حتى في زمن «كورونا»... اليابانيون في مقار أعمالهم «حتى الموت»

موظفون في العاصمة اليابانية طوكيو خلال ذهابهم إلى العمل (سي إن إن)
موظفون في العاصمة اليابانية طوكيو خلال ذهابهم إلى العمل (سي إن إن)
TT

حتى في زمن «كورونا»... اليابانيون في مقار أعمالهم «حتى الموت»

موظفون في العاصمة اليابانية طوكيو خلال ذهابهم إلى العمل (سي إن إن)
موظفون في العاصمة اليابانية طوكيو خلال ذهابهم إلى العمل (سي إن إن)

قالت قناة «سي إن إن» الأميركية إن اليابانيين لا يزالون يذهبون إلى مقار أعمالهم رغم انتشار فيروس «كورونا» المستجد، ودعوة حاكمة طوكيو، يوريكو كويكي، للعمل من المنزل حتى 12 أبريل (نيسان)، وكذلك الشركات الكبرى، مثل «هوندا» و«تويوتا» و«نيسان».
وأضافت القناة أن الموظفين في اليابان لن يستجيبوا لتلك الدعوات، إلا حينما يصدرها رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، الذي رفض هذا الأسبوع إعلان حالة الطوارئ، التي ستضغط على الشركات لفرض إجراءات العمل عن بعد والتباعد الاجتماعي، ولكن حتى الآن لا يزال بإمكان الشركات العمل بشكل قانوني من مكاتبها.
ولفتت القناة إلى أن اليابان مشهورة بما يُعرف بثقافة «كاروشي» أو «الموت بسبب العمل الزائد»، ووجدت دراسة حكومية أجريت في عام 2016 أن واحداً من كل خمسة موظفين كان عرضة لخطر العمل حتى الموت. حتى إن للبلد كلمتها الخاصة بها: «كاروشي»، أو الموت بسبب العمل الزائد، الذي يُعرَف بأنه موظف يعمل بجد لدرجة أنه يموت نتيجة للتوتر.
وذكرت القناة الأميركية أن الموظفين في اليابان غالباً ما يتمسكون بالطرق التقليدية لإنجاز مهامهم؛ فجهاز الفاكس، على سبيل المثال، لا يزال موجودا في العديد من المكاتب، ولا يزال الموظفون يستخدمون ختم الشركات بدلاً من التوقيعات الإلكترونية أو المكتوبة بخط اليد.
ولجأت مؤخراً شركات متعددة الجنسيات إلى برامج التواصل الإلكترونية لمنع تفشي «كورونا» عن طريق الاجتماعات.
ونقلت «سي إن إن» عن روشيل كوب، مستشارة الأعمال قولها إن الشركات اليابانية لم تقم باستثمار بشكل كافٍ في مجال تكنولوجيا المعلومات، فالعديد من الموظفين لا يملكون أجهزة «لاب توب» يمكنهم أخذها إلى المنزل وإنجاز مهامهم من هناك، كما أن الشركات لا تمتلك إمكانية الوصول إلى شبكاتها الإلكترونية الخاصة، مما يعني أنه لا يمكن الوصول إلى الملفات إلا بالوجود في المكتب.
وقالت ميساكي توغوشي، المتحدثة باسم الجمعية اليابانية للعمل عن بُعد، إن وزارة العمل اليابانية قدمت منحاً تصل قيمتها إلى 77000 دولار لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة للاستعداد للعمل عن بعد.
ولفتت القناة إلى عائق آخر أمام إقبال اليابانيين على العمل من المنزل، وهو أن ربع سكان اليابان يبلغ عمرهم 65 عاماً أو أكثر، ولا يزال العديد منهم يشغلون مناصب رفيعة وليسوا على دراية بالتكنولوجيا، وضربت مثالاً باعتراف وزير الأمن السيبراني (68 عاماً)، في عام 2018، بأنه لم يستخدم جهاز كومبيوتر قطّ في حياته.
ويعلق هيساكازو كاتو، أستاذ الاقتصاد بجامعة ميجي في طوكيو بقوله: «حتى لو أصبحت الأجهزة متاحة، فإن كبار السن قد لا يمتلكون الخبرة أو الإمكانية على التكيف بسرعة، هناك فجوة رقمية واضحة في اليابان».
ويقول الخبير الاقتصادي جيسبر كول: «بعض العمال سيبقون في المكتب بعد ساعات العمل لأنهم يعتقدون أن رئيسهم قد يعود للشركة بعد العشاء»، وأكد أن «هذا جزء من ثقافة الشركات اليابانية».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اكتشاف رأس تمثال لأحد كبار الشخصيات بالعصر البطلمي في الإسكندرية

الرأس المكتشف في الإسكندرية من العصر البطلمي (وزارة السياحة والآثار)
الرأس المكتشف في الإسكندرية من العصر البطلمي (وزارة السياحة والآثار)
TT

