المغرب: زعيم حزب سياسي معارض يبشّر بـ«عودة قوية لليسار»

TT

المغرب: زعيم حزب سياسي معارض يبشّر بـ«عودة قوية لليسار»

اعتبر نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المغربي المعارض (شيوعي سابقا)، أن الأزمة التي يجتازها العالم بسبب وباء «كورونا» المستجد تشكل فرصة لعودة اليسار بقوة إلى الواجهة، بعد الانحسار الذي عرفه، سواء في المغرب، أو على الصعيد العالمي.
وقال بنعبد الله في نداء توجيهي لأعضاء الحزب والمتعاطفين معه إن «جائحة كورونا وتدبيرها بينت أنه يتعين الرجوع إلى الأفكار، التي كنا نؤمن بها دائما، والتي تضع مسؤوليات أساسية على الدولة الديمقراطية الاجتماعية». مشددا على ضرورة اعتماد سياسة اقتصادية موجهة للداخل، تضطلع فيها الدولة والقطاع العام بدور رئيسي في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وضرورة أن يندرج التصنيع في سياق مسار تنموي قوي ومستقل، يغني البلاد عن الاستيراد المفرط، وأن تكون الزراعة موجهة بدورها لاستيفاء الحاجيات الداخلية، وليس إلى التصدير.
كما دعا بنعبد الله إلى تقييم التوجهات، التي أدت إلى انسحاب الدولة من معظم وظائفها الأساسية، والتي تقول إن رأسمال والقطاع الخصوصي هما اللذان يمكنهما أن يوفرا الخدمات العمومية، كالتعليم والصحة والطاقة والبيئة، وغيرها من التحديات. مشيرا إلى أن الأزمة التي يعرفها العالم حاليا بينت عكس ذلك.
في سياق ذلك، اقترح بنعبد الله على حزبه فتح نقاش واسع حول الأبعاد الآيديولوجية والفكرية والثقافية، وجدلية القيم بين الحقوق والحريات، وجدلية الإنتاج الاقتصادي، بين منطق الحاجات الحقوقية للإنسان ومنطق الربح فقط، وما يفضي إليه ذلك من استنزاف للبيئة والطبيعة والثروات. وقال إن الهدف من هذا النقاش «الإسهام في فتح الآفاق أمام وطننا وشعبنا، وأن نساعد بلادنا على تجاوز المحنة، وتحويل هذه الأزمة إلى فرصة للتقدم».
وتساءل بنعبد الله عن الحزب ودوره بعد أزمة «كورونا»، داعيا أعضاءه ومنتسبيه والمتعاطفين معه إلى «المساهمة جميعا في أن نحوّل هذه الأزمة إلى أفكار، وأن نحول الأفكار إلى تقدم». كما تساءل عن الإصلاحات السياسية الداخلية، وإصلاح آليات إقرار السلم والأمن والتعاون بين الشعوب، والمفاهيم الجديدة للسيادة الوطنية والاستقلال الوطني، ومدى قدرة الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الحالية في التوفيق بين عناصر الحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومتطلبات الحفاظ على الطبيعة، وعلى الحق في استمرار النوع البشري.
وأضاف بنعبد الله: «نريد أن نحرك الأفكار والاقتراحات، ونؤطر النقاش في صفوف حزبنا، وفي الأوساط التي نؤطرها، وأن نستثمر إيجابا وجودنا ووجود رفاقنا في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي لنحول طاقاتهم إلى قوة مادية فاعلة مبادرة واقتراحية. ولهذا نطلق اليوم نقاشا داخليا فيما بيننا، لكنه نقاش مفتوح، نريده أن يكون حرا مسؤولا وبناء، وأن يتم في إطار القيم والأخلاقيات التي ميزتنا دائما، وأن يتقيد بالطبع بالدستور والقوانين الجاري بها العمل في بلادنا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.