وعشق لكرة القدم، ومن العار الحصول على مال «يحول اللاعب إلى أجير». أما الشاب الآخر كيرنيد، فهو شاب أرستقراطي ابن أحد رموز المال والأعمال في لندن ويلعب مع فريق «أولد إيتنيانز» منذ كان في المدرسة (مدرسة إيتن لأبناء الطبقة المقتدرة من الذكور)، حتى أصبح كابتن الفريق لعدة سنوات، وانتُخِب لاحقاً رئيساً لاتحاد كرة القدم في إنجلترا، وترك تأثيره على تقاليد كرة القدم.

 فريق «أولد إيتنيانز» الذي يقوده الأرستقراطي آرثر كيرنيد (نتفليكس)

يجمع الاثنين المختلفين طبقياً واجتماعياً ومناطقياً، حبُّ هذه اللعبة والرغبة في رفع مستواها عبر تثبيت بعض القواعد، من ذلك، تفرغ اللاعب بمقابل نقدي والسماح بانتقاله إلى فريق آخر بدون شعور بالذنب، كما حصل مع سوتر الذي رفضه في البداية اللاعبون في فريق داروين هو وصديقه بعد تسرب خبر الراتب. هذه التغييرات كانت لصالح اللاعبين محدودي الدخل، الذين لا يمكن أن يعملوا ستة أيام في الأسبوع بوجبات طعام محدودة وينتظر منهم، بعدها، تحدي فرق أبناء الأثرياء الذين لا ينهكون أبدانهم في العمل الطويل.تلخصت المنافسة بعد الحلقتين الأوليين على الفوز بكأس الدوري بين فريق «بلاكبيرن» في لانكشاير، الذي تم دعمه بلاعبين من فريق «داروين» بعد أن اقتنع لاعبو الفريق الأخير ومموله، أن حظوظ الفوز عند فريق بلاكبيرن أكبر، وهو في النهاية فوز لصالح عمال النسيج في المنطقة، بمواجهة فريق النخبة المميزة في إنجلترا «أولد إيتنيانز». هذا التغير في مزاج اللاعبين وحصافة مالكي الناديين، قاد إلى أول فوز لفريق أساسه من العمال بكأس الدوري الإنجليزي في عام 1883. في هذه الأثناء نتابع قصصاً إنسانية ترتبط بكل من بيئة سوتر العمالية الفقيرة وبيئة كيرنيد الأرستقراطية، ونتعرف على تفاصيل اجتماعية من تلك الحقبة الزمنية لعالم صناعة القطن والنسيج وما يحيط بها من إضرابات ومطالبات في رفع الأجور، مقابل عالم الطبقة الأرستقراطية التي تملك البنوك والأعمال التجارية. سوتر يحب فتاة تدعى مارثا، هي شقيقة قائد عمالي في المنطقة يلعب في فريق داروين، أنجبت طفلة من ثري لا يمكنه الزواج منها، وتبحث عن فرص عمل رافضة أي معونة من والد الطفلة. أما آرثر كيرنيد فمتزوج من فتاة من طبقته، مثقفة وتتمتع بحس إنساني كبير يدفعها لدعم جمعية خيرية ترعى الأمهات العازبات مع أطفالهن، وتكون مصدر تأثير إيجابي على زوجها في تفهمه للفئات المحتاجة في إنجلترا. لذا، فإن التغييرات التي أدخلت على لعبة كرة القدم، كانت نتاج تعاطف الأرستقراطي كيرنيد، مع واقع اللاعبين الأفقر، والحوارات العديدة التي تمت مع سوتر، منافسه الخطر الذي مد له يده مصافحاً عندما فاز عليه، ليثبّت مبدأ «الروح الرياضية» في هذه اللعبة. كاتب المسلسل ومنتجه هو جوليان فيلوز الذي أبدع الدراما التلفزيونية الشهيرة «دونتون آبي»، بأحداثها التي تجري في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. لكنه في هذا العمل الدرامي القصير لم ينل رضا النقاد تماماً، واعتبروا أن كثيراً مما ورد في العمل، غير دقيق تاريخياً (خصوصاً التفاصيل العاطفية). مع اعترافهم بحقيقة وجود أبرز الشخصيات التي تناولها العمل، خصوصاً كيرنيد وسوتر، وحقيقة أنهما كانا لاعبين بارزين كل في فريقه، وقد وضعا قواعد لعبة كرة القدم التي باتت أكثر رياضة تُمارَس في أنحاء العالم ملتزمة بتلك القواعد. غير ذلك، ومع بعض الهنات، مثل كثرة التفاصيل حول المباريات، والفرق خصوصاً، عند غير المتابعين لتاريخ الرياضة والأندية في إنجلترا، وضعف أداء مشاهد مباريات كرة القدم برغم الأداء اللافت في المشاهد الأخرى، إلا أن المسلسل الذي تعرضه «نتفليكس»، بقدم متابعة ممتعة لمحبي هذه الرياضة أو الراغبين بمعرفة خلفياتها التاريخية. أما بخصوص ما كتب عن وجود تفاصيل غير حقيقية في ثنايا العمل، فهو أمر لا يلتزم به كاتب روائي أو درامي وإلا تحول العمل الإبداعي إلى وثائقي لا دور للتخييل فيه، الخيال يجب أن يشطح لصياغة حبكة متكاملة أمام المتلقي النهم للقراءة أو الفرجة.
كما أن علينا ألا ننسى أن إنتاج هذا المسلسل الذي ذكر في الموقع أنه «الجزء الأول»، لم يحظ بالتمويل السخي الذي حظي به «دونتون آبي» متعدد الأجزاء والذي جلب شهرة واسعة لكاتبه جوليان فيلوز، ما اضطره في المسلسل الجديد الاستعانة بممثلين شباب من غير الشهيرين باستثناء ممثلين أو ثلاثة ظهروا في مشاهد محدودة، وربما أن ذلك كان لصالح العمل في النهاية.


