الوحدة والاكتئاب... الثمن الباهظ للعزل جراء «كورونا»

سيدة تقف وحدها في انتظار مواصلة في نيويورك بالولايات المتحدة (رويترز)
سيدة تقف وحدها في انتظار مواصلة في نيويورك بالولايات المتحدة (رويترز)
TT

الوحدة والاكتئاب... الثمن الباهظ للعزل جراء «كورونا»

سيدة تقف وحدها في انتظار مواصلة في نيويورك بالولايات المتحدة (رويترز)
سيدة تقف وحدها في انتظار مواصلة في نيويورك بالولايات المتحدة (رويترز)

قبل 6 أسابيع فقط، كان شيلي هاورد يتنقل ستة أيام في الأسبوع بين مطاعم ومحال شيكاغو بحرية مع أصدقائه؛ لكن على هذا الأميركي اليوم - كما الملايين في الأرض - قضاء أمسياته وحيداً في شقته، بسبب وباء «كوفيد- 19» العالمي.
وهاورد البالغ من العمر 73 عاماً، اجتماعي جداً بطبعه، ينشر دوماً صور سهراته الحيوية التي غالباً ما يظهر فيها وهو يصافح ويعانق أصدقاءه؛ لكن في ظلّ العزل وإغلاق كافة المتاجر غير الأساسية، انقطع هاورد الذي يعمل مصمم «غرافيك» في قطاع الموسيقى بشكل شبه تام عن أي تواصل بشري.
ويقول هاورد: «أنا شخص يحب معانقة الآخرين، والناس يحبونني جداً؛ لكن هذا الواقع».

تشبه تجربة هاورد تجارب كثير حول العالم، هم مكتئبون لعدم مخالطة الآخرين التي كانت تعتبر مكتسباً حتمياً، ويرى العلماء أنها حيوية.
تشير مديرة معهد «تاتش ريسيرتش» في كلية الطب في جامعة «ميامي» تامي فيلد، إلى أن «ما يحصل عند لمس الآخرين عبارة عن تغيير جسدي بحت».
وتوضح أنه في تلك اللحظة «يتباطأ الجهاز العصبي، ومعدل ضربات القلب ينخفض، وكذلك ضغط الدم، والموجات الدماغية تتجه نحو مزيد من الاسترخاء، وهو ما يؤدي إلى انخفاض في الكورتيزول، الهورمون المسؤول عن التوتر»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
تشعر ليليا شاكون، المديرة العامة للاتصال في مدينة سانتا فاي في ولاية نيومكسيكو، أيضاً بالحنين إلى الحقبة التي كان فيها التواصل البشري أمراً ممكناً في حياتها.
تعيش شاكون البالغة من العمر 65 عاماً بمفردها وتعمل من المنزل.
تروي شاكون «جنون كيف يمكن لواقعك أن يتغير بهذه السرعة. أشاهد التلفاز، أرى أشخاصاً جالسين جميعاً على طاولة واحدة، يتعانقون، وأقول: يا إلهي، الأمور لا تجري كذلك حالياً».
وللتعويض عن هذا النقص، تلجأ لمكالمات الفيديو مع أصدقائها.
وتؤكد: «نجد طرقاً للحفاظ على الصداقات والحميمية. بات أساسياً لي استخدام مكالمات الفيديو عبر (فيس تايم)، أن أبقى على تواصل مع أصدقائي بشكل مرئي، وليس فقط عبر المكالمات الصوتية. وهذا الأمر يساعد».
أكثر المتضررين من العزل هم الأشخاص الأكبر سناً، فهم أكثر عرضة للفيروس، وغالباً ما يعيشون بمفردهم.

تشجع ماري كارلسون عالمة الأعصاب في كلية الطب في «هارفارد» على التواصل النظري. وتخصصت كارلسون في مجال الحرمان الحسي، بعدما درست حالة الرُّضع الذين كبروا في منشآت في رومانيا في التسعينات، كان فيها عدد قليل من الموظفين.
وتقول: «أشجع الناس على التفاعل الاجتماعي عبر النظر والسمع»، مضيفة: «لمن يعيشون وحدهم، التكنولوجيا تتيح هذا التفاعل عبر المكالمة الهاتفية أو الفيديو، للتعويض عن هذه الحقبة الضرورية والمؤقتة من القيود على اللمس».
تطمئن كارلسون القلقين من فقدان القدرة على التواصل الطبيعي في مرحلة ما بعد الوباء. وتشرح: «أعطي دائماً مثال نيلسون مانديلا الذي أمضى 27 عاماً في السجن»، موضحة: «نعلم جميعاً ما حصل حين خرج. شاهدناه على التلفزيون وسمعنا كل ما قاله، لم يفقد إطلاقاً قدراته الاجتماعية وحساسيته تجاه الآخرين».
رغم أن ذلك لا يعوض عن التواصل الجسدي مع إنسان آخر؛ فإن تامي فيلد من معهد «تاتش ريسيرتش» توصي على سبيل المثال الناس الذين يعيشون بمفردهم بالجلوس أرضاً والقيام بتمارين تمديد العضلات، والاستحمام، والسير، لتحفيز مستقبلاتهم الحسية.
تعيش شارلوت كولن البالغة 46 عاماً، والتي تدير شركة علاقات عامة في قطاع العقارات في مانهاتن، وحيدة أيضاً، وتعمل من المنزل. وبالنسبة لها، مدة فرض القيود هي المشكلة.
وترى كولن التي تغلبت على مرض السرطان وتعاني من مرض مناعة ذاتية، وتقدَّر بالتالي تدابير العزل: «أن تقضي شهراً في بيتك أمر، وأن يدوم ذلك 18 شهراً أمر آخر».
في شيكاغو، يعوض شيلي هاورد العزلة عن طريق الترويج لحفلات موسيقية منزلية لصديق له على مواقع التواصل الاجتماعي.
يعتمد أيضاً على وجود قطتيه. ويقول: «ليس الأمران متساويين؛ لكن إحداهما تنام على يدي. أقضي بذلك عشر ساعات ملتصقاً بهذا الكائن الحي الذي يتنفس»، مضيفاً: «تنام الأخرى على ركبتي أو صدري، ولذلك أنا على تواصل مع كائنات حية».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
TT

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ نجمتين عالميتين تقديراً لمسيرتيهما، هما الأميركية فيولا ديفيس، والهندية بريانكا شوبرا.

واختتم المهرجان عروضه بفيلم «مودي... 3 أيام على حافة الجنون» الذي أخرجه النجم الأميركي جوني ديب، ويروي حكاية الرسام والنحات الإيطالي أميديو موديلياني، خلال خوضه 72 ساعة من الصراع في الحرب العالمية الأولى.

واختير فيلم «الذراري الحمر» للمخرج التونسي لطفي عاشور لجائزة «اليُسر الذهبية» كأفضل فيلم روائي، أما «اليُسر الفضية» لأفضل فيلم طويل، فنالها فيلم «إلى عالم مجهول» للفلسطيني مهدي فليفل، بالإضافة إلى جائزة خاصة من لجنة التحكيم نالها فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» لخالد منصور.