اكتشاف رأس تمثال لأحد كبار الشخصيات بالعصر البطلمي في الإسكندرية

الرأس المكتشف في الإسكندرية من العصر البطلمي (وزارة السياحة والآثار)
الرأس المكتشف في الإسكندرية من العصر البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت مصر اكتشاف رأس تمثال رخامي لرجل طاعن في السنّ يعود إلى العصر البطلمي بمدينة الإسكندرية (شمال البلاد)، السبت. واكتشفت الرأس البعثة الأثرية الفرنسية من جامعة ليون والمعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة؛ وذلك ضمن أطلال أحد المنازل العائد تاريخه إلى القرن الـ7 الميلادي، خلال أعمال حفائر البعثة بمنطقة «تابوزيرس ماجنا» على بُعد 45 كيلومتراً غرب الإسكندرية، وفق تصريح وزير السياحة والآثار شريف فتحي.

ويصل ارتفاع الرأس المكتشف إلى 38 سنتيمتراً، وهو أكبر من الحجم الطبيعي لرأس الإنسان؛ ما يشير إلى أنه كان جزءاً من تمثال ضخم قائم في مبني ضخم ذي أهمية سياسية عامة وليس منزلاً خاصاً، كما ورد في بيان للأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد.

ووصف رئيس قطاع الآثار المصرية، محمد عبد البديع، الرأس المكتشف بأنه «منحوت بدقة فنّية عالية بملامح واقعية، وينتمي إلى فنّ التصوير الواقعي الذي ازدهر وانتشر في نهاية الحقبة الهلنستية».

وتشير ملامح الرأس إلى أنه لرجل مسنّ، حليق الرأس، وجهه مليء بالتجاعيد وتظهر عليه الصرامة وعلامات المرض، وفق دراسات مبدئية، أوضحت كذلك أن صاحبه كان من كبار الشخصيات العامة وليس ملكاً، الأمر الذي يشير إلى أهمية موقع «تابوزيريس ماجنا» منذ عصر بطليموس الرابع، فصاعداً.

ويُجري فريق عمل البعثة الأثرية مزيداً من الدراسات على الرأس للتعرُّف على صاحبه، فضلاً عن البدء بأعمال الصيانة والترميم اللازمة له، إذ ذكر رئيسها جواكيم لوبومين أنّ تاريخه يعود إلى 700 عام قبل بناء المنزل الذي وُجد فيه.

وموقع «تابوزيريس ماجنا» من أهم المواقع الأثرية بالساحل الشمالي لمصر، وكانت له قدسية كبيرة في العصرين اليوناني الروماني والبيزنطي. ويحتوي على معبد ضخم خُصِّص لعبادة الإله «أوزير» الذي اشتقَّ منه اسم المدينة.

أطلال المنزل الذي وجدت فيه البعثة الآثارية الرأس (وزارة السياحة والآثار)

وعدّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، اكتشاف رأس تمثال في الإسكندرية «دليلاً جديداً على ثراء العصر البطلمي الفنّي والتاريخي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الدراسة العلمية الدقيقة ستكشف مزيداً عن تفاصيل هذا التمثال ودوره في تشكيل الهوية الثقافية لمصر البطلمية».

ويحتوي الموقع الأثري «تابوزيريس ماجنا» على عدد من الآثار الثابتة، من بينها معبد أبو صير، ومقابر البلانتين، والجبانة الضخمة الواقعة غرب المعبد وشرقه؛ وكذلك فنار أبو صير الشاهد على هيئة فنار الإسكندرية القديم.

ووصف عبد البصير الرأس المكتشف بأنه «إضافة مهمة لدراسة العصر البطلمي وفنونه. فمن خلال التحليل العلمي المتقدّم، يمكن استكشاف مزيد عن طبيعة ذلك الرأس، سواء كان يمثّل شخصية من البيت المالك أو النخبة الحاكمة. كما يمكن أيضاً مقارنته مع تماثيل أخرى محفوظة في المتاحف العالمية، مثل المتحف اليوناني الروماني في الإسكندرية أو المتحف البريطاني».

ويمثّل فنّ النحت البطلمي أحد أبرز إنجازات تلك الحقبة، إذ استطاع الجمع بين الواقعية اليونانية والرمزية المصرية لخلق أسلوب فنّي مبتكر وجديد. وأوضح عالم الآثار المصري أنّ «رأس التمثال المكتشف حديثاً يسهم في إثراء فهم ذلك الفنّ وتقديم صورة أوضح عن دوره في توثيق التفاعل الثقافي بين مصر واليونان».

وكانت إحدى البعثات الآثارية العاملة في موقع «تابوزيريس ماجنا» قد أعلنت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن اكتشاف مجموعة من اللقى الأثرية والقطع الجنائزية والطقسية التي تبوح بمزيد عن أسرار هذه المنطقة خلال العصر البطلمي المتأخر؛ وكان من بين القطع المُكتشفة رأس تمثال من الرخام لسيدة ترتدي التاج الملكي، ظنَّ مسؤولون في البعثة أنه للملكة كليوباترا السابعة، وهو ما نفاه علماء آثار لعدم تطابق الملامح.