مقالات ذات صلة

بعد توقفها... عودة خدمة «نتفليكس» لمعظم المستخدمين في أميركا

يوميات الشرق شعار منصة البث المباشر «نتفليكس» (رويترز)

بعد توقفها... عودة خدمة «نتفليكس» لمعظم المستخدمين في أميركا

كشف موقع «داون ديتيكتور» لتتبع الأعطال، عن أن منصة البث المباشر «نتفليكس» عادت إلى العمل، اليوم (السبت)، بعد انقطاع استمرّ نحو 6 ساعات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل كيليان مورفي يعود إلى شخصية تومي شلبي في فيلم «The Immortal Man» (نتفليكس)

عصابة آل شلبي عائدة... من باب السينما هذه المرة

يعود المسلسل المحبوب «Peaky Blinders» بعد 6 مواسم ناجحة، إنما هذه المرة على هيئة فيلم من بطولة كيليان مورفي المعروف بشخصية تومي شلبي.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق مسلسل «Monsters» يعيد إلى الضوء جريمة قتل جوزيه وكيتي مينينديز على يد ابنَيهما لايل وإريك (نتفليكس)

قتلا والدَيهما... هل يُطلق مسلسل «نتفليكس» سراح الأخوين مينينديز؟

أطلق الشقيقان مينينديز النار على والدَيهما حتى الموت عام 1989 في جريمة هزت الرأي العام الأميركي، وها هي القصة تعود إلى الضوء مع مسلسل «وحوش» على «نتفليكس».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق ليلي كولينز بطلة مسلسل «إميلي في باريس» (رويترز)

لماذا تفجر «إميلي في باريس» مواجهة دبلوماسية بين فرنسا وإيطاليا؟

انفتحت جبهة جديدة في التاريخ الطويل والمتشابك والمثير للحقد في بعض الأحيان للعلاقات بين إيطاليا وفرنسا، والأمر يدور هذه المرة حول مسلسل «إميلي في باريس».

«الشرق الأوسط» (باريس- روما)
يوميات الشرق His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يخرج فيلم «His Three Daughters» عن المألوف على مستوى المعالجة الدرامية، وبساطة التصوير، والسرد العالي الواقعية. أما أبرز نفاط قوته فنجماته الثلاث.

كريستين حبيب (بيروت)